«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشهادة التاريخ:
دماء علي الثوب الإسلامي
نشر في عقيدتي يوم 04 - 03 - 2014

التكفير والغلو.. آفة أمة محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتكفير اصبحت الأمة شيعاً وأحزاباً. بالتكفير سفكت دماء المسلمين وبقرت بطون الأمهات. بالتكفير.. قتل رموز الإسلام سواء من جيل الصحابة أو مما جاء بعدهم.
ولد أول ما ولد من بطن السياسة. بحجه الدفاع عن الإسلام. ولد للقضاء علي رموز سياسية وألبسوه "العمه" حتي يأخذ صبغته الدينية.
جاء المجتمع العربي في شبه الجزيرة العربية حال حياة الرسول صلي الله عليه وسلم علي قسمين.. قسم مؤمن برسالة محمد. وقسم آخر غير مؤمن ويدخل فيهم مشركو مكة وغيرها. وأهل الأديان الأخري اليهودية والمسيحية. واستمرت التركيبه الاجتماعية في شبه الجزيرة هكذا حتي وفاته صلي الله عليه وسلم. وجاء من بعده الخلفاء الراشدون أبوبكر وعمر والتركيبة الاجتماعية هكذا. ومازال المجتمع المسلم الوليد متماسكاً لا تشوبه أي نزعات طائفية أو مذهبية أو سياسية. حتي كانت خلاف ذو النورين عثمان بن عفان والتي انتهت نهاية مؤسفة تنذر بتغيير الفكر في الدولة الإسلامية فقد قامت ثورة عارمة علي خليفة المسلمين قادها ثوار من مصر وغيرها من بعض المدن. وحاصرت منزل الخليفة واقتحموا عليه داره وقتلوه وأرجع المؤرخ عمرو فروخ أول ضربة في عنق عثمان بن عفان إلي محمد بن أبي بكر.
ولذلك أطلق بعض المؤرخين علي هؤلاء الثوار لفظ الخوارج. وأكد ذلك د.شوقي إبراهيم علي عميد كلية أصول الدين الأسبق أن أول ما أطلق "لفظ الخوارج" كان علي ثوار مصر. ولكن التسمية كانت تسمية سياسية لا دينية. أي أنهم خرجوا علي الخليفة لأسباب سياسية لا لأسباب دينية كتكفيرة أو فسقه وما إن قتل عثمان بن عفان وجاء الامام علي رضي الله عنه خليفة للمسلمين حتي ثارت في وجه الفتن. وكانت فتناً سياسية لا دينية وأضطر للدخول في معركتين داخليتين مع من كان يجلس معهم في مجلس واحد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم. دخل في معركة الجمل ووقفت ضده أم المؤمنين لسيده عائشة رضي الله عنها. وانتصر الامام علي في المعركة. ولكن نار الفتن مازالت ترقد تحت الرماد. وكان يقف خلفها لينفخ فيها آل معادية حتي كانت المعركة الفاصلة والتي علي أثارها ظهرت الأحزاب والتقسيمات الدينية. دخل الأمام علي في معركة "صفين" وكاد أن ينتصر لولا دهاء عمرو بن العاص الذي كان يتزعم الجبهة الاخري بقيادة معاوية بن أبي سفيان ورفع المصاحف علي أسنة رماح جند معاوية وترأس وفد المفاوضات عن معاوية الداهية عمرو بن العاص. وأملي جبراً علي أبوموسي الأشعري. الذي لعب به عمرو وخلع الامام علي وثبت معاوية وهنا كانت الطامة الكبري علي الدولة الإسلامية. والتي ظل يعاني منها العالم الإسلامي حتي الآن.
وهنا بدأت مجموعة حكم التحكيم لقبوله من قبل الإمام علي وأطلق علي هؤلاء الشيعه أي الذين تشيعوا للإمام علي وظهرت طائفة أخري رفضت التحكيم واعتبرته حكم بغير ما أنزل الله وبالتالي من رضي به فهو كافر. وأصبح معاوية وعلي وعمرو في معين واحد وهو الكفر وأعلن هؤلاء أن قبول الإمام علي للتحكيم قمة الكفر. وأصبح الامام علي كافراً من وجهة نظرهم ولابد من قتاله. وأطلق علي هولاء الخوارج. ولقبوا بعده أسماء منها.
