بعد تصديق الرئيس.. تعديلات قانون الإجراءات الجنائية نقلة حقيقية في ملف حقوق الإنسان    أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض في السوق المصرية    إدارة الطيران الأمريكية تحذر من مخاطر التحليق فوق فنزويلا    جدول مباريات اليوم حول العالم: مواجهات قوية في أوروبا وإفريقيا    البث المباشر لمباراة ليفربول ونوتنجهام فورست في الدوري الإنجليزي    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    مباراة العار، اشتباكات بين متظاهرين لدعم غزة والشرطة الإيطالية خلال لقاء فيرتوس ومكابي تل أبيب (فيديو)    بيسكوف: مستوى اتصالات التسوية بين موسكو وواشنطن لم يحدد بعد    رئيس المدينة اكتشفه بالصدفة، هبوط أرضي مفاجئ أمام مستشفى ميت سلسيل بالدقهلية (صور)    برنامج «دولة التلاوة» يعيد لمة العيلة المصرية على شاشة واحدة    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    ماذا حدث في ليلة ختام مهرجان القاهرة السينمائي؟.. التفاصيل الكاملة    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    حدد الموعد، رئيس الاتحاد الفرنسي يتحدث عن اقتراب زيدان لتدريب منتخب الديوك    اختطاف واحتجاز أكثر من 200 تلميذ و12 معلما في هجوم مسلح على مدرسة كاثوليكية بنيجيريا    صافي الأرباح يقفز 33%| بنك البركة – مصر يثبت قوته المالية    من 18 إلى 54 ألفًا.. زيادة تعجيزية تهدد مصدر رزق مزارعي بهادة بالقليوبية    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    التوقعات السامة| خبيرة أسرية توضح كيف تحول الزواج لعبء على المرأة    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    الصورة الأولى لعروس المنوفية التي لقيت مصرعها داخل سيارة سيارة الزفاف    محلل سياسي عن لقاء السيسي ورئيس كوريا: مصر مركز جذب جديد للاستثمارات    شيكو بانزا يوضح سبب تأخر عودته للزمالك    مداهمة مفاجئة تكشف الإهمال.. جمعية زراعية مغلقة وقرارات حاسمة من وكيل الوزارة    ترامب: نعمل مع لبنان لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ونمارس ضغوطًا لنزع سلاح حماس    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    الجيزة: تعريفة ثابتة للسيارة بديلة التوك توك ولون موحد لكل حى ومدينة    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    تعرف على حالة الطقس اليوم السبت فى سوهاج    آية وأحمد وسليم.. ثلاثة أسماء أشعلت الحزن اليوم على السوشيال ميديا| صور    مارسيليا يتصدر الدوري الفرنسي مؤقتا بفوز ساحق على نيس    بسبب ركن سيارة.. قرار هام في مشاجرة أكتوبر    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: ممدانى رجل عقلانى جدا ونتفق فى الغاية وهو ليس جهاديا.. طوارئ فى فرنسا استعدادا لحرب محتملة مع روسيا.. وزيلينسكى عن الخطة الأمريكية للسلام: نواجه لحظة حاسمة    أخبار × 24 ساعة.. السياحة: 1.5 مليون سائح ألمانى زاروا مصر منذ بداية 2025    إعدام كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات غير الصالحة بالمنوفية    أحمديات: برنامج دولة التلاوة رحلة روحانية مع كلمات الله    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    اكتشاف عجز 44 طن سكر داخل مضرب بكفر الشيخ.. وضبط أمين المخازن    رمضان صبحي أمام المحكمة في قضية التزوير| اليوم    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    نصر عبده: إعادة الانتخابات تصحح الصورة الدولية.. ومصر تأتي ببرلمان يريده الشعب    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    البابا تواضروس الثاني يلتقي مقرري اللجان المجمعية    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفات مع بيان هيئة كبار العلماء بشأن الطلاق الشفوى والرد على شبهات القائلين به

الحمد لله حمدا لا ينفد ، أفضل ما ينبغي أن يحمد ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تعبد ، أما بعد ،،،
