أكد " مسعود بارزاني " رئيس أقليم كردستان العراقي ، أن قرار إجراء استفتاء على استقلال اقليم كردستان في 25 سبتمبر القادم " هو قرار مصيري لا رجعة فيه " وأضاف أن شعب كردستان " يريد أن يمارس حقوقه العادلة بعيدا عن العنف ، ويصر على ضرورة الاحتكام إلى الأساليب السلمية واعتماد لغة الحوار والتفاهم مع الأحزاب والاطراف السياسية العراقية " وأرجع بارزاني اللجوء لخيار الاستقلال إلى " حصول تجاوز واضح على الدستور ، وخرق مبدأ الشراكة والتوافق في العراق" . ويستند الاكراد في موقفهم كما أعلن قادتهم إلى ديباجة الدستور في شرعية خطوة الاستفتاء .. " فالديباجة ربطت وحدة العراق بالالتزام بالمبادئ والقواعد والاحكام الواردة فيه " .. " وفي ضوء المشاكل بين حكومة المركز التي خلقت في عهد رئيس الوزراء نوري المالكي ، واستعصت على الحل لاحقا ، ويرى فيها الاكراد إخلالا وتنصلا من الالتزامات الدستورية تجاه الكيان الكردي " ، فمن حقهم اللجوء إلى خيار الاستفتاء بديلا عن الاتحاد الاختيارى. ويتمتع اقليم كردستان بمحافظاته الثلاث " أدبيل دهوك السليمانية " بحكم ذاتي منذ عام 1991 ، ويشمل الاستفتاء المزمع إجراؤه في هذه المحافظات الثلاث إضافة للمناطق المتنازع عليها ( كركوك وخانقين ) . ويبدو إصرار الاكراد على الاستقلال تطورا خطيرا وجديدا في ضوء المواقف السابقة منذ سنوات ليست ببعيدة ، فقد دعم أكراد العراق الدستور الصادر في 15 أكتوبر2005بقوة والذي نص في مادته الخامسة على أن الشعب العراقي يتكون من قوميتين رئيسيتين ، هما القومية العربية والقومية الكردية". وقال مسعود بارزاني " إننا مؤمنون بأن مصيرنا مرتبط بمصير الأمة العربية ، والقضية الكردية لايمكن حلها بمعزل عن العراق ، وكل ما نطالب به من حقوق يقع ضمن العراق الديمقراطي الموحد .. والموقع الصحيح لنا يجب أن يكون مع الامة العربية " .. ويقول جلال طالباني رئيس الجمهورية العراقية السابق والذي ترك منصبه نتيجة لظروف صحية " الإخوة العربية الكردية التي تشكل أساس الوحدة الوطنية العراقية نعتز بها ، وهي منبع التحالف النضالي المشترك للشعبين الشقيقين من أجل التحرر والديمقراطية" . ويمكن تفسير الموقف الكردي بتقاعس السلطة المركزية في بغداد عن حل قضايا رئيسية ، مثل قضية " كركوك" التي تعرضت لعملية " تعريب " قصري وطرد سكانها من الأكراد في الفترة من 1970 وحتى 1990 في ظل حكم صدام حسين ، وضرورة وضع آلية لتوزيع الثروات الوطنية خصوصا النفط . و" كركوك " من أغنى مدن العراق ، إذ يوجد بها خامس أغنى حقل بترول في العالم ، وكانت المدينة منذ زمن بعيد متعددة القوميات ، شكل الاكراد والتركمان فيها أغلبية واضحة ، وعقب اكتشاف البترول في كركوك إتخذ نظام البعث قرارا بتعريب المدينة وتهجير الاكراد خارجها واستقدام عائلات عربية تحل محلهم ، وتمت عملية التعريب بطريقة غير إنسانية ، وتقدر بعص المصادر عدد العائلات العراقية العربية التي تم استقدامها وتوطينها في المدينة بما يقرب من 16 ألف عائلة يصل عدد أفرادها إجمالا 94 الف شخص ، وقامت الحكومة بتغيير سجلات إحصاء 1957 لإضافة أسماء " المستوطنين " الجدد إليها ، وتم ترحيل حوالي 37726 أسرة كردية من القرى الكردية في محافظة كركوك التي تغير اسمها إلى محافظة التأميم ، وتم فصل الاكراد العاملين في منشآت شركة النفط في كركوك ، أو نقلهم إلى منشآت أخرى في وسط وجنوب العراق ، ونقل كذلك خارج محافظة كركوك معظم الموظفين الكرد بمن فيهم المدرسون ! . ورغم كل هذه الحقوق والتي تؤكد خطورة الدعوة لاستقلال إقليم كردستان والاستفتاء المقرر في 25 سبتمبر القادم ، فهناك حقائق أخرى على الأرض تواجه دعوة الاستقلال . فكما قال رئيس وزراء العراق " حيدر العبادي " فالدستور العراقي ينص على وحدة البلاد ، وأن أي قرار يخص مستقبل العراق هو قرار عراقي ولا يخص طرفا دون غيره " . كما أن الدول الاقليمية تتخوف من قيام دولة كردية على حدودها خاصة تركياوإيران وسوريا . فنجاح أكراد العراق وعددهم يقدر ب 6 ملايين في إقامة دولة مستقلة ، يهدد وحدة تركيا ويوجد بها مابين 15 و20 مليون كردي يطالبون بحكم ذاتي والاستقلال ، وكذلك إيران وبها ما بين 10 و12 مليون كردي . وقد أعلنت تركيا معارضتها للاستفتاء على استقلال اقليم كردستان العراق ، معتبرة دعوة القيادات الكردية للاستفتاء " خطأ كارثيا" . واتخذت إيران نفس الموقف مؤكدة وحدة العراق . وحذرت الولاياتالمتحدة من إجراء الاستفتاء معتبرة أنه يشتت الانتباه عن محاربة تنظيم داعش . وعبرت المانيا عن القلق من خطط اقليم كردستان لاجراء الاستفتاء ، وقال وزير الخارجية الألماني " غن وحدة العراق في خطر كبير " . كل ذلك يجعل من استقلال اقليم كردستان حتى لو تم الاستفتاء ، وجاءت نتيجته كما هو متوقع لصالح الاستقلال ، امرا مؤجلا وصعب المنال ، ولكنه سيكون ورقة مهمة في يد مسعود بارزاني لتصحيح العلاقة ين اقليم كردستان والمركز في بغداد.