"المحكمة" جاءت من الشعار الذي رفعته الخوارج عند قبول الامام علي التحكيم يومذاك: لا حكم إلا لله ولا حكم للرجال"وهذه المقولة التي رد عليها الامام علي:" كلمة حق أريد بها باطل" بل أطلق عليهم العلماء "المارقة أخذاً من الحديث" سيخرج من ضئضيء هذا الرجل قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
وأطلقوا علي أنفسهم "الشراه" حيث جعلوا الشراية في سبيل الله غاية يسعي إليها كل فروق المؤمنين
وعرفت الخوارج منذ بداية أمرهم بالزهد والعبادة حتي تقرحت جباهم من أثر السجود. وكانت غلظتهم مع المسلمين لا حدود لها بخلاف غير المسلمين حينما وقع واصل بن عطاء المعزلي بين أيديهم لم ينجه منهم إلا إدعاءه بأنه مشرك مستجير بهم.
ويذكر التاريخ الإرهابي للخوارج أنهم التقوا مع الصحابي الجليل عبدالله بن خبات ومع زوجته وهي حامل فأسروه ووجدوا في عنقه مصحفاً فقالوا له: إن هذا الذي في عنقك ليأمرنا أن نقتلك فرد عليهم: أحيوا ما أحيا القرآن وأن يميتوا ما أمات" فما كان منهم إلا أن جاءوا به إلي حافه النهر وذبحوه ولم يكتفوا بذلك بل بقروا بطن أمراته بجنينها ثم قتلوا بعض النسوة اللاتي كن معه بل قتلوا الأطفال.
وكان هم الخوارج وجل تفكيرهم هو تكفير الصحابة ولا شيء فوق ذلك. ولذلك حينما التقوا بعبدالله بن خبات سألوا: وهذا كان المحضر الدائم لمن يحققون معه ما رأيك في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحسب الرأي إما أن ينجوا أو يقتل. وكذلك حينما التقوا مع ابن الزبير وفتح المحضر كانت الأسئلة هي..هي.. ما تقول في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي..
اغتيال الإمام علي
قبل أن نبتعد عن مسألة الخوارج الأم.. يجب ألا يفوتنا المقام عن ذكر أهم مكاسب التكفير.. وأهم خسارة للإسلام.. كان حادث مقتل الأمام علي كرم الله وجه.. وهذه النتيجة الكبري للتكفيريين والهم الأكبر للمسلمين فقد جهزوا لقتل الإمام علي ومعاوية وعمرو بن العاص وكمنوا لذلك أما معاوية فقد نجا بأعجوبة. وأما عمرو بن العاص فقد أستشعر الخطر فلم يخرج لصلاة الفجر. أما الإمام علي فكمن له ابن ملجم الخبيث وساعده في ذلك امرأة يقال لها "قطام ابنه الشجنة" وكانت فائقة الجمال وقتل علي أباها وأخاها يوم النهر. اتفقت مع ابن ملجم علي قتل من قتل أباها وأخاها. حتي يشفي غليلها. ووعدته بالزواج وبالفعل في ليلة 15 رمضان سنة 40 من الهجرة كان الامام علي قد رأي في منامه الرسول صلي الله عليه وسلم فقال الإمام علي للرسول هل بلغك يارسول الله ما فعلت أمتك معي؟ فقال الرسول صلي الله عليهم وسلم: بلغني كل شيء فإن شئت دعوت لك فنصرت عليهم. وإن شئت تعذيت عندنا فأجاب علي بل أتغذي
عندكم. واستيقظ الامام علي علي ذلك وفسر لنفسه الرؤيا بأنه ميت فتوضأ ولبس ثيابة وبينما هو يلبس نعله أخذ يقول:
أشدد حذاءك للموت: فإن الموت لاقيك
لا تجزع من الموت: إذا حل بواديك
وذهب للمسجد وكان ابن ملجم خلف الباب وما إن دخل المسجد حتي قتله الخبيث بين الخبيث. وهو يتبجح ويقول: الحكم لله: لا لك ولا صحابك فكانوا كما يقول الاستاذ محمد حمزة "في التآلف بين الفرق الإسلامية" كانوا في حقد أسود علي جميع المسلمين.
