ندرك جيدًا مفهوم الذنب. ويأتي في الذهن مباشرة بمجرد إطلاق كلمة الذنب ما يتناسب معها من مفاهيم وتصورات ومعان. إلا أننا مع هذا التطور والتقدم الذي لا يعرف توقفًا. أصبح للذنوب والسيئات وسائل وآليات أيضًا تناسب ذلك التقدم والتطور. مما جعلنا نطلق عليها الذنوب الإلكترونية. فنحن نعيش اليوم عصر التكنولوجيا الحديثة من خلال شبكة المعلومات التي تغزو كل بيت. والناس صنفان: هناك من يستخدمها الاستخدام الصحيح. وهناك علي الجانب الآخر أناس يستخدمون تلك التكنولوجيا الحديثة كوسيلة ابتكار حديثة هدفها الوصول إلي أسرع سُبُل ارتكاب الذنوب والمعاصي والسيئات. فيستخدمها علي أنها حملات موّجهة. يكون الهدف من خلالها: التشويه للآخر بتركيب الكلمات أو تركيب الصور أو استقطاع كلمات معينة بقصد التشويه والإساءة. وكذلك استخدام ألوان السباب المختلفة لشتم الأبرياء. كل هذا يؤدي نهاية إلي الإساءة لشرف وسُمعة الغير. الأمر الذي جعلنا نجد أنفسنا أمام كتائب وفِرق ولواءات يسفّهون الآخرين. يروّجون لكثير من الأكاذيب . يقومون بالغش والخداع والتحايل. يبذرون بذور الفتنة. يدسون السموم في الخفاء. يدخلون من الأبواب الخلفية. يضربون اللُّحمة الوطنية ... إلي غير ذلك . وهل مثل تلك الأخلاق هي ما دعا إليه الإسلام؟ فأين أمانة الكلمة؟ وأين حفظ اللسان؟ وأين النهي عن الإسراف في لحظات العمر باستقطاعها فقط لذم فلان والكذب علي آخر وغش ثالث وخداع رابع؟ أليست هذه بذنوب؟! ثم إنه علينا أن نؤكد أن كل من يستخدم تلك الوسائل الحديثة "التكنولوجيا" وعالم الإلكترونيات بقصد بذر بذور الفتنة. والتفريق بين أفراد الأمة. ويمشي بالنميمة . والغيبة. والخوض في أعراض الغير . كأنه يمسك بيده معول "فأس" يهدم به البنيان الذي جاء الإسلام ليقيمه. وكأنه ينسف الإنسان قِيما وأخلاقا وروحا.... فإذا كانت الحروب والأزمات والكوارث تستهدف الإنسان بأسلحتها الفتاكة. فإنما تستهدف الإنسان كجسد... لكن هناك حربًا أخري أشد فتكا وهي الذنوب الإلكترونية من خلال حرب الشائعات والفتن وضرب التلاحم الإنساني الذي أراده الإسلام. إن هذا الذنب الإلكتروني يعادل تمامًا الذنب العادي وإن كان أكثر » لأنه يصل لكل من هم علي كوكب الأرض » وذلك لأن التكنولوجيا الحديثة من شأنها أن تصل القاصي بالداني. لقد بيّن النبي صلي الله عليه وسلم أن كل إنسان منا يُبعث علي ما مات عليه . فتخيل أن يموت الإنسان وهو علي مثل هذه الحالة من ارتكاب الذنوب عبر الوسائل الإلكترونية الحديثة ؟ بل ويخبرنا النبي صلي الله عليه وسلم أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث . وعدّ منها النبي صلي الله عليه وسلم "صدقة جارية" فماذا بعد أن يموت الإنسان وما زالت له المشاركات التي تحمل ألوانًا من الخداع والزيف والغش والتهم للأبرياء؟ كما أنه صلي الله عليه وسلم قد عدّ أيضًا من الأعمال الثلاثة "وعلم ينتفع به" فهل ما خطّه الإنسان بيده وقام بكتابته عبر تلك الوسائل بعد ترجمة تفكيره الذي أذهب عقله يفكر فيه .. هل مثل ذلك هو العلم الذي ينتفع به؟ هل هو العلم الذي سيشهد له أم سيشهد عليه؟