لماذا لم يتمكن العالم الإسلامي من وقف حملات الهجوم علي مقدساته ورموزه رغم امتلاكه قدرات مادية مهولة؟ سؤال يفرض نفسه مع تجدد حملات الاساءة التي تستهدف تشويه صورة الإسلام واتباعه والصاق صورة نمطية قميئة وغير حقيقية عن ديننا الحنيف. يؤكد الدكتور محمد عمارة. المفكر الإسلامي المعروف. أن غياب الخطط المدروسة علي أسس علمية وضعف دور المؤسسات الدعوية والعلمية الإسلامية وغلبة الارتجال والجهود الفردية في الرد علي حملات الهجوم من الأسباب الرئيسية في ضعف جهود تحسين صورة الإسلام في العالم. مبينا أن اغلب ردود الفعل انفعالية ووقتية وهزيلة تحدث عقب كل اساءة ولا تخرج عن نطاق الدعوات لمحاصرة السفارات الدبلوماسية الغربية في بلادنا الإسلامية ولا تحقق أي مصلحة حقيقية للدفاع عن الدين الحنيف.. ويوضح أن الحملات التي توجه ضد الإسلام تحركها مصالح استراتيجية لدول كبري ولهذا فهي منظمة ومدروسة علميا وينفق عليها بسخاء. مضيفا اننا مطالبون بالوعي والحكمة وادراك الموقف بأبعاده المختلفة واتخاذ كافة السبل التي تمكنا من الرد علي هذه الاساءات والدفاع عن مقدساتنا ورموزنا الإسلامية. وشدد علي ضرورة بذل المزيد من الجهود لايضاح حقائق الإسلام وسماحته مع الآخر. مطالبا المؤسسات والمراكز الإسلامية بتبني خطة استراتيجية شاملة توضع علي أسس علمية وتكون ممتدة بحيث لا يتوقف عملها علي وجود حملة عدوان جديدة ضد ديننا ونبينا الكريم فيكون تصرفنا دائما منطلقا من رد الفعل ولا يستند الي منظومة علمية متحضرة تأخذ بالاساليب العلمية الحديثة ويشارك في وضعها وتنفيذها جميع ابناء الأمة الإسلامية. ابحث عن المصالح وقال عمارة إنه يجب علي دول العالم الإسلامي الضغط السياسي والاقتصادي والقانوني علي كافة المؤسسات السياسية والدينية والتمويلية لإعلان موقفها الرافض لهذه الإساءات. مؤكدا أن النجاح في حضها علي إعلان عدم قبولها الفكري والأدبي والسياسي واستهجانها للاساءات كفيل بالحد من هذه الحملات وربما يؤدي الي وقفها. وأشار الي ان إسرائيل نجحت في إصدار قانون دولي يجرم الإساءة إلي السامية. وحاولت أن تصدر قرارا آخر يجرم من ينكر الهولوكست. مضيفا أن دول العالم الإسلامي قادرة اذا ملكت ارادتها وبذلت الجهود الحقيقية علي حث الأممالمتحدة ومنظماتها المعنية بحقوق الإنسان علي اصدار قانون دولي يجرم الإساءة إلي الأديان السماوية الثلاثة. ومنع الإساءة إلي المقدسات الدينية والعدوان عليها. وأكد أن تهاون الشعوب والدول الإسلامية في استخدام أدوات الضغط السياسي والاقتصادي التي تملكها لاجبار الغرب علي وقف ومنع الإساءة إلي الإسلام ورسوله- صلي الله عليه وسلم- فضلا عن عدم اتخاذها موقف موحد ضد من يتجرأ علي مقدساتنا يغري بعض الدول والمنظمات التي تستهدف أمتنا بالاستمرار في التطاول علي الإسلام لتيقنها أن أفعالها المشينة لن تواجه بعقوبات اقتصادية وسياسية رادعة. ترسيخ الوسطية ويقول الدكتور محمد أبو ليلة- أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الانجليزية بجامعة الأزهر- إن التحديات التي تهدد أمتنا خطيرة وتستوجب من العلماء والفقهاء والمفكرين العمل علي الارتقاء بوعي الأمة وإشاعة الثقافة والاستنارة الحقيقية