كأس العالم للأندية| مونتيري يضرب أوراوا بثلاثية في الشوط الأول    ترامب يشن هجومًا على القضاء الإسرائيلي لمحاكمته نتنياهو    تعرف على موعد صرف المعاشات بالزيادة الجديدة    21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    راغب علامة يكسر الرقم القياسي في "منصة النهضة" ب150 ألف متفرج بمهرجان "موازين"    الدولار ب49.85 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 26-5-2025    وفد برلماني من لجنة الإدارة المحلية يتفقد شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء    نشرة التوك شو| حقيقة "الطرد الإجباري" في قانون الإيجار القديم.. والحكومة تحسم الجدل بشأن تخفيف الأحمال    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    نتنياهو يُصدر أمرًا بالتدخل عسكريًا لمنع نجاح عشائر غزة في تأمين المساعدات    بينهم إصابات خطيرة.. 3 شهداء و7 مصابين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    5 أيام حمائم.. كيف انتهت حرب إيران وإسرائيل ب"شكرًا لحسن تعاونكم معنا"؟    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    بعد إعلان رحيله.. ماذا قدم حمزة المثلوثي مع الزمالك خلال 5 سنوات؟    "وشلون أحبك".. على معلول يتغزل بزوجته بصورة جديدة    الأسرة كلها فارقت الحياة.. أب يلحق بزوجته وطفلتيه إثر حادث أليم بالمنيا- صور    مها الصغير تتهم أحمد السقا بالتعدي عليها داخل كمبوند في أكتوبر    إصابة 10 أشخاص في حادث على طريق 36 الحربي بالإسماعيلية    تعرف على قرار النيابة العامة بعد سقوط "مسئول حكومي" من الطابق السادس    إحالة أوراق 4 متهمين للمفتي لقتلهم تاجر بغرض السرقة    أحمد حسام ميدو في قسم شرطة النزهة.. ما القصة؟    محمد رمضان: "رفضت عرض في الدراما من أسبوع ب 200 مليون جنيه"    يورو تحت 21 عاما - من أجل اللقب الرابع.. ألمانيا تضرب موعدا مع إنجلترا في النهائي    التشكيل الرسمي لقمة الإنتر ضد ريفر بليت فى كأس العالم للأندية    «نقل الكهرباء» توقع عقدًا جديدًا لإنشاء خط هوائي مزدوج الدائرة    شديد الحرارة وتصل 41 درجة.. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الخميس    مؤتمر إنزاجي: سنحاول استغلال الفرص أمام باتشوكا.. وهذا موقف ميتروفيتش    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    تمريض حاضر وطبيب غائب.. رئيس الوحدة المحلية لنجع حمادي يفاجئ وحدة الحلفاية الصحية بزيارة ليلية (صور)    قافلة طبية لعلاج المواطنين بقرية السمطا في قنا.. وندوات إرشاية لتحذير المواطنين من خطر الإدمان    مينا مسعود يزور مستشفى 57357 لدعم الأطفال مرضى السرطان (صور)    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تُلزم بإضافة تحذير عن خطر نادر للقلب بسبب لقاحات كورونا    صحة مطروح تنظم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم    محافظ قنا يتفقد مشروع تطوير ميدان المحطة.. ويؤكد: نسعى لمدينة خضراء صديقة للبيئة    رئيس كهرباء البحيرة يوجه بتأمين التغذية الكهربائية للقرى السياحية بمنطقة الضبعة    الزمالك يستقر على قائمته الأولى قبل إرسالها لاتحاد الكرة    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    حضور جماهيرى كبير.. ويل سميث لأول مرة فى مهرجان موازين بالمغرب (صور)    مصطفى نجم: الزمالك على الطريق الصحيح    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مسيّرة مجهولة قرب الحدود مع العراق    الكرملين: كوبا ومنغوليا والإمارات وأوزبكستان يشاركون في قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي    3 أيام متتالية.. موعد إجازة ثورة 30 يونيو 2025 للقطاع العام والخاص بعد ترحيلها رسميًا    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    4 أبراج «عارفين كويس همّ بيعملوا إيه».. غامضون لا يحتاجون إلى نصيحة وقراراتهم غالبًا صائبة    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمتين الإسلامية والعربية بالعام الهجري الجديد    إيران تفتح المجال الجوي للنصف الشرقي من البلاد للرحلات الداخلية والدولية    بلاغ رسمي ضد أحمد السقا.. طليقته تتهمه بالاعتداء عليها وسبّها أمام السكان    جمال الكشكي: سياسة مصر تدعم الاستقرار وتدعو دائما لاحترام سيادة الدول    ممر شرفي من المعتمرين استعدادا لدخول كسوة الكعبة الجديدة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دار الافتاء توضح الحكم الشرعي الصحيح في ضرب الزوجة
