فوضي في سوق إنتاج وتوزيع الدواء وأخطاء في تنفيذ قرار زيادة الأسعار أصحاب المعاشات والدخول الضعيفة والمتوسطة وضحايا الأمراض المزمنة والأطفال..أكبر المتضررين الحكومة لم تتخذ أي إجراء لسحب أدوية انتهت صلاحيتها من الصيدليات منتجات تحت اسم "مكملات غذائية" بمصانع بير السلم تحقيق : شيماء محسن-صفوت صلاح أثار قرار مجلس الوزراء برفع أسعار الأدوية للأصناف التى تعتبرها رخيصة الثمن الأقل من 30 جنيهًا بنسبة 20%،جدلا واسعا في الأيام الماضية ، وذلك بعد رصد وزارة الصحة اختفاء 4 آلاف صنف دوائي من السوق المصري نتيجة عجز الشركات المحلية عن الإنتاج في ظل ارتفاع قيمة الدولار وسعر المواد الخام. كما تضمن القرار خضوع الحكومة لرغبات أصحاب الشركات وتجاهل البعد الاجتماعي للمواطنين، فتباينت الآراء حول الارتفاع ،فالبعض يرى إن القرار حتمي وكان لابد من اتخاذه لإحياء صناعة الدواء المصرية ، والبعض الآخر يرى أن ارتفاع الأسعار فوق قدرة المواطن البسيط ولا يستطيع تحمله . اكد " محمد سعودي "، وكيل نقابة الصيادلة سابقا ، أن ارتفاع الأسعار قرار حتمي ، حيث إن القرار جاء بعد أكثر من ربع قرن من المطالبة برفع أسعار الأدوية الخاصة بشركات القطاع العام التي تخسر الملايين من الجنيهات، وأن الزيادة التي أقرتها وزارة الصحة منطقية وفى صالح المريض في بعض الأصناف ولكن مكلفة في بعض الأصناف الأخرى مثل أدوية الضغط والسكر ، مؤكدا أن الوزارة لم تراع البعد الاجتماعي للمواطنين في هذا القرار . وقال سعودي :إن طرق تنفيذ القرار سيئة ، حيث انه تم تطبيق القرار بزيادة20% مرة على العبوة وفى صنف آخر تم تطبيقه على الشريط ، وهناك أصناف مربحة للشركة المنتجة وتم تنفيذ القرار عليها،في حين أن هناك أصنافا أغلى من 30 جنيها وتحقق خسارة للشركة المنتجة ولم يتم تنفيذ القرار عليها . واشار وكيل نقابة الصيادلة الأسبق الى أن المستفيد الأول من هذا القرار كبار الشركات وأصحاب السلاسل الكبرى ,وأن الصيدليات تعانى من تراكم خسائر ضخمة، بسبب تراكم الأدوية منتهية الصلاحية لفترة طويلة، خاصة بعد فشل اتفاقية "الووش أوت" الخاصة بنقابة الصيادلة ، التي لم تطبق إلا على الصيدليات الكبيرة والتي تسحب أدوية بآلاف الجنيهات شهريًا من الصيدليات التي لا تعاني مشاكل بالأدوية منتهية الصلاحية من الأساس. وطبقًا لقانون التسعيرة الجبرية أكد"سعودى"انه لا يمكن أن يتم تداول الدواء بسعرين مختلفين حتى لا تحدث بلبلة في سوق الدواء المصرية، مشددًا على حرص نقابة الصيادلة على توفير الأدوية ،بدلاً من أن يبحث المريض على أدوية الشركات متعددة الجنسيات والتي يزيد أسعارها أربعة إلى خمسة أضعاف على الأقل من سعر المحلى. وتابع : القرار الوزاري رقم 499 الخاص بزيادة هامش ربح الصيدلي سيطبق على جميع الأصناف التي تم اعتماد زيادة أسعارها، وسيتم توقيع عقوبات كبيرة على كل شركة تخالف تنفيذ هذا القرار طبقًا لمنشور الإدارة المركزية لشئون الصيدلية بوزارة الصحة، والذي يتضمن أحقية الصيادلة في تطبيق القرار. وأكد أن المشكلة ليست في ارتفاع الأسعار وإنما تكمن في عدم وجود أجور عادلة وغياب قانون للتامين الصحي الاجتماعي الشامل الذي سيؤدى لتقليل جزء كبير من أزمة