أكد الشيخ عبدالعزيز النجار مدير عام شئون مناطق وعظ الأزهر أن الإسلام لا يعترف بأي جماعة إسلامية وتكوين الجماعات التي تسعي لزرع الشقاق والتشرذم بين المجتمع الإسلامي الواحد. وأكد أن وعظ الأزهر هي الجهة الدعوية الوحيدة التي يسمح لها بنشر الدعوة داخل وحدات القوات المسلحة وقوات الأمن المركزي. وقال في حواره مع "عقيدتي" إن الدعوة السلفية لم تصل بعد إلي درجة النضوج السياسي والديني. * في البداية سألت الشيخ عبدالعزيز النجار: في الفترة الأخيرة بدأ رجال السلفية خلق مشاكل علي المساجد لمنع خطيب الأوقاف وصعود خطيب السلف بالمخالفة للقوانين فكيف تقرأ هذه الصورة؟! * * الدعوة السلفية في مصر وليدة السبعينيات من القرن الماضي. مازالت في مرحلة الصبا السياسي والديني ولم تصل بعد إلي درجة النضوج. فاعتداؤهم علي منابر المساجد ومحاولة الاستيلاء عليها بالقوة متجاهلين حرمة القوانين المنظمة للعمل الدعوي داخل الجمهورية. ضاربين بجميع القوانين عرض الحائط. ليبلغوا رسالة.. أن الدعوة السلفية فوق القانون والدستور. وهذا يعد تعدياً علي منظومة الدعوة. ويؤدي إلي فشل السيطرة علي المنابر من قبل الإدارات المعنية بهذا. وتحصل هناك فوضي في اعتلاء المنابر. لنصل إلي التناحر والاشتباك بالأيدي والتنابز بالألقاب. وربما تسيل الدماء داخل المساجد. وهذا العمل الهمجي يخالف منهج الإسلام السمح الوسطي الذي يدعو إلي البناء لا الهدم.إلي الوحدة لا الفرقة إلي الاعتصام بالله والتمسك به. وإلي الأخوة في الإسلام.. إلي الهدف الذي أنشئت من أجله المساجد. لقد خصصت المساجد للعبادة ولتقوية العلاقات الاجتماعية من خلال التقاء المسلمين خمس مرات في اليوم والليلة. خصصت لتحقيق الوحدة.والألفة بين قلوب المسلمين. خصصت لعدم التكبر. لأن المساجد تعلمنا التواضع.. يقف الغني بجوار الفقير. الشريف بجانب الوضيع. والقائد بجوار الجندي. فلا فضل لأحد علي أحد إلا بالتقوي لا بالزي وبالحنجرة ولا بمن يحتمي بشيعته. احتكار الأزهر * إذا كانت المساجد هكذا.. وهذه الدعوة.. فلماذا يحتكرها الأزهر فقط؟! * * من حق ولي الأمر في الدولة الإسلامية أن يعين من ينوب عنه للقيام بالدعوة والخطابة في المساجد وكذلك إقامة الصلاة. وهذا الأمر من اختصاص الحاكم وعلي مدار التاريخ والخلفاء أو الولاة يقومون بتعيين أئمة المساجد. والقضاة. والمفتين. وكل ذلك يدخل في نطاق عملية تنظيمية أقرها الشارع الكريم. وعلي مدار التاريخ كان يقين الحكومات العربية والإسلامية أن علماء الأزهر هم الذين يدرسون العلوم الشرعية وجميع المذاهب. ومن هنا أسندت الحكومات علي مدار العصور مهمة الدعوة لرجال الأزهر. في الداخل والخارج وتعارف الناس علي ذلك. لا لجماعات الفرقة * إذا كان لدينا الجهة الدعوية المنوط بها هذا العمل فليس لنا حاجة بالجماعات الإسلامية.. فهل تعتقد هذا؟ * * ليكن في علم الجميع أن الإسلام لا يعترف بأي جماعة إسلامية ولا الفرق. وإنما يعترف بأن الأمة الإسلامية أمة واحدة موحدة الهدف والغاية ويجمعهما القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة وأقوال الصحابة ولذلك أمرنا الإسلام بالتمسك بالوحدة في أكثر من موضع من القرآن الكريم "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا". * وما العيب في تكوين جماعات إسلامية لتقوم بالدعوة؟ * * إن قيام مثل هذه الجماعات.. هي دعوة للفرقة والتشرذم وتقسيم الأمة. وإذا أصبحنا شيعاً ضرب بعضنا رقاب بعض يقول الرسول صلي الله عليه وسلم "لا تعودوا كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". إن بداية هذه الجماعات الاستيلاء علي المساجد وهي بداية "الرقاب".. وهذه سياسة الغابة الغلبة للقوي. حيث يجمعون أعداداً من الشباب يستخدمونهم في الضغط علي الجهات المعنية للرضوخ لمطالبهم والاستجابة لها والاعتراف بآرائهم ومحاولة تقبل أفكارهم. لا إخوان ولا سلف * إذن الإسلام والشريعة الإسلامية لا تعترف بشيء اسمه الإخوان المسلمين؟ * * هؤلاء لا يمثلون الإسلام. ولا يعترف بهم الإسلام. فلا يستطيع أحد أو جماعة علي وجه الأرض أن تدعي أنها تمثل الإسلام. لأن الإسلام منهج من يعتقده يصبح مسلماً. والمسلم يخطيء ويصيب لأنه بشر.. المنهج الإلهي ليس فيه خطأ. لأنه عمل إلهي. فإذا ما ادعي شخص أنه يمثل الإسلام. ثم يظهر منه ما يخالف الشرع فهل يحسب هذا الفعل علي الإسلام؟! لا يمكن أن يدعي أحد أنه يمثل الإسلام إلا إذا بلغ حد الكمال. والكمال للبشر محال. مكانة شعبية * متي يحتل وعاظ وعلماء الأزهر المكانة الشعبية التي احتلها الإخوان والسلف؟ * * مكانة علماء الأزهر لم تهتز في قلوب المصريين لكنها تعرضت لفترة من فترات المد والجزر. ورغم هذا مازال الناس ينتظرون الأزهر لانهم يعلمون أن الأزهر هو القاسم المشترك بين جميع المذاهب. ولكن الجماعات مثل الإخوان والسلف تعمدوا علي مدار عشرات السنوات الماضية هز صورة الأزهر ورجاله والتعتيم علي دورهم كي يحتلوا مكانة علماء الأزهر ونجحوا في ذلك فترة ما.. ولكن الله أحبط أعمالهم وأظهر عورتهم. وأعلن عن سوء نيتهم. * السؤال مازال مطروحاً هل سيحتل علماء الأزهر المكانة الشعبية التي احتلها الإخوان والسلف؟ * * الأزهر مازال موجوداً وسيظل في قلوب الناس.. والآن بدأ الناس يقبلون علي الأزهر وحده خاصة بعد أن أدرك الجمهور حقيقة الإخوان. وانتماؤها وكذلك انكماش السلفيين وبعدهم عن الساحة نوعاً ما واختقاء القنوات الدينية المروجة لعلماء هذه الجماعات غير المختصين.. كل هذه العوامل التي كانت تهون من قيمة الأزهر ولذلك انكشف الأمر للناس.. أن الأزهر ورجاله هم الجهة الوحيدة المخلصة المنوط بها الدعوة الإسلامية. الجيش والوعظ * ما الدور الذي يقوم به وعظ الأزهر الآن؟ * * الأزهر هو المؤسسة العلمية العالمية الذي يختص بنشر الدعوة الإسلامية في الداخل والخارج والنظر في القوانين ذات الصلة بالشريعة الإسلامية والوعظ أحد روافد الأزهر المنوط به الالتقاء بالجماهير في القري والنجوع فقد قمنا بإعادة هيكلة القيادات في مناطق الوعظ المنتشرة في جميع محافظات الجمهورية. والاستعانة بالمتميزين فكرياً وعلمياً في نشر الدعوة الإسلامية وفي تنشيط الدعوة. ووعاظ الأزهر هم الجهة الوحيدة التي يفتح لها أبواب معسكرات الجيش والشرطة لإلقاء الخطب والمحاضرات لضباط وجنود القوات المسلحة. وكذلك جنود الأمن المركزي. اضف إلي ذلك يقوم وعاظ الأزهر بإلقاء الخطب والمحاضرات في جميع مساجد مصر. وهل هناك تنسيق بين واعظ الأزهر وخطيب الأوقاف؟ * * هناك تنسيق غير مسبوق بين الأزهر والأوقاف في عملية الدعوة داخل المساجد. ويتم التنسيق علي مستوي الإدارات والمناطق حتي لا يتعارض وجود الواعظ يوم الجمعة مع خطيب الأوقاف. وحسب تعليمات وزير الأوقاف تقوم الأوقاف بإعداد مساجد خاصة للوعاظ حتي يتم التناغم بين الوعظ والأوقاف. الدعاية الانتخابية * هل سنسمع أن واعظاً من الوعاظ يقوم بالترويج في الدعاية الانتخابية لمرشح معين؟ * * أبداً.. ولكن يكون دور الوعظ مقصوراً علي التوعية من خلال الشرع الإسلامي بضرورة المشاركة في العملية الانتخابية وعدم التكاسل في إبداء الرأي في اختيار رئيس الجمهورية القادم. ويحظر علي الدعاة والوعاظ الدعوة لأي من المرشحين حتي ولو كان تلميحاً أو تصريحاً. الابداع والشرع * عندما تثار قضية فنية أو ابداعية.. من الملاحظ أننا نجد شقين المبدعين في جهة والعلماء في جهة أخري فلماذا هذا التعارض؟ * * أولاً العلماء ليسوا ضد الابداع. والإسلام ينشد الابداع ويثني علي المبدعين.. لكن هناك اشكالية.. وهي أن المبدع حينما يقوم بعمل ينظر لعمله من وجهة نظره فيراه جيداً والشرع ينظر للابداع من وجهة شرعية فيراه سيئاً.. مثلاً رواية آيات شيطانية رآها المبدعون إبداعاً وهذا حقهم. أما الشرع فرأي فيها اساءة للإسلام وكذلك الصور المسيئة يراها أهل المهنة ابداعاً وهي في الحقيقة اساءة واضحة للإسلام وهذه هي النقطة التي يقف عندها المبدع والشرع.