نشر في مصراوي يوم 01 - 12 - 2014

حاول زوجي إقناعي أن ما يصدر من الزوج لزوجته من اعتداء عليها وتهديدها وترويعها وكذلك الأولاد، هو أمر جائز وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
ورغم أنني أقرأ القرآن دائما إلا أنني استشعرت عدم صحة ذلك، ولمست بالعكس سماحة الإسلام وبشره، فما صحة ما يدعيه زوجي؟
تجيب لجنة أمانة الفتوى بدار الافتاء المصرية :
الإسلام هو دين الرحمة، وقد وصف الله تعالى حبيبه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بأنه رحمة للعالمين فقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وأكد الشرع على حق الضعيف في الرحمة به، وجعل المرأة أحد الضعيفين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأة» رواه النسائي وابن ماجه بإسناد جيد كما قال الإمام النووي في (رياض الصالحين)، والمرأة أحق بالرحمة من غيرها؛ لضعف بنيتها واحتياجها في كثير من الأحيان إلى من يقوم بشأنها؛ ولذلك شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء بالزجاج في الرقة واللطافة وضعف البنية، فقال لأنجشة: «ويحكَ يا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ» متفق عليه.
وقد فهم ذلك علماء المسلمين، وطبقوه أسمَى تطبيق، حتى كان من عباراتهم التي كوَّنت منهج تفكيرهم الفقهي: "الأنوثة عجز دائم يستوجب الرعاية أبدًا".
وأمر الإسلام الزوج بإحسان عشرة زوجته، وأخبر سبحانه أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة، فقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حسن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها. وحض الشرع على الرفق في معالجة الأخطاء، ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفق في الأمر كله، فقال: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» رواه مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
ولم يضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- أحدًا من زوجاته أبدًا، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه مسلم. والنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الأسوة الحسنة الذي يجب على الأزواج أن يقتدوا بسيرته الكريمة العطرة في معاملة زوجاتهم، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
وورد ذكر ضرب النساء في القرآن في موضع واحد في قوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: 34]، والنشوز: مخالفة اجتماعية وأخلاقية تمتنع فيه المرأة عن أداء واجباتها، وتلك الواجبات هي حقوق الزوج، كما أن واجبات الزوج تعتبر حقوقا للزوجة، وفي تلك المخالفة الاجتماعية والأخلاقية أرشد الله الرجال لعدة بدائل في تقويم نسائهم حسب ما تقتضيه طبيعة كل زوجة من جهة، وطبقًا للعرف السائد والثقافة البيئية التي تربت عليها المرأة والتي من شأنها أن تكون أكثر تأثيرًا في إصلاحها من جهة أخرى، أي أن هذه البدائل لا يتعين فيها الترتيب، بدليل أن السياق جاء ب (واو العطف) وليس ب (ثم)، فعلى الزوج أن يتعامل مع زوجته بالوعظ، وهو لين الكلام وتذكيرها بالله وحقه الذي طلبه الله منها، كما أباح له الشرع أن يهجرها في الفراش في محاولة منه للضغط عليها للقيام بواجباتها من غير ظلم لها ولا تعدٍّ عليها، وشرطه أن لا يخرج إلى حدّ الإضرار النفسي بالمرأة.
وأما خيار الضرب المذكور في الآية: فقد أجمع الفقهاء على أنه لا يقصد به هنا إيذاء الزوجة ولا إهانتها، وإنما جاءت إباحته في بعض الأحوال على غير جهة الإلزام، وفي بعض البيئات التي لا تعد مثل هذا التصرف إهانة للزوجة ولا إيذاءً لها، وذلك لإظهار عدم رضا الزوج وغضبه بإصرارها على ترك واجباتها؛ وذلك بأن يضربها ضربة خفيفة على جهة العتاب والإنكار عليها بحيث لا تترك أثرا، ويكون ذلك بالسواك وفرشة الأسنان وغيرهما مما ليس أداة فعلية للضرب، فأخرج ابن جرير عن عطاء قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: "ما الضرب غير المُبَرِّح؟ قال: بالسواك ونحوه".