ارتفاع الأسعار . الاسواق الخارجية وفى هذا السياق أعرب "محمود فؤاد"، مدير المركز المصري للحق في الدواء،عن انزعاجه من قرار الحكومة برفع أسعار الدواء بنسب تصل إلى 20% كحد أدنى ، وقال انه كان من المتوقع أن هناك ارتفاعا لأسعار الدواء سيحدث نظرا لارتباط صناعه الدواء باستيراد جميع مكوناتها من الأسواق الخارجية وتأثر ذالك بأسعار الصرف وهى مشكلة تعانى مصر منها منذ ثلاثين سنة كما أنها ستعانى في الفترات القادمة لأسباب مختلفة أيضا بسبب تواطؤ شركات الدواء ووقف خطوط إنتاجها. وأضاف أن الحكومة انحازت بشكل كبير لتلبية رغبات شركات الأدوية برفع أسعار الأدوية تحت 30 جنيها مصريا ولم تراع الحكومة أي بعد اجتماعي للفئات التي سوف تتضرر من هذا التطور الخطير الذي سوف يؤدى لانهيار جزء كبير من الحقوق الاقتصادية للمرضى، لافتا إلي أن أصحاب المعاشات وأصحاب الأمراض المزمنة والأطفال،سيكونون أكثر المتضررين . وقال إن الحكومة لم تتخذ أي إجراء ضد الشركات التي ترفض سحب أدوية سيئة السمعة التي انتهت صلاحيتها وتقوم النقابة العامة للصيادلة والمجتمع المدني من شهور بحملات ، إلا إن نفوذ الشركات لدى المسئولين يحول دون سحبها الأمر الذي يدمر سمعة الدواء المصري ويعرقل الاستثمارات فيه ، موضحا أن البعض استغل وجود هذه الأدوية المقدرة ب 600 مليون جنيه لإعادة تدويرها وتصديرها مرة أخرى، وكان أولى بالحكومة المصرية أن تتخذ إجراء أفضل نحو صيانة وحماية المريض والصيدلي . وأكد "محمد فؤاد "- مدير المركز المصري للحق في الدواء- أن الحكومات السابقة لثوره 25 يناير تدخلت بتحريك أسعار الأدوية التي بها مشاكل وجدوى اقتصادية ووصل الأمر في 2005 أن قامت الحكومة بتحريك أسعار 105 أصناف اعتبر هذا وقتها رقما مخيفا ، بينما الآن تم رفع ما يقرب من 7000 صنف دون مراعاة المريض . ومن جانبه اكد د"محمد حسن خليل" ، رئيس لجنة الدفاع عن الحق في الصحة،أن قرار ارتفاع أسعار الأدوية يتضمن شقين، الأول أن القرار حيوي جدا للشركات الوطنية لإحيائها مرة أخرى وعدم اللجوء للبديل الأجنبي ، ومن الجانب الأخر رفض المواطنين لأى ارتفاع في الأسعار لعدم قدرتهم على تحمل هذه التكلفة . وتابع أن مصر ليست صانعة للدواء وإنما اعتمادها الكامل على الاستيراد من الخارج وليس الإنتاج والاكتفاء بالتجميع فقط، وبالتالي تقع تحت ضغط السوق العالمي ، مبينا انه لا توجد أبحاث في مصر في صناعة الدواء بالرغم من أننا بدأنا في صناعة الدواء منذ عام 1939 قبل الكثير من الدول الأخرى مثل كوريا والبرازيل وكوبا . وأكد " خليل " أن الحل الاستراتيجي لمشكلة الدواء يكمن في صناعتها وزيادة الأبحاث لتطوير انواع الأدوية وتسجيل براءة اختراعها باسم مصر، وبالتالي نستطيع التصدير والتخلص من ضغط السوق العالمي . التراخيص واوضح د"عبد الحميد حبية"،النائب السابق لمجلس إدارة جمعية الصيادلة بالاسكندرية ،ان شركات القطاع العام فى مطلع الستينيات كانت تنتج الدواء مثل شركة سنبك وسيد والقاهرة ومصر والاسكندرية وممفيس وفي أوائل السبعينيات من القرن الماضي كان اتجاه الدولة هو تعاون شركات القطاع العام مع بعض الشركات العالمية مثل فايبر الأمريكية ونوفارتر فكوس الالمانية وسويس