سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مفاجأة جديدة تكشفها «الأهالى».. راهب واحد وقلاية فى دير السلطان.. والاحتلال يسعى لطمس الهوية القبطية فى دير السلطان.. ■ البابا تواضروس: الدير ليس قضية كنيسة.. لكنها قضية مصرية
طلت أزمة دير السلطان بالقدسالفلسطينية الأربعاء الماضى، من جديد، وتظهر همجية قوات الاحتلال الإسرائيلى بالتعدى على الرهبان الأقباط، والذين اعترضوا أفراد الحكومة الإسرائيلية عندما حاولوا اقتحام دير «السلطان» الأثرى، بحجة الترميم والذى اعتبره أقباط القدس بمثابة تشويه لهوية الدير المصرية، واعتدى الأمن الإسرائيلى على الراهب مكاريوس الأورشليمى خلال وقفة سلمية أمام كنيسة الملاك ميخائيل بدير السلطان بالقدس وتم الإفراج عنه صباح السبت الماضى. دير السلطان بحسب الكنيسة المصرية يعود تاريخه إلى منتصف القرن السابع، حيث حكم السلطان عبدالملك ابن مراون (684- 721م) لذلك سمى باسم دير السلطان، والذى أهداه السلطان للأقباط. لما كانت الضرائب فى ذلك الوقت باهظة على كنائس أورشليم، وفشل الرهبان الأحباش فى الدفع فكانوا يتعرضوا للطرد من قبل الحكومة العثمانية، فى الوقت الذى كانت كنيستهم تابعة للكنيسة القبطية حيث تُعين لهم أسقفًا قبطياً، وعليه قامت الكنيسة القبطية باحتضان الأحباش فى دير السلطان كضيوف، إلا أن الأمر تغير فى ليلة الاحتفال بعيد القيامة عام 1970 واحتل الأحباش الدير، ومنذ ذلك التاريخ اتخذت قضية دير السلطان طابعاً سياسياً، خاصة بعد أن مكن الإسرائيليون الأحباش من الدير بشكل كامل على حساب الأقباط. راهب وقلاية قبطية واحدة فى مفاجأة جديدة، قال القس بولس حليم، المتحدث الرسمى للكنيسة الأرثوذكسية، «إن الكنيسة المصرية لديها 21 من أبنائها الرهبان فى فلسطين، 20 راهبا منهم موجودين فى دير الأنبا أنطونيوس بالقدس، وراهب وحيد فى دير السلطان المتنازع عليه، ويسكن داخل قلاية قبطية واحدة يتوارثها أبناء الكنيسة عنه.. وتعود قصة القلاية القبطية الوحيدة، عندما احتل الأحباش الدير فى عيد القيام عام 1970، عندما طرد الأحباش الرهبان الأقباط وكان هناك راهب منهم مسن ومريض فسمحوا له بالبقاء لأنه لم يستطع الحركة، ثم أخذ الأحباش كل القلايات باستثناء القلاية الوحيدة التى توراثها الرهبان الأقباط منذ ذلك الحين بعد وفاة الراهب المسن، ويتم رسامة الراهب بدير السلطان باسم الراهب الأورشاليمي. وأكد متحدث الكنيسة، أنه لا تقام أى صلوات قبطية داخل الدير منذ هذا التاريخ. مشيراً أن أعداد الرهبان المصريين كانت فى بعض الأحيان تتجاوز ال100 راهب، إلا أن الأعداد تناقصت مع مرور الوقت، وفى 2017 كان للكنيسة المصرية 25 راهبا فى القدس، وتناقص العام الحالى إلى 21 فقط. البابا يكشف تفاصيل الأزمة تاريخيًا وقد خصص البابا تواضروس الثانى كلمته خلال اجتماعه الأسبوعى، للحديث حول حادث اقتحام القوات الإسرائيلية للدير، وأكد البابا «أن مشكلة دير السلطان قديمة بدأت عام 1820، إذ كانت هناك محاولات مستميتة للاستيلاء على هذا الدير القبطي، وتم اللجوء للمحاكم أمام الدولة العثمانية التى أقرت بأحقية الكنيسة القبطية فى الحيازة والملكية. وتابع البابا: «فى عيد القيامة عام 1970 كان الدير بحيازة الكنيسة القبطية، لكن ليلة عيد القيامة قاموا وغيروا مفاتيح