هذا ليس كلامي ولكنه كلام الله ورسوله فالله يعلمنا أن الدعوة إلي طريقه لابد أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال مع الآخر يكون بالتي هي أحسن أما الرسول فهو يرغبنا في الدعوة وعمل الخيرات بكل الطرق والوسائل الممكنة فيقول لنا¢ الدال علي الخير كفاعله ¢ أما الآن فنجد ألوانا وأشكالا وطرقا ومسالك في الدعوة بعيدة تمام البعد عن المنهج الرباني ومخالفة تمام المخالفة لطريقة الرسول في الترغيب فيرد إلينا العديد من الرسائل علي الإيميل والحساب الخاص علي مواقع التواصل الاجتماعي وعلي المحمول وكلها رسائل تحمل مضمونا رائعا من الدعوة إلي الذكر والتسبيح والصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم , والحث علي مختلف أنواع العبادات و أعمال الخير والبر كالصلاة والصيام والصدقة و التعاون والدعاء للمسلمين بظهر الغيب وكلها دعوات طيبة نسعد بها ونشكر الدال عليها. والاستفادة من الوسائل الحديثة كالجوال والبريد الالكتروني في نقل النصيحة والموعظة . والتذكير والتوجيه . عمل نافع . وأمر مثمر » إذ يمكن إيصال ذلك لمئات من الناس بضغطة زر واحد . ومعلوم أن الدال علي الخير كفاعله . وأن من دعا إلي هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه كما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ دَعَا إِلَي هُدًي كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا لكن مما يؤسف له أن بعض الناس خلط هذا العمل الصالح بآخر سيء . وهو الوقوع في نوع الدجل والباطل فأنت ما أن تنتهي من قراءة الرسالة حتي تجد صاحبها يطلب منك أن تنشر رسالته علي جميع أصدقائك وكل من عندك وقد يبدو الأمر طيبا فهذا أيضا من باب الحث علي عمل الخير إلا أن صاحب الرسالة سرعان ما تتحول لهجته التي تحمل الرجاء بالنشر إلي لهجة تحمل معني التشكيك فيك ثم التهديد ماتلبث أن تنقلب إلي الوعد والوعيد بل والاتهام لك في دينك وإيمانك إن لم تنشرها فتجد من يقول لك إن لم تنشرها فاعلم أن ذنوبك هي التي منعتك من نشرها إن لم تنشرها فأنت لا تستحق ثوابها أو ستأثم إن لم تنشرها إن لم تنشرها فلتعلم أن شيطانك أقوي منك تغّلب علي نفسك الأمارة بالسوء وانشرها إن لم تنشرها فستحدث لك كارثة وستسمع أخبارا سيئة وأحيانا يدعو عليك إن لم تنشرها أو يحاول ترغيبك في نشرها بالكذب وادعاء علم الغيب فيقول لك إن أرسلتها سوف تسمع خبراً سعيداً أو سيأتيك مال أو خير كثير !! . وهذا ضرب من الكهانة . فليس هناك دليل شرعي علي أن من تلقي النصيحة وأرسلها لغيره أنه سيسمع خبرا سعيدا . بل قد يسمع خبرا سيئا . أو سعيدا . أو لا يسمع شيئا ولا أنه سيكافأ ماديا وتهطل عليه الأموال من السماء . فهذا كله باطل لا أصل له . فالمرسَل له لم يتحمل شيئا . وليس هناك ما يلزمه بالنشر . ولا يأثم إن تركه . ولا وجه لتأثيم أحد بغير موجِبي من الشرع . كما أنه لا وجه للإخبار بالغيب المستقبل الذي لا يعلمه إلا الله . وترتيب الثواب والعقاب علي عمل من الأعمال إنما مردّه إلي الله تعالي . فالحلال ما أحله . والحرام ما حرمه . والثواب والعقاب من عنده . ومن قال في ذلك شيئا بغير برهان منه فقد افتري . وقد قال سبحانه : " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَي اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " الأعراف/33 . ومثل هذه الجمل مما تنفر الناس من عمل الخير وتبتعد عن منهج الإسلام في الدعوة إلي الخير فالدعوة لابد أن تكون بالإمتثال لأمر الله ورسوله والله سبحانه وتعالي يقول في طريقة الدعوة ¢ادْعُ إِلَي سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ...¢ النحل125 وحينما ذهب موسي وهارون إلي فرعون علمهم الله كيف تكون الدعوة فقال تعالي ¢ فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشي ¢ كما أن مثل هذا لم يرد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فحينما حث صلوات الله وسلامه عليه المسلمين علي تبليغ دعوته وما يقوله للناس كان يقول ¢ لهم بلّغوا عنّي ولو آية ¢فدعي للتبليغ عنه دون تهديد أو وعيد لمن لم يُبلّغ وفي الحث علي تبليغ الدعوة كان يتبع أسلوب الترغيب وليس الترهيب فمما ورد في خطبة الوداع قوله صلي الله عليه وسلم: "نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع. فرب مبلغ أوعي من سامع" وقال ¢ الدال علي الخير كفاعله ¢. وللدعوة أيضا منهج فلابد للداعي أن يأخذ بعين الاعتبار ظروف المدعوين الاجتماعية والثقافية وطبيعة ظروفهم وأن يكون واقعيا في التعامل معهم فقد يمتثلون لدعوته ويطبقونها علي أنفسهم لكن لا يكون لديهم الوقت لنشرها ودعوة الغير لها وأسلوب الترهيب لا يجدي بل قد يأتي بنتائج عكسية معهم كما أن علي الداعي أن يتحلي بالأخلاق الإسلامية العالية من القول المهذب واحترام الآخرين , وعدم الطعن في الأشخاص أو لمزهم والاستهزاء بهم , ولا يبادر إلي مهاجمة أحد وليكن متلطفاً ليناً رقيقاً في رسائله وخطبه ومواعظه وليتذكر دائما قول الله تعالي لرسوله ¢ فَبِمَا رَحْمَةي مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَي اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ¢ آل عمران 159 فعلينا بالقول اللين والموعظة الحسنة والترغيب في عمل الصالحات للمؤمنين والمؤمنات