( حكم الطلاق الشفوي و أثره الشرعي ) هذا هو عنوان الكتاب المرافق لمجلة الأزهر عدد جمادى الآخرة 1438.. مارس 2017، و أورد فيه بيان هيئة كبار العلماء الأزهر بشأن الطلاق الشفوي الذي دافع عن ثبات وقوعه ( وقوع الطلاق الشفوي المستوفى أركانه و شروطه، و الصادر من الزوج عن أهلية و إرادة واعية و بالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، و هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي – صلى الله عليه و سلم – و حتى يوم الناس هذا دون اشتراط إشهاد أو توثيق ). و الكتاب أورد مقالات تؤيد هذا الموقف لعباس شومان و رجائي عطية و حمدي صبح طه، لكن لم نجد ما هي أركان الطلاق و شروطه.. ماذا لو كان الزوج فى حالة غضب و لفظ بلفظ الطلاق و ندم بعدها هل نعتبر هذا الطلاق صادرا عن إرادة واعية. هل طلاق مدمني المخدرات يصدر عن إرادة واعية ؟. لم نجد إجابات عن تلك التساؤلات لكن وجدنا المقالات تدافع بشدة عن شفوية الطلاق، و فى إطار دفاعها وقعت فى مزالق لا تصح أن تصدر عن كتاب ينتمي للأزهر. فى مقال لحمدي صبح طه داود عضو هيئة كبار العلماء أورد آراء فقهية قديمة تؤكد وقوع الطلاق الشفهي لفظا حتى لو كان قائلها لم تكن نيته أو إرادته متجهة لذلك. جاء فى كتاب بداية المجتهد لابن رشد ج2 ص24 : فإن مالكا و الشافعي و أبا حنيفة قالوا : لا يقبل المطلق إذا نطق بألفاظ الطلاق أنه لم يرد به طلاقا إذا قال : لزوجته أنت طالق. و جاء فى المقنع فى فقه الإمام أحمد لابن قدامة ص 231 : فمتى أتى بصريح الطلاق نواه أو لم ينوه و إن قال : أنت طالق و لا شيء أو ليس بشيء أو لا يلزمك طُلِّقت رغم قوله ( لا شيء او لا يلزمك ) !. فى حاشية الباجوري على أرد شرح ابن قاسم : لو تلفظ الزوج ب ( اللفظ ) الصريح فى الطلاق و قال لم أرد به الطلاق لم يمنع ذلك من الوقوع لأن عدم إرادته الطلاق الصريح لا تمنع الوقوع.. بل لو أراد عدم الطلاق وقع أيضا !. . هل هذا معقول أن إرادة المطلق فى الطلاق لا أهمية لها الأهم لفظ الطلاق !. أين هذا الكلام العتيق المتحفى باشتراط بيان هيئة كبار الأزهر أن يكون الطلاق الصادر عن الزوج عن أهلية و إرادة واعية ؟. و فى قول آخر للدكتور حمدي صبح أما أن الطلاق لا يتم إلا على يد المأذون فهذه مخالفة واضحة للقرآن الكريم الذي اختص الزوج بالطلاق و حل عقد الزواج !ص51 . أ لهذه الدرجة يصل الطلاق على يد مأذون، و هل يستطيع المأذون التطليق إلا عند قدوم الزوج إليه !. رأي آخر يتسم بنفس الشدة لكن لرجل مدني رجائي عطية المحامي المعروف عنه الحدة فى آرائه : والمتصافح المتعاجب الذي يتخايل بأن وقوع الطلاق الشفوي سوف يؤدي إلى الطلاق كثير من السيدات و تفكيك آلاف الأسر و تشريد الأبناء لا يدرك أن المماراة فى الطلاق الواقع دينا و شرعاً و إنكاره سيؤدي إلى أن تعيش الأمة فى الحرام و أن تنجب ذرية فى الحرام !. هل الحلال و الحرام الخاص بالعلاقة الزوجية قائم بهذه البساطة على كلمة طلاق عابرة أم الأساس انتهاء المودة و الرحمة بين الزوجين. وفى رده على الشبهة التي تقول لولي الأمر بما له من حق تقييد المباح للمصلحة العامة يقول لسنا بصدد شيء من المباحات العامة التي لولي الأمر حق تقييدها للمصلحة العامة. ثم إن المصلحة العامة التي يجوز تقييد المباح بها لا تكون مصلحة صادمة للقرآن أو السنة أو الإجماع التي أناطت إيقاع الطلاق بالزوج !. هل يكون الطلاق موثقا كما هو كائن الآن صادما للكتاب و السنة، و هل الطلاق الموثق لا يتم بغير بالزوج ؟. لتدليل على أثر كلمة الطلاق على العلاقة الزوجية جاء فى الموافقات للشاطبي " إيقاع السبب بمنزلة إيقاع المسبب " فمن قصد أن يقول لزوجته " أنت طالق " قد قصد سبب الطلاق وحصل منه فيلزم حصول المسبب و هو الطلاق و لا ينفع الشخص أن يقول ما قصدت أن يقع الطلاق. هل على هذا القياس لو قال شخص لشخص آخر سأقتلك نعتبر وقوع المسبب و هو القتل و لو لم يقتله. لتخويف الحاكم من تبني الطلاق الموثق حتى لا يقع فى معصية يقول د. حمدي إنه ليس هناك اختيار من ولى الأمر أصلاً للقول بعدم وقوع الطلاق الشفوي، و نعيذه بالله تعالى من أن يختار قولاً يخالف ما أجمعت عليه الأمة سلفا و خلفا. هل توثيق الزواج رغم أهميته الآن و فوائده المجتمعية التي نقرها أضاف شيئاً إلى حقيقة و ماهية الزواج الشرعي ؟. الجواب بنعم اتهام لشرع الله – تعالى – بأنه ناقص !.، و الجواب بلا يعني أن التوثيق أمر خارج عن حقيقة الزواج الشرعي، و أن الزواج يتم بدونه كما معلوم للجميع !. إنكار التوثيق لم يقف إذن على الطلاق بل امتد نحو الزواج أيضاً.. حتى لا يحتج أحد بالزواج الموثق ليقول بضرورة توثيق الطلاق بالمثل. لاحظوا الفوضى التي يمكن أن يقع فيها المجتمع نتيجة هذا الكلام. نختم بالاتهام الذي وجهه رجائي عطية المحامي الذين يتبنون الطلاق الموثق السعي لإسقاط الأزهر، و زعزعته و إهانته و التهوين من شأنه، سعي ضرير لا يدرك أبعاد هذا التخطيط المريض. هل يمكن أن يصل هذا الأمر إلى تلك الاتهامات المرعبة ؟. السؤال هل التشريع أمر ثابت أم متغير مع تغير الزمان و المكان لتحقيق مصالح الناس ؟. د. هشام قاسم