فقد طفت في الآونة الأخيرة - على الساحة المصرية - بعض الفتاوى الشاذة التي تتصادم مع الشريعة الإسلامية ، وما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبى صلى الله عليه وسلم حتى الآن ، ومن بين هذه الفتاوى الشاذة ، فتوى عدم وقوع الطلاق الشفوى ، والتي حاول مخترعوها أن يصيغوها في صورة تشريع يلتزم به الناس ، فتصدى لهم الأزهر الشريف مبينا فساد وشذوذ تلك الفتوى ، ولنا مع بيان الأزهر ، والرد على هذا القول الشاذ ، الوقفات الآتية :
الوقفة الأولى : الدروس المستفادة من هذا البيان :-
بمطالعة بيان هيئة كبار العلماء يمكن إستخلاص الدروس المستفادة منه ، والتي يجب على كافة المسلمين حكاما ومحكومين أن يلتزموها ، وبيانها كالتالى :
أولا : لفت نظر المسؤولين إلى مكانة الأزهر وأنه المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية :-
وفقا لما نصت عليه مادة 7 من الدستور المصرى الصادر في 2014 والتي جرى نصها على أن : { الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة ، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه ، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية ، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم . وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه . وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل ، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء . }
ثانيا : أن قرارات هيئة كبار العلماء ليست قرارات عفوية ، أو متسرعة ، وإنما تأتى بعد بحث وتأن بعيدا عن التأثر أو التأثير :-
وهو ما أوضحه البيان بنصه على أن : { عقدت هيئة كبار العلماء عدَّة اجتماعاتٍ خلالَ الشهور الماضية لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة ؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ ، وأثره الشرعي ، وقد أعدَّت اللجان المختصَّةُ تقاريرها العلمية المختلفة ، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد اليوم الأحد 8 من جمادى الأولى 1438ه الموافق 5 من فبراير 2017م ، وانتهى الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم إلى القرارات الشرعية التالية ... } أه .
ثالثا : أن الأزهر مع تجديد الخطاب الدينى شريطة ألا يمس ثوابت الدين :-
فقد جاء بالبيان : { وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه ، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق ، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا ، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق . } أه .
رابعا : أن الأزهر يرى أن طاعة أولياء الأمور إنما تكون في المعروف :-
وهو ما حدا بهيئة كبار العلماء إلى أن تبين ما لولى الأمر من حقوق لا تتعارض مع الشرع فجاء بالبيان : { على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه ؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها ، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه ؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة . } أه .
خامسا : أن الفتاوى لا تطوع للمستخفين بدين الله :-
فقد جاء بالبيان : { ترى هيئة كبار العلماء أنَّ ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق ، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه ، علمًا بأنَّ كافَّة إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هي حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي . }
سادسا : رؤية الأزهر للحد من ظاهرة الطلاق :-
بين الأزهر رؤيته في العلاج الصحيح لظاهرة كثرة الطلاق بالمجتمع ، والتي تتمثل في :
{ وأنَّ العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في : 1- رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكلِّ أنواعها . 2- تثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة : أ- الفن الهادف . ب - الثقافة الرشيدة . ج - التعليم الجادّ . د - الدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها في الإسلام ؛ وذلك لتوجيه الناس نحوَ احترامِ ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء ، وتثقيف المُقبِلين على الزواج . } أه .
وبيان الأزهر يدق ناقوس الخطر للمسؤولين للعمل على الحد من : إنتشار المخدرات ، والفن الهابط ، والثقافة الدخيلة ، والتعليم الفاشل ، والدعوة الدينية غير الجادة .
