أعد الملف: أحمد سلامة- دينا صموئيل- منتصر النجار-أحمد حسن ورشا عبداللاه يبلغ إنتاج مصر من الثروة السمكية حالياً 1.5مليون طن سنوياً، تستهدف الدولة زيادتها إلى 2.1 مليون طن خلال 3 سنوات عبر التوسع فى إنشاء المزارع السمكية، التى تستحوذ على نسبة تتراوح بين75 % و80 % من إجمالى إنتاج الأسماك فى مصر، قى الوقت الذى تهمل الدولة فيه تنمية وتعزيز إنتاج الأسماك فى البحيرات الطبيعية، والتى تبلغ فى مصر14 بحيرة هي: "مريوط، إدكو، البرلس، المنزلة، البردويل، سيوة، البحيرات المرة، نبع الحمراء، بحيرة التمساح، بحيرة بور فؤاد، بحيرة قارون، ناصر، بحيرات توشك ، الريان". ويبلغ إجمالى الإنتاج السمكى من هذه البحيرات حوالى 170 ألفا طن سنويا، وتحتاج كل بحيرة لما يصل إلى 2 مليار جنيه لرفع كفاءتها. رغم ان تنمية البحيرات الطبيعية مكلف، لكنها ستدر إنتاجا اكبر بأضعاف من المزارع وأكثر جودة فى الأنواع، حيث لا تمثل أسماكها خطورة على صحة الإنسان، حيث تعتمد المزارع فى تربيتها على مياه المصارف، كمصرف كوتشينر، والرهاوى، وبحر البقر، ويقوم العديد من المصانع بإلقاء مخلفاتها والصرف الصناعى بها منها مصنع سكر الحوامدية. مما يزيد من نسبة التلوث بالرصاص فى أسماك المزارع عشرة أضعاف المسموح به عالمياً، حيث تزيد فى لحومها عناصر ثقيلة كالرصاص، والكادميوم، والزئبق، وجميعها تمثل خطورة كبيرة على صحة الإنسان، تُسبب الفشل الكلوى والكبدى بالدرجة الأولى. الفيوم.. وهجرة الصيادين يعيش آلاف الأسر من صيادى بحيرة قارون بالفيوم فى ظروف حياتية صعبة منذ أكثر من خمس سنوات بسبب تلوث البحيرة وارتفاع نسبة الملوحة التى أثرت على الأحياء البحرية وحياة الأسماك وتسببت فى اختفاء أنواع كثيرة منها وانخفاض الإنتاج. وقد اختفت أربعة أنواع من أسماك البحيرة على الأقل بسبب الطفيليات الميكروبية المنتشرة فى بحيرة قارون وتعرف ب" الأيزوبيدا"، وهى عبارة عن دودة خيشومة السمك السامة تمتص دم السمكة بالكامل وتؤدى إلى الوفاة وقنديل البحر والصرف الصحى الملوث حيث تلقى 50 قرية بمحافظة الفيوم صرفها بالكامل فى البحيرة بدون معالجة. ورغم تأكيد المسئولين بمعالجة مياه الصرف قبل وصولها إلى البحيرة، لكن هذا لم يحدث مما تسبب فى ارتفاع الريم الأبيض الملوث ويغطى مساحة كبيرة من البحيرة. ويعانى 120 ألف صياد بالقرى المحيطة ببحيرة قارون، حالة من القلق لعدم قدرتهم على توفير قوت يومهم والوفاء باحتياجات أسرهم. يقول عبد الستار بدوي، صياد، إن هناك أكثر من 5 آلاف صياد بأسرهم هاجروا إلى محافظة أسوان بمراكبهم، للعيش والعمل خلال 5 سنوات الأخيرة بسبب ضيق العيش ببحيرة قارون وندرة الرزق. مؤكدا أنه تم القبض على أغلبهم بسبب مزاولة المهنة بدون ترخيص هناك أو تعرضهم لحوادث صيد لذلك لم يكونوا اسعد حالا منهم هناك. ويروى عبد الستار أن رحلات الصيد بالبحيرة تستغرق 16 ساعة من الساعة الرابعة عصرا إلى صباح اليوم التالى وتكون حصيلة رحلة الصيد تتراوح ما