درج المشير عبد الفتاح السيسي علي التأكيد أن الوضع الاقتصادي في مصر صعب للغاية ولن يستطيع فرد واحد مهما أوتي من حنكة النهوض بالبلاد دون تضافر الجهود من قبل الجميع. وهذا رأي منطقي وضروري ولا يقول فيه أحد يدعي الموضوعية غير أنه جوهر العدل وعين العقل. فلا يوجد بلد متقدم في العالم يعيش سكانه رفاهية دون أن يؤدي كل فرد منهم دوره لتحقيق هذه الرفاهية وجعلها واقعا معاشا. إذ ليس من العدل في شيء أن يطالب أحد بالرفاهية دون أن يعمل من أجلها. أو يشارك في الحصاد وقطف الثمار دون أن يشارك في الزرع وبذر البذور . وليس من العقل في شيء أن يضرب طبيب أو عامل عن العمل أو يتوقف موظف عن آداء واجبه ليطالب بكادر ما أو زيادة في الأجر. ولنتذكر أن الثورة الروسية عندما قامت أقرت في بدايتها قانونا يُجَرِّم من يضرب عن العمل أو يتسبب في إعاقته بالخيانة العظمي ومن ثم الإعدام . وبمجرد تطبيق القانون علي نفر قليل انصرف الجميع إلي العمل فتحقق الأمل . وإذا كانت لدينا الرغبة فعلا في المحافظة علي هذا الوطن فكل منا مطالب بتغيير أسلوب تفكيره وطريقة سلوكه ونمط حياته. متحليا بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة التي هجرها قطاع عريض من الناس. مدركا أنه من المستحيل تحقيق المطالب دون مضاعفة الإنتاج . لكن في المقابل علي القيادة والسلطات أيضا ممثلة في الرئاسة والحكومة ومعهما النواب والقضاء أن تتقي الله في عملها وتُخْلِص لوطنها وتعدل بين أفراد شعبها في كل شؤونه. فتقضي علي آفة التزاوج بين السلطة والمال. لأنه يلوح في الأفق الآن ما يبعث علي القلق. فبعض رجال الأعمال ممن تحوم حولهم شبهات كثيرة شرعوا في محاولات مقيتة لاستقطاب المرشحين للرئاسة وتلك كانت آفة عانت منها مصر كثيرا خلال حكم الرئيس الأسبق مبارك. فهؤلاء استطاعوا بفلوسهم تفصيل القوانين علي مقاسهم. ولم يساهم أو يتبرع أحدهم في مشروع من المشاريع بجنيه واحد إلا ومارس بلطجته علي الحكومة فاسترد مقابله الملايين . هؤلاء للأسف استغلوا لسنوات طويلة ذوي النفوذ فأمروا لهم بمميزات لا يستحقونها علي حساب أصحاب الحق وكانت العلاقة بينهم أشبه بعلاقة بريطانيا بالصهاينة في وعد بلفور ¢من لا يملك يعطي لمن لا يستحق ¢. ومثلما استغلوا ذوي النفوذ اشتروا الإعلاميين ضعاف النفوس. فحولوهم إلي أراجوزات وعبيد ودمي سبحوا بحمدهم ليل نهار وباعوا الأخلاق والقيم في سوق النخاسة . بالطبع مطلوب التشجيع وتصفيق النجاح والتقدير لكل رجل أعمال شريف حقق نجاحه وثرواته وضاعف ملايينه ملياراته دون التغول علي أصول الدولة ودون ممارسة الاحتكارات. فهذا وأمثاله هم بحق قاطرة التنمية والنهضة والوصول بمصر إلي شاطيء الأمان. وللشباب المصري أن يفخر بهم ويسير علي دربهم ويتعلم الدروس المفيدة من كفاحهم. فقديما علمونا من زرع حصد ومن جدَّ وَجَد. قال الإمام علي كرم الله وجهه : لا تعاشر نفسا شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفسا جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل.