آمال وطموحات عدة تهدف الارتقاء بالمنظومة التعليمية والانتقال بالتعليم فى مصر من كونه قائما على الحفظ والتلقين الى تعليم قائم على الفهم والابتكار والابداع..ولكن يبقي السؤال :هل لدينا الامكانات الكافية من مدارس جيدة ومناهج متطورة لتطبيق ذلك النظام التعليمي الجديد؟. تجارب عدة شهدتها المنظومة التعليمية طوال الفترات الماضية ولكنها لم تؤت جدواها بتقييم الخبراء وأساتذة الجامعات الامر الذي يرجع الى عدم وجود رؤية متكاملة لقضية التعليم كونه أمن مصر القومي، لذا اكد الخبراء ان تطوير التعليم يحتاج الى عقد حوار مجتمعي يشارك فيه كل اطراف العملية التعليمية من طلاب واولياء امور ومعلمين ومتخصصين بإعتباره قضية قومية تشكل.بذاتها فكر ووجدان الشخصية المصرية، كما ان التعليم يعد سلاحا قويا فى مكافحة الارهاب وفى ذات السياق يري د.على الشخيبي "أستاذ اصول التربية بجامعة عين شمس" أن التعليم منظومة متكاملة يستلزم تطويرها عقد حوار مجتمعي بمشاركة العلماء والمفكرين، بحيث يبدأ التطوير من بداية دخول الطلاب للمدارس عبر مناهج جديدة وطرق تدريس متطورة. لافتاً الى ان العديد من اولياء الأمور والطلاب ليس لديهم الوعي الكافى بالنظام الجديد الذي سيتم تطبيقه العام القادم الامر الذي تسبب فى تشتت أولياء الامور وإثارة غضبهم. وأضاف أن تحويل نظام الثانوية العامة الى نظام " تراكمي" لن يقلل من الدروس الخصوصية، الامر الذي يرجع الى تحايل معلمي الدروس الخصوصية واختراق النظام لعدم وجود ردع قانوني يحد من هذه الآفة التى باتت تؤرق أولياء الأمور وتزيد من أعبائهم المادية. مشيراً إلى أن توزيع جهاز التابلت على الطلاب كوسيلة تعليمية قد لا يناسب الوضع الاجتماعي لبعض الاهالي خاصة فى مناطق الصعيد والأرياف، الأمر الذى يرجع الى وجود طبقات فقيرة ستعاني لعدم قدرتها المادية على صيانة هذا الجهاز المتطور فضلا عن صعوبة توفير الكهرباء لشحنه. وأفاد استاذ اصول التربية بجامعة عين شمس، أن توحيد النظام التعليمي يجب أن يتم على المدارس ككل سواء كانت حكومية أو تجريبية او خاصة أو دولية، على الا يشمل تطبيق النظام على المدارس الحكومية والتجريبية فقط. مؤكداً، أن آليات تطوير التعليم يتطلب تطوير المدارس وفق إمكانياتنا، بالإضافة الى تحسين الادارة المدرسية، وتغيير نظام الامتحانات الذي يقيس الحفظ وليس الفهم والتطبيق البيئة التعليمية وقال د.سامي نصار "أستاذ التربية بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة" إن ما طرحه وزير التعليم ليس نظاما لاصلاح التعليم بل مجرد اقتراحات أو تصريحات متناثرة ليس لها سند قانونى أو سياسي أو اجتماعي. وأضاف، أن اى مسئول سياسي يريد عملية إصلاح فى مجال عمله، لابد ان يقوم بخطة او استراتيجية يشارك فى إعدادها كل الاطراف المعنية بهذا المجال، كما انها تعرض على مجالس ولجان فنية وسياسية وايضاً يتم عرضها على مجلس الشعب. واكد استاذ التربية بمعهد الدراسات التربوية، ان اصلاح التعليم لابد ان يتم بشكل كلي وليس جزئيًا، بمعنى أنه ليس من المنطقي ان يتم اصلاح نظام الامتحانات فقط دون تطوير المناهج وتدريب المعلمين وتهيئة المدارس للنظام الجديد. مشيراً الى ان استخدام التابلت فى التعليم مجرد وسيلة لابد ان تكون بشكل تفاعلى الامر الذي يحتاج الى توفير سبورة ذكية وتدريب المعلين للتفاعل معها، بالاضافة الى إنشاء بنية تحتية معلوماتية قوية فى المدارس. تحسين المستوى وقال د.ابراهيم عيد "أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية بجامعة عين شمس" إن معيار تقدم الحضارات هو ان تعرف لغة غيرك مثلما تعرف لغتك، وليس هذا معناه عدم الاهتمام باللغة العربية باعتبارها لغة قومية عالمية، مدللاً بذلك على ان دول أوروبا عندما ارادت ان تنطلق فى العصور الوسطي كانت تتقن لغتنا العربية كى تستطيع الفهم ومن ثم إحراز التقدم.. واضاف، اننا نعيش فى عصر يسمي ب(عصر الكوكبية) والذي يعنى أن ننفتح على العالم، وان يكون لدينا معرفة بلغات الاخرين خاصة ان من اساسيات التواصل المعرفى إتقان اللغة التى يتحدث بها الاخرون للتفاعل معهم، لافتاً الى ان آليات تطوير التعليم تستلزم تحديد الاهداف، فضلا عن وضع تصور عام لمستقبل مصر والمهارات التى من المفترض ان يكتسبها المواطن فى مجتمع المعرفة.. واشار استاذ الصحة النفسية، الى ان تطوير نظام الثانوية العامة على ثلاث سنوات بدلا من سنة واحدة يعطي فرصة للطالب ان يحسن من قدراته فضلا عن تشجيع الطلاب وتحفيزهم على تحصيل الدرجات والحصول على افضل التقييمات.. واكد أن تطوير كليات التربية أمر ضروري فى الوقت الحالي لمواكبة تطورات العصر، معتبراً ان الحديث حول إلغائها امر يرفضه الخبراء التربويون والمتخصصون وذلك لاهميتها فى تخريج معلمين لديهم علم بالأمور التربوية وطرق التدريس وكيفية التعامل مع الطلاب. مشدداً على اهمية ان تعمل وزارة التعليم على عودة دور المدرسة التربوي والتعليمي الذي كاد يندثر، نظراً لغياب الاهتمام بالمدرسة وحضور الطلاب اليها. تطوير جذري وقال د.محمد يحيي ناصف "عميد شعبة بحوث المعلومات بالمركز القومي للبحوث التربوية" إن نظام الثانوية العامة الحالي لم يشهد تطوراً بشكل جذري منذ سنوات عديدة، وكان التطوير يتم على استحياء من خلال جعل الثانوية العامة سنة واحدة أو سنتين، الأمر الذي ساهم فى تشتت الطلاب وزيادة أعباء أولياء الأمور. وأضاف، أن معظم دول اوروبا تعتمد على النظام التراكمي للامتحانات بما يحقق نتيجة عادلة للطالب ويعبرعن قدراته الفعلية ويحد من طفرة المجاميع التى تزيد على 100%. لافتاً الى ان تطوير نظام التقويم يعد المركز الرئيسي لاصلاح التعليم، والذي يقوم بذاته على قياس القدرات الحقيقية والابتكارية للطالب، حيث لا يمكن إصلاح التعليم بمعزل عن تطوير المناهج والمعلم وخلق بيئة تعليمية مناسبة. الجانب المعرفي بينما يري د.محمود منسي " عميد سابق بكلية التربية جامعة الاسكندرية" ان الميزانية المخصصة لتطوير المنظومة التعليمية لم تحقق الاهداف المرجوة فى إحداث التقدم الذي ننشده خاصة ان معظمها يذهب للاجور والمرتبات، الامر الذي يتطلب تنفيذ ما جاء به الدستور المصري والذي اقر ميزانية التعليم بنسبة لاتقل عن 4% من الناتج القومي الاجمالي للإنفاق على التعليم. واضاف ان استخدام " التابلت " فى التعليم بجانب الكتاب المدرسي يثري الجانب المعرفى للطالب حيث تعد جميعها وسائط للتعلم قائمة على التفاعلية والتعلم النشط بما يواكب عصر التفاعلية. لافتاً إلى ان تغيير نمط وشكل واسلوب الامتحانات يساهم فى القضاء على الدروس الخصوصية بحيث تقيس الفهم وليس الحفظ، إضافة الى ادخال الانشطة فى النظام التعليمي لجذب الطلاب للمدارس.