نجح الإنسان المعاصر في اختراع المزيد من وسائل التقنية الحديثة التي يسَّرت الكثير من الصعوبات وقرَّبت المسافات البعيدة وجعلت الحياة أكثر سعادة ورخاء واستمتاعا. لكن في المقابل وقع الكثير من ضعاف النفوس فريسة الأهواء والشهوات. مستغلين الجانب السيئ من هذه التكنولوجيا. في إقامة علاقات غير مشروعة أو الإضرار بصحتهم وصحة أبنائهم. في هذا الملف نسعي لكشف الجانب الآخر. الجانب السيئ والضار. في وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة. وسبل تفاديها أو التقليل- قدر الإمكان- من مخاطرها. طالما أنها أصبحت جزءا أساسيا من حياتنا لا يمكن الاستغناء عنها. انتشرت وسائل التواصل الإجتماعي بشكل مبالغ فيه بين جموع الناس في كل أرجاء الأرض وأضحي كل إنسان منا يتواصل يوميا مع عدد كبير من الاصدقاء والاقارب والمعارف عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة بالشكل الذي يجعل البعض يستغني عن اللقاءات المباشرة سواء في الزيارات العائلية أو المقابلات الشخصية الأمر الذي يهدد بحالة من الجفاء المجتمعي. والتأثير السلبي علي دفء المشاعر في التواصل الإنساني وتطبيق صلة الرحم كما أمرنا بها الشرع الحكيم . ويؤكد العلماء أن وسائل التواصل الإجتماعي علي أهميتها لا يمكن أن تغني عن التواصل المباشر بكل ما فيه من تقليدية تحافظ علي الصلات الاجتماعية وتصنع حالة من الإستقرار النفسي والمجتمعي . تري الدكتورة آمنة نصير .أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الازهر.أن الاسلام حين شرع صلة الرحم وسنها سنة حسنة للتواصل بين ذوي الارحام ما جعل ذلك هباء ولا عبثاً وإنما لحكم عظيمة من بينها التكافل والتراحم والتزاور والتماس الأسباب لمعرفة الحاجيات والوقوف علي طبيعة ذلك القريب شعورا بحاله والتماسا لطبيعة معيشته وان كانت له حاجة أو غير ذلك .. موضحة أن وسائل التواصل التكنولوجية الحديثة استطاعت ان تقرب المسافات وتزيل العقبات وتعين المسلم علي صلة رحمه وخاصة المقيمين بعيدا عن بعضهم وتحول ظروفهم دون استمرار التواصل معهم بالزيارات المباشرة . أضافت: الاشكالية الحقيقية أن تحولت الوسائل المساعدة للتواصل مع الأهل والأقارب الي الوسيلة الاصيلة والوحيدة فبدلا من ان تعين وسائل التواصل الاجتماعي الشخص علي التواصل الدائم مع اسرته وأقاربه تصبح هي الأصل في التواصل وهذه الرسائل علي اختلاف طبيعتها لا يمكن ان تكون وحدها وسيلة التواصل مع الاهل والاصدقاء لأنها وسائل تواصل افتراضية وليست وسائل حقيقية والاعتماد الكلي عليها يعد تعطيل لصلة الرحم وتفريغ لها من مضمونها الذي شرعت لأجله من تواصل وتراحم وتزاور وتقارب ومودة ورحمة وكلها معاني ربما لا يمكن لأية وسيلة اتصال ايا كانت ان تعوضها . والارتكان لتلك الوسائل وحدها ربما يتسبب في زيادة الهوة بين الأجيال وبين الاسر المختلفة . جفاء اجتماعي ويشير الدكتور هشام عبدالسلام جاد.الاستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر. إلي أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في التقريب بين جموع المصريين بل والمسلمين عامة ويسرت التقارب بين الناس من منطلق مسماها المرتبط بالتواصل الاجتماعي لكن تسببت في الوقت نفسه في حالة من الجفاء الانساني في التواصل المباشر اذا حلت التكنولوجيا رغماً عنا عن العلاقات الانسانية المباشرة التفاعلية . أضاف: رغم كل ما تقدمه التكنولوجيا من تقريب للمسافات وتيسير للاتصال الا انها لم تنجح في مسألة التفاعلات الانسانية الحقيقية. وأصبحت صلة الانسان لرحمه بدلا من الزيارة والتعرف علي حاجياتهم والتقرب منهم تحل محلها رسائل علي الواتس آب أو رسالة موبايل نصية.أو رسالة علي الايميل وبالتالي لا تحقق تلك الوسائل التكنولوجية المتقدمة حالة التواصل الشرعي المطلوبة والاكتفاء بها في صلة الرحم والتواصل أظنها لا تكفي بأي حال من الاحوال. ثورة هائلة ويوافقه الرأي الدكتور خالد كمال .الخبير النفسي والتربوي.مؤكداً أن التكنولوجيا الحديثة أحدثت ثورة اتصالات هائلة مكنت الكثيرين من التعارف والتواصل في كل الاوقات وفي كل الظروف دون حاجز من وقت أو مكان أو كيفية وكل هذا رائع وانعكس دون شك علي التواصل بين العوام وقرب الصلات .. مستدركاً أن هذه الوسائل رائعة للمعارف العامة والخاصة لكنها تسببت في حالة من تبلد المشاعر وضعف التواصل بين الأقارب اللذين أصبحت حياتهم وصلاتهم بالآخرين تتوقف عند اتصال تليفوني أو رسالة موبايل أو رسالة واتس آب أو فيس بوك أو غير ذلك وكلها أمور ضيعت الصلات بين الناس والوقوف عندها في التواصل يضيع العلاقات الانسانية ان لم يكن يدمرها. ودعا الي ضرورة الاستمرار في الوسائل التقليدية للتزاور والتواصل بين الاقارب وذوي الرحم إلي جانب كل الوسائل الحديثة التي قربت المسافات وافادت كثيرا دون شك. لأن ذلك التواصل المباشر هو التواصل البناء المثمر الذي ينعكس علي حياة الناس بشكل مباشر .. طارحاً رؤية مختلفة للمسألة تتمثل في أن يضع الانسان لنفسه حداً زمنياً للتواصل من خلال وسائل التواصل الاجتماعية مع ذوي رحمه وأقاربه بحيث مثلا لا يزيد مسافة زيارة والديه عن اسبوع وابناء عمومته واخوته عن اسبوعين وهكذا علي اختلاف ظروف كل منا حتي نوازن بين وسائل التواصل الاجتماعي علي ضرورتها وبعلاتها وبين التواصل المباشر البناء الحقيقي. أوضحت الباحثة سامية زكي يوسف بكلية الآداب قسم الاجتماع بجامعة عين شمس في رسالة ماجستير حول إدمان الشباب للانترنت والتي خلصت الدراسة الميدانية بها الي أن نسبة كبيرة من أفراد العينة تتردد علي مقاهي الإنترنت من أجل الهروب من رقابة الأسرة. وأرجعت ذلك إلي عدم استخدام الإنترنت الاستخدام الأمثل. والاستفادة من خدماتها. ومميزاتها. وهذا الوقت الذي يتم قضاؤه أمام شاشات الكمبيوتر والإنترنت يكون علي حساب الحياة العائلية والدراسة و العمل بل والنوم أيضا » حيث يفضل الشباب الإنترنت مقارنة بأنشطة اليوم الأخري. كما أكدت الدراسة أن مواقع الدردشة. والمحادثة. والمواقع الترفيهية. ومواقع البحث هي أكثر المواقع التي يفضلها أفراد العينة علي شبكة الإنترنت. وأرجعت ذلك إلي عدم استخدام الشباب الإنترنت الاستخدام الجيد. والاستفادة منها فيما تقدمه من مواد. وبرامج علمية.