حالة من الغضب والفزع تجتاح الشعب المصري بعد مفاجأتهم بتطبيق زيادات جديدة فى أسعار المحروقات،وهي الزيادة الرهيبة التي يصاحبها انفجار فى جميع الأسعار،فهذا الزيادة الثانية خلال أقل من 6 شهور فقط،فالزيادة الأولى كانت فى شهر نوفمبر الماضي،وبالتالي فيترتب على زيادة المحروقات ارتفاع هائل فى كافة أسعار الخضراوات والفواكه والمواد الغذائية وحتى السلع الكهربائية، نظرا لارتفاع تكلفة النقل والمواصلات بعد سريان وتطبيق تلك الزيادة فى أسعار البنزين التي يصل المتوسط حوالي 45 %،تنفيذا لروشتة صندوق النقد الدولي بتحرير الطاقة،حيث أكدت الحكومة أنه مع بداية العام الجديد،سيتم تحرير سعر الطاقة بالكامل.. هذا التحقيق نرصد فيه وجهة نظر بعض الخبراء الذين حذروا الحكومة من الاستمرار فى سياسة الاقتراض وتنفيذ تلك الشروط الدولية مستذكرين شعار: لن يحكمنا البنك الدولي.. لن يحكمنا الاستثمار.. وادي شروط البنك الدولي"جوع ومذلة وغلا اسعار" تحرير أكد الدكتور رشاد عبده،الخبير الاقتصادي رئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاقتصادية،أن الزيادات الجديدة فى أسعار الوقود تأتي تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي على الحكومة المصرية، حسب تأكيدات كريستين لاجا رد، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي،والتي أكدت خلال حديث سابق لها للتليفزيون الأمريكي قبل قرار محافظ البنك المركزي بتعويم الجنيه بثلاثة أيام،أنهم طالبوا الحكومة المصرية بإلغاء دعم الطاقة،وتحقيق سعر صرف مرن. وأوضح أنها أكدت أن تحقيق سعر صرف مرن للدولار سوف يحدث بالتخفيض المتدرج فى قيمة العملة عن طريق التعويم،واختيارها لأسلوب الصدمة "بتعويم العملة المحلية"،وهو ما قامت به الحكومة المصرية بعد ذلك بأيام،حتى ارتفعت معدلات التضخم ل33.6% طبقا لأحدث تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ما يدل أن دخل المواطن انخفض للثلث،وبالتالي وقوع المواطن المصري ضحية لسياسات حكومية ضعيفة وفاشلة. وأضاف أن المواطن وحده هو من يسدد فواتير الفشل الحكومي المتراكم وأن الحكومة الحالية،نجحت فى إثارة الشعب المصري،مبينا انه فى نوفمبر الماضي أعلن محافظ البنك المركزي تعويم العملة المحلية وزيادة سعر صرف الدولار من 8.80 جنيه إلى 18.25 جنيه، فارتفعت الأسعار بنسبة 130% ونتيجة عدم توعية المواطنين بالقرارات الجديدة من خلال وسائل الإعلام وصدمتهم بها،تم استغلال تلك الزيادة من قبل التجار، الذين رفعوا الأسعار بدورهم بمعدل 120% ليصبح الإجمالي 250% يتحملها المواطن كاملة. وطالب الحكومة بتحسين مناخ الاستثمار، وتنفيذ مشروعات حقيقية للتنمية عبر سياسات حكومية متوازنة وخطة إصلاح شاملة، لجذب المستثمرين ومكافحة الفساد بصورة جادة، بدلا من التصالح مع الفاسدين لتوفير أكثر من 300 مليار جنيه تضاف إلى خزينة الدولة لسد جزء من عجز الموازنة السنوية،كما أنه طبقا لأحدث تقارير لمنظمة الشفافية الدولية، حصلت مصر على 34 نقطة من 100 لتأتي فى المركز 108 على مستوى العالم فى مؤشر الفساد من بين 176 دولة، بدلا من المركز 88 خلال العام الماضي. انهيار قال الدكتور فخري الفقى، مساعد المدير التنفيذي الأسبق لصندوق النقد الدولي، إن قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقود بهذه المعدلات العالية "خاطئ تمامًا"، مبينا أنها قررت زيادة أسعار الوقود فى ظل نسبة تضخم عالية فاقت ال 30 %، فمن المتوقع ارتفاع هذه النسبة خلال الفترة المقبلة إلى نسبة تصل إلى 40 %، كما توقع حدوث ارتفاع باهظ للأسعار فى الأيام المقبلة خصوصا فى ظل ضعف الرقابة على الأسواق. وأضاف أن أثر هذا الارتفاع سينتشر فى كل مكان بداية من موجات غلاء لكل السلع والخدمات،بالإضافة إلى إمكانية إقدام المودعين فى البنوك على سحب ودائعهم لأن نسبة ال20 % المقررة للودائع ستتحول إلى ناقص 15 % متى وصل التضخم إلى 35 % وهو ما يعنى أن أموال المودعين فى