والفقه الشرعي بين الناس. مؤكدا أن الدفاع عن الإسلام يتطلب ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال والسعي لتحرير عقلية الإنسان المسلم من الدعوات الفاسدة والمذهبية الضيقة أو الاتجاهات السياسية أو الإقليمية التي لا تؤمن بالموضوعية وتتصادم مع ثوابت الأمة ولا يقرها الشرع. ورفض الاستجابة لعوامل الفتنة التي يسعي البعض لبذرها بين شعوب الأمة حتي تبقي ضعيفة مشتتة لا تقوي علي الدفاع ونصرة قضاياها ومقدساتها. وأضاف أن هناك تيارا غالبا في الغرب وفي الشرق أيضا يرفع لواء العقل ويتخذه نبيا له ويحتكم لأهوائه ويخاصم الإسلام والعقائد الإسلامية ويجعلها هدفا مطلقا لحملاته. لافتا الي أن التهافت واضح في فكر خصوم الإسلام وتأمل خطابهم وتحليله يكشف عن ضعف حجتهم وينسف كل ما يقولون وينادون به من ضرورة رفض قيم العيب والحرام باعتبارها أساس كل الأديان. ويري أن الرد الحضاري علي حملات الهجوم يتطلب تفنيد الاباطيل بطريقة علمية تتفق مع العقلية الغربية ونشر صحيح الدين ومقاصده وسيرة الرسول-صلي الله عليه وسلم- والتمسك بسنته وإظهار هدية في الأقوال والأفعال وتغيير أوضاع الأمة الإسلامية والعمل علي تقدمها في كافة المجالات والقضاء علي الجهل والفقر فيها وتكريس إرادة الناس في نظم الحكم والمساهمة في التقدم الحضاري للعالم. وقال إن مواجهة أبواق الباطل التي تقود حرب غير شريفة علي الإسلام وتستخدم فيها كل الوسائل بهدف كسب المزيد من المؤيدين وإحداث ثغرات في جدار أمتنا للنفاذ منها وإعمال معاول التخريب يستوجب الحوار مع الآخر وتوحيد جبهات المواجهة ضد الإرهاب والفكري الديني المتشدد والمتطرف ودعم جهود المؤسسات المدنية والدعوية وتشجيع العلماء والباحثين والمبدعين من ابناء الأمة وتوظيف طاقتهم لخدمة منظومة الارتقاء بمجتمعاتنا وتقديم صورة ايجابية عن قيمنا .. الوجه الانساني ويقول الدكتور نصر فريد واصل. مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء. إن العودة الي تعاليم الإسلام السمحة واظهار وجهه الإنساني هو الرد الامثل علي الإساءات التي يتم إلصاقها ظلما وعدوانا بديننا ورسوله-صلي الله عليه وسلم. مؤكدا أن الأمة الإسلامية مطالبة بالاقتداء بسيرة الرسول-عليه الصلاة والسلام- ومنهجه الدعوي والتحلي بأخلاقه وصفاته التي تحث علي العدل والإخلاص والأمانة والصدق والعمل. بحيث ينعكس ذلك علي سلوكيات الأفراد والمجتمعات ونسعي بجد لبناء امتنا ونجعلها متقدمة ومتحضرة ومشاركة في السباق الحضاري مع الأمم الأخري وننفي عن انفسنا التخلف والتراجع والتردي العلمي والمعرفي. وطالب بضرورة بذل الجهود الجادة والحقيقية لتفنيد كل الافتراءات التي توجه ضد الإسلام ورسوله الكريم. وقال إن امتنا لم تكن طوال تاريخها معتدية أو مغتصبة وانما كانت أمة دعوة وعلم وخير علي الإنسانية وقدمت مساهمات محترمة حققت الكثير للبشرية. وأعتبر أن الرد الأمثل علي الافتراءات يكون بالفكر ودحض الحجة بالحجة والرأي الرأي. لافتا الي أن حملات الهجوم تعتمد علي منظومة إعلامية غاية في التقدم تحتاج من الأمة ان تدرس تفاصيلها جيدا وتواجهه من خلال منظومة علمية متكاملة يشارك فيها الجميع لانها تقوم علي المحاربة بذات الاساليب