الكل كافر
بعد أن أوقدت الخوارج نار التكفير.. انطلقت شرارتها لتحرق التكفيريين أنفسهم. فظهرت فرق الخوارج التي تكفر بعضها الآخر. في البداية ظهرت الأرق. والثانية النجدات ابتاع نجده بن عامر. وبدأت هذه الجماعات تضع لنفسها منهجاً فكرياً يدور حوله الخلاف والجدل كما تدور هذه المناهج حول مواضع من ناحية التكفير ومن هذه القضايا القعود عن الهجرة. استباحة قتل النساء والاطفال وتكفير الأطفال. وتكفير من يختلف علي هذه المسائل. وخرجت كل من الطائفتين ليفكر بعضهم البعض. ثم انقسمت النجدات ليفكر بعضهم البعض إلي ثلاث شعب تكفيرية. وهم أتباع عطه بن الأسود وأتباع أبي هديك وفرقة أتباع نجده وقام ابوفديك وقتل نجده زعيمه في التكفير.
وظهرت فرقة أخري أطلق عليه "العجاردة" ابتاع عبدالكريم عجرد. وكان من اتباع عطية بن الأسود وافترقوا إلي خمس عشرة فرقة .
وظهرت فرق اخري من فرق التكفير منها البهشية والصغرية والابضية والنعالية وكل هذه الفرق تفتت لفرق أصغر الكل بكفر بعضه حتي صار المكفرين في مذاهبهم كفار وكان الأصيل فيهم الكفر.
لعنة التكفير
الغريب أن الشيعة قد أصابتهم لعنة التكفير. وافترقت الشيعة إلي فرق كبار. وانقسمت هذه الفرق علي نفسها وتميزت كل فرقة بأقوال وآراء عن غيرها وكفر بعضها بعضاً.
ويعد مسألة الامامه المحور الرئيسي للتكفير عند الشيعة كما تعدت الخوارج الي قضايا اكثر خطورة مثل جواز كفر الأنبياء واسقاط عصمتهم.
وتطورت مسألة التكفير.. وكأنها أصل الإسلام وحياة المسلمين وكأن الاسلام ليس فيه إلا التكفير تطورت مسائل التكفير حينما احتك المعتز له بالفلاسفة فتطورت قضايا التكفير. حيث خاضوا في مسألة الالهيات والخوض منها بغير علم ولا هدي.
وبعد هذا العرض السريع لظاهرة التكفير واستفحال أمرها في العصور الإسلامية الأولي علي أيدي الفرق المجافية لأهل السنة والجماعة. يسوق د.محمد عبدالحكيم حامد في مؤلفة القيم "أئمة التكفير" أهم القضايا والمسائل التي دار حولها تكفير المسلم وأهم هذه القضايا الخلاف حول أصحاب الكبائر والذنوب.
1⁄4 الخلاف في حكم الصحابة رضي الله عنهم
1⁄4 الخلاف في الصفات الآلهية.
ومن حسن الطالع أن المكتبة الإسلامية حافلة بالعديد من المؤلفات والمراجع القديمة والحديثة في الرد علي جميع المسائل التي أثارها أهل التكفير. والرجوع إليها من الأمور الميسورة.
