أكد الخبراء والمتخصصون أن التعصب للرأي وانعدام ثقافة الاختلاف صارت آفة الأسرة المصرية والسبب في كل الصراعات والمشاحنات بين أفراد الأسرة الواحدة مطالبين بضرورة فتح باب الحوار البناء وتعزيز أدب الاختلاف وتقبل الرأي والرأي الآخر حفاظاً علي النسيج الأسري والمجتمعي. أكدت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر علي أن الاختلاف ارادة إلهية لا يمكن تغييرها وطبع أصيل في طبائع البشر. فالاختلاف يكون في كل شيء في العقائد والأفكار والعادات والتقاليد والواقع الاجتماعي. فالله تعالي خلقنا مختلفين ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة فحكمة الاختلاف أن نثري بعضنا البعض لكن بشروط أول هذه الشروط أن يعرف الإنسان تمام المعرفة أنه لا يمتلك الحقيقة كلها بل لديه من الصواب من يحتمل الخطأ وهنا أسوق مقولة الإمام الشافعي التي يقول فيها: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". ضواب أخلاقية وأضافت د. آمنة: المفترض أن الاختلاف يقرب بين الناس ويزيد معلوماتهم لا أن يتباعدوا أو يتباغضوا ويكره بعضهم بعضاً لكن هناك ضوابط أخلاقية لابد من الالتزام حفاظاً علي النسيج الأسري والمجتمعي.. فلكل إنسان أن يختار ما يريد من المرشحين ولا يسب الآخر ولا يشوه صورته ولا يخونه ولابد أن نتخلي عن ثقافة التنطع التي صارت سمة من سماتنا مع كل أسف فكم أتعجب وأندهش وأنا أقرأ خبراً في احدي الصحف يفيد حرق كشك أو بيت ليس لسبب سوي لمجرد أن عليه صورة لشخص لا يريدها هذا المتنطع وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما قال ورددها ثلاث مرات: "هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون". فالتنطع هو أن يكره المتنطع المختلف معه فكرياً رغم أن الاختلاف سنة إلهية واستطردت ما أحوجنا ونحن نمر بهذه الظروف الصعبة الاستثنائية التي انقلبت بها الموازين إلي تعزيز ثقافة الاختلاف وتقبل الرأي الآخر وأن نلتزم جميعاً بأدب الاختلاف ولا ندخل في صراعات مدمرة وهنا أوصي المساجد والكنائس وكافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الوقوف بشكل جاد وحازم أمام ثقافة الاختلاف وتدعيمها وقبولها والبعد كل البعد والتقاتل والتناحر حتي تمر هذه الأيام بسلام لأننا بعد اختيار رئيس الدولة سننتقل لاختيار البرلمان وعلينا أن نتفرغ لبناء بلادنا. المناخ السياسي وأوضحت الدكتورة إيمان صلاح غنيم مدرس الصحة النفسية بجامعة الأزهر أن تبدل قيمة وثقافة الأسرة المصرية ما السبب في كل ظهور هذه السلبيات فقديماً كنا نتحاور ونختلف لكن دون تجريح أو أن يشوب العلاقة الأسرية أي شائبة وأرجعت هذا التغير الذي طرأ علي الأسرة المصرية إلي الظروف السياسية والاجتماعية التي مرت بها مصر في السنوات الأخيرة فبعد سنوات من الكبت وتكميم الأفواه خرجت ثورة يناير من رحم هذا الشعب المكبوت ليعلن تمرده علي ظروفه المريرة ورفضه لها وهذا التمرد كان مصحوباً ببعض المطالب لكن حدث ما لا تحمد عقباه أن زادت حدة الخلافات والصراعات داخل الأسرة بسبب التعصب للرأي ورفض الرأي الآخر وهذا هو الشيء غير المقبول وما يجب تغييره.. لذا أري أن الأسرة من أب وأم في أشد الحاجة إلي اعادة النظر في طريقة تفكيرهما وتحاورهما مع بعضها البعض فإذا استطعنا اصلاح رب الأسرة قد يسهل بعد ذلك اصلاح الأبناء فبعيداً عن الأبناء ومانراه من تعصب شديد للرأي كذلك الأب والأم متعصبان وكم سمعت ورأيت خلافات ومشاجرات تقع داخل الأسرة الواحدة بسبب التعصب لرأي معين ورفض الآخر جملة وتفصيلاً وقد قصت لي احدي الأستاذات أن لديها ولدين علي خلاف دائم بسبب الآراء السياسية وصل هذا الخلاف إلي أنهما لا يكلمان بعضهما البعض ويكيل كل منهما للآخر أسوأ الاتهامات وهذا بالطبع شيء خطير لابد من تداركه لأنه يقع في معظم الأسر المصرية هذا سيساوي وهذا إخوان وذاك فلول.. فهذا التحزب والتعصب لا يفيد بل أنه يلحق ضرراً بالغاً بالجميع حيث تصاب العلاقات بالتوتر والشرخ الذي يصعب التئامه إلا بعد سنوات. وحملت د. ايمان الإعلام المسئولية الكبري في تعزيز ثقافة الاختلاف لأن الإعلام نفسه غير محايد وغير موضوعي إنما لكل فتاة توبة وهدف ولكي تحقق هذا الهدف تزيد الأمور تعقيداً مما يزيد من التعصب للرأي داخل الأسرة.. لذا أطالب وسائل الإعلام أن تراعي الله في هذا البلد وتكون محايدة قدر الامكان. ترويض الحيوان وأشارت الدكتورة زينب النجار أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر إلي أن لكل إنسان طباعاً وسمات شخصية هي التي تتحكم في تصرفاته وسلوكياته مع المحيطين به وإن كان من الصعب تغيير هذه السلوكيات أو اقتلاعها من جذورها إلا أنه ليس مستحيلاً تعديلها وتقويمها فنحن نستطيع ترويض الحيوان وإكسابه سلوكيات معينة وتعويده علي أفعال معينة يقوم بها فما بالنا بالإنسان الذي وهبه الله العقل ليميز بين الصواب والخطأ ويُعمل عقله في كل شيء يقدم إليه ليعرف إن كان صحيحاً أم أن المراد منه تضليله وتغييب عقد. وتساءلت: هل نعجز عن نبذ ثقافة التعصب التي أصبحت آفة الأسرة المصرية وتعزيز ثقافة الاختلاف وتقبل الآخر بصدر رحب.