البنوك تتناقص،وأيضا انتشار الجرائم الاقتصادية من الرشاوى والسرقات وتصدير البيروقراطية لتعطيل مصالح الناس طالما لا يوجد مقابل "تحت الترابيزة". وأوضح أن الغلاء يزيد الضغوط على المواطن، وقد لا نشهد خروجا على النظام السياسي فى الشوارع، كما كان يحدث فى السنوات السابقة، ولكنه قد يخرج المواطن عن النظام الأخلاقي والمهني، وارتفاع فى معدلات الجريمة، مؤكدا أن التوقيت سيئ، ولا يمكن أن تكون مثل هذه القرارات هدية الشعب فى ذكرى ثورة 30 يونيو. التوحش الرأسمالي وقال أحمد سيد النجار،الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات السياسية بجريدة الأهرام ورئيس مجلس إدارتها سابقا،إن التوحش الرأسمالي أصبح دينا لدى البعض،وتحميل الفقراء والطبقة الوسطى هدف البرنامج الأيديولوجي الغبي لصندوق النقد الدولي، أمرا معتادا،حيث إن رفع أسعار البنزين والسولار هو الوصفة السحرية لإيذاء الفقراء والطبقة الوسطى عبر ما يؤدي إليه من انفجار التضخم. وأوضح أن البنزين والسولار مدخلان فى تكلفة نقل البشر والسلع، وفى تشغيل الآلات التي يتم من خلالها إنتاج الخدمات والسلع بما فيها السلع الزراعية،حيث يستخدم البنزين أو السولار فى تشغيل ماكينات الري وآلات الحرث والحصاد ورش المبيدات. وتابع أنه إذا كانت التقديرات الرسمية المسلمة لصندوق النقد الدولي تقول إن التضخم سيبلغ فى المتوسط 22% عام 2017، فإن رفع أسعار الطاقة بهذه النسبة الرهيبة قد يرفع التضخم لأعلى مستوى تشهده مصر فى تاريخها الحديث، فالتضخم يؤدي تلقائيا إلى إفقار أصحاب الرواتب والأجور والمعاشات الذين لم تزد دخولهم لتستوعب زيادة الأسعار، بينما ترتفع قيمة الأصول والأملاك لأصحاب حقوق الملكية بما يؤدي للمزيد من سوء توزيع الثروات وزيادة الأثرياء ثراء والفقراء فقرا. إفقار الشعب كما أكد الدكتور شريف فياض،خبير الاقتصاد الزراعي،أن سياسة صندوق النقد الدولي تعتمد على خصخصة الإصلاح الاقتصادي،بتقليص دعم الطاقة،وتحرير سعر الصرف، فرفع الأسعار سيؤدى إلى ارتفاع معدل التضخم بشكل كبير خلال الفترة القادمة نتيجة تحرير الطاقة فقط. وأضاف أن الحكومة قامت برفع أصحاب المعاشات 15% والاجور10% فى منتصف يونيو،ولكن على الجانب الأخر قامت برفع نسبة المحروقات 45% فى نهاية يونيو،وبالتالي فالنظام يعمل على زيادة إفقار الشعب المصري، وأيضا لا يمكن إعفاء الرئيس عبد الفتاح السيسي عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبناها تلك الحكومة ويقرها البرلمان،والتي أدت إلى هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي،الذي يئن منة الفقراء والطبقة الوسطي. وأوضح أن إجمالي متوسط هذا الارتفاع حوالي 45 %، مما يؤدى إلى انخفاض الدخول بنفس النسبة،مبينا أن الدولة مقبلة على موسم حصاد الأرز والقطن والذرة،وهذا الحصاد يحتاج إلى سولار،الذي تم رفع سعره،وبالتالي رفع قيمة تكلفة الحصاد،بالتزامن مع ارتفاع تكلفة النقل والشحين،وأيضا السلع الغذائية كافة. وأشار إلى عدم وجود توازن فى توزيع الدعم،فالطبقات العليا ما زالت تتمتع بجزء من الدعم،حتى بعد رفع أسعار الكهرباء والمياه،مشددا على ضرورة رفع الدعم من على هذه الطبقات وزيادة الدعم للطبقات الفقيرة،لتحقيق المساواة،بين جموع الشعب المصري. وتابع أنه عندما نطالب الحكومة بالدعم وخفض أسعار السلع تتحجج بالأسعار العالمية وأسعار تلك السلع والخدمات فى أوروبا وأمريكا، ولكنها تتناسى أن دخولنا ليست مثلهم،فتتحجج بأن إنتاجيتنا ليست مثل إنتاجية أوروبا وأمريكا،وعندما نسأل عن الحريات والعدالة الاجتماعية والديمقراطية تقول لنا تذكروا ليبيا وسوريا واليمن والعراق،فماذا نفعل مع هذه الحكومة ؟!. استدعاء الحكومة ومن جانبه تقدم النائب عبد الحميد كمال، عضو مجلس النواب ونائب حزب التجمع،إلى الأمانة العامة لمجلس النواب،بطلب باستدعاء لرئيس مجلس الوزراء،المهندس شريف إسماعيل،بسبب قرارات زيادة الوقود،التي أصدرت نهاية الأسبوع الماضي.