كتب خالد عبدالراضي: كشفت العديد من الدراسات، عن الدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي في التحريض على العنف والترويج للأفكار المتشددة واستقطاب العناصر المؤهلة للانحراف. وقد تم الكشف مؤخرا، عن دور مواقع التواصل الاجتماعية في تجنيد العناصر المتشددة وتنفيذ عمليات إرهابية، كما استخدمتها الجماعات والتنظيمات الإرهابية في عمليات اختراق مواقع وحسابات دول كبرى، وأيضا في الدعاية لنفسها ونشر صولاتها وجولاتها الإجرامية عبر الفضاء الإلكتروني. لم بتوقف الامر عند عمليات تجنبد العناصر المتطرفة، وحسب الشيخ نبيل نعيم، القيادي السابق بتنظيم الجهاد، فالجماعات الإرهابية حرصت على تجنيد مهندسي الحاسب الآلي والهاكر لإستخدامهم في هجمات إلكترونية، موضحا أن تنطيم داعش نفذ العديد من العمليات ضد بنوك عالمية ونجح في جني ملايين الدولارات من وارء هذه العمليات، وكذلك حصلوا على بيانات العديد من العملاء، والوصول الي حساباتهم الخاصة وبياناتهم السرية في البنوك. وأكد نعيم، أن التنظيمات الإرهابية لديها لجان ومجموعات خاصة تتولى الأمور التكنولوجية، وأن لديهم عناصر من دول أوروبية على قدر عال من الكفاءة والتطور والاحتراف بما يمكنهم من تنفيذ هجمات إلكترونية واختراقات لكيانات كبرى في العديد من الدول، مشيرا الي قيام داعش في العراق بنشر بيانات المتعاونين مع الأمريكان قبل أعوام وذلك بعد اختراقهم لحساباتهم ومواقع تابعة للولايات المتحدةالأمريكية. وأضاف القيادي السابق بتنظيم الجهاد، أن الجيش الإلكتروني للارهاب قد يلعب دورا كبيرا خلال الأيام المقبلة، بعد محاصرته وتراجعه على الأرض، موضحا أن ساحة الإنترنت لا تقل خطورة عن ساحات الحرب والمواجهة المباشرة، حيث يمكنهم من خلالها التواصل بين عناصرهم وتنفيذ هجمات على الأرض، وكذلك تنفيذ عمليات اختراق لمواقع حساسه والحصول على بيانات هامة، وأيضا جلب التمويلات وتجنيد العناصر من الشباب. بينا يرى منير أديب، الباجث المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية، أن تنظيم داعش يعيد بناء نفسه الآن من خلال موقع التليجرام، محذرا من خطورة هذا الموقع نظرا لعمليات التشفير المعقدة التي تخضع لها الرسائل عبره، وهو ما دفع الجماعات الإرهابية للتواصل عبر هذا الموقع فيما بينها، قائلا : “ربما تجرى الآن رسائل بين افرع التنظيم من أي دولة وولاية سيناء دون أي علم لنا أو قدرة على التوصل لمحتوى الرسائل ومعرفة ما يحاك ضدنا بين جماعات الإرهاب. وأشار “أديب”، إلى حديث الرئيس ترامب أثناء إعلانه مقتل البغدادي، حول قدرة تنظيم داعش على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت، والتي فاقت قدرته شخصيا حسب قوله، موضحا أن التنظيمات الإرهابية، أصبحت تمتلك قدرة أكبر من الحكومات على استخدام وسائل الاتصال الحديثة، والتواصل فيما بينها لتنفذ الهجمات الإرهابية، وتجنيد العناصر الجديد، وكذلك إعادة بناء التنظيم من جديد. وحول مواجهة الجماعات الإرهابية في ساحة الفضاء الإلكتروني، قال أديب، إن المواجهة تتطلب تكاتف دولي واصدار قرار بمنع موقع التليجرام، وذلك لتشفير رسائلة وعدم إمكانية التعرف على أصحابها وما تقوم به الجماعات عبره، مضيفا أن الموقع الذي يرجح أنه روسي الجنسية أو أوكراني يستخدم تقنيات تشفير غير المستخدمة في مواقع فيس بوك وتويتر وغيرها من مواقع التواصل، بحيث لايمكن فك تشفير المحادثات عبره، وهو ما أدركته التنظيمات الإرهابية منذ اللحظة الأولى واستغلته لتنفيذ مهامها المختلفة. وحذر “أديب” مما وصفه بإعادة بناء تنظيم داعش من جديد، مؤكدا أنه يجرى الآن على قدما وساق، عبر موقع التليجرام، دون علم الحكومات وأجهزة الإستخبارات الدولية، مشيرا إلى ضرورة التكاتف الدولي للمواجهة حيث لا يمكن لمصر أو اي دولة وحدها منع الموقع أو حجبه بالطرق التقليدية، وهي غير مجدية في مثل هذه الحالات. كما أكد الباحث إيهاب خليفة، رئيس وحدة متابعة التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بأبو ظبي، أن العديد من الحركات الإرهابية قد استغلت، الشبكة العنكبوتية من أجل توسيع دائرة انتشارها، والتغلب على عوائق الزمان والمكان، خاصّة مع ما توفّره الشبكة من خاصيات التخفي وصعوبة التّتبع، فاستغلته كوسيطً لعمليات التجنيد والتعبئة، وأضحت تعتمد عليه كمنبر لنشر أفكارها وجذب مؤيدين ومتطوعين لها، وأصبحت المنصة الإعلامية التي تنشر من خلالها بياناتها وتعليماتها لمجنديها. وأضاف خليفة، أن هناك خطراً كبيرا مازال قائماً، يتمثل في إمكانية أن تقوم هذه الجماعات بشن هجمات إلكترونية عبر الفضاء الإلكتروني على البنية التحتية لعدد من الدول، كمحطات الطاقة والكهرباء ونظم الملاحة والطيران، أو اختراق حسابات عسكرية وسرقة معلومات ووثائق وخرائط واستراتيجيات عسكرية، مشيرا الى قيام بعض العناصر من تنظيم “داعش” باختراق حساب القيادة المركزية الأميركية على تويتر، موضحا أنه رغم عدم وجود تهديد أمني صريح بالوصول إلى وثائق سرية إلاّ أنّ احتمال حدوث ذلك يبقى قائما.