بعث الصديق أحمد أبو الوفا. من قرية العركي. مركز فرشوط. بقنا. يُنبّهنا لذكري وفاة الشيخ محمد رفعت. فكتب يقول: ولد الشيخ محمد رفعت في يوم الاثنين 9 مايو عام 1882م بحي المغربلين بالقاهرة. وفقد بصره صغيراً وهو في سن الثانية من عمره .حفظ القرآن في سن الخامسة. درس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية علي أيدي شيوخ عصره. تولي القراءة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب سنة 1918م وهو في سن الخامسة عشرة. فبلغ شهرة ونال محبة الناس. وافتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م. وذلك بعد أن استفتي شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتي له بجواز ذلك. فافتتحها من أول سورة الفتح "إنا فتحنا لك فتحا مبينا". كان جل اهتمامه بمخارج الحروف وكان يعطي كل حرف حقه ليس كي لا يختلف المعني بل لكي يصل المعني الحقيقي إلي صدور الناس. وكان صوته حقا جميلا رخيما رنانا. وكان ينتقل من قراءة إلي قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف. وكان صوته يحوي مقامات موسيقية مختلفة وكان يستطيع أن ينتقل من مقام إلي مقام دون أن يشعرك بالاختلاف. كان الشيخ محمد رفعت قويا رقيقا خاشعا عابدا لله يشهد بوحدانية الله وصمديته. فهو رجل "خشع قلبه فخشع صوته". أصيب الشيخ محمد رفعت في عام 1943م بمرض سرطان الحنجرة الذي كان معروفاً وقتئذ ¢بمرض الزغطة¢ وتوقف عن القراءة. يقال: انه بالرغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أي مدد أو عون ألح به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامي. وانه كانت كلمته المشهورة ¢إن قارئ القرآن لا يُهان¢. فارق الشيخ الحياة في 9 مايو عام 1950م. قالوا عن الشيخ محمد رفعت: قال عنه الأديب محمد السيد المويلحي في مجلة الرسالة: ¢سيد قراء هذا الزمن. موسيقيّ بفطرته وطبيعته. إنه يزجي إلي نفوسنا أرفع أنواعها وأقدس وأزهي ألوانها. وإنه بصوته فقط يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلي أوركسترا¢. ويقول عنه أنيس منصور: ¢ولا يزال المرحوم الشيخ رفعت أجمل الأصوات وأروعها. وسر جمال وجلال صوت الشيخ رفعت أنه فريد في معدنه. وأن هذا الصوت قادر علي أن يرفعك إلي مستوي الآيات ومعانيها. ثم إنه ليس كمثل أي صوت آخر¢. ويصف الموسيقار محمد عبد الوهاب صوت الشيخ محمد رفعت بأنه ملائكي يأتي من السماء لأول مرة. وسئل الكاتب محمود السعدني عن سر تفرد الشيخ محمد رفعت فقال: كان ممتلئًا تصديقًا وإيمانًا بما يقرأ. أما علي خليل ¢شيخ الإذاعيين¢ فيقول عنه: ¢إنه كان هادئ النفس. تحس وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه في جنة الخلد. كان كيانًا ملائكيًّا. تري في وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص للخالق. وكأنه ليس من أهل الأرض¢. ونعته الإذاعة المصرية عند وفاته إلي المستمعين بقولها: ¢أيها المسلمون. فقدنا اليوم عَلَمًا من أعلام الإسلام¢. أما الإذاعة السورية فجاء النعي علي لسان المفتي حيث قال: ¢لقد مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام¢!!.