* تسأل السيدة " ت .م . س" من قوسنا المنوفية : ما حكم ضرب الزوج لزوجته بحجة تأديبها ويستشهد بالآية "34" من سورة النساء؟ ** ويجيب الشيخ رسمي عجلان من علماء الأزهر: الإسلام دين الرحمة . ورسولنا محمد رحمة مهداة بعث ليتمم مكارم الأخلاق . ولنا فيه أسوة حسنة . فلم يثبت أن النبي "صلي الله عليه وسلم" ضرب أحداً من زوجاته أبداً . بل أن أمنا عائشة قالت : " ما ضرب رسول الله "صلي الله عليه وسلم" شيئاً قط بيده . ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله . وما نيل منه قط فينتقم من صاحبه . إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم "مسلم" . ولكن ورد موضع واحد في القرآن ذكر فيه ضرب النساء قال تعالي : "الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً" "النساء :34". والنشوز هو مخالفة أخلاقية واجتماعية تمتنع فيه الزوجة عن أداء واجباتها تجاه زوجها . كما علي الزوج واجبات تجاهها . وهي تعتبر حقوق للزوجة . وقد ابتلي بعض الأزواج بنشوز زوجاتهم . فأرشدهم المولي عز وجل لعدة بدائل لتقويم نسائهم . حسب ما تقتضيه طبيعة كل زوجة . وطبقاً للثقافة التي تربت عليها الزوجة والتي من شأنها أن تكون أكثر فاعلية في إصلاحها . فلا يتعين في هذه البدائل الواردة في الآية الترتيب . حيث إن السياق جاء بواو العطف ولم يأت بثم . ومن هنا فعلي الزوج أن يقوم زوجته بالوعظ وتذكيرها بالله تعالي وحقه الذي طلبه منها . واستحسان الألفاظ ولين الكلام . كما أباح الله للزوج أن يهجرها في الفراش . وهي محاولة للضغط عليها لتستقم وتقوم بواجباتها من غير ظلم لها . وألا يصل إلي حد الإضرار النفسي بها . وإنما الضرب الذي ذكر في الآية فقد أجمع الفقهاء علي أن يكون ضرباً غير مبرح ولا مدمي ولايلطخ الوجه أو الرأس أو النحر أو الفرج أو القفا أو يضربها علي أماكن حساسة من جسدها . كما أن المقصود من الضرب التأديب وليس الانتقام . أو الإقرار بالجلد والعقاب البدني بل هو من جنس الضرب بالسواك كما قال ابن عباس : الضرب الذي لايقصد به حقيقة الضرب بقدر ما يراد به إظهار اللوم والعتاب . لقد نهي النبي "صلي الله عليه وسلم" عن ضرب الزوجات فقال : " ألا يستحي أحدكم أن يجلد امرأته جلد العبد ثم يضاجعها آخر اليوم" "البخاري" . وقال "صلي الله عليه وسلم" : " لا تضربوا إماء الله" فجاء عمر بن الخطاب إلي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وشكا تمرد النساء علي أزواجهن فقال : لقد تأسدت النساء علي الرجال . فرخص في ضربهن . ففهم بعض الرجال الضرب علي مطلقه فجاءت زوجاتهم تشتكي لرسول الله "صلي الله عليه وسلم" فعنف رسول الله من فعل ذلك ثم قال : " لقد طاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون أزواجهن . ليس أولئك بخياركم" "أبو داود" . ولنا في رسول الله أسوة حسنة . فعندما دخل ببنت الجون الكندية فلما دنا منها قالت : "أعوذ بالله منك" فلم يغضب ولم يضربها ولم يسبها ولم يهينها بل قال لها : " لقد عدت بمعاذ . ألحقي بأهلك" .فسنته الفعلية : عدم ضرب النساء وإن رخص في ضربهن . وسنته القولية : ليس أولئك بخياركم أي من يضرب زوجته . وليس من الرجولة ضرب الزوجات لأنه يتنافي مع قوله تعالي : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاَ لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" "الروم : 21" فإن كان ولابد فليكن آخر الدواء الكي . ويكون غير مبرح . ولا مفرط وعار علي الرجال أن يضربوا زوجاتهم علي أشياء هم يأتون بمثلها أو أعظم منها. فلا تنهي عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيماً . وكان الشنفري شاعر الصعاليك يقول لزوجته : "إذا ما جئت ما أنهاك عنه . ولم أنكر عليك فطلقيني . فأنت الزوج يومئذ فقومي . بسوطك لا أبا لك فاضربيني" والله أعلم.