الدير واحتلوه وصار الدير يسكنه رهبان إثيوبيون، رغم إنه دير قبطي، ورفعت قضايا فى المحاكم الإسرائيلية وألزمت الحكومة الإسرائيلية بتسليم الدير للكنيسة القبطية، وظلت الأحكام موجودة، لكن لم يتم تطبيقها على أرض الواقع». وناشد البابا كل الجهات التحرك لحل هذا الموضوع، وزارة شئون الأديان الإسرائيلية والخارجية المصرية والكنيسة الإثيوبية والسفارة المصرية، التى تبذل جهدًا كبيرًا لحل الأمر»، مضيفا أن هوية الدير هوية قبطية، وأهميته فى أنه يقع فى مدخل المطرانية فى كنيسة القيامة، والمطران الحالى الأنبا أنطونيوس أو المطران السابق الأنبا إبراهام أو الأسبق الأنبا باسيليوس ظلوا يطالبون بهذا الدير وتم تحرير محاضر كثيرة وسلسلة من الإجراءات عبر 50 سنة، وقد واجه الآباء الرهبان مضايقات كثيرة». وأضاف البابا: «من حوالى سنة أو أكثر تقدم بطريرك الروم الأرثوذكس فى القدس بدعوة لعقد مصالحة بين الكنيسة القبطية والكنيسة الإثيوبية هناك، وعرض الأمر علينا ووافقنا وتم تشكيل لجنة ضمت عدد من المطارنة والأساقفة ومعهم محامى الكنيسة القبطية هناك وبعض الرهبان وكذلك الوفد الإثيوبى ووفد من سفارة المصرية فى تل أبيب والسفارة الإثيوبية وحضر ممثل عن وزارة الأديان الإسرائيلية ووزارة الداخلية وبطريرك الروم الأرثوذكس فى القدس، وظننا أن من الممكن أن تتحل المشاكل، لكن الحوار لم يكن حوارًا محايدًا دائمًا، حيث مال لجانب دون آخر». قضية مصرية وليست كنسية وشدد البابا تواضروس، على أن دير السلطان ليست مجرد قضية كنيسة لكنها قضية مصرية، والكنيسة القبطية جزء من المجتمع المصري، وهو ما جعل وزارة الخارجية وكل القيادات فيها تهتم بالأمر.. مضيفا: «بالنسبة لترميم الدير المفروض أن نقوم به نحن ككنيسة قبطية، لذا شكلنا لجنة مهندسين وأساتذة وطلبنا أن الدخول لترميمه وأن يتم تحت إشراف هيئة اليونسكو كهيئة دولية لكن الاجتماعات انتهت إلى اللا شىء، وقدمنا الطلبات ولم يتم الرد عليها وذلك حتى شهر أكتوبر 2016، وشكلنا اللجنة الهندسية وضمت الأنبا مكارى الأسقف العام – مهندس- بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية وأخطرنا الحكومة الإسرائيلية، ووصل الوفد وحاول أن يدخل الدير لكنهم رفضوا، وكانت الشرطة الإسرائيلية موجودة منذ بداية وصول الوفد، لكن لم يسمح للوفد بالدخول للمعاينة». محاولات للحل مع الجانب الإثيوبى وأكد البابا توضروس، أن وزارة الخارجية تعمل على حل مشكلة دير السلطان، وأن وزير الخارجية والسفير المصرى فى إسرائيل عقدوا مجموعة من الاجتماعات الدبلوماسية والحكومية لاسترجاع الدير للكنيسة المصرية. وقال البابا: «شكلنا لجنة أخرى من الأساقفة والأب أنجيلوس النقادي، وهو الراهب المصرى المقيم فى إثيوبيا والتقوا البطريرك الإثيوبى الأب متياس الأول وسكرتير المجمع المقدس الإثيوبى ومدير البطريركية الإثيوبية وتناقشوا لعمل شكل من المفاوضات وتقديم المستندات لكن لم تكن هناك استجابة وانتهى الاجتماع إلى اللا شىء، وحاولوا مرة ثانية منذ أسبوعين مع حضور نائب وزير خارجية إثيوبيا ووزير الأديان الإثيوبى وأعضاء مجلس قبائل كل إثيوبيا لمحاولة مناقشة الأمر لكن لم تسفر المحاولة عن أى تقدم». ترميم دون تنسيق مع الكنيسة المصرية وحول تطورات الأحداث الأخيرة، أضاف البابا: «وصلت رسالة