تكفير الأنبياء
انحصرت موجة التكفير في الدولة الإسلامية خاصة بعد أن منيت بضربات قاتلة من قبل الخلفاء المسلمين في العصور الأولي للإسلام ولم يعد هناك ظاهرة للتكفير كما كانت في عهد الخوارج. واصبحت عملية التكفير عملية فردية غير منظمة. بالاضافة إلي تحول الصراع داخل العالم الإسلامي إلي صراع سياسي بحت لكنه دائما يصبغ بصبغة الدين مثلاً حروب آل العباس لآل أمية والقضاء علي الدولة الأموية وصعود الدولة العباسية ثم ظهور الدولة الأيوبية والطولونية والأخشيدية والدولة الفاطمية ثم العثمانية فكان الصراع دائما سياسياً فضلاً عن انشغال المسلمين بالحروب والفتوحات ومحاربة التتار والصلبين وبدأت تظهر المذاهب الفقهية والتي انشغل بها علماء المسلمين في مصر وبغداد ومكة والشام.
ومما يؤكد عدم وجود نغمة التكفير في العصور المتعاقبة أننا لم نسمع بتكفير دولة خلفت دولة اخري أو حاكم اطاح بحاكم آخر. فلم يظهر من كفر الفاطميين رغم مذهبهم الشيعي. ولم يكفر الشيعة من سلفهم. ولم يكفر محمد علي سلفه خورشد باشا. ولم يكفر علماء الإسلام مجموعة العلماء التي عينها نابليون لقيادة إدارة القاهرة كما لم نسمع عن تكفير المماليك الذين كانوا يقتلون بعضهم البعض.
موجة جديدة
استمر نظام الخلافة سائداً حتي جاء العصر الحديث فشهد إلغاءاً رسمياً للخلافة الإسلامية عام 1924 علي يد مصطفي كمال اتاتورك وقد سبق ذلك إحتلال بعض الدول الإسلامية من قبل الدولة الغربية وبدأت فكرة فصل الدين عن الدولة تظهر جلياً. وانتشار فكرة القومية فتحرك علماء الإسلام والمعنين بالدعوة الإسلامية إلي العمل لعودة الخلافة الإسلامية وتحكيم شرع الله ورغم هذه العوامل المستجدة علي العالم الإسلامي إلا أنه لم تظهر فكرة التكفير ويعود هذا إلي أن الذي تقلد العمل الإسلامي والدعوة كانوا علماء يتحلون بالحكمة وتبحرهم في العلوم. حتي قامت ثورة 23 يوليو وحدث الصدام بين الرئيس جمال عبدالناصر وجماعة الإخوان وتعرض الدعاة إلي محنتين: في اكتوبر عام 1954 حيث اعتقل الآلاف وعذبوا. وحكم بالاعدام علي ستة أفراد. وفي عام 1957 وقعت مذبحة ليمان طره وكان حصيلتها 21 قتيلاً و22 جريحاً و14 فقدوا عقولهم وكان الشهيد سيد قطب شاهداً لتلك المذبحة فأصدر حكمه علي نظام الحكم بالجاهلي.
وجاءت المحنة الثانية في أغسطس 1965 حيث اصدر الرئيس جمال عبدالناصر قراراً باعتقال من سبق اعتقالهم فتم اعتقال عشرين الفاً وعذبوا بشده وحكم بالاعدام علي ثلاثة وقتل أخرون تحت وطأة التعذيب.
ووسط هذا الجو السياسي وجو التعذيب داخل السجون نشأت فكرة التكفير. فقد أدي التعذيب الوحشي إلي دهشة كثير من المسجونين إلي عدة تساؤلات ما حكم الإسلام في هؤلاء الحكام وكذلك الجنود؟.
ويقول د.محمد عبدالحكيم حامد: وهنا تلقف بعض الشباب الكتابات الجديدة للأستاذ سيد قطب بكتابه "في ظلال القرآن" وعلي الأخص ما جاء في الجزء السابع المتعلق بأحكام سورة الأنعام. وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية. وأنه قد كفر ولا عذر للمحكومين ومنهم الجنود الذين يتولون التعذيب والاضطهاد بالسجون والمعتقلات لأن الله تعالي يقول: "إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين".
