نأمل أن يسهم الاتفاق الذي تم التوقيع عليه فى الاستانة لانشاء مناطق تخفيف لحدة التصعيد العسكري (مناطق آمنة) فى سوريا، أن يدعم مسار التسوية السياسية ووحدة سوريا وسلامتها الإقليمية، و أن يصب هذا الاتفاق فى مصلحة الشعب والدولة وأن ينهي معاناة المدنيين العزل التي طالت لسنوات، فى إطار وحدة سوريا.والأمل معقود على أن يشكل الاتفاق، فى حال تنفيذه والالتزام به، خطوة مهمة على طريق تحقيق التسوية السياسية للأزمة السورية. أكدت دكتورة نورهان الشيخ أستاذة الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن روسيا بدأت بما يسمي قوس الأمان حول طرطوس واللاذقية والتي أصبحت مؤمنة بالكامل،و تحاول تحقيق درجة تأمين أكبر لمساحات أوسع، وحاليا إذا نظرنا إلى الأماكن الأربعة المعلنة، سنجد إنها تحت قوس الأمان وهي مناطق سيطرة الجيش السوري،و روسيا لا تريد لهذه المناطق أن تنتهك من اي قوات جوية لدولة معادية سواء الولاياتالمتحدة أو تركيا. حتي لا تدخل روسيا فى مواجهات مع هذه الدول، ولهذا علقت مذكرة التفاهم مع الولاياتالمتحدة وبالتالي إذا حاول ترامب وإدارته مواصلة الضربات فهذا يعني احتكاكا مباشرا بروسيا التي تتجنب أي مواجهة مع الولاياتالمتحدةالامريكية أو أي دولة اخري،مثل إسرائيل التي قامت بأكثر من ضربة،فهي تريد ان تخلق مناطق خالية من التصعيد ومن أي طلعات جوية لأي قوات معادية لسوريا. وحول الضمانة التي تمنع حدوث زحف من داعش أو غيرها من الجماعات الارهابية على هذه المناطق الآمنة تقول نورهان :المفترض أن الحكومة التركية هي الضامن، و هي أيضا الداعم الأساسي للجماعات والفصائل المسلحة هناك، وبالتالي الضمانة هي مدي قدرة تركيا على الضغط على هذه الجماعات،ولكن لا نستطيع أن نقول ضمانة كاملة.لان هناك جماعات مسلحة اعترضت بشدة ان تكون إيران ضامنة وآخرون انسحبوا من الجلسة، وبعض الجماعات صرحت بعدم الالتزام. ومع ذلك يظل الاتفاق خطوة مهمة تعطي شرعية لروسيا، وتعطي الفرصة للجيش السوري وسوريا فى تأمين نفسها و أراضيها وخصوصا إن هناك ثلاث دول على الأرض ضامنة لهذا الاتفاق لكن لا نستطيع أن نقول إن هناك ضمانة 100% ما دامت الجماعات المسلحة التي كانت حاضرة الأستانة لم تعلن عن التزامها بالكامل. واستطردت نورهان قائلة الاتفاق خطوة لحماية أكبر قدر من الأراضي السورية تحت سيطرة الدولة،حيث يسيطر على الشمال كل من الأكراد أوتركيا التي تسيطر على حوالي خمسة آلاف كيلو متر منه،ويسيطر على الجنوب الفصائل المدعومة من الأردنوالولاياتالمتحدة تتقدم فى الجنوب بدعوي محاربة داعش وتقطع اراضي من الأراضي السورية،إذا فالشمال والجنوب هناك من ينهش فيه.والشرق مناطق صحراوية وليست مؤهلة،فالاتفاق هو حماية وتأمين لأكبر قدر من الأراضي السورية ومنع تقدم أي قوات أخري. سواء القوات الكردية أو الفصائل المدعومة من الأردن. ولهذا نجد الأكراد لم يرحبوا بهذا الاتفاق و انتقدوه لإنهم كانوا يأملون فى توسيع المدي الذي يتحركون فيه، فالاتفاق سيضم المناطق المذكورة تحت السيطرة السورية.