* يسأل عصام حسن من أسيوط: حينما ارتفعت أسعار العملات الأجنبية قام بعض التجار بإخفاء السلع المستوردة وامتنعوا عن البيع حتي يقل المعروض بالأسواق ويرتفع الثمن. فما حكم الدين في أمثال هؤلاء؟ ** يقول د. صبري عبدالرءوف أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: التجارة فن ومهارة والتاجر الصدوق يُحشر يوم القيامة في زمرة الصديقين والصالحين. مادام التاجر سمحاً في بيعه وشرائه وتعامله مع الناس لأنه علي يقين أن الرازق هو الله عز وجل وان رزقه لن يستولي عليه أحد لأنه إذا انتهي الرزق انتهي الأجل ومادام الإنسان به رمق من الحياة فلابد أن يكون له نصيب من رزق الله عز وجل. وفقهاؤنا الأجلاء قد اهتموا بالفقه الاقتصادي والقضاء علي البطالة. ولهذا رأينا سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يضع مبدأ هاماً من أجل تحريك عجلة الاقتصاد القومي والقضاء علي الاحتكار من أجل سعادة أبناء المجتمع ومن أقوال سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في مثل هذه الأمور: قوله: "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون". فالجالب هو الذي يأتي بالسلعة لييسر الحصول عليها لراغبي الشراء لهذا فإنه مرزوق من الله الذي يبارك له في ماله وفي بدنه وأهله أما المحتكر فهو الذي يقوم بإخفاء السلعة ومنع عرضها للبيع حتي يقل المعروض من السلع بالأسواق فيكثر الطلب ويقل العرض فيرتفع الثمن وهذا المحتكر ملعون كما بين لنا سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم واللعن معناه: الطرد من رحمة الله عز وجل. والذي يجب أن يحدث في مثل هذه الأمور مع المحتكرين فهذه مسئولية ولي الأمر فالواجب عليه أن يتدخل للضرب بيد من حديد علي أيدي المحتكرين المستغلين لحاجات الناس. جاء في الموطأ ان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيباً له بالسوق "وكان يبيع في بيته فليس له محل تجاري يبيع فيه" فقال له سيدنا عمر رضي الله عنه: اما ان تزيد في السعر واما أن ترفع من أسواقنا وهذا معناه ان حاطب بن أبي بلتعة كان يبيع بسعر أقل وهذا بالطبع يلحق الضرر بسائر أصحاب المحلات التجارية. وهذا لون من ألوان الفساد الاقتصادي لأن ليس بسياسة الاغراق فليس القصد أن يبيع بسعر أقل وانما يريد القضاء علي سائر التجار ولهذا نهاه سيدنا عمر وقال له: اما ان تبيع بسعر أسواقنا واما أن ترحل من بلادنا.