أثارت قضية التحفُّظ على أموال المنظمات الحقوقية, التى صدر فيها حكم محكمة الاستئناف فى طلب قاضى التحقيق بمنع التصرف فى أموال منظمات ونشطاء حقوقيين, حالة من الجدل حول نشاط المجلس القومى لحقوق الانسان، وأدائه فيما يتعلق بتعزيز وتحسين أوضاع حقوق الإنسان فى مختلف المجالات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية, حيث أبدى عدد من الحقوقيين تخوفهم بشأن مستقبل الحركة الحقوقية فى مصر, مؤكدين أن صمت المجلس على ما وصفوه باستهداف المنظمات الحقوقية والحقوقيين لن يسفر الاعن المزيد من الانتهاكات لحقوق الانسان, ورأى البعض إن حكم التحفظ على الأموال لن يكون نهاية خطة الحكومة للتنكيل بالحقوقيين، بل سوف تشهد الفترة المقبلة أحكاماً ربما تصل للسجن المؤبد لعدد من الحقوقيين، وذلك بموجب المادة 78 من قانون العقوبات، التي تم تعديلها مؤخرًا تحت دعوى مكافحة الإرهاب، بينما يجري استخدامها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان… أكد "مجدي عبد الحميد"، رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، أن المجتمع المدنى فى مصر يعانى من الاجراءات المعادية منذ فترة طويلة وليس مؤخرًا فقط . ويستكمل: أن الجديد فى الأمر هو الخطوات التصعيدية الأخيرة ليس فقط بالتحفظ على اموال عدد من الحقوقيين ,ولكن من خلال محاصرة المجتمع المدنى ككل الذى تمثل في طلب وزارة التضامن المنظمات غير المسجلة في الوزارة بتوفيق أوضاعها، ورغم أن هناك منظمات مسجلة بالفعل إلى أن الوزارة تمنع عنها المنح وهو ما يعطلها عن القيام بعملها.. وأضاف عبد الحميد، أن الدولة تتعمد منع تنفيذ أنشطة المنظمات وتعرض المنظمات غير المسجلة لملاحقات أمنية ومضايقات، من خلال قانون الجمعيات الاهلية.. اما فيما يخص دور المجلس القومى لحقوق الانسان، فأوضح ان المجلس يعتبر احد اليات الدولة وبالتالى فهو تابع لها وأدائه مرتبط باداء الدولة, وعلى سبيل المثال المجلس ليس له ميزانية مستقلة, وأعضاؤه يتم تعينهم ولذلك نرى ان هامش الحركة المسموح بها للمجلس محدودة للغاية لان سياساته مرتبطة بسياسات الدولة.. واضاف ان المجلس لم يسكت على استهداف الحقوقيين فقط ولكن نجده عندما يتناول قضية الاختفاء القسرى مثلا فهو يستند على البيانات والتقارير الحكومية, وفى اعتصام رابعة رغم الجهد المبذول فى التقرير الا انه تجاهل الانتهاكات التى حدثت . ويرى"عبد الحميد" انه من الضرورى ان يتم اعادة تشكيل المجلس بطريقة اخرى غير التعيين, ويتم تعديل القانون المنظم لعمل المجلس, حتى يكون مستقلا تمامًا عن المؤسسات التنفيذية للدولة, وأن يكون اعضاؤه غير قابليين للعزل, وان يكون لديهم نوعًا من الحصانة التى تمكنهم من اصدار تقارير محايدة, ورصد الانتهاكات بعيدًا عن اى اعتبارات سياسية.. اما الناشط الحقوقى"عماد رمضان" مدير المعهد الديمقراطى المصرى، فأكد أن المجلس القومى لحقوق الانسان يرفع دائمًا شعار"لا أسمع لا أرى لا أتكلم" فى حين ان المجلس عليه مسئولية كبيرة فى الدفاع عن أوضاع حقوق الانسان قبل أن يكون دوره هو تحسين وجه الحكومة, مشيرًا الى ان اداءه يتسم بالطابع السياسى اكثر من الحقوقى, والمجلس يعمل وهو يخشى السلطة التنفيذية , وللأسف السلطة التنفيذية فى مصر لديها أزمة مع المجتمع المدنى, ولذلك تتخذ العديد من الاجراءات من اجل حصار المجتمع المدنى, واسكات صوته حتى لا يتكلم احد عن الانتهاكات وهذا ضد مصلحة الوطن.. واعتبر"رمضان" القرار الأخير بمثابة استكمال لخطة الدولة الممنهجة للقضاء على حركة حقوق الإنسان في مصر.. وأضاف، أن تكرار مثل هذه الانتهاكات في حق المدافعين عن حقوق الإنسان لن يوقف نشاطنا ومساهمتنا لرفع الظلم عن ضحايا السلطة القمعية بمصر، ولن يقلل من عزيمة مركز حقوق الإنسان في مصر بل يزيد قوتنا وإصرارًا على الدفاع عن الحريات والمطالبة بالتغيير المنشود.. فيما يرى"حجاج نايل"رئيس البرنامج العربى لنشطاء حقوق الانسان, أن المجلس القومى لحقوق الانسان تمت محاصرته تماما مثلما حدث مع منظمات المجتمع المدنى التى تمت محاصرتها وقمعها بشكل ليس له مثيل مشيرا الى ان المناخ العام فى مصر يأبى الحديث بشأن انتهاكات حقوق الانسان.. ولكن هذا لا يعفى المجلس من دوره ,وكان الأولى على اعضائه- والكلام مازال لحجاج نايل- أن يحتجوا على الانتهاكات ويقدموا استقالات جماعية حتى يكون لهم دور, ورد فعل ازاء ما يحدث.. وبشأن تعديل قانون المجلس من أجل تفعيل دوره قال"نايل" إن القضية ليست فى تعديل القوانين ولكننا نحتاج أولاً إرادة سياسية تهدف الى تحسين اوضاع حقوق الانسان فى مصر, وتنظر إلى المجتمع المدنى بأنه شريك وليس عدوًا للسلطة يجب قمعه ومحاصرته طوال الوقت.. وكانت محكمة جنايات القاهرة بالقضية رقم 173 لسنة 2011، والمعروفة إعلاميًا بقضية "التمويل الأجنبي" قررت قبول طلبات قاضي التحقيق بالتحفظ على أموال كل من "حسام بهجت"، و"جمال عيد"، و"عبدالحفيظ طايل"، و"بهي الدين حسن"، و"مصطفى الحسن"، وكذلك التحفظ على أموال مركز "هشام مبارك"، و"مركز الحق في التعليم"، ومركز "القاهرة لحقوق الإنسان".