وفارق كبير بين هذا الضرب بالسواك على غير جهة الإيذاء، وبين العنف أو الجلد أو الأذى أو الإهانة، وقد نص الفقهاء على أن هذا الضرب -مع كونه رقيقًا غير مبرح- يجب أن يكون آخر ما يمكن أن يلجأ إليه الزوج، وأنه لا يجوز الهجر ولا الضرب بمجرّد توقّع النشوز قبل حصوله اتّفاقًا، ويحرم هذا الضرب غير المبرح إذا علم أنه قد يصلحها غيرُه، بل نصوا على تحريمه أيضًا إذا علم أنه لا يفيد في إصلاحها، أو أنه يمكن أن يؤذيها أو يترك فيها أثرًا، قال الإمام الحطاب المالكي في (مواهب الجليل: 4/ 15- 16): "وإذا غلب على ظنه أن الضرب لا يفيد لم يجز له ضربها. انتهى. وفي (الجواهر): فإن غلب على ظنه أنها لا تترك النشوز إلا بضرب مَخُوفٍ لم يَجُزْ تعزيرُها أصلا, انتهى. وقبله ابن عرفة".
بل نصوا على أن الزوج يُضرَب ويُؤَدَّب كذلك إذا أخطأ في حق الزوجة، كما إذا قام بإزالة بكارة زوجته بإصبعه، قال الإمام الدردير في "الشرح الصغير" بحاشية الشيخ الصاوي (4/ 392، ط. دار المعارف): "وإزالة البكارة بالإصبع حرام، فيُؤَدَّبُ الزوجُ عليه".
وقد أكد الفقهاء على هذا المعنى؛ فمنهم من نص على أن ضرب الزوجة لا يجوز أن يكون بالسوط والعصا ونحوهما، بل يكون باليد أو السواك فقط تعبيرًا عن اللوم وإظهارًا للعتاب، كما سبق عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروى ابن أبي حاتم في تفسيره عن الحسن البصري أنه فسر الضرب غير المبرح بغير المؤثر، ولا يجوز أن يكون الضرب بقصد الانتقام بل التأديب، ونصوا على أنه يجب عليه أن يَتَّقِيَ المَقَاتِلَ ويبتعد عن الأماكن الحساسة والأماكن الشريفة التي يُشعِر الضرب فيها بالمهانة، كالوجه والرأس والنحر والفرج والقفا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يجوز أن يكون الضرب مبرِّحًا ولا مُدمِيًا ولا مؤذيًا بحال من الأحوال.
وعلى ذلك يُحمَل الضرب الذي ورد ذكره في القرآن والسنة، فهو في الحقيقة نوع من إظهار العتاب واللوم وعدم الرضا عن الفعل، وليس ذلك إقرارًا للجلد أو العقاب البدني؛ بل إن وُجِدَ فهو من جنس الضرب بالسواك الذي لا يُقصَد به حقيقة الضرب بقدر ما يُراد منه إظهار العتاب واللوم.وهذا الضرب إنما أباحه الشرع بقيوده في بعض البيئات الثقافية التي تحتاج المرأة إلى ذلك وتراه بنفسها دلالة على رجولة زوجها، وهذه البيئات الثقافية لا يعرفها الغرب ولم يطلع عليها، والقرآن جاء لكل البشر ولكل زمان ومكان، ولكل الأشخاص إلى يوم الدين، فشملت خصائصه كل أنواع البيئات والثقافات المختلفة التي إذا لم تُرَاعَ أدى إلى اختلال ميزان الاستقرار في الأسرة وهدد بفشلها وانهيارها، فكان هذا للتقويم والإصلاح.
ومما يدل على صحة هذا الفهم للآية وأن إباحة ضرب الزوجة ليس على إطلاقه في كل الأحوال وفي جميع الأزمنة والبيئات: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صح عنه أنه نهى عن ضرب النساء بقوله: «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ»، فجاء عُمَرُ -رضي الله عنه- إِلَى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فشكا إليه تمرد النساء على أزواجهن فرخَّص النبي -صلى الله عليه وسلم- في الضرب الذي هو على هيئة العتاب، ففهم بعض الصحابة خطأ أن ذلك ترخيص في مطلق الضرب، فذهبت زوجاتهم للشكوى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعند ذلك عنف النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه وغضب منهم، وقال لهم: «لَقَدْ أطَافَ بِآلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أولَئكَ بخيَارِكُمْ» رواه أبو داود في سننه.
