توفير 7574 فرصة عمل جديدة في 63 شركة ب13 محافظة    الإحصاء: 6.31 مليار دولار صادرات مصر من «اللؤلؤ والذهب» خلال 9 أشهر    حكايات الكان 2025 | المغرب يبحث عن حلم غائب منذ نصف قرن وتكرار إنجاز «بابا»    السجون التركية تنفي تعرض مديرة إعلام إسطنبول للتفتيش العاري    في بلاغ رسمي .. اتهام 4 طلاب بالاعتداء على زميلهم داخل حمام مدرسة بمدينة 6 أكتوبر    اليوم.. محاكمة المتهمين بسرقة وتهريب 370 قطعة أثرية من متحف الحضارة    أسعار اللحوم الحمراء اليوم 21 ديسمبر.. «الكندوز» تبدأ من 300 جنيه    مقتل 10 وإصابة 10 بإطلاق نار في جنوب افريقيا    حياة كريمة بالغربية.. انتهاء رصف طريق نهطاى – حنون وربطه بالشبكة الإقليمية    لحظات ساحرة لتعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك.. فيديو    جيهان قمري تتحدى نفسها بدور جديد ومفاجئ في مسلسل "درش" مع مصطفى شعبان    الإجابة الوحيدة نحو الثامنة.. لماذا يشعر حسام حسن بالضغط؟    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب قبالة محافظة آوموري باليابان    انقطاع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 22 ديسمبر    محمد علي خير يطالب بعودة بطاقة «الكساء الشعبي»: المواطن محتاج سلفة بنك ومعاش العائلة والجيران لشراء كسوة شتاء    محمد علي خير: الرفض لفيلم الست كان أكبر من القبول.. وهذا لم يحدث في تاريخ الصناعة    في عيد ميلادها ال74، نجلاء فتحي «قمر الزمان» تكشف رأيها عن الحب والزواج في حوار نادر    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    فتاة تطارد تامر حسني ومعجب يفقد النطق أمام أحمد العوضي، جمهور النجوم يثير الجدل (فيديو)    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    الاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة السيطرة الروسية على أوكرانيا    «جبر الخاطر».. محمد شاهين يطرح أحدث أغانيه    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    الدولة مش هتسيبهم، تدخل حكومي لحل أزمة أميرة عبد المحسن بعد عرض أطفالها للبيع    افتتاح أمم أفريقيا الأبرز، مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    مطارات مصر بين الخصخصة والأمن القومي.. لماذا يندفع ساويرس نحو السيطرة على البوابات السيادية؟    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح عيسى مؤرخ الأمل
نشر في الأهالي يوم 19 - 02 - 2019

فى 25 ديسمبر2018 حلت الذكرى الأولى لرحيل أسطى الصحافة والمؤرخ والكاتب الكبير صلاح عيسى، لايعوضني عن رحيله إلا أنني أراه فى أعماله الباقية وأقرأ فى صفحاتها روحه المحبة وعقله اللامع وضحكاته المجلجلة. كان صلاح صديقا عزيزا ارتبطت به منذ شبابي الأول وأحببته منذ ذلك الحين إنسانا نبيلا ومثقفا ووطنيا. فى كتابه»هوامش المقريزي» يظهر صلاح عيسى مؤرخا، وليس فقط، لكن مؤرخا فنانا، وليس فقط لكن مؤرخا فنانا صاحب موقف، فيقدم صورا مختارة من تاريخ بلادنا، يصفها فى المقدمة بأنها :» صلاة صوفية فى معبد مصر، الأم الشجاعة التي تعلمنا على يديها الحب والصبر والكبرياء». يدرك صلاح أن للعودة للتاريخ وظيفة أساسية هي تجديد وتأكيد كل ما يلهم الناس مواصلة الحياة ومقاومة الصعاب والسخرية منها والتشبث بالأمل. فى مقدمته الطويلة يضع الكتاب يده بجسارة المفكر على حقيقة جوهرية وهي أن :» كل فترات اليقظة التي ارتجفت بها مصر كانت ابنة العنف فى مواجهة الاستعماريين، حدث هذا خلال اليقظة التي قادها محمد علي، وخلال التحدي العظيم الذي قاده عرابي، وبعده ثورة 1919.. ومن هذا العنف ولدت مصر وتفجرت بالفن والفكر والابداع»، ويضيف عيسى أن الكفاح المصري