لم تكتف أعداء الإسلام الظاهرين بالطعن الصريح في القرآن عبر العصور باعتباره دستور الأمة وإنما قاموا بتجنيد واحتضان وتشجيع مجموعة من أبناء جلدتنا الذين قاموا بتقسيم الأدوار التآمرية في مختلف الأقطار العربية ليكملوا منظومة الهدم باسم حرية التفكير والتنوير بل إن بعضهم يدعي انه مفكر إسلامي مستنير.. من هنا تأتي أهمية كشف زيف ما يدعونه من خلال نصوصهم التي لا يتقبلها عاقل أو غيور علي دينه أو حتي صاحب فطرة سوية. يعد الدكتور حسن حنفي. أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة. أحد رؤوس الطعن في القرآن ففي محاضرة له بمكتبة الإسكندرية عام 2006 وصف القرآن بأنه ¢أشبه بالسوبر ماركت يمكن للمجتهد أن ينتقي منه ما يشاء من دون الالتزام بحرفية النصوص القرآنية أو يأخذها كلية لأن هناك كثيرا من الآيات القرآنية بينها تناقض وخاصة ما يتعلق بالتسامح والدعوة إلي القتال. وقال حنفي في كتابه ¢من النقل إلي العقل¢ تحت عنوان ¢من المحمول إلي الحامل¢ بالنص¢: كما تكثر الشواهد الشعرية بعد الآيات القرآنية. فالشعر ديوان العرب. والقرآن نزل بلغة العرب. وكثير من الاختلافات في التفسير يمكن حلها بالعودة إلي الشواهد الشعرية كما يمكن دراسة التعبيرات الشعرية في القرآن وبيان كيفية استعماله لها لأن الشعر أسبق والمسافة بين القرآن والشعر ليست كبيرة. فالشعر قرآن لأنه من نفس النوع البلاغي. والقرآن شعر لأنه حمل عليه. والإبداع الشعري مثل الإبداع القرآني إعجاز أدبي يثير الخيال لذلك كان تفسير القرآن بالشعر ضمان لغوي ولا يفسر الشعر بالقرآن لأن الشعر أسبق. الشعر حامل والقرآن محمول. لذلك عقدن فصول في الإعجاز لمقارنة أساليب البلاغة في القرآن والشعر¢... محمد شحرور اشتهر الدكتور محمد شحرور. المولود في دمشق عام 1938 وتخصص في الهندسة المدنية بجامعة دمشق العداء والتشكيك في القرآن من خلال ما اطلق عليه ¢القراءة المعاصرة للقرآن ¢وخاصة بعد عودته من موسكو واتهام البعض له باعتناقه للفكر الماركسي ومن أشهر مؤلفاته التي أثارت جدلا بين المفكرين الإسلاميين ¢ الكتاب والقرآن¢ وقد أجملوا اهم ما فيه في النقاط التالية: - اعتمد الشحرور المنهج اللغوي في تحديد معاني الألفاظ وعدم وجود الترادف في اللغة وفسر القرآن علي أساس ذلك وهذا منهج مرفوض لأن كثيراً من الألفاظ التي تدل لغة علي معني معين أضاف الشرع إليها معاني أخري مثل كلمة "الصلاة" فهي لغة الدعاء لكنها في الشرع: أقوال وأفعال مخصوصة تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم. - يعتبر الشحرور تطبيق الرسول للإسلام غير ملزم للأمة في شيء. - يرفض الشحرور السنة كمبين ومفصل ومقيد ومخصص للقرآن. - اعتمد الشحرور علي عقله وحده في تفسير القرآن فجاء بعجائب من التفسير لم يُسبق إليها وهو أمر طبيعي لكل من اعتمد علي العقل وحده دون النقل. عابد الجابري: المفكر المغربي محمد عابد الجابري المولود عام 1936 بالمغرب. له 30 مؤلفاً بعضها تشكيك وطعن في القرآن بشكل مباشر أو غير مباشر وأهمها كتاب ¢مدخل إلي القرآن الكريم¢. تضمن هذا الكتاب فصلاً بعنوان: ¢جمع القرآن ومسألة الزيادة فيه والنقصان¢. ومما جاء فيه صفحة 232 قوله عن القرآن الكريم: ¢ومن الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه. زمن عثمان أو قبل ذلك. فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين. وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذُكر في مصادرنا. وهذا لا يتعارض مع قوله تعالي: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. فالقرآن نفسه ينص علي إمكانية النسيان والتبديل والحذف والنسخ..¢. ثم ساق بعض الآيات التي تدل علي وقوع النسخ إجمالاً في القرآن الكريم. وختمها بقوله: ¢ومع أن لنا رأياً في معني: ¢الآية¢ في بعض هذه الآيات. فإن جملتها تؤكد حصول التغيّر في القرآن. وإن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته¢. لم يكتف الجابري بذلك وإنما نشر تفسيره في ثلاثة مجلدات تحت عنوان "التفسير الواضح" ركز فيه علي القيام بالعملية التأويلية علي أساس "ترتيب النزول" واعتمد علي ما يرد في عناوين السور وأحاديث أسباب النزول من أن هذه الآية أو تلك مكية بينما السورة مدنية أو العكس وحين لم يجد شيئاً من ذلك يمكن الاستنادُ إليه اعتمد علي أحاديث أسباب النزول - وأكثرها ضعيف بمقاييس المحدّثين - ليضع هذه الآية هنا وتلك هناك قبل البدء بتفسيرها أو تفسيرهما وأحيانا ارتأي أن بين الآيات في سورة كذا. والآيات في سورة كذا وحدة تقتضي وضعهُما في سياق واحد في الترتيب والتفسير. محمد اركون يطعن المفكر الجزائري محمد أركون المولود عام 1928. في القرآن من خلال مسمي¢الظاهرة القرآنية ¢ ويرفض كلمة ¢ قرآن¢ هي كلمة ¢مثقلة بالشحنات والمضامين اللاهوتية والممارسات الطقوسية والشعائر الإسلامية ولذلك تحتاج إلي تفكيك¢ بل إن اركون ¢ينفر من الوحي الذي يبدأ بالعبارة ¢قال الله تعالي¢ وينتهي ب¢صدق الله العظيم¢ ثم يطعن في حيثيات الانتقال من المرحلة الشفهية إلي مرحلة الخطاب المكتوب في القرآن أو المصحف وهي مرحلة لم تخل من التلاعب اللغوي حذف وانتخاب وفقد وضياع مثلما ضاع مصحف ابن مسعود الذي كان يحذف المعوذتين ويعتبرهما ليسا من القرآن لأنهما مجرد دعاء كما أن عملية جمع القرآن تمت في ظروف مضطربة وفي ظل صراع سياسي علي السلطة والمشروعية وانتقد ترتيب السور والآيات ثم وجد صعوبة الانتقال من القول الشفوي إلي النص المكتوب ولهذا فإن ترتيب الآيات والسور لا يخضع لأي معيار زمني أو عقلي كان الصحابة يختلفون في ترتيب سور مصاحفهم إما حسب النزول كمصحف علي أو بحسب السّور المكية والمدنية أو بالتدرج في الدعوة. نصر أبوزيد الدكتور نصر حامد أبو زيد. المولود عام 1943. و استاذ الدراسات الإسلامية وفقه اللغة العربية والعلوم الإنسانية بكلية آداب القاهرة.وعندما قدم أبحاثه للحصول علي درجة أستاذ تكونت لجنة من أساتذة جامعة القاهرة بينهم د.عبد الصبور شاهين الذي اتهم في تقريره د.نصر ¢بالكفر¢ حيث طالب بإعادة قراءة معاني القرآن قراءة مستقلة عن التفسير التقليدي والتحرر من سلطة النصوص وأولها القرآن الكريم الذي قال عنه: القرآن هو النص الأول والمركزي في الثقافة لقد صار القرآن هو نص بألف ولام العهد¢ وقال أيضا: ¢هو النص المهيمن والمسيطر في الثقافة. فالنص نفسه - القرآن - يؤسس ذاته دينًا وتراثًا في الوقت نفسه ولابد من التحرر من هيمنة القرآن وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلي مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا علينا أن نقوم بهذا الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان لأن جوهر النص القرآني وحقيقته لا يتعدي كونه منتجاً ثقافياً باعتباره لغة يحال عليها أن تكون مفارقة للثقافة والواقع وقد تشكّلَ في ظرف يزيد علي عشرين عاماً ¢. سيد القمني الدكتور سيد القمني المولود عام 1947. معظم أعماله الأكاديمية تناولت منطقة شائكة في التاريخ الإسلامي والتطاول علي القرآن حتي وصفه بعض العلماء ب¢المرتد ¢ وانه بوق من أبواق الولاياتالمتحدة في ضرورة تغيير المناهج الدينية الإسلامية وخاصة في السعودية ومصر كما انه يؤكد دور للحضارات والشعوب والديانات والعوامل السياسية التي سبقت الإسلام في الصياغة والإعداد لظهور الإسلام. يري القمني ان هناك بعدان للقرآن. البعد الأول حقائق. تتعامل مع أحداث تأريخية حدثت في التاريخ الإسلامي مثل غزوة بدر ومعركة أحد وصراع اليهود مع المسلمين في يثرب وغيرها من الأحداث وهناك بالإضافة إلي هذا الجانب التأريخي جانب روحي وميثولوجي إسطوري لم يحدث بصورة عملية فيزيائية وإنما يمكن اعتباره رموز وليس حقائق تأريخية مثل نزول الملائكة للقتال إلي جانب المسلمين في معركة بدر ضد قريش وحادثة الإسراء والمعراج التي لابد ان تكون رموزا مع التأكيد علي أن الاعتقاد بأن الملائكة نزلت بالفعل في غزوة بدر فيه إساءة غير مباشرة إلي الإسلام لكونها مناقضة لأفكار لحقائق أخري ولهذا فإن القرآن يجسد نصّا تاريخيّا ولا ضير من وضعه موضع مساءلة إصلاحية نقدية وإن هذا النقد الإصلاحي لا يمثل ردة أو استخفافا بالقرآن بل اقتحاما جريئا وفذا لإنارة منطقة حرص السابقون علي أن تظل معتمة وبداية لثورة ثقافية تستلهم وتطور التراث العقلاني في الثقافة العربية الإسلامية ليلائم الإسلام احتياجات الثورة القادمة بل إن بعض الأحكام في القرآن الكريم صالحة لكل زمان ومكان مثل الصلاة والصوم. لكن معظم أحكام القرآن لا تصلح حاليًا مثل "الجهاد". بل إن العرب أتوا إلي مصر. وأخذوا النساء ك"سبايا" ووزعهن علي شبه الجزيرة العربية بل إنه يجب إلغاء مادة ازدراء الأديان في القانون المصري لأنها لم تؤدي الغرض الذي وضعت له لأن الإلحاد اعتقاد.