تناولت قلمي» وحاولت أن أخط به تهنئة بعيد الفطر لقرائي الأعزاء. فإذا بالقلم لم يكن كعادته معي مطيعا. ومساعدا. بل أحسست به يتمرد علي. ويأبي أن يكتب ما يميله عليه عقلي وفكري. ويعلن عصيانه لأوامري. وسمعت صرخات تصدر من أعماقه مطالبة لا تكتب تهنئة. بل اجعلها لمسات. أرادها أن تكون لمسات معطرة بنفحات رمضان. وأن يكون مدادها حب يملأ القلب والوجدان . فاستجبت لمطلبه وتركت له العنان ليخط ما بدا له. فإذا هي بكلمات تخرج من القلب فلعلها أن تعبر الآذان لتستقر في القلوب والوجدان . اللمسة الأولي : إلي كل زوجين إلي كل زوجين نعما بالطاعة معا في شهر رمضان. و أخذا من رمضان زادا لبقية العام .. استمروا علي طاعتكم. وإلي كل زوجين أتيحت لهما الفرصة في شهر رمضان للتقارب العاطفي. و شاع في واحتهما الحب والمودة. وظهرت في حياتهما الكلمات الرومانسية التي ظلت غائبة لفترات طويلة. والابتسامة التي طال انتظارها أياما كثيرة .. استمرا في حياتكما علي ذلك . ولتجعلا من العيد. فرصة للتقارب والتواصل الاجتماعي بينكما وبين الأهل والجيران. فكما تقول د.ناهد رمزي ¢علي الزَّوْجَيْنِ أن يجعلا من أيام العيد مجالًا رحبًا. واستثمارًا جيدًا لنشر بذور المحبة والاستقرار. من خلال الاتفاق علي الأقارب الذين سيقومون بزيارتهم. والأماكن الترفيهية التي سيترددون عليها للترويح عن أولادهم. فالعيد فُرْصَةى مُنَاسِبَةى لتجديد أواصر المحبة والتواصل بين الأزواج. وليس للخلاف والشقاق بينهما» بأن يذهب كُلُّ زوج لأهله. بعيدًا عن الآخر. ويقتسما الأطفال بينهما. فليس هذا هو العيد» لأن الهدف من هذا اليوم هو لم شمل الأسرة. وليس تشتيتها وتفريقها¢ . اللمسة الثانية : إلي كل من يحمل هم الأمة برغم كل ما يحيط بأمتنا من المآسي. واحتلال الكثير من أراضيها. و استباحة مقدساتها من قِبل أعدائها وخير دليل علي ذلك استمرار حصار غزة. ولكن برغم من ذلك كله سنبتسم ! وبرغم أننا نري الكثير من أبناء أمتنا قد تركوا التمسك بتعاليم دينهم. و أصبح همهم الشاغل هو طلب الدنيا لكننا أيضا سنبتسم ! وبالرغم من أننا نري ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. و كذلك ارتفاع الأسعار في العالمين العربي والإسلامي وهذه السنون العجاف التي تحصد العشرات بل المئات من أبناء الأمة وانظر إلي تجويع الصومال المتعمد. لكننا أيضا سنبتسم ! وبالرغم من أننا نري أن أمتنا قد تركت موقعها القيادي والريادي التي كانت تتبوؤه منذ انتشار الإسلام. وأصبحت الآن في ذيل الأمم. وأصبحت تقتات وتعتمد علي ما يصدره لها الغرب لتعيش عليه. لكننا أيضا سنبتسم . وبرغم تباطؤ النصر الذي طال انتظارنا له. حتي أصبح الناس يتساءلون ¢ متي نصر الله ¢ ؟ إلا أننا سنبتسم وتملؤنا الثقة بأن نصر الله قريب . سنبتسم » لأنه عيد الفطر. ويوم توزع فيها الجوائز من رب العباد علي من أحسن الصيام والقيام . سنبتسم » فلربما تولِّد فينا البسمة أملا يدفعنا إلي العمل . سنبتسم حتي لا يدب اليأس إلي قلوبنا. لأن المؤمن لا يجد اليأس إلي قلبه سبيلا لأنه يعلم أن القرآن يضع اليأس في مرتبة الكفر ¢ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ¢. و يجعل القنوط دليلا علي الضلال . قال تعالي : ¢ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ¢. سنبتسم ولكننا لن ننسي إخواننا من الدعاء . سنظهر الفرحة بالعيد. ونخفي الألم لواقع المسلمين الأليم في قلوبنا. فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يحب ويرغب في أن يظهر المسلمون السرور والبشر والسعادة وممارسة بعض الألعاب الترفيهية والإنشاد والغناء في ذلك اليوم كما نصت الروايات الصحيحة في البخاري. بل وتعم الفرحة جميع بيوت الصحابة مع أول عيد في المدينة في السنة الثانية للهجرة. و بعد مدة قصيرة من الزمن من إخراجهم من ديارهم بمكة وأبنائهم وأموالهم . ولنبتعد عن الضغائن. ونهتم بإصلاح ذات البين. و لنجتهد في عملنا. ونتقن صناعتنا. و لنتواصي بيننا بالحق والصبر. ولنضع نصب أعيننا قول الله تبارك وتعالي : ¢ وَالْعَصْرِ "1" إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْري "2" إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ "3" ¢. وليكن العيد بداية فرحة حقيقة لنا بالعمل لدين الله. ولكن وفق المنهج النبوي. و نقطة انطلاق لأمتنا نحو الريادة. و السير بأمتنا نحو الصدارة. وعزم أكيد علي النهوض من كبوتنا. حتي نسود العالم كما كنا من قبل . وكل عام وأنت بخير.