كتب كثيرون عن أسلوب وأدب وشروط الحوار الناجح وعالجت وسائل الإعلام هذه القيمة معالجات متعمقة كما عكف علماء أجلاء علي تأليف الكتب التي تتناول هذا الموضوع. وهذه الجهود لاتتوافق مطلقا مع واقعنا الذي نعيشه فالحوار يتواري خجلا غالبا في البيت. والمدرسة. والجامعة. والشارع. ومواقع العمل. وبين رئيس العمل ومرؤسيه حتي في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية لاتستطيع فهم موضوع الحلقة نظرا لتداخل الأصوات وارتفاعها والضجيج الذي يصم الأذنين. والمقاطعة المستمرة سواء من الضيوف لبعض أومن مقدم البرنامج مع الضيوف لدرجة تصل الي حد الخناق بل والتشابك بالأيدي. والحوار هو أعلي المهارات الاجتماعية قيمةً. وتُعرَف قيمة الشيء بمعرفة قيمة المنسوب إليهم. والحوار من وجهة نظر البعض - هو عمل الأنبياء. والعلماء. والمفكرين. وقادة الرأي والسياسيين. ورجال الأعمال. والمربين. وهو أساس لنجاح الأب مع إبنه. والزوج مع زوجه. والصديق مع أخيه. والأمة الناهضة هي الأمة التي تشيع فيها ثقافة الحوار بين أبنائها. وكلما ابتعدت الأمة عن فتح آفاق الحوار عانت من الأمراض الاجتماعية "التسلط. الذل. الكذب. المخادعة .. الخ". وكلما ابتعد الفرد عن التعبير عن الذات بالحوار السليم عاني من العقد النفسية والاضطرابات. ونلاحظ أن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يستخدم أسلوب اللوم أو العقاب. وإنما أسلوب الحوار والمناقشة. وطرح الأسئلة. ليدع المجال للأخر للتفكير في أمره. يقول ابن عقيل في كتابه فن الجدل: "وليتناوبا الكلام مناوبة لا مناهبة. بحيث ينصت المعترض للمُستَدِلّ حتي يفرغ من تقريره للدليل. ثم المُستدِلُّ للمعترض حتي يُقرر اعتراضه. ولا يقطع أحد منهما علي الآخر كلامه وإن فهم مقصوده من بعضه". من هنا أصبح لزاما علينا أن نحدد عقدا للحوار تتجلي مظاهره منذ مرحلة الحضانة حتي الثانوية ثم مرحلة الجامعة يتعداه إلي الأندية والمراكز الثقافية والشبابية ومواقع العمل والانتاج يجند لها المتخصصون. وتكون من الفاعلية بمكان. وبذلك نحقق نقلة في موكب العالم المتحضر. وعلي مستوي الأسرة يجب أن تكون هناك حملات توعية تخاطب الناس بأساليب مختلفة مثل: دع أهل بيتك يعبرون عن آرائهم بصراحة في حواراتهم معك. وأحط هذه الصراحة بسور من أدب الحديث الذي أجبنا به الإسلام. وها هو سيد البشر صلي الله عليه وسلم يسمح لزوجاته أن يراجعنه في القول فتدلي كل واحدة منهن برأيها وتعبر عما في صدرها بل وتدافع عن نفسها. فليس هو وحده الذي يتكلم في البيت.قالت زوجة عمر. وقد أنكر عليها عمر رضي الله عنه وعنها مراجعتها له بالحديث ¢إن أزواج النبي صلي الله عليه وسلم ليراجعنه¢.. وبدون حوار بناء لن نحقق اي تقدم.