بين 20 أو 30 كيلو فقط من "البساريا" وهى أسماك صغيرة رخيصة وثمنها لا يكفى تكلفة الرحلة، مضيفا، طرقنا كل أبواب المسئولين بمحافظة الفيوم وسمعوا شكوانا والكل يتحدث عن الحلول ولكن لا يوجد تنفيذ على أرض الواقع والصرف الصحى قضى على الأسماك البحيرة التى اشتهرت بأسماكها الجيدة. ويكمل جمعة عبد الباقي، صياد، تعانى بحيرة قارون من انخفاض الإنتاج بسبب الصيد الجائر والتلوث الذى يقضى على الأسماك ولا تستطيع المقاومة، منبها إلى أن المحافظة ووزارة الزراعة توقفا عن إلقاء الذريعة لعلمهما أنها تموت بفعل ارتفاع التلوث ولم تعالج المشكلة. ويبين أن المحافظة استكفت بأن تلقى باللوم على الصيادين لاستخدامهم شبكات صيد مخالفة وتتخلى عن دورها فى مراقبة الصيادين غير الملتزمين ولا تطبق القانون ضد من يفعل ذلك متسائلا أين شرطة المسطحات المائية ؟، وطالب «جمعة» المسئولين الذين يهتمون بإنشاء المزارع السمكية وتتكلف مليارات، الاهتمام بالبحيرات الطبيعية التى بإمكانها إنتاج أضعاف أضعاف ما تنتجه المزارع. ويشير منعم قنديل، صياد، أن الأسماك من 10 سنوات كانت تخرج بالطن من البحيرة فى الرحلة الواحدة، وكان أهالى القرى المطلة مباشرة على بحيرة قارون ينتظرون على الشاطئ لنعطى لهم حصتهم مجانا كنا نوزع يوميا ما يزيد عن 150 كيلو فمنهم من كان يعتمد فى قوت يومه على هذه الحصص التى توزع مجانا، أما الآن، الصيادون يحتاجون إلى من يساعدهم فى المعيشة بعد خلو البحيرة من الأسماك. ويقول د.عطا الله عبد التواب، رئيس محطة الأسماك الأسبق ببحيرة قارون وأستاذ متفرغ بالمعهد القومى لعلوم البحار والمصايد، لابد من ضرورة معالجة مياه الصرف الصحى قبل وصولها للبحيرة حيث تقوم 50 قرية بإلقاء مياه الصرف دون معالجة مما اعدم صلاحية المياه للحياة السمكية وخاصة وادى الريان ومصرف "الباطس" بمدينة طامية. مشيرًا، إلى أنه تمت زيادة صرف مياه الصرف الزراعى بالكامل إلى البركة حاليا لتحسين مياهها، لافتا إلى أن الهيئة العامة للتنمية السمكية بالفيوم لم تلق بذريعة منذ عدة سنوات للبحيرة وبالتالى لا توجد تنمية لبحيرة قارون. وأوضح عطا، أن الهيئة قامت بعمل حزام أمن بتجميع مياه الصرف فى وادى الريان ومعالجتها قبل صرفها بالبحيرة ولكن مازلنا نحتاج إلى معالجة مياه 13 مصرفا فرعيا كلها تصرف فى قارون دون معالجة. مافيا الذريعة فى بحيرة البرلس تبلغ مساحة بحيرة لبرلس بمحافظة كفر الشيخ أكثر من 160 ألف فدان، متبقية حاليا بعد استقطاع وتجفيف مساحة 55 ألف فدان منها لصالح مافيا بعض الجمعيات التعاونية وأصحاب السطوة والنفوذ من ضباط الشرطة ورجال الأعمال. وتتعرض البحيرة للكثير من التعديات والأزمات وقد بدأ العمل عام 2016 بالمنطقة الغربية فى إزالة تحاويط ورد النيل لمدة ثلاثة أشهر وتوقف العمل وتم سحب الكراكات من المنطقة بفعل محسوبيات رجال الأعمال لدى هيئة الثروة السمكية. ويعانى صيادو مركز مطوبس فى قرى « منية المرشد، كوم دميس، وحيش، برمبال» من التعديات