وهذا يشير إلى أن الضرب ليس مباحًا على جهة الإطلاق، بل هو ممنوع قطعًا إن كان على جهة الإهانة أو الإساءة أو الإيذاء وهو المعني في منع النبي -صلى الله عليه وسلم- منه في أول الأمر، ثم رخص فيه على جهة العتاب وإظهار الغضب فقط بما ليس أداةً للضرب كالسواك -فرشة الأسنان- ونحوه على ما هو المعهود في البيئة الثقافية عند العرب في هذه الحالات، ثم غضب آخر الأمر من فعل بعض الصحابة له على جهة الإيذاء والإساءة للزوجات وسلَب الخيرية ممن يفعله بزوجته، فدل النهي عنه أولا والترخيص فيه ثانيًا ثم استهجان فعله ثالثًا على أن محل الإباحة الشرعية له هو ما يعده العرف عتابًا وإظهارًا لعدم الرضا، ومحل الحرمة ما يكون فيه إيذاء وإساءة للزوجة، وهذا قد يكون في البيئة التي يدخل مثل هذا التصرف في مكونها الثقافي ولا يعد فيها إهانة ولا إساءة، ومع ذلك فلا يفعله كرماء الرجال ونبلاؤهم.
قال الطاهر بن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير: 5/ 41- 42، ط. دار سحنون تونس): "وعندي أنّ تلك الآثار والأخبار مَحْمَل الإباحة فيها أنّها قد روعي فيها عُرْفُ بعض الطبقات من الناس، أو بعض القبائل، فإنّ الناس متفاوتون في ذلك، وأهل البدو منهم لا يعُدّون ضرب المرأة اعتداءً، ولا تعدّه النساء أيضًا اعتداء، فلا جرم أنّه أذن فيه لقوم لا يعُدّون صدوره من الأزواج إضرارًا ولا عارًا ولا بدعًا من المعاملة في العائلة، ولا تشعر نساؤهم بمقدار غضبهم إلا بشيء من ذلك".
كما أنه يجوز للحاكم أن يقيد هذا المباح ويمنع الأزواج من ضرب الزوجات عند إساءة استخدامه ويوقع العقوبة على ممارسه، فقد أجاز الشارع للحاكم تقييد المباح للمصلحة؛ حيث يتخذه بعض الأزواج تُكَأَةً للضرب المبرح، أو للتنفيس عن غضبهم وانتقامهم لا بغرض الإصلاح، فيحدث ما لا تُحمَد عقباه من نشر الروح العدوانية في الحياة الأسرية، ولذلك فللحاكم أن يَمنَعه سدًّا للذريعة، أو حتى عند عدم صلاحيته كوسيلة للإصلاح كما هو الحاصل الآن في أكثر البيئات؛ حيث أصبح الضرب في أغلب صوره وسيلة للعقاب البدني المبرح بل والانتقام أحيانًا، وهذا مُحَرَّمٌ بلا خلاف بين أحد من العلماء.
قال الطاهر بن عاشور في (التحرير والتنوير: 5/ 44):"وأمّا الضرب فهو خطير وتحديده عسير، بيد أنّ الجمهور قيّدوا ذلك بالسلامة من الإضرار، وبصدوره ممّن لا يعدّ الضرب بينهم إهانة وإضرارًا، فنقول: يجوز لولاة الأمور إذا علموا أنّ الأزواج لا يحسنون وضع العقوبات الشرعية مواضعَها، ولا الوقوفَ عند حدودها أن يضربوا على أيديهم استعمال هذه العقوبة، ويعلنوا لهم أنّ من ضرب امرأته عوقب، كيلا يتفاقم أمر الإضرار بين الأزواج، لا سيما عند ضعف الوازع".
وهذا هو المعنى الذي من أجله صرح جماعة من الفقهاء بمنع الضرب، كما قاله التابعي الجليل المفسر عطاء بن أبي رباح -فيما نقله عنه القاضي ابن العربي المالكي في (أحكام القرآن: 1/ 536، ط. دار الكتب العلمية)- حيث قال: "لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه، ولكن يغضب عليها"، وتأولوا الآية على معنى إظهار عدم الرضا، ووافقه على ذلك جمع من العلماء، قال ابن الفرس: وأنكروا الأحاديث المرويَّة بالضرب، نقله عنه الطاهر بن عاشور في تفسيره (5/ 43).