فارما السويدية لإنتاج أدوية باستثمارات مشتركة وفي السنوات الثلاثين الاخيرة اصاب انتاج الدواء نوع من الفوضي حيث ظهر افراد في سوق الدواء دون ان يكون لهم كيان انتاجي جدي وأعطوا ايحاء للاطباء وللسوق بانهم كيانات لها مقارا رئيسية في الخارج . واوضح ان هؤلاء الأفراد يقومون بانتاج تركيبة دوائية ويحصلون علي ترخيص من وزارة الصحة لها باعتبار المنتج مكملات غذائية فقط دون اعتبارها دواء ثم يتوجه الي احد المصانع المعروفة بمصانع بير السلم حيث لاوجود لرأس المال ولا معدات كي ينتج عبوات لذلك المنتج بعدها يتوجه لشركة توزيع لتسويق وترويج الدواء داخل بعض العيادات والمستشفيات الخاصة مقابل بعض الهدايا سواء عينية او تخفيض نسبة من سعر الدواء. واضاف"د. عبد الحميد حبيبة" ان تلك الادوية تباع بعشرة امثال تكلفتها الحقيقية او باضعاف المثيل المنتج من شركات الادوية المعتمدة ..وطالب بتنقية سوق انتاج الدواء من الدخلاء . مواطنون و يضيف " ماهر حلمي" – صيدلى – ان شركات القطاع العام والاستثمارية يمكن تسعير منتجاتها بشكل معقول بحيث لا يزيد العبء المادي علي كاهل اصحاب الدخول الضعيفة والمتوسطة . ويوضح حلمي ان تسعيرة شركات القطاع العام الدوائية منتجاتها متدنية جدا لدرجة ان زجاجة غرغرة لاحدي تلك الشركات تباع ب 2.5 جنيه في حين قد تبلغ تكلفة العبوة الزجاجية والكارتونية التي تحوي تلك الغرغرة 2.5 جنيه او قد تزيد علي ذلك .وفي المقابل هناك شركات خاصة ليست ذات كيان معروف تنتج نفس المستحضر ( غرغرة ) بمبلغ 35 جنيها . واضافت صفاء عوض احدي الخريجات الجدد لكلية الصيدلة جامعة الاسكندرية ،إنه في السابق كان هناك توافق علمي بعدم انتاج المستحضر الكيميائي الفعال باكثر من 4 مستحضرات دوائية، لكن الآن اصبحت هناك فوضي في طرح مستحضرات مثيلة لدرجة ان بعض هذه المستحضرات تصل اعدادها الي 30 نوعا مختلفا من نفس المستحضر والمادة الفعالة بها مما يجعلها تتراكم في الصيدليات، وجعل الصيادلة يقعون تحت رحمة الاطباء ومندوبي الدعاية، الامر الذي يؤدي الي تلف عشرات الاصناف علي ارفف الصيدلية ويتحمل الخسارة الصيدلي وحده بينما لا يؤثر ذلك علي المنتجين. فيما يشير محمد الشوادفي صيدلي ان هناك العديد من اصناف الدواء زاد سعرها بالفعل قبل القرار الاخير بشهر او شهرين، فمثلا البارامول كان سعره 2.5 ج وزاد الي 5 جنيهات وملين الدوفلاج كان سعره 5.9 ج وزاد الي 18.75 ج والكولشيسن زاد سعره من 10ج الي 50 جنيها ونقط الاطفال اتروفين من 3ج الي 5 ج. واضاف الشوادفي ان سلسلة الصيدليات الشهيرة تظلمنا نحن اصحاب الصيدليات ذات الفرع الواحد او الفرعين حيث تقوم شركات الادوية بمنح بونصات للصيدلية علي كميات معينة تسحب من منتجها، وهو الامر الذي تقدر عليه سلسلة الصيدليات ولا نقدر نحن عليه ،وبالتالي الربح يختلف من صيدلية الي اخري وهذا يؤثر علي الدواء وسعره ومدي تحركه من علي الارفف ..هذا بالإضافة للبونص لا يتم احتسابه في الفاتورة وبالتالي لا يحسب في ضريبة المبيعات. ورفض "على محمود "، أحد المواطنين ، قرار رفع أسعار الدواء ، موضحا أن راتبه الشهري لا يكفى احتياجات المنزل، فتقوم الحكومة برفع أسعار الأدوية دون مراعاة المواطن البسيط .