* يسأل محمد أسعد من أسيوط: هل أموال الزوجة مستقلة عن أموال الزوج؟ وهل للزوج الحق في مراقبة أموال زوجته؟ ** يجيب الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق: ذهب أبوحنيفة والشافعي وابن المنذر وأحمد في إحدي الرواتين إلي أن للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله بالتبرع والمعاوضة ولا حق لزوجها فيه. ولا يملك الحجر عليها في تصرفها فيه كلاً أو بعضاً. فلا فرق في ذلك بينها وبين الرجل الرشيد وذهب أحمد في الرواية الأخري إلي أنه ليس لها التصرف في مالها بزيادة عن الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها لما رواه ابن ماجه أن امرأة كعب بن مالك أتت النبي صلي الله عليه وسلم بحلي تريد التصدق به فقال لها: "لا يجوز للمرأة عطية حتي يأذن زوجها. فهل استأذنت كعباً؟ فقالت نعم فبعث إليه فقال هل أذنت لها أن تتصدق بحليها. قال نعم فقبله النبي صلي الله عليه وسلم ولما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال في خطبة خطبها "لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها" إذ هو مالك عصمتها ولأن حق الزوج متعلق بمالها. والعادة ان الزوج يزيد في المهر من أجل مالها ويبسط فيه وينتفع به - وقد استدل الجمهور بقوله تعالي "فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم" "النساء الآية: 6" وهو ظاهر في فك الحجر عن اليتامي وإطلاق أيديهم في التصرف ذكوراً كانوا أو إناثاً متي أنس رشدهم. ومتي وجب دفع ماله إليه لرشده جاز له التصرف فيه من غير إذن. وأجابوا عن حديث ابن ماجه بأنه ضعيف وعن حديث أبي داود بأنه مرسل. ومع ذلك فهو محمول علي النهي عن تبرعها من مال زوجها وأما تبرعها من مالها فليس محمل النهي بدليل أنه يجوز لها التبرع بالثلث فأقل من مالها بدون إذن للزوج. وليس هناك ما يدل علي التحديد بالثلث فأقل من مالها بدون إذن للزوج. وليس هناك ما يدل علي التحديد بالثلث بل هو تحكم ليس فيه توقيف ولا عليه دليل انتهي من المغني للامام ابن قدامة الحنبلي بتصرف وزيادة. وما ذكر من أن للزوج حقاً في مالها غير مسلم. وما جرتبه به العادة من تبسطه في مالها فهو من تسامح الزوجات في حقوقهن مبالغة في إرضاء الأزواج وسبيل إلي حسن المعاشرة لا تقريراً لحقهم في أموالهن. وقد أفاد في المغني أن مذهب الإمام مالك يتفق مع الرواية الأخري عن أحمد وبيانه كما في الشرح الكبير لأبي البركات الدردير وحاشية الدسوقي عليه ان الزوجية من أسباب الحجر علي الزوجة الحرة الرشيدة في تبرعها لغير زوجها بأزيد من ثلث مالها. فإذا تبرعت به لغيره كان لزوجها رد الجميع لحمله علي قصدها إضرار زوجها فعوملت بنقيض قصدها وله إمضاؤه. وله رد الزائد علي الثلث وأما تبرعها بالثلث فأقل محجور عليها فيه إذا قصدت به ضرر زوجها علي ما أختاره ابن حبيب. وغير محجور عليها فيه ولو قصدت به إضراره عند ابن القاسم. وإنما كانت الزوجية موجبة للحجر فيما ذكر لأن المقصود من مالها تجمل الزوجة به فحجر الشارع عليها لأجله وبذلك جاز لها التبرع لزوجها بما شاءته ولو بكل مالها انتهي بتصرف وإيضاح. وظاهر أن هذه العلة تقتضي الحجر مطلقاً فكيف ساغ جواز التبرع بالثلث فأقل بدون إذن عند ابن القاسم مطلقاً وعند ابن حبيب إذا لم تقصد إضرار الزوج علي ان جعل الزوجية من أسباب الحجر علي الزوجة وسلبها حريتها في التصرف في مالها والذهاب إلي أن المقصود من مالها. تجمل الزوجة وبسطه يده في إنفاقه من شأنه ان يبغض الأبيات من الزوجات في الزواج والأزواج ويبت حبل المودة بينهما ويفتح أبواباً من الشر والنزاع بين الزوجين لحرص الزوجة بطبيعة كونها مالكة علي إطلاق يدها في مالها الذي تملكه وحرص الزوج بدافع غريزة حب المال علي حجرها ليبسط يده فيه في حياتها ويدخره ميراثاً له بعد وفاتها كما أن من شأنه أن يجعل الزوج هو المتصرف في مالها وذلك يغري راغبي الزواج بالكلف بذوات الأموال للانتفاع العاجل بها والإعراض عمن عداهن وان كن ذوات حسب ودين. وفي ذلك ما لا يخفي من الفساد الاجتماعي والبعد عن المقاصد الأصلية للنكاح. وصفوة القول ان مذهب الجمهور أقوي. دليلاً وأوضح سبيلاً.