وصف خبراء ومفكرون وفلاسفة العالم العربي بأنه يعيش حالة من القلق والتوتر وأزمة عقلية نتيجة التصارع فيما بين عدة تيارات فكرية وفلسفية كالعلمانية والأصولية والحداثة.. مطالبين بوضع مشروع قومي لتخطيها. جاء ذلك في الندوة التي عقدها مركز بحوث الشرق الأوسط بجامعة عين شمس تحت عنوان "إشكاليات الحداثة في الزمن الكوكبي" بحضور نخبة من الفلاسفة والمفكرين والمتهمين بالشأن الثقافي المصري. أكد المفكر د.مراد وهبة أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس أنه يمكن إنقاذ وضع مصر الحالي من خلال تعزيز قوة الضبط والربط والاعتماد علي رجع الصدي من المجتمع. الأمر الذي افتقدناه خلال فترة حكم الإخوان. بالإضافة إلي اللجوء إلي حلول إبداعية لحل مشكلات المجتمع. تحدث د.وهبة حول الأصولية والعلمانية والحداثة وما بعدها والتي تعد من المصطلحات الرائجة اليوم في العالم العربي. حيث تعيش الحركة الفكرية والثقافية حالة من الغليان والتربص. وتحاول أن تهضم التحولات التي يشهدها العالم. انطلاقاً من واقع عربي مأزوم. ومشرف علي المجهول. أشار إلي أنه نشأت خلال القرن ال 20 مدرسة في ألمانيا علي أثر الحرب العالمية أصدر زعماؤها أحد الكتب الذي يتحدث عن التنوير بما أظهر إشكالية ظهور تناقضات كما استنكرت وجود الفاشية النازية في ظل الحديث عن انتشار التنوير في أوروبا بما يفرض وجود تناقض في دعوات التنوير بل إنهم اعتبروا أن معاداة اليهودية ضرب من ضروب التناقض. أكد أن العقل البشري مازال مشغولاً بمسائل لم يعثر علي إجابتها ولكن سيظل يفكر فيها ولعل من أبرزها التفكير في المطلق سواء كان آلة أو دولة مشيراً إلي أن وجود الحكم المطلق كما كان خلال فترة حكم هتلر يعد ضرباً من ضروب الوهم. تناول وهبة "إشكالية ما بعد الحداثة" والتي تتمثل في تحويل المجتمع إلي الكتروني من خلال نسف المسافة زمنياً ومكانياً التي تؤدي في النهاية إلي انفجار البيانات والمعلومات وحرية انتقال المعلومات بين أبناء الكوكب الواحد. من جانبه أكد د.جمال أبوشقرة مدير مركز بحوث الشرق الأوسط ومقرر عام الندوة أن العقل العربي والمصري يعيش أزمة حقيقية فهو لم يتجاوز بعد المرحلة العقلية لأننا لم نتشبع بالعلم والمنطق والفلسفة فمازال يبحث عن اكتشاف ذاته وحتي الآن مازالت الحكومات في العالم العربي والإسلامي تحجر علي حرية العقل بل وتلجأ إلي إلغائه تماماً. في حين تجاوز الغرب الحداثة وصولاً إلي ما بعد الحداثة. أشار إلي أن مصر شهدت أياماً حالكة الظلام في ظل حكم الإخوان حيث اتخذوا من أنفسهم عقلاً يفكر للشعب وقاموا بإقصاء حرية التفكير. إلي أن وصل الأمر بنا أننا نعيش مثل الكائنات المتحفية التي تعيش في الخرافات بعيدين كل البعد عن استخدام العقل. في الوقت الذي يحاب العقل الغربي الآن للوصول إلي حريته الإبداعية تاركاً خلفه ظلمة العصور الوسطي. فيما أشارت الدكتورة مني أبوسنة أستاذ الأدب الانجليزي إلي أن العقل العربي بعيد عن الحداثة فهو يرفض مبدأ القطيعة مع التراث. فهو مستعد أن يستهلك كل منتجات الغرب ولكنه يرفض المبدأ العقلي الذي أنتج هذه المنتجات العلمية حيث يعتبر أنها في حاجة إلي مغامرة فكرية بل إنها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وألمحت د.أبوسنة إلي أن الأحزاب السياسية الآن تتهرب من استخدام مصطلح العلمانية وتلجأ إلي مصطلحات أخري ليس لها معني وتدعو إلي مواجهة المشاكل علي حقيقتها والإبداع في المجالات التي يمكن أن تساعد في إدخال العقل العربي في مجالات الحداثة.