و المناطق التي تحت سيطرة قوات أخري سوف تأتي لاحقا عندما تقوي الدولة السورية وتستطيع ان تتحرك و تطالب بخروج القوات الأخري ولكن المهم ان تلملم الدولة السورية نفسها. الرأي العسكرى يري اللواء أحمد عبد الحليم الخبير الإستراتيجي ومستشار أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية أن الاتفاق محاولة إيجابية من ناحية روسيا التي تدعم بشار الأسد ونظامه أن تتفق على هذا القرار مع باقي الأطراف،ولكن ليس له تأثير على الحل النهائي،فهو ليس أكثر من تهدئة للأزمة. وفيما يتعلق بالرأي الذي يري ان هذا الاتفاق خطوة لتقسيم سوريا فعليا أجاب عبدالحليم قائلا سوريا مقسمة بالفعل جزء مع بشار الأسد،وجزء مع داعش، وامريكا تدعم جزءًا وروسيا تدعم جزءًا وكذلك تركياوايران.فحل الخلاف الأساسي بين امريكاوروسيا وهذه خطوة من روسيا لتدعم بشار وتهدد باستخدام القوي. وحول استخدام روسيا لأول مرة مصطلح " المعارضة المعتدلة "هذا ليس تغيرًا ولكن تهدئة للموقف ومحاولة إثبات أن لها نفوذًا فى سوريا، وهذا يؤثر على قضايا أخري بين امريكاوروسيا ولهذا أتخذ القرار. وعرف اللواء أركان حرب عادل العمدة المناطق الآمنة "بأنها المناطق التي يسهل توصيل أعمال الإغاثة، والمواد اللوجستية والمواد التي تقيم الحياة إليها ولا تتعرض لضرب أو لأعمال من شأنها التأثير على الأفراد أو المواطنين،بمعني انها تؤدي إلى حماية المواطنين " ولكن هناك مناطق الأخري نصت هذه الإتفاقية " اتفاق الآستانة" على أن الدول تتعامل معها سواء المناطق التي تكون ملاذا آمنا للعناصر الداعشية وعناصر جبهة النصرة هذه العناصر ستحارب سواء من قبل القوات الروسية أو من بعض القوة المناهضة أو الموالية للنظام السوري. وفيما يتعلق بدلالة هذا الاتفاق فى مسار حل الأزمة السورية نحن نوافق على أي حل يطرح فى سبيل إيجاد حل سلمي للأزمة السورية او إيقاف إطلاق النيران أو التفاوض…الخ،لأن المحصلة النهائية إن هناك منطقة آمنة فى النهاية ووقف اطلاق النيران وطالما أوقفنا اطلاق النيران يصبح ليس هناك اصابات او خسائر فى الأرواح وهذا هو المستهدف بعدها يمكن التفاوض حتي نصل إلى حل سلمي يتوافق عليه كل الأطراف المتنازعة مما يحقق بعض الأمن والاستقرار داخل الدولة السورية ويحافظ على كيانها كدولة، حيث كان الهدف أن تصبح سوريا مناطق متناحرة و متصارعة وتستمر فى الصراع لتحقيق الهدف الاسرائيلي فى إقامة ما يسمي بالدولة اليهودية. وفيما يتعلق بالدول الضامنة للقرار والأطراف التي اعترضت عليه قال العمدة هناك توافق ايراني روسي سوري تركي على هذا القرار ولا اعرف السر فى تجنيب أمريكا الممنهج و عدم وجودها فى المشهد هذا يسبب بعض القلق فى استمرارية و تنفيذ القرار. سياسة الخنق وعلي الجانب الآخر قال دكتور محمد سيد أحمد استاذ الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة أولا هناك خطأ فى الترجمة هي مناطق منخفضة التوتر أو منخفضة الصراعات ومصطلح "المناطق الآمنة" يتداوله الاعلام المعادي لسوريا ليشعرنا إن هناك تقسيم وأن هناك مناطق آمنة ومناطق غير آمنة والمشكلة إن الناس غير ملمة بالجغرافيا،التي تقول إن هذه الاماكن الاربعة هي الاماكن التي يوجد بها ألتباس اي التي لا يسيطر عليها فصيل واحد.. فهناك فرق بين الاماكن التي يسيطر عليها الجيش العربي السوري فقط والاماكن التي يسيطر عليها فصيل واحد داعش او النصرة فقط، والاماكن التي يوجد بها فصائل متناحرة متعددة. الوثيقة كتبت ب5 لغات وهي: العربية، الروسية،الفارسية، التركية،الانجليزية وفق اطراف الوثيقة،الترجمة الفعلية هي المناطق منخفضة التوتر، وهي اربع مناطق رئيسية شمال حمص، شمال حماة،الغوطة الشرقية،وريف دمشق، وبعض الاماكن فى إدلب. التي يوجد بها قوي متناحرة وهناك اطراف تم تجهيز البساطة الخضراء لهم لانهم سيخرجون بعد التصالح وترك السلاح. فى 2016 كان هناك هدنة وتم خرقها أكثر من مرة، ولكن هذه الوثيقة هي إمتداد للهدنة السابقة التي على أثرها سيدخل الجيش العربي السوري دون ان يحمل السلاح ولكن سيحيط بهم ويحاصرهم " سياسة الخنق"مثلما فعل فى حلب وفى هذه الحالة الارهابي يسلم لانه لن يستطيع ان يحمل السلاح بسبب الهدنة. الهدنات السابقة كانت تضمنها روسيا فقط وبالتالي فشل خفض التوتر فى بعض المناطق المستهدفة لانه كان يخرج فصيل من الفصائل ويعاود الضرب مرة أخري. الأطراف المتآمرة هذه المرة الضامن هي الدول التي وقعت وعلي رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية و تحت مظلة الأممالمتحدة،فتصبح هذه الوثيقة فى صالح سوريا،إلي جانب الحليف الروسي والذي لا يتخذ قرارا إلا بعد مشاورات حقيقية ومطولة مع سوريا،ونحن نثق فى القيادة السورية التي لا يمكن أن تسمح بتقسيم ولا بتنازلات،إلي جانب الغاء فكرة رحيل الأسد تماما وفقا لهذا الاتفاق لان الحكومة السورية طرف رئيسي فى هذه المبادرة. وعلي أسوأ الاحتمالات الفصائل التي لن تلتزم بالقرار سيفتضح أمرها أمام الرأي العام العالمي و هذا القرار يعطي فرصة للجيش العربي السوري أن يلتقط أنفاسه لانه يحارب حرب عصابات منذ 6 سنوات، فلا يوجد جيش منظم يستطيع ان يحارب حرب عصابات. الاهم ان هذه الاطراف الدولية والتي جزء منها متآمر على سوريا مثل امريكاوتركيا اللتين تدعمان المعارضة المسلحة وهما طرفان من أطراف الحرب على سوريا،فعندما يعترفان وفق هذا الاتفاق بإنه يحق للجيش السوري مواجهة النصرة وداعش والمناطق التي يسيطران عليها بشكل مباشر وقانوني دون أي تدخل من اي طرف، بل بالعكس يحق للجيش السوري إذا أراد طلب مساعدة دولية سواء من روسيا او ايران او حتي من امريكا نفسها للقضاء على هذين التنظيمين اللذين هما الاشرس على الارض أما باقي التنظيمات الصغيرة فى المناطق التي سبق ذكرها،هي تنظيمات متناحرة أصلا فيما بينها. خروج أمريكا ويستطرد سيد أحمد قائلا لهذا أري إن الاتفاقية فى صالح سوريا التي تدير الأزمة مثلما تدير الحرب على الارض وصامدة عبر 6 سنوات ولم تسقط،ايضا أثق فى قدرتها على إدارة حوار سياسي حقيقي ولديها القدرة على المناورة السياسية، وخاصة أنها تعلم ان الطرف الامريكي لابد ان يكون طرفا فى المعادلة عندما يخرج، فهو لن يعلن عن هزيمته وهو الذي يقود الحرب ضد سوريا. مع الوضع فى الاعتبار إن امريكا تريد ان تكون شريكا فى حل الازمة على طاولة المفاوضات.وهذا الاتفاق يسمح ان تتقدم الولاياتالمتحدةالامريكية خطوة بعدما كانت ترفض الدخول فى المفاوضات صحيح ان مستوي التمثيل كان نائب وزير الخارجية لكنه مستوي تمثيل معقول ممكن ان يتطور فى مرحلة لاحقة،وروسيا لا يمكن ان تبيع سوريا لان لها مصالح استراتيجية وليست تكتيكية فى سوريا بمعني ان خط الغاز القطري الواصل من قطر وعابر للاراضي السورية إلى تركيا ومن تركيا إلى اوروبا هذا الخط المتضرر الاول منه اقتصاديا هو روسيا لأن روسيا هي المصدر الأول للغاز الي اوروبا.هذا غير تواجدها العسكري والقاعدة العسكرية الموجودة فى طرطوس وهذا موطئ القدم الوحيدة لها فى المتوسط وبالتالي هذا يعطيها ايضا ميزة فى انها تكون واحدة من الدول المهمة فى العالم. كما ان روسيا قبل الازمة السورية دورها كان متراجعا على المستوي الدولي عادت مرة أخري كقطب مسموع الصوت وتستطيع ان تتحدث مع امريكا والمجتمع الدولي على انها قوي عظمي داخل هذا العالم.