شفاهية من وزير الأديان الإسرائيلى بقرار صدر من رئيس الوزراء الإسرائيلى بترميم الدير عن طريق الحكومة الإسرائيلية دون أى تنسيق مع الكنيسة المصرية بل ورفضت عروضنا السابقة، وأرسلوا للمطران القبطى رسالة قالوا فيها: «نحن نخبرك لا نستأذن منك»، وبدأت الحكومة الإسرائيلية تعلن بصورة غير محايدة عن موقفها فى الموضوع، فأرسلنا مذكرة عن طريق محامى الكنيسة القبطية هناك ذكرنا فيها عدم موافقتنا على الرسالة الشفاهية التى أرسلها وزير الأديان، وطلبنا أن نقوم بالترميم وحفظ حقوق الكنيسة القبطية، وفى يوم 22 أكتوبر الجارى جاء اتصال تليفونى من سفارتنا فى تل أبيب للأنبا أنطونيوس أبلغوه خلاله أن إسرائيل تنوى دخول الكنيسة للترميم بأى صورة من الصور، وهو ما حدث وتم اقتحام الدير من قبل البوليس الإسرائيلى لبدء أعمال الترميم، فقامت الكنيسة القبطية ممثلة فى المطران والآباء الرهبان وبعض الأقباط بعمل وقفة احتجاجية سلمية أمام باب كنيسة الملاك بدير السلطان، ليعلنوا رفضهم لهذا الإجراء، لكن دخل المهندسون والعمال الإسرائيليون واستخدموا القوة مع المحتجين، وكما رأينا جميعًا فى الصور التى نشرت ومقاطع الفيديو كم الانتهاكات لحقوق الإنسان وتعطيل ممارسة الشعائر الدينية لأفراد الكنيسة القبطية».. وأكد البابا: «الكنيسة الإثيوبية كنيسة شقيقة وأخت لنا ولا نود أن تتسبب هذه المشكلة فى أن يُعَكَر صفو العلاقات معها، لكن كل المستندات وكل الحقوق واضحة فى المشكلة، ونثق فى أنه ستوجد رؤية محايدة لهذا الموضوع، ونحن نثق أن الله سيمد يده فى الوقت المناسب ليحل المشكلة».. كما أكدت بطريركية الكرسى الأورشليمى بالقدس، فى بيان لها أحقية الكنيسة القبطية فى الدير، ونشرت عدد من الوثائق التى تؤكد ذلك، ومنها حكم المحكمة الإسرائيلية. طمس هوية الدير قال الأنبا أنطونيوس، المطران المصرى للكرسى الأورشليمي، إن دير السلطان مملوك للكنيسة القبطية منذ عهد الخليفة عبدالملك بن مروان، وتم تأكيد ملكية الدير للكنسية فى عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، مضيفا أن الكنيسة تملك 23 وثيقة تعود للقرن 17 تؤكد ملكية الدير للكنيسة القبطية، وتابع: «أن سلطات الاحتلال تسعى لطمس هوية الدير القبطية ومنحه كهدية للأحباش، ونحن لن نتراجع عن موقفنا خاصة أن الدير يعد أرضًا مصرية، وهناك تنسيق بين البطريركية والخارجية المصرية لمتابعة الأحداث». وأضاف: «الواقعة بدأت بعد سقوط حجر من سقف كنيسة الملاك ميخائيل، ونحن كمُلاك للدير باعتراف المحكمة العليا الإسرائيلية عام 1971، فمن حقنا ترميم ممتلكاتنا، لكن إسرائيل تريد نزع ذلك الحق منا وترمم الدير وفق طريقتها وعلى نفقتها لتنتزع منا الدير.. وإذا أرادت قوات الاحتلال دخول الدير، فليدخلوا على جثثنا، فنحن كأقباط مصريين لم نتعود أن يؤخذ سنتميتر من أرضنا والتاريخ يشهد بذلك، نحن لسنا داعين للعنف، ونطالب حقوقنا بالطرق السلمية، وسنخاطب العالم كله للحصول على حقوقنا». الوقفة الاحتجاجية التى نظمها الرهبان المصريون الأسبوع الماضى ليست الأولى، ففى مارس من العام الجارى نظم مطران القدس والاقباط المقيمون هناك وقفة عقب قيام الكنيسة الإثيوبية بتغيير الأبواب الخاصة بالدير، مؤكدًا أن أزمة دير السلطان ممتدة، ولا تزال بحاجة إلى مزيد من النقاش والحوار.