قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر". فمن هديه صلي الله عليه وسلم في سنن الفطرة ما حدده للناس ليتأسوا به وبخاصة انه كان يفعلها وينبه عليها وهي سنن اختارها الله للأنبياء فأمرهم باتباعها وأمرنا بالاقتداء بهم وجعلها من الشعائر التي تميز أتباع الأنبياء عن غيرهم من الناس. ومراد النبي صلي الله عليه وسلم من هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي تحث علي النظافة والطهارة هو تحويل كل ما يتصل بحياة المسلمين إلي عبادة لأن امتثالهم لأمره والتأسي بفعله يعد عبادة ويكون في موازين أعمال العبد الصالحة يوم القيامة. وهذه السنن وإن كان الظاهرمنها النظافة المحضة فإن لها مقصوداً آخر يعود علي الإنسان وهو الوقاية من الاصابة بالأمراض وهو ما يعتبره أهل الطب الحديث من "الطب الوقائي" ذلك ان بعض الأمراض تصيب الإنسان بإهماله العمل بسنن الفطرة. فالسنة المطهرة جاءت بكل شيء في حياة الناس حتي طعامهم وشرابهم ونومهم ويقظتهم ونظافة أجساهم وغير ذلك مما يعود علي الإنسان بالنفع. ومعني الفطرة: السنة والدين. وقيل في أصل الفطرة الخلقة المبتدأة "فطرة الله التي فطر الناس عليها" "الروم: 30". وسوف نتناول إن شاء الله تعالي في هذه الصفحات بعض سنن الفطرة التي وردت في أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم من المنظور الطبي وما أثبتته الأبحاث والعلم التجريبي عن هذه الحقائق النبوية التي وردت منذ ما يزيد علي 1400 سنة. أولاً: الختان فالختان من سنن الفطرة كما جاء في الحديث النبوي السابق. وقبل أن أبدأ في عرض هذا الموضوع المهم والخطير. أود ان أذكر انه منذ عدة سنوات وحتي يومنا هذا كان موضوع الختان موضوع الساعة فكتبت في الختان تحت عنوان "التنازل يبدأ بخطوة. اليوم الختان وغداً القرآن" فما كان من أمن الدولة في ذلك الوقت إلا أن أوقف هذه المقالة عندما وزعت علي اجتماعات المحافظات للجمعية الشرعية» ذلك لأنه كانت في ذلك الوقت عدة مؤتمرات وندوات تنادي بتجريم وتحريم الختان للإناث وكانت برعاية زوجة الرئيس المخلوع سوزان مبارك وللأسف كان هناك من العلماء مؤيدون لهذا التحريم. فذهبوا مع أصحاب الهوي لإرضاء النظام الفاسد والمحارب للإسلام وكانت مبرراتهم أن الختان جاهلية وانتهاك لحقوق المرأة وعدوان ووحشية علي الفتاة الصغيرة وجعلوا الختان جهلاً ورجعية وتخلفاً عن ركب العلم والحضارة وتجاهلوا أن المرأة لم تُكرم في أي عصر من العصور إلا في عهد الإسلام. ويجب أن ننبه إلي مكر الماكرين بالمسلمين وبالناس أجمعين لاسيما في هذا العصر الذي تطورت فيه كل العلوم والمعارف. إن فئة من أصحاب الملل الفاسدة والعقائد الضالة يقومون بالهجوم علي الإسلام ويعملون علي انتشار الفواحش والرذائل وإثارة الفتن حول حقائق الإسلام وتوجيهاته مثل الختان ليضلوا بها الناس ويأخذوا أهل الجهل إلي أهوائهم. وللحق أقول: انه كان هناك علماء أجلاء ثبتوا علي كلمة الحق وإحياء سنة الرسول صلي الله عليه وسلم. وإن شاء الله تعالي وعونه سوف نبين هذا الموضوع قدر الإمكان متجردين عن الهوي ملتزمين بالمنهج العلمي النزيه عسي أن يكون فيه كفاية وغناء لمن أراد الحق. 1⁄4 تعريف الختان في اللغة: مصدر ختن أي قطع. وفي الشرع: ازالة قطعة من الجلدة التي تغطي الحشفة "وهي رأس القضيب" في الذكر. أما في الأنثي فيسمي "الخفض" ويكون بقطع جزء من البظر وهو عضو تناسلي صغير موجود فوق فتحة الفرج وله وظيفة مهمة في الاحساس بالرعشة الجنسية والتمتع بالجماع فهو يشبه القضيب عند الذكر في وظيفته.. وقد جاء في الحديث الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها: "إذا التقي الختانان فقد وجب الغسل". 1⁄4 الختان من الناحية الطبية أولاً: ختان الذكور: إن قطع القلفة "غلاف رأس قضيب الذكر" معروف منذ التاريخ العتيق إما بسبب ديني أو هو عادة اجتماعية سارت في الناس.. وكان أول من اختتن سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما أمره الله بذلك كما روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم". ويوصي الأطباء حديثاً بضرورة ختان الذكر في مرحلة الطفولة. فإن عدم الختان يؤدي إلي ضيق أو انسداد فتحة القلفة التي تغطي رأس الذكر حيث تلتصق القلفة بقمة الذكر ولا يمكن ردها للخلف مما ينتج عنه مشكلات عديدة كاحتباس البول أو احتباس المفرزات الشحمية وتجمع القاذورات والبكتيريا والأملاح الضارة بين القلفة. ورأس الذكر وهذا يؤدي إلي التهاب قمة الذكر مما يسبب سرطان رأس الذكر ويؤدي أيضا إلي منع انتشار وانتصاب العضو أثناء الجماع وتمتد العدوي إلي مجري البول والمثانة والكلي والبروستاتا ثم تصيب الخصيتين والبربخ فتدمرهما تدميراً كاملاً مما يؤدي إلي العقم وأمراض أخري خطيرة. وقد ثبت بالدراسة والتجارب ان ما سبق شائع في الذكور الذين لا يختتنون. ينعكس عدم الختان للذكر علي المرأة التي تتزوج منه بأنها قد تصاب بمرض سرطان عنق الرحم. وعلماء الشرع لم يختلفوا في سُنّية ختان الذكور. ولكن يوجد اختلاف في ختان الإناث.. وهذا ما نتحدث عنه في العدد القادم.