التي تستخدم ضدنا. إذ لا ينفع مع هذه الحملات ويحبط اثرها سوي العلم والفكر والاعلام والفن الهادف. وشدد علي أهمية الأعمال الفنية التي تكشف عظمة الإسلام وسماحته. مؤكدا أنه يجب إنتاج أفلام دينية هادفة توضح عظمة الإسلام ورسوله وسيرته. وتترجم بلغات العالم المختلفة ويتم بثها علي الفضائيات والإنترنت. وأيضا تفنيد كافة الادعاءات الباطلة وترجمتها وتقديمها لشعوب العالم بمختلف الوسائل الحديثة. الأن الأمة أهملت هذا الجانب كثيرا ولم تعيره اي اهتمام فضلا عن تأخرها في وسائل الاتصال وتكنولوجيا الإعلام الحديث الذي يستوعب أولويات العقلية الغربية. وأشار الي أن العالم الإسلامي لم يلجأ ابدا الي ملاحقة المخطئين والمسيئين للإسلام من خلال الوسائل الدبلوماسية والقانونية. مشددا علي أهمية حشد دوله للضغط علي الأممالمتحدة من أجل استصدار قانون ينص علي منع ازدراء الأديان السماوية. ودعا الي دعم المؤسسات الدعوية والفكرية التي تقدم الثقافة والفك والعالم الإسلامي. معتبرا أن الأزهر منارة علمية ودعوية ويجب مساندته ودعمه بكافة السبل حتي يستطيع القيام برسالته ويتمكن من تقديم الإسلام في صورته الوسطية السمحة. وحذر الدكتور أحمد فؤاد باشا. المفكر الإسلامي المعروف. من محاولات الخلط بين الإسلام وسلوكيات وتصرفات بعض المسلمين التي تبتعد عن صحيح الدين باعتبارها أكثر المأخذ التي تستغل للطعن في الإسلام. مؤكدا أن الإسلام ومنهجه ومقاصده دين يدعو الي قيم السلام والحرية والعدل والقسط والرحمة والتعاطف والخيرية والفضائل الإنسانية. وينهي عن الظلم والعدوان والبغي والاثم والفحشاء والفجور والفساد والجحود وكل المنكرات. وقال إن أفعال المسلمين ترجع اليهم ولا شأن للإسلام بها. مشيرا الي خطورة وجود اتجاه يسعي الي خلق ظاهرة الخوف والعداء لكل ما هو إسلامي سواء داخل المجتمعات التي تدين بالإسلام أو غيرها من المجتمعات الأجنبية. واستغلال بعض السلوكيات الفردية الخاطئة المنسوبة لاشخاص للطعن في قيم هذا الدين الحنيف لتحقيق مآرب سياسية. وشدد علي أن تمسك المسلمين بهويتهم والاصرار علي الاقتداء واتباع سنة خاتم الرسل-صلي الله عليه وسلم- قولا وعملا. مصداقا لقوله تعالي:¢ ولن تجد لسنة الله تبديلا ¢. أفضل رد علي حملات التطاول والهجوم علي الإسلام وقيمه. وأوضح أن الجهود التي تبذل لا تستوعب العقلية الغربية والاساليب التي تؤثر فيها ولا تعتمد علي استراتيجيات واضحة للتأثير بها. مشيرا الي أنها في أغلبها تنطلق من ثقافة التنديد والاستهجان وبعضها عشوائي وفوضوي وعنيف لا يصب في صالح الإسلام بأي حال بل يظهرنا همجا وعشوائيين ويصب في تأكيد الصورة التي تصورها الأفلام والرسومات المسيئة ويجعلهم يستمرون في التنكيل بنا. ويقول إن الدفاع عن الإسلام يفرض ترتيب الافعال وتنسيق المواقف بين المؤسسات المؤثرة والأحزاب الكبيرة والجماعات المنتشرة في دولنا وفي العالم الخارجي. مؤكدا أن الأزهر هو المؤسسة القادرة علي تقديم صورة حقيقية عن الإسلام ومقاصده ومنهجه وهو ما يستوجب عليه الإسراع باخرج ورقة عمل والدعوة لفعاليات متتابعة تشارك فيها كل المؤسسات وخاصة العاملة في مجال الفكر والثقافة لتقديم خطاب حضاري يليق بالأمة ومكانتها.