الصارخة على المسطح المائى للبركة الغربية والتابعة لجمعيتى صائدى الأسماك من انتشار ظاهرة الصيد الجائر من خلال اللنشات، والتى تعمل بمواتير بالمخالفة لقانون الصيد رقم 124 لسنة 1985 وقانون البيئة رقم 7 لسنة 2007. يقول السيد إبراهيم ياقوت، صياد، يوجد شفاط تابع لهيئة الثروة السمكية متوقف منذ ثلاث سنوات وأحاطه ورد النيل من جميع الجوانب وأكله الصدأ منذ عام 2016 تم توقف الشفاط بحجة عدم وجود ميزانية للسولار بهيئة الثروة السمكية بكفر الشيخ . وأشار، إلى أنه ما يقرب من 1500 دورة يزرعها الصيادون المخالفون تقوم بتجميع الأسماك الصغيرة على مرأى ومسمع من شرطة المسطحات المائية بالشخلوبة تعمل بصيد الذريعة وتجريفها من البحيرة. يقول رمضان عبده، عضو الاتحاد التعاونى ورئيس رابطة الصيادين بالبحيرةوكفر الشيخ، بأن حال البحيرات فى ادكو والبرلس رغم اعتماد ملايين الجنيهات لتطويرها فى خراب مستمر بسبب انعدام المراقبة وقيام مافيا الذريعة والصيد الجائر بالقضاء على المخزون السمكى فى غياب شرطة المسطحات المائية . وطالب، بتطبيق مظلة التأمين الصحى على جميع الصيادين وتطهير البحيرات من التعديات حتى يتمكن صغار الصيادين بالعمل بالمحمية الطبيعية ومصادرة اى معدات تعمل فوق المسطح المائى بالمخالفة لقانون الصيد 124 لسنة 1985. وأضاف محمد سلامة الشرقاوى، عضو جمعية الأسماك بمنية المرشد بكفر الشيخ، الدكتور مصطفى مدبولى قام باعتماد 500 مليون جنيه لتطهير بحيرة البرلس فى الوقت الذى تقوم فيه مافيا الذريعة من مركز المطرية وبحيرة المنزلة بعمل علب (دور) لصيد الأسماك الصغيرة والكبيرة والدورة الواحدة تتحصل على اسماك يوميا تتعدى ال3 أطنان تقوم بتنشيفها وبيعها للمناشر ومصانع الأعلاف بالإسكندرية ودمياط. وأشار إلى أن الصياد أصبح لا مكان له على المسطح المائى بسبب محاربة المافيا للصيادين الصغار، حيث تتم مطاردتهم بالأعيرة النارية مما يضطرهم للهروب والتراجع عن التقدم داخل البحيرة. ونبه محمد الجريدى، صياد، إلى أن 5 مراكز و3 محافظات تلقى مخلفات الصرف الصحى بحيرة البرلس حيث بلغ حجم هذه المخلفات 10 ملايين متر سنويا عن طريق بحر تيرة عبر مصرف كوتشنر والرهاوى دون معالجة مما يزيد من نسبة التلوث والرصاص بالبحيرة، إضافة إلى أن طلمبات (11) الهكس وطلمبات سيدى يوسف ببر بحرى ومكينات الصرف الجديد بالصيادة تلقى المخلفات المحملة بالأسمدة والكيماويات داخل المسطح المائى الذى يصرخ من كثرة التعديات الواقعة عليه. يروى محمد حسونة، صياد، أن مهنة الصيد انتهت قائلاً: زمان كان الصياد بيقعد فى البحيرة بالشهر والشهرين وكان بيعود بالخير لأولاده وعائلته وكان هناك أنواع كثيرة من السمك مثل القاروص وحنشان وبلطى وبورى وسمك موسى وجمبرى لكن الآن بسبب التعديات أتخربت البحيرة . وكشف أن سمك الذريعة الصغير يتم بيعه بسعر 20 جنيهًا للشيكارة 50 كيلو بعد تنشيفه لمصانع الأعلاف على حساب الصياد الغلبان. مستكملاً: "أنا راجل كبير