سابعا : التحذير من أصحاب الفتاوى الشاذة :-
وحذر البيان من أصحاب الفتاوى الشاذة الذين ملؤوا الدنيا ضجيجا ، وشغبوا على الناس ، فجاء بالبيان : { كما تُناشِد الهيئةُ جميعَ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الحذَر من الفتاوى الشاذَّة التي يُنادي بها البعض ، حتى لو كان بعضُهم من المنتسِبين للأزهر؛ لأنَّ الأخذَ بهذه الفتاوى الشاذَّة يُوقِع المسلمين في الحُرمة . } أه .
ثامنا : بيان المهالك المترتبة على إتباع الفتاوى الشاذة :-
كما حذر البيان من المهالك المترتبة على إتباع الفتاوى الشاذة ، فجاء به : { وتهيب الهيئة بكلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ التزام الفتاوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء ، والاستمساك بما استقرَّت عليه الأمَّةُ ؛ صونًا للأسرة من الانزلاق إلى العيش الحرام . } أه .
تاسعا : دعوة المتساهلين في الفتوى إلى العودة إلى الطريق القويم والإنشغال بما ينفع الناس :-
فجاء بالبيان : { وتتمنَّى هيئةُ كبار العلماء على مَن « يتساهلون » في فتاوى الطلاق ، على خلاف إجماع الفقهاء وما استقرَّ عليه المسلمون ، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح ، وأن يَصرِفوا جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع ؛ فليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق ، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم . } أه .
عاشرا : حث المسلمين على إلتزام أحكام الشريعة في الإمساك والتسريح :-
وحث البيان المسلمين على الإلتزام بشرع الله في إمساك النساء بمعروف ، أو تسريحهن بإحسان ، فجاء به : { وتُحذِّرُ الهيئة المسلمين كافَّةً من الاستهانة بأمرِ الطلاق ، ومن التسرُّع في هدم الأسرة ، وتشريد الأولاد ، وتعريضهم للضَّياع وللأمراض الجسديَّة والنفسيَّة والخُلُقيَّة ، وأن يَتذكَّر الزوجُ توجيهَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الطلاق أبغَضُ الحلال عند الله ، فإذا ما قرَّر الزوجان الطلاقَ ، واستُنفِدت كلُّ طرق الإصلاح ، وتحتَّم الفراق ، فعلى الزوج أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دُون تَراخٍ ؛ حِفظًا للحقوق ، ومَنعًا للظُّلم الذي قد يقعُ على المطلَّقة في مثلِ هذه الأحوال
كما تقترحُ الهيئة أن يُعادَ النظرُ في تقدير النفقات التي تترتَّب على الطلاق بما يُعين المطلَّقة على حُسن تربيةِ الأولاد ، وبما يتناسبُ مع مقاصدِ الشريعة . } أه .
الوقفة الثانية : الرد على شبهات المانعين لوقوع الطلاق الشفوى :-
بعد أن بينا الدروس المستفادة من بيان الأزهر ، فسنقوم بالرد على ما بثه المانعون لوقوع الطلاق الشفوى على الناس من شبهات واهية تمثلت في الآتى :
الشبهة الأولى : المنطق الطبيعي أن يتبع الطلاق نظام الزواج، فالزواج الشفوي يكون الطلاق فيه شفويًا ، والزواج الرسمي يكون الطلاق فيه رسميًا :-
تتمثل تلك الشبهة في ردهم على المتمسك بوقوع الطلاق الشفهى ، بأن الطلاق منذ عهد النبى صلى الله عليه وسلم كان شفهيا ، بالقياس على الزواج فقالوا : الطلاق كان شفويا وكذلك الزواج كان شفويا ، والآن أصبح موثقا لا يصح الزواج بغير توثيق ، فكذلك الطلاق لا يصح بغير توثيق .
الرد على الشبهة الأولى :
هل لو تزوج رجل بإمرأة بغير توثيق زواجا شرعيا صحيحا توافرت فيه الأركان والشروط ، هل يصح هذا الزواج أم لابد من التوثيق ؟ أو بمعنى آخر هل الكتابة للتوثيق أم للإنعقاد ؟ وللرد على السؤالين نقول : لم يقل أحد ممن ذهب إلى التوثيق إلى أن الكتابة للإنعقاد ، وإنما للتوثيق لعدم الإنكار ، وقالوا أن الزواج صحيح طالما توافرت فيه أركانه وشروطه ، وهذا ما نصت عليه المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 بقولها : { لا تقبل الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إذا كانت سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة ميلادية ، أو كان سن الزوج يقل عن ثماني عشرة سنة ميلادية وقت رفع الدعوى . ولا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج – في الوقائع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931 – ما لم يكن الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية ، ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتاً بآية كتابة. } فقد نصت المادة صراحة على عدم قبول الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج – عند الإنكار – ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية ، مما يعنى الآتى :
أولا : لم تقرر المادة عدم صحة الزواج ، وإنما قررت عدم سماع الدعاوى الناشئة عنه .
ثانيا : عدم سماع الدعاوى يكون عند إنكار الزواج من أي من الزوجين ، أما إن أقرا به بالرغم من عدم توثيقه ، فلا تسرى المادة على الدعاوى الناشئة عنه .
وهذا ما أفتت به دار الإفتاء المصرية في العديد من فتاويها ومنها فتوى الشيخ جاد الحق على جاد الحق – شيخ الأزهر الراحل – في معرض رده على السؤال بالكتاب رقم 7 م 1/152 52 ع ه - المؤرخ 7 يناير سنة 1981 والمقيد برقم 9 سنة 1981 والأوراق المرافقة له المرسلة من سفارة ألمانيا الاتحادية بالقاهرة بشأن الاستفسار عما إذا كان الزواج الذى يتم بعقد عرفى ، مصدقا به فى مصر صحيحا من الناحية الشرعية ، فأجاب – رحمه الله - : { إن الزواج فى الشريعة الإسلامية عقد قولى يتم بالنطق بالإيجاب والقبول فى مجلس واحد بالألفاظ الدالة عليهما الصادرة ممن هو أهل للتعاقد شرعا بحضور شاهدين بالغين عاقلين مسلمين إذا كان الزوجان مسلمين ، وأن يكون الشاهدان سامعين للإيجاب والقبول فاهمين أن الألفاظ التى قيلت من الطرفين أمامهما ألفاظ عقد زواج ، وإذا جرى العقد بأركانه وشروطه المقررة فى الشريعة كان صحيحا مرتبا لكل آثاره . أما التوثيق بمعنى كتابه العقد وإثباته رسميا لدى الموظف العمومى المختص ، فهو أمر أوجبه القانون صونا لهذا العقد الخطير بآثاره عن الإنكار والجحود بعد انعقاده سواء من أحد الزوجين أو من غيرهما . وحملا للناس على إتمام التوثيق الرسمى لهذا العقد منعت المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المحاكم من سماع دعوى الزوجية أو أحد الحقوق المترتبة عليها للزوجين عند الإنكار إلا بمقتضى وثيقة زواج رسمية . فإذا كان عقد الزواج المسئول عنه قد تم على الوجه المبين بصورته الضوئية بعد نطق طرفيه بالإيجاب والقبول فى مجلس واحد بالألفاظ الدالة على الزواج ، وتوفرت فى الوقت ذاته باقى شروط الانعقاد كان صحيحا مرتبا آثاره الشرعية من حل المعاشرة بين الزوجين وثبوت نسب الأولاد بشروطه والتوارث ، دون توقف على التوثيق الرسمى . ولكن هذا التوثيق أمر لازم لإثبات الزواج عند الالتجاء إلى القضاء لاسيما إذا أنكره أحدهما ، إذ قد استوجب نص القانون المرقوم لسماع دعوى الزوجية عند الإنكار - وجود الوثيقة الرسمية وفضلا عن هذا فإن الجهات الرسمية لا تقبل عقد الزواج كسند إلا إذا كان موثقا رسميا . } أه .
