باستثناء حكومة الدكتور كمال الجنزوري توالي علي مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 مجموعة حكومات رأسها الدكتور عصام شرف والفريق أحمد شفيق والدكتور هشام قنديل والدكتور حازم الببلاوي وأخيرا الدكتور إبراهيم محلب عجزت جميعها عن إيقاف التدهور الاقتصادي ووضع حد للغلاء الناتج عن جشع الأغنياء. وفشلت فشلا ذريعا ومريعا في رفع المعاناة عن كاهل الغالبية العظمي من الموطنين ذوي الدخل المحدود . ويرجع السبب الأساسي في ذلك إلي غياب الرؤي والخطط الاستراتيجية التي تحدد آليات الوصول إلي الهدف المنشود نظرا لاختيار وزراء هم في أحسن الأحوال قليلو الكفاءة والخبرة غير ملمين بمشاكل الناس. والدليل القاطع والبرهان الساطع علي ذلك ما أطلقه وزير التخطيط مؤخرا من تصريحات تتعلق برفع الدعم عن الكهرباء والبنزين أصابت الشريحة الأكبر من المصريين باليأس والإحباط . ألم يفكر هذا الوزير ولو للحظة أن رفع الدعم عن الكهرباء والبنزين سيؤدي بالتالي إلي رفع أسعار جميع السلع الأساسية التي لا غني للطبقة الكادحة عنها؟. وألم يدرك أن المزيد من رفع الأسعار يعني مزيدا من التدهور في قيمة الجنيه وبالتالي دق المسمار الأخير في نعش الاقتصاد المصري لتندلع لا قدر الله ثورة الجياع التي يخشاها الجميع . يخيل للمرء أحيانا أن هؤلاء المسئولين يتعمدون جلب النكد للناس والحرص علي اختلاق المشاكل من لا شيء. لأن أمامهم الكثير من الحلول والبدائل يفوق مفعولها مفعول العصا السحرية التي لا يملكها وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر علي حد قوله ولكن يفكرون في اللجوء إليها أو في الأخذ بها. وأول هذه الحلول تحديد الحد الأقصي للأجور علي ألا يزيد عن عشرين ألف جنيه ثم الدعوة إلي الضرب بيد من حديد علي الفساد الضارب أطنابه في كل مفاصل الدولة وفي مقدمتها قطاع الكهرباء والبترول . لقد حان الوقت لأن تشفي العدالة صدور قوم مؤمنين ونري الفاسدين وقد دفعوا الثمن غاليا وتطهرت بلادنا منهم. لقد آن الآوان لأن تلحق مصر بركب الدول المتقدمة في القضاء علي الفساد وتسود فيها الشفافية والمكاشفة. وأقرب مثال علي ذلك بريطانيا فقبل أيام قلائل وتحديدا يوم الأربعاء الموافق 16 أبريل الحالي اضطرت وزير الثقافة هناك السيدة ماريا ميلر إلي الاستقالة علي خلفية اتهامها بالتبذير - وليس بالاختلاس - لإنفاق خمسة وأربعين ألف جنيه استرليني في غير البنود المخصصة لها. وأرفقت مع الاستقالة مبلغ خمسة آلاف جنيه استرليني قائلة ممكن أن يكون هذا المبلغ قد تم صرفه في غير البند المخصص له أما بقية المبلغ فأنا مطمئنة إلي أنه أنفق فيما يجب أن ينفق فيه! . نريد وزراء من هذا القبيل لا وزراء يفكرون كيف يقدمون الفقراء قربانا للأغنياء. نريد وزراء يخططون ويبتكرون أدوات للبناء لا معاول للهدم . ونريد أن يخرج مسؤول علي الناس يوما بأخبار سارة بدلا من هذه التصريحات والتدبيرات الضارة . يكفي هذا الوزير جهلا بمشاكل الناس أنه يصنف من عندهم غسالات كأغنياء. ولم يتطرق إلي أصحاب المصانع المعفيين من الضرائب والذين تلتهم مصانعهم النسبة الأعلي من إنتاج الكهرباء والمحروقات وتحاسبهم الدولة بنفس السعر الذي تحاسب به من لم يجد قوت يومه. بحجة واهية هي دعم الاستثمار . فيا أيها الوزير الذي يخطط لقهر الناس أقول لك ولأمثالك ولكل مسؤول : - ارفعوا نسبة الضرائب علي من مصوا دماء البسط . - أوقفوا استيراد الجمبري والاستاكوزا والرفاهيات . - اضربوا بيد من حديد علي رموز الفساد . - ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء . قال الشاعر عبد الرحمن بن مساعد في قصيدة احترامي للحرامي