فى السن وهذه مهنتى معرفش اشتغل غيرها بشتغل بشبك ماج 17 قانونى وبقالى 15 يوما مش عارف أدبر 150 جنيها مطلوبين منى فى البيت معايا منهم 65 جنيها علشان ماشى صح.. متسائلا: أين العدالة ولو رحت اصطاد جنب العلب ( الدور) هيضربوا عليا بالنار عصابة كبيرة جت من بحيرة المنزلة مركز المطرية بمحافظة البحيرة لخراب بحيرة البرلس". الإسكندرية.. صيادون دون عمل تعددت شكاوى الصيادين فى بسبب عدم اهتمام الحكومة بمشاكلهم أو البحث عن حلول لها منذ عشرات السنين. رغم جهود بعض نواب المدينة ومحافظيها المتعاقبين لوضع حلول عملية لها إلا أن الوضع يسوء وأصبحت مئات الأسر لا تجد ما يسد حاجاتها المعيشية أو الصحية بعد فقدان عائلهم الذى التهمه البحر أو بسبب عجزه عن العمل. يقول" رجب حميدة " من جمعية صيادى منطقة "المكس" ، تضم الإسكندرية موانئ المكس والأنفوشى، والشرقى وأبو قير، وبحيرة مريوط، وبها حوالى 80 ألف صياد يواجهون مشاكل مزمنة تؤثر فى حياتهم، خاصة فى فصل الشتاء مع كثرة النوات وتوقف الصيد. لافتا ان أغلب الوقت لا نستطيع نزول البحر، بسبب تغيرات الطقس، ومنع الصيد دون تصريح. ويشير "رجب" لا توجد نقابة ولا شيخ صيادين للتحدث باسمهم قائلاً: نحن فى حالة يُرثى لها، وأنا أمتلك مركبا صغيرا درجة ثالثة، يعمل عليه شخصين، وأبدأ الصيد من الفجر حتى الضحى، بينما الحصيلة كميات قليلة من الأسماك، وأبيعها إلى تاجر الحلقة بمقابل لا تكفينا، وللأسف سن المعاش للصياد 65سنة ولا يتجاوز 800 جنيه فقط لمن استطاع سداد حصة التأمينات رغم أن الصياد يفقد قوته الجسدية سريعا، بسبب الشمس والمجهود الذى يبذله، ويظهر عليه المرض وهو فى سن 60، ما يهدد عائلته بفقدها مصدر الدخل. إضافة إلى ارتفاع أسعار أدوات الصيد وصيانة المراكب. ويضيف "سمير جعفر" أحد صيادى بحيرة مريوط، إن البحيرة تعد مصدرا رزق ل 12 ألف صياد، منبها أن الصناعات القائمة على الصيد مهددة بالخطر، بسبب تقلص مساحة البحيرة وتجفيف بعض المناطق، وزيادة التعديات، مطالبا بتطبيق القانون على الجميع، مشيرا إلى ارتفاع منسوب «الروبة»، ما أثر على المياه وإنتاج السمك، مطالبا بتطهير وتكريك البحيرة للمساهمة فى تنمية الثروة السمكية، ورفع إنتاجية البحيرة من السمك، ما يسهم فى خفض الأسعار وتغطية احتياجات السوق المحلية. موضحًا، أنهم طالبوا بإزالة الحشائش وتجريف الترسبات من القاع بمسافة 50 سم وتوفير العمق الكافى لتربية ونمو السمك بأنواعه المختلفة. ونوه إلى جهود النائب الراحل أبو العز الحريرى وعبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية السابق، حيث تم بالفعل تطهير مساحة واسعة من البحيرة إلا أن التعديات والاهمال بعد ذلك قضت على ما تبقى منها وحرمت آلاف الصيادين من خيرها. وأكد "أشرف زريق" شيخ الصيادين بالإسكندرية، أن منسوب المياه انخفض نحو متر كامل بطول البحيرة، مرجعا السبب إلى "عملية ردم متعمدة للبحيرة"، متهما وزارة الرى والمحافظة بالوقوف وراء ذلك الأمر.