ولا شك أن الضرب المبرح أو الجلد أو العقاب البدني -وهو ما يطلق عليه: العنف الأسرى- محرم بالإجماع، ويجب على جميع البشر الوقوف ضده، وممارسة العنف ضد الزوجة لا علاقة لها بالإسلام، بل المصادر التشريعية للمسلمين تحثهم على الرحمة والمودة في الحياة الزوجية ولا تدعوهم بحالٍ إلى ضرب النساء وظلمهن، يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]، وفقهاء المسلمين يقفون ضد هذا الضرب والعنف، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يبين أن العلاقة بين الرجل والمرأة تقوم على المودة والرحمة، وهذا يتنافى مع الضرب والإيذاء؛ ولذلك يستنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك استنكارا شديدا، فيقول صلى الله عليه وسلم: «أَيَضْرِبُ أَحَدُكُم امْرَأَتَهُ كَمَا يَضْرِبُ الْعَبْدَ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْم؟!» أخرجه البخاري في صحيحه، والبيهقي في سننه الكبرى واللفظ له، وفي ذلك رد على من زعم أن الإسلام أهان المرأة وأباح للرجل ضربها.
والأصل في الشرع حرمة الإيذاء بكل صوره وأشكاله، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: «أَلا أُخْبِرُكُم بِالمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ على أموالِهِم وأنفُسِهِم، والمُسلِم مَن سَلِمَ النَّاسُ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ» أخرجه الإمام أحمد في المسند، وابن حبان في صحيحه، وغيرهما، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ظَهْرُ المؤمنِ حِمًى إلا بِحَقِّه»، رواه الطبراني في (المعجم الكبير) من حديث عصمة بن مالك الخطمي، وبوب عليه البخاري في صحيحه: "باب ظهر المؤمن حِمًى إلا في حد أو حق"، قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري: 12/ 85 ط. دار المعرفة): "(حِمًى) أي مَحْمِيٌّ معصوم من الإيذاء، قوله: (إلا في حدٍّ أو في حق)أي لا يُضرَب ولا يُذَلُّ إلا على سبيل الحد والتعزير تأديبًا" .
ومن المعلوم أن هذا من سلطة القانون والنظام لا الأفراد، وما يوجد في المجتمعات الإسلامية من ذلك فهو ناتج عن عدم التزام الأزواج بتعاليم دينهم الحنيف، ولا يجوز أن ينسب إلى الإسلام ولا علاقة له بتعاليمه من قريب أو بعيد، وقوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في بلاد العالم الإسلامي اليوم والمستقاة من الشريعة الإسلامية، تجرم العنف ضد الزوجة، وتجعل ذلك ضررًا يعطي الزوجة الحق في طلب التعويض الجنائي والنفسي ويعطيها الحق في طلب الطلاق مع أخذ حقوقها كاملة غير منقوصة.
جاء في (ميثاق الأسرة في الإسلام) الذي أصدرته اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل وأعدته لجنة من كبار العلماء في العالم الإسلامي منهم مفتي الديار المصرية (ص 50): "لا يجوز -مهما بلغت درجة الخلاف بين الزوجين- اللجوء إلى استعمال العنف تجاوزًا للضوابط الشرعية المقررة، ومن يخالف هذا المنع يكون مسؤولا مدنيًّا وجنائيًّا" .
وجاء في المادة (6) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985م: "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق" اه. ومن الأمثلة القانونية لهذا الضرر الذي يجيز التطليق: اعتداء الزوج على زوجته بالضرب أو السب.
جاء في أحكام محكمة النقض المصرية: "لئن كانت الطاعة حقًّا للزوج على زوجته إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الزوج أمينًا على نفس الزوجة ومالها، فلا طاعة له عليها إن هو تعمد مضارتها، بأن أساء إليها بالقول أو بالفعل، أو استولى على مال لها بدون وجه حق" اه. نقض طعن رقم 116 لسنة 55 ق أحوال شخصية، جلسة 24/ 6/ 1986م.
وبناءً على ذلك: فإن ما يصدر من الزوج لزوجته من اعتدائه عليها وتهديدها وترويعها وكذلك الأولاد من الأمور التي أجمع المسلمون على تحريمها، ولا علاقة لها بتعاليم الإسلام ولا بالشريعة الإسلامية، وفاعل ذلك آثم شرعًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.