ثالثا : وكذلك الحال اشترط المشرع الكتابة لتوثيق الطلاق وليس لوقوعه ، فلو طلق رجل زوجته شفهيا يقع طلاقه ولو لم يوثقه ، ويرجع فى إثباته لكافة طرق الإثبات كما قرر ذلك القانون في نص المادة 17 سالفة البيان بقوله : { ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتاً بآية كتابة . }
ومعنى ذلك أن القانون قد أقر وقوع الطلاق ولو لم يكن موثقا . وفي العام 2006 انتهت المحكمة الدستورية العليا إلى جواز إثبات الطلاق بكافة طرق الإثبات وعدم قصرها على الإشهاد أو التوثيق ، حسبما ورد به نص المادة 21 المشار إليه ، ولو أن الطلاق لا يقع إلا بوثيقة رسمية عند مأذون فليس هناك معنى على الإطلاق ولا فائدة فى دعوى إثبات الطلاق .
كما ورد في كتب الفقه ك « المُغْنِى » لابن قدامة وغيره ، أن الرجل إذا لم يكن أخرسا وكتب لإمراته كتابا بأنها طالق ، فإنه يتعين الرجوع إلى نيته وماذا ينوى من هذه الكتابة ، ومعنى ذلك عندهم أن لفظ الطلاق الذى يتلفظ به الزوج بلسانه ، أقطع عندهم من الكتابة .
الشبهة الثانية : هل يتوقف شىء فى الدنيا على كلمة ؟ فلماذا تتوقف المرأة على كلمة ، وتظل مرهونه به ؟
الرد على الشبهة الثانية :-
أن الزواج والطلاق شعيرتان من شعائر الإسلام ، فهما فرع من أصل ، والدخول في الإسلام يتوقف على كلمة ، فإذا توقف الأصل على كلمة ، فلم لا يتوقف الفرع عليها ؟! وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ } ( متفق عليه ) وقال صلى الله عليه وسلم لعمه : { أيْ عمِّ ، قلْ لا إلهَ إلا اللهُ ، كلمةً أُحَاج لك بها عند الله } ( رواه البخارى ) فالدخول فى الإسلام بكلمة ويستحب التوثيق لحفظ الحقوق ولا يجب ، والزواج أيضا ينعقد بكلمة كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : { أتَّقوا اللَّهَ في النِّساءِ ، فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ اللَّهِ ، واستحلَلتُمْ فروجَهُنَّ بِكَلمةِ اللَّهِ ، } ( رواه مسلم ) وكلمة الله فى رأى كثير من أهل العلم هى الإيجاب والقبول .
الشبهة الثالثة : قياس الطلاق الشفهى على زواج الممثلين الشفهى بجامع عدم الإنعقاد في كليهما :-
الرد على الشبهة الثالثة :-
قياسهم قياس مع الفارق لأن زواج الممثلين كذب لأنه أثناء العقد يُسمى الأشخاص بغير أسمائهم الحقيقية ، بل حسب الرواية أو الفيلم ؛ فهذا كذب لا ينعقد به زواج ، كما أن الزواج باطل لأن الممثل لا يكون وليًّا للممثلة وقد قال صلى الله عليه وسلم { أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ } ( رواه أبو داود وصححه الألبانى ) وقوله { لا نكاح إلا بولى } ( رواه أبو داود وصححه الألبانى ) ، بينما الطلاق الشفهى يقع بين زوجين حقيقيين وممن يملك إيقاعه .
