يتزامن شهر رمضان المُعظَّم هذا العام مع قدوم فصل الصيف الذي يزداد عاماً بعد الآخر في درجات حرارة الجو لتصل إلي 45 درجة في بعض الأوقات. ونظراً لهذا التزامن انقسم الناس وخصوصاً معتادي التصيّيف ما بين مُتمَسِّكي بعادته السنوية والتي يشترك خصّيصاً في عمل ¢جمعيّات نقدية¢ كمصروف لمتطلبات المصيف. وهناك فريق آثر تأجيل المصيف هذا العام أو حتي إلغاءه خاصة وأنه سيعقب الانتهاء من شهر رمضان الاستعداد لدخول المدارس وما يتطلبه ذلك من مصروفات ملابس وأدوات مدرسية وخلافه.¢عقيدتي¢ استطلعت مختلف الآراء لتكون مع الناس وبينهم. سواء في تصيّيفهم أو تَعَبُّدَهم و¢ تَرَمْضُنَهم¢. يؤكد المهندس مصطفي شيبوب- صاحب منتجع سياحي- أن تزامن الشهر الكريم مع دخول فصل الصيف فرصة عظيمة لنا حيث نستثمر وجود الناس وإقبالهم علي المصيف وتفرّغهم من تزاحم الأعمال والمشاغل في تقديم وجبة دينية روحية خفيفة تتناسب وجميع الأعمار. فنقوم بتنظيم الندوات الليلية علي حمّام السباحة لكبار دعاة الأزهر والأوقاف الذين يتحدثون عن فضائل شهر رمضان وطرق المحافظة علي الصيام من الجوارح وغيرها من الآداب والحكم من فرضية الصيام.يضيف: ولم ننس كذلك الشباب والأطفال من الجنسين ومختلف الأعمار. فننظم حلقات تحفيظ قرآن كريم علي يد مُحَفِّظين من الأزهر الشريف. فهناك فترة صباحية للفتيات ومعهن الأمهات. وفترة مسائية عقب صلاة العصر للبنين. يلتقط خيط الحديث شقيقه الحاج أحمد شيبوب- مشيراً إلي أن منطقة 6 أكتوبر تتميز بكونها مصيف عائلي أقرب للمدينة السكنية التي يعرف سكانها بعضهم البعض. لذلك فهي تجمع بين مميزات المصايف وجو المجتمع السكني. وقد ميَّزها ذلك عن غيرها بالتمسك نوعاً ما بالعادات والقيم والأخلاق حتي في نزول البحر. نادرا ما تجد مناظر خارجة. يستطرد قائلاً: بل علي العكس. فإن معظم سكانها يحرصون علي قضاء شهر رمضان المعظم فيها لهدوئها وبعدها عن الزحام والضوضاء حيث يستمتع المُصَيِّف. الذي هو في ذات الوقت ساكن شبه دائم. بالراحة والنوم في أي وقت يريده. اكثر من هذا فإن كثيراً من الروّاد يحرصون علي الإفطار هنا لأنهم يتمكنون من التجمّع علي مائدة إفطار واحدة وفي لقاءات وحفلات سمر. وهذا ما لا يتوفر بسهولة في أماكن أخري كالقاهرة أو الأسكندرية مثلاً. المصري والنمساوي يؤكد هذا الكلام المستشار مجدي المنشاوي- بمحكمة العدل الدولية بلاهاي- مشيراً إلي أنه يحرص كل عام علي قضاء شهر الإجازة كاملاً في مصر. صيفاً. مصطحباً أسرته الصغيرة للتعرف علي العادات والقيم المصرية. ونظراً لتزامن الشهر الكريم مع فصل الصيف هذا العام فإنه أحرص علي جعل إجازته في هذا التوقيت ليستفيد بالفرصتين. الصيف ورمضان. لتعيش أسرته هذا المصيف ب¢روايح¢ رمضان. يستطرد المستشار المنشاوي قائلاً: سأحرص هذا العام إن شاء الله علي تجميع أهلي وعائلتي في مصر علي مائدة الإفطار مع أسرتي النمساوية. كنوع من التدريب العملي لأسرتي علي العادات المصرية والمظاهر الرمضانية الخاصة التي تتميز بها مصر عن غيرها من سائر بلاد العالم سواء إسلامية أو يوجد بها جاليات مسلمة. وهذا أفضل كثيراً من التحدّث كثيراً عن ذلك لأسرتي. فالتجربة والمعايشة والممارسة خير مُعَلِّمي. رمضان مُمَيّز يتدخل المهندس نبيل مشحوت- مستشار بوزارة التعليم الكويتية سابقاً- بقوله: أحرص سنويا علي قضاء شهر رمضان المعظم في المنتجع. حتي في فصل الشتاء. فهنا تجد طعماً مميزاً يكسوه الهدوء ويُتيح الفرصة أكثر للتعبد والاعتكاف. لأننا نبتعد عن هموم الدنيا ومشاغلها التي تأخذنا طوال العام. فليس أقل من أن ¢نهرب¢ منها شهراً واحداً ونُلقي بهمومنا في مياه البحر. أما المهندس أشرف زين الشريف- رئيس مجلس المتحدة للخدمات الاجتماعية- فيري أن كثيرا من الناس سيحجمون هذا العام عن التصييف أو علي الأقل سيؤجِّلونه لما بعد انتهاء الشهر الكريم خوفا منهم علي جرحه ولو بقليل من المعصية. وربما بسبب قُرب دخول المدارس وما يحمله ذلك من هموم وتفكير في تدبير مصاريفها الباهظة. لكن مع هذا فغالباً ما نجد الأبناء يضغطون علي آبائهم حتي لا يحرموا أنفسهم من المصيف. وأري أن الحلَّ يكمن في الأخذ بجزء من الكل حتي لا نُضَيّع الكل. بمعني أيام قليلة من التصييف ترويحا عن النفس لن يؤثر كثيرا علي الميزانية وفي ذات الوقت لا نُضيّعه في ما يُغضب الله بل نجتهد في الطاعة والعبادة طالما توفَّر ذلك في الندوات وحلقات تحفيظ القرآن. الإباحة لا ¢الأباحة¢ يُصَدِّق علي كلامه الشيخ يسري النِكْلاوي- واعظ بالمنطقة الأزهرية بالأسكندرية- مؤكداً أن المنطقة الأزهرية وإدارة الأوقاف بالمحافظة تحرص كل عام علي استثمار فرصة تواجد المصطافين فتضاعف من قوافلها الدعوية في المساجد والتجمعات الجماهيرية لنشر وتصحيح الصورة الوسطية والمعتدلة عن الدين الحنيف والتي تعرّضت في الفترة السابقة لكثير من التشويه والتضليل الذي وضع الدعاة في مأزق وكأن الدين ما جاء إلا لتحريم كل شئ علي الإنسان. في حين أن العكس هو الصحيح فكل شئ مباح في الحياة ما لم يأت نصى بالتحريم. وكما يقول العلماء: الأصل في الأشياء الإباحة. وأضيف: الإباحة لا ¢الأباحة¢. فإذا أراد المسلم أن يستمتع بنعم الله عليه من شواطئ ومتنزهات وجو مريح للنفس والبدن ويعينه علي أداء باقي العبادات. فما المانع في ذلك طالما أنه لم يرتكب إثماً أو معصية؟!