من أجل الحرية كان:» الوسيلة الوحيدة لتطهيرنا.. ولتطهير المستعمر ذاته وإعادته إلى جوهره الانساني». ويعرض لنا بروح الفنان وعقل المؤرخ منمنمات تاريخية تسعى لاجتذاب القاريء إلى تاريخ بلاده، صورا مضحكة وأخرى تثير الاسى وثالثة تدعو للتأمل، وتلقى كلها الضوء ليس على ما كان فحسب بل وعلى ما قد يكون. يصف صلاح جانبا من صبر مصر على مآسيها المذهلة فى هامش باسم « العيال على العرش» فيقول:» إن الأطفال قد حكموا مصر ما يزيد عن نصف قرن! وعلى امتداد الحكم المملوكي تولى سبعة عشر طفلا حكم مصر.. منهم الملك المظفر أحمد الذي تولى الحكم وعمره عشرون شهرا! مع ذلك تمت مراسيم تنصيب السلطان الطفل وهو جالس على سرير، لكن السلطان الطفل بكى عندما بدأ الأمراء يقدمون له فروض الولاء لأن مرضعته لم تكن بجواره، فاستدعوها وحين وضعته على حجرها نام كالملائكة، وخلال ذلك كان الأمير «ططر» يحكم مصر من خلف الستار!». فى هامش آخر بعنوان « العجة والبصارة» يحدثنا صلاح بسخرية عن «البصارة» بصفتها وسيلة للتنديد بمصادرة الحريات! وذلك عندما منع الحكام الفاطميون خطباء المساجد من التعرض للحاضر بكلمة، فقام أحد الأئمة فى خطبة الجمعة يقول:»البصارة يا عباد الله من أفضل الأطعمة لتقوية المؤمن، وتصنع البصارة من فول مجروش وتنقع فى ماء ثم تدق فى ماجور»! وقضى الخطيب الوقت كله فى وصف البصاره والفرق بين طريقة المصريين فى إعدادها وطريقة الشوام وأنواع التوابل التي تضاف إليها، بينما راح المصلون يتطلعون إليه بدهشة إلى أن أدركوا أنه بحديثه عن البصارة يبلغهم أنه ممنوع من الكلام فى أي موضوع ذي شأن!! كانت البصارة إحدى طرق مواجهة القمع! فى هامش آخر يتحدث عن تأسيس ديوان رسمي للرشوة فى عهد اسماعيل بن الناصر قلاوون عرف بديوان البراطيل، وكلمة البرطيل فى المعاجم هي الرشوة، وتبرطل الرجل أي ارتشى. يقول صلاح إن مهمة ذلك الديوان كانت تحصيل الرشاوي ثمنا للوظائف أو قضاء حاجات الناس، حتى أن الأمير « بلباي الأيتالي» اشترى حكم ولاية صفد بعشرين الف دينار، ثم دفع برطيلا جديدا فأصبح ناظرا للوقف، ثم قائدا للجيش، ثم نائبا للسلطان! نقرأ فى هامش آخر حقيقة غريبة من عهد محمد علي، وكانت الصناعة والزراعة فى عهده قد شبت ونمت، فاستحدث محمد على مفهوما قانونيا جديدا لمبدأ»خيانة الأمانة» يقضي بأن شراء مصنوعات غير وطنية من خارج إنتاج المصريين يعد « خيانة للأمانة»، ثم حدد عقوبة تلك الخيانة بحيث تتدرج مع قيمة الأمانة التي خانها الشخص، فإذا بلغت قيمة ما اشتراه شخص من مصنوعات أجنبية خمسة آلاف قرش يسجن من عامين إلى خمسة فى اللومان، أما إذا ثبت أنه كان يجهل وجود صناعة وطنية من الصنف الذي اشتراه فإنه يعامل برفق ويربط بالقلعة سنتين! حاول محمد على حماية الصناعة الوطنية بتلك العقوبات، وكان فى الوقت ذاته مازل ينظر إلى المصريين بصفتهم عبيدا! يقول عيسى إن المصريين كانوا يسمون عبيدا فى الوثائق الرسمية فى عهد محمد على وخلفائه الأوائل، وعندما أصدر محمد على قانون» السياسة نامه» عام 1837، وهو أول قانون نظامي فى مصر، خاطب المصريين بوصفهم « عبيدا»، ولما تشكل مجلس الشورى نص فى أمر تشكيله على أنه يتألف من: « الذين يصير انتخابهم من العبيد» أي من المصريين!! هذه الصور وغيرها مما يحتويه كتاب» هوامش المقريزي» تؤكد أن مثل هذه الكتب هي التي يجب أن تدرس فى المدارس، هذا إذا أردنا أن نحبب أبناءنا فى تاريخ مصر لكي يبحثوا عنه بأنفسهم فيما بعد وينقبوا فى مسيرتها الشاقة والمفرحة والعظيمة التي قطعتها « بالحب والصبر والكبرياء »، ومن ذلك الينبوع ارتوى مؤرخ الأمل وجرى قلمه.
د. أحمد الخميسي

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.