الشبهة الرابعة : عدم إيقاعهم للطلاق فى الأمور التافهة التى تدفع الأزواج لإيقاعه :-
الرد على الشبهة الرابعة :-
قولهم هذا مخالف لهدى السلف ، فالأصل أن الناس إذا تساهلوا فى أمر الطلاق ، أوقعه ولى الأمر عليهم زجرا لهم ولغيرهم ، أما عدم إيقاعه فسيؤدى إلى مزيد من التساهل فيه وكثرة إيقاعه من هؤلاء المتساهلين ، وهذا ما فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فعن إبن عباس رضى الله عنهما قال : { كان الطلاقُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبي بكرٍ وسنتين من خلافةِ عمرَ ، طلاقُ الثلاثِ واحدةً . فقال عمرُ بنُ الخطابِ : إنَّ الناسَ قد استعجلوا في أمرٍ قد كانت لهم فيهِ أناةٌ . فلو أمضيناهُ عليهم ! فأمضاهُ عليهم . } ( رواه مسلم )
فحينما رأى عمر الناس قد تساهلوا فى إيقاع الطلاق ثلاثا - فيعمد أحدهم إلى تطليق زوجته قائلا : { أنت طالق بالثلاثة ، أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق } - أمضاه عليهم ، وفرق بين الرجل وزوجته لكونها طالقا طلاقا بائنا بينونة كبرى لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره . وأراد عمر بذلك زجر الأزواج عن التلفظ بهذه الصيغة من صيغ الطلاق ، لأن الرجل إذا علم أنه لو قال ذلك لفرق بين وبين زوجته ، إنزجر وارتدع ، وعمر فعل هذا مع الصحابة والتابعين الموجودين فى عهده ، ولم ينظر إلى ما يدعيه أصحاب هذا القول الشاذ من مصلحة البيوت ، بينما الناس الآن ليس لديهم ورع الصحابة والتابعين ويوقعون الطلاق لأتفه الأسباب وهذه الفتاوى وغيرها التى تتساهل معهم لا تؤدى لزجرهم وردعهم وإنما تؤدى إلى تساهلهم فى إيقاع الطلاق مرات عديدة وتعيش المرأة فى الحرام مع رجل أجنبى عنها .
الوقفة الثالثة : أسئلة تثبت شذوذ القول بعدم وقوع الطلاق الشفوى :-
وهذه بعض الأسئلة نوجهها لأصحاب هذا القول الشاذ تبين شذوذ ، وبطلان قولهم ، وتزيل الشبهات عند الناس :
السؤال الأول : المعروف أن توثيق الزواج يأتي كمرحلة لاحقة علي العقد فيقوم المأذون بعقد الزواج بالإيجاب والقبول ثم يوثق العقد بعد ذلك ويتأخر التوثيق قرابة الاسبوع أو أكثر ولنا سؤال لمن ينكر وقوع الطلاق الشفوي وترتب آثاره عليه ويشترط توثيقه كالزواج . لو عقد المأذون الزواج ومات أحد الزوجين في اليوم التالي قبل إتمام إجراءات التوثيق هل انعقد العقد ويرث منه الزوج الآخر ام لا ؟ فإن قلتم يرث فقد أقررتم بوقوع عقد الزواج الشفوي وترتب آثاره عليه فلم تنكروها في الطلاق الشفوي إذا وتعتبرونه لغوا لا يترتب عليه ثمة أثر ؟ وان قلتم لم ينعقد وإنما ينعقد بالتوثيق فأين محل العقد وقد انتفي بوفاة أحد طرفي العقد ؟
السؤال الثاني : لو عقد المأذون علي رجل وامراة ، ثم فقدت منه أو تلفت أوراق الزواج قبل توثيقها ، واختلف اهل الزوجة مع زوجها ، فهل يجوز لهم ان يزوجوهآ من اخر بغير طلاق من الاول علي اعتبار عدم الاعتداد بالعقد لعدم توثيقه ام لا ؟ فان قلتم لا يجوز لانعقاد الزواج الشفوي فلم تناقضتم فلم توقعوا الطلاق الشفوي ، وان قلتم يجوز لها الزواج لعدم انعقاد الزواج الشفوي ، فما الحكم لو تزوجت المرأة علي يد مأذون آخر ، ثم وجد المأذون الاول أوراق الزواج المفقودة ولم يعلم بزواج المرأة فقام بتوثيق الاوراق ، فلأي الزوجين ستنسب المرأة ؟
