وراحت سلافة بنت سعد تتفقد أرض المعركة ومعها بعض نساء قريش المشركات كل واحدة تبحث عن رجلها وولدها. جموع الجرحي في أنفاسهم الأخيرة يلتمسون شربة ماء ويداً تأخذهم إلي دواء أو علاج بعد معركة أحد الحامية. سلافة تسعي بين القتلي والدماء حتي وجدت زوجها صريعا.. فقامت تهرول في خوف تفتش عن أولادها الثلاثة "مسافع" و"كلاب" و"الجلاس" وقد اختلطت دموعها بدماء من سقطوا. وعند سفح من سفوح "أحد" وجدتهم وياليتها لم تجدهم فها هما "مسافع" و"كلاب" قد فارقا الحياة وقد قلبتهما ذات اليمين والشمال فلا نبض ولا أنفاس وكان "الجلاس" يصارع موته في لحظاته الأخيرة واقبلت عليه ووضعت رأسه في حجرها وراحت تقدم له الماء وتمسح الدماء وكاد الدمع يجف من عينها من فرط ما بكت علي ما فقدت وانحنت علي ولدها تسأله متوسلة. من صرعك يابني؟! وحاول "الجلاس" ان يجبيها لكن حشرجة الموت كانت عليه أشد وغلبته لكنها ألحت عليه بالسؤال من صرعك بابني! واستجمع الفتي ما بقي في جسده من قوة وخرجت الكلمات من فمه عسيرة واهنة إنه عاصم بن ثابت وقد صرع اخي مسافع.. و..!! وإلي هنا انقطع الحبل الذي يربطه بالحياة وأضيف إلي ابيه واخويه وبذلك اكتملت علي سلافة رباعية الفقد العظيم هبت واقفة ثم جلست ثم عادت واقفة وهي تهيل علي رأسها تراب أرض "أحد" وراحت تصرخ وتنادي قومها. الثأر.. الثأر.. يا قريش.. أقسم باللات والعزي ألا تهدأ لي لوعة أو تجف لعيني دمعة أو يغمض إلي جفن قبل ان أشرب في تحف رأس عاصم بن ثابت ما يثملني من الخمر. ايها الناس.. هي مائة ناقة.. أنذرها لمن يأتي إلي برأس عاصم.. فمن يظفر بهديتي يافتيان مكة. المطلوب حيا أو ميتا إنه عاصم بن ثابت بن نفيس ونفيس هو الأفلح بن عصمة بن مالك بن أمة بن ضبيعة وامه الشموس بنت ابي عامر بن صيفي بن النعمان وكان لعاصم من الولد محمد وامه هند بنت مالك بن عامر بن حذيفة من بني جحجبا بن كلفة. وقد آخي رسول الله صلي الله عليه وسلم ابن عاصم وعبدالله بن جحش وقد شهد بدراً وأحد وثبت يوم أحد مع رسول الله صلي الله وعليه وسلم حين ولي الناس وبايعه علي الموت وكان من الرماة المذكورين المشهود لهم بالبراعة وكان يهتف مفاخراً أنا أبوسليمان ومثلي راما ورثت مجدي معشر كراما أصيب مرئد وخالد قياما. كان يقاتل وقلبه يهفو إلي الشهادة وفي ليلة العقبة أو ليلة بدر سأل النبي محمد صلي الله عليه وسلم رجاله. كيف تقاتلون؟ فقام عاصم فأخذ القوس والنبل قائلا: إذا كان القوم قريبا من مائتي ذراع كان الرمي!! وإذا دنوا واقتربوا أكثر كانت الرماح فإذا تقصف وضعناها وأخذنا بالسيوف وكانت المجالدة "يقصد الصراع والمبارزة". فقال النبي صلي الله عليه وسلم: هكذا نزلت الحرب من قاتل فليقاتل كما يقاتل عاصم. لكن المقاتل الشجاع كان يخوض معاركه وهو يعرف ان رأسه مرصود ومطلوب علي حساب نذر سلافة! وللقصة بقية