أعدت وزارة الإعلام مؤخرا ميثاق شرف إعلامي خاصا بالإعلام المرئي والمسموع وطرحته للحوار المجتمعي ورأي البعض أنه ما كان يجب أن يأتي من فوق. أي من الحكومة. وكان الأرجح أن يتولي الإعلاميون أنفسهم إعداده بمشاركة أساتذة وخبراء في الإعلام ولا مانع من مشاركة بعض المسئولين بالوزارة في عملية الإعداد. ومع أن هذا الرأي الأخير منطقي إلا أنه غير قابل للتطبيق في حالة المشهد الإعلامي المصري ذلك لأن الذين يتصدرون هذا المشهد حاليا باستثناء منتسبي التليفزيون والإذاعة الرسمي ليسوا من المؤهلين للمشاركة في إعداد ميثاق شرف ولا تنطبق عليهم الشروط أو تتوفر فيهم المعايير المهنية الصحيحة وجل اهتمامهم منصرف - بأوامر من اصحاب تلك المحطات الخاصة - إلي تحقيق أرباح مادية مبالغ فيها حتي لو كان ذلك علي حساب أمن مصر القومي ومنظومة الأخلاق في المجتمع. لقد أثبتت التجربة بما لا يدع مجالا للشك ما يلي : - أن المشهد الإعلامي تحول بعد ثورة 25 يناير إلي ساحة للصراع وتصفية الحسابات وبوق للصراخ ومنصة لتوجيه الاتهامات دون أدلة. - تبادل الشتائم باستخدام ألفاظ بذيئة والتوغل في الإساءات إلي حد الإساءة للذات الإلهية من مذيع أرعن كل مؤهلاته الإعلامية الصراخ. - استخدام ألفاظ سوقية في لغة الحوار ما تصور أحد في يوم ما أن تصدر من جهاز إعلامي المفروض فيه والمنتظر منه نشر القيم الرفيعة . - الاعتماد في برامج التوك شو علي ما ينشر من أكاذيب ومعلومات غير صحيحة في مواقع التواصل الاجتماعي دون التحقق أو التثبت من صحتها . فعلي سبيل المثال لا الحصر ما قيل أن ثروة مبارك ونجليه في الخارج خمسة تريليونات دولار!! وقيل سبعون مليارا وقيل عشرون وأخيرا إثنا عشر . - انشغال هذا الإعلام المرئي بتوجيه الخطاب للقاهريين فقط واسقاط بقية المحافظات من حساباته. فلم نشاهد من خلاله برامج استقصائية وتحقيقات ميدانية حول مشاكل الناس في محافظات الجمهورية أو في الريف حيث يعيش الفلاحون باعتبارهم الطبقة التي تحمل مصر إلي بر الأمان في هذا المنعطف التاريخي. - عدم الحياد والموضوعية في تناول قضايا داخلية من الأصوب أن نستمع إلي أكثر من رأي حولها . - لم نجد قناة خاصة واحدة موجهة إلي الخارج تخاطب الرأي العام العالمي باللغة الإنجليزية وتنقل له صورة صحيحة وصادقة عما يجري في مصر . - انشغال الإعلام المرئي بإذكاء روح العداوة والبغضاء ونشر الفتن ما ظهر منها وما بطن وإجادته ¢دق الأسافين¢ بين أبناء الشعب. تاركا دوره الحقيقي المتمثل في الإخبار والتثقيف والتنمية والتنوير . احترامي لكل من يعارضني الرأي وأهلا به نجلس ليلة واحدة أمام برامج التوك شو ونحصر القيم التي تبثها وسنخرج بحصاد غزير من البذاءات والافتراءات والأكاذيب ومحاولات التضليل التي من أبرز نتائجها انتشار أنماط عديدة من التوتر والقلق وزيادة الأمراض المزمنة كالضغط والسكر وانسداد الشرايين والخوف من المستقبل بدلا من الإقبال عليه بالأمل وحب العمل . ولو أحسنت الدولة صنعا هناك ما هو أفضل وأنفع من مواثيق الشرف التي لا يقيم لها الإعلاميون وزنا وأعني به سن قوانين رادعة وفرض عقوبات مغلظة تطبق بحزم وصرامة وعزم علي من يتعمد الكذب والتضليل فكثير من القوم يخافون ولا يستحيون . قال الشاعر يصف حال الذين ينقلون أخبارا كاذبة: هم نقلوا عني الذي لم أقله وما آفة الأخبار إلا رواتها