السؤال الثالث : لو عقد المأذون علي رجل وامرأة . ثم تواطىء آخر مع المأذون علي تغيير اسم الزوجة وصورتها بالوثيقة ووضع اسم وصورة أمرأة أخري تحب الزوج علي تلك الوثيقة أو غيرها مع التحايل علي وضع توقيعه وبصمته علي الوثيقة الجديدة ولم يتم إكتشاف التزوير ويصعب إثباته فهل سيعتبر الرجل متزوجا من الاولي بالعقد الشفوي ام من الثانية بالعقد الموثق ؟ فإن قلتم من الأولي فقد أجزتم الزواج الشفوي فلم تنكرون وقوع الطلاق الشفوي وإن قلتم الثانية فلو دخل بها بغير عقد شفوي هل يعد عندكم زانيا ام لا وهل يتوارث أحدهما من الآخر أم لا ؟
السؤال الرابع : غالبية المصريين يؤخرون عقد الزواج الي وقت الدخول بالمرأة فيقولون للزوج وأهله كتب الكتاب مع الدخلة ويقوم المأذون بإجراء العقد ثم يصطحب الزوج زوجته لبيته ليدخل بها ويرسل المأذون الوثيقة إليهما بعد أسبوع أو أكثر . والسؤال هل ينعقد عندكم العقد باللفظ الشفوي أم بالتوثيق وهل يحل للزوج الدخول بالمرأة قبل إستلام الوثيقة أم لا ؟ فإن قلتم باللفظ الشفوي ويحل له الدخول بها . قلنا لكم فلم تنكرون وقوع الطلاق الشفوي إذا ؟ وإن قلتم بالتوثيق ولا يحل له الدخول بها . قلنا لكم إذا انتم تتهمون غالبية المصريين بالزنا حال دخولهم قبل إستلام الوثيقة ويجب عليكم ان تأمروهم بالكتابة قبل الدخول .
السؤال الخامس : المعلوم عند كثير من أهل البادية ، وبعض أهل الريف ، وبعض الحالات الخاصة عدم توثيقهم لعقد الزواج ويعقدونه شفويا ، ويطلقون شفويا ، ثم يتزوج الرجل بامرأة أخري وتتزوج المرأة برجل آخر أيضا شفويا . فما حكم الزواج الأول ، والطلاق ، والزواج الثاني ، والأولاد من الأول ومن الثاني ؟
السؤال السادس : إذا لم يتمكن الناس من توثيق الزواج والطلاق لوقوع حرب بالبلاد أو ثورة أو كارثة طبيعية ، عطلت عمل مؤسسات الدولة ، واستمرت تلك الحالة شهورا وسنوات ، كما يحدث في سوريا الآن فهل ستأمرون الناس بترك الزواج والطلاق حتي زوال الغمة ، أم ستجيزون لهم الزواج والطلاق الشفوي ؟ فإن منعتموهم من الزواج والطلاق الشفوي عسرتم عليهم والشريعة ما جاءت إلا بالتيسير علي الناس فكان فعلكم مردودا لمخالفته لأصول وقواعد الشريعة ، وإن أجزتموهما لهم فلم تنكرون إجماع الأمة المنعقد علي وقوعهما صحيحين ؟ ولا يجوز الاحتجاج بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات علي جواز الوقوع في تلك الحالات لأن المحظور ما حظره الشرع ، وإنعقاد الزواج والطلاق الشفويين غير محظور شرعا حتي تجيزه الضرورة .
الوقفة الرابعة : ضرورة العودة إلى العمل بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة :-
ومع توالى الأقوال والفتاوى الشاذة ، وتأثيرها على بعض الناس ، فلابد للأمة من العودة إلى الأخذ بكتاب الله ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، بفهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين ، علما وعملا حتى تستبين سبيل الرشاد من سبيل المجرمين .
والله الموفق .

** نائب رئيس هيئة قضايا الدولة – الكاتب بمجلة التوحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.