ويري الكثير من المؤرخين أن محنة أغسطس 1965 هي التاريخ الحقيقي الذي أعلن فيه فكرة التكفير صراحة ورفعت رايته. وأصبح له أنصار يوالون ويعادون من أجله. حيث ظهر هذا الكفر في سجن أبي زعبل. حيث القائد الأول لهذا الفكر وهو الشاب الأزهري الشيخ عبده إسماعيل. حيث أعلن هو وأعوانه أن رئيس الجمهورية وأعوانه كفار وكل من أيد الحاكم فهو كافر حتي الإخوان. وكذلك أفراد المجتمع لموالاتهم للحاكم الكافر. وأعلنوا أنه لا سبيل للخروج من الكفر إلا بالانضمام لجماعتهم. ومبايعة إمامهم.
وعلي الفور أعلن حسن الهضيبي ضرورة التصدي لهذا الفكر المنحرف وتفنيده وأكد أن فتنة التكفير أشد خطورة علي الدعوة الإسلامية من فتنة السجن والتعذيب. وأصدر كتابه "المرجع في هذا الأمر" دُعاة لا قُضاة.
بعدها حدث انقسام في جبهة التكفير وتصدعت ووصل عددهم سبع فرق تكفر بعضها. ثم انحصرت في فرقتين تكفر إحداهما الأخري.
شكري مصطفي
وتوالت الأحداث داخل السجون. وكان أهمها ما حدث في صيف 1969 حيث أعلن إمام التكفيريين براءته من هذا الفكر وعودته لمذهب أهل السنة.
فتزعم شكري مصطفي هذا الفكر. وكان وقتها طالباً بكلية الزراعة جامعة أسيوط. ونصَّب نفسه إماماً للجماعة. وحينما خرج المعتقلون من السجون في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات اتجه هؤلاء الشباب إلي الدعوة إلي التكفير وهجرة المجتمع. واستمر هذا الفكر في الانتشار وسط شباب الجامعات. حتي كان حادث اغتيال الشهيد الدكتور الذهبي عام 1977 وإعدام قادة هذا الفكر. وانتهاء هذه الجماعة.
تنظيم الفنية العسكرية
ثم ظهرت جماعات إسلامية أخري عاصرت جماعة شكري مصطفي وتبنت التكفير علي بعض الفئات دون المجتمع كله من هذه الجماعات جماعة د.صالح سرية عام 1973. والذي أسس تنظيماً اشتهر باسم الفنية العسكرية.
بدأ صالح سرية تنظيمه بمجموعة في أوائل 1973. وكان التنظيم يقوم علي الدعوة السرية وتأتي أفكار هذا التنظيم علي وجوب إسقاط النظام. وإقامة الدولة الإسلامية أولاً. ثم إصلاح المجتمع بعد ذلك. مع تكفير الحكام. وخطط صالح سرية بأهم وآخر أعماله وهي محاولة اقتحام الفنية العسكرية عام 1974. للاستيلاء علي الأسلحة والذخيرة الموجودة بالكلية والتوجه بها إلي مقر الرئيس السادات وقيادات الدولة وقتلهم والاستيلاء علي الحكم وقيام الدولة الإسلامية. ولكن الخطة فشلت في أولي خطواتها. وانتهت هذه الجماعة التكفيرية.
وما لبث تنظيم صالح سرية أن انتهي حتي تلقف محمد عبدالسلام فرج فكر هذا التنظيم وكون حركة الجهاد الإسلامي التي تعتبر امتداداً عضوياً وفكرياً لجماعة صالح سرية. وقامت هذه الجماعة ببعض أعمال العنف والتفجيرات. فاكتشفت الدولة أمرهم عام 1977 فاعتقلت بعضهم وأفلت بعضهم من الاعتقال ومنهم محمد عبدالسلام فرج. فانتقل من الإسكندرية للقاهرة وأخذ يدعو للتنظيم التكفيري الجديد. حتي عقد تحالفاً مع الجماعة الإسلامية وأطلق عليه تنظيم الجهاد. الذي ضم الجهادي الإسلامي محمد عبدالسلام وعبود الزمر والجماعة الإسلامية: ناجح إبراهيم. كرم زهدي. عاصم دربالة.. وتبني هذا التنظيم كتاب "الفريضة الغائبة" لمحمد عبدالسلام. كما أقر للإفتاء الشيخ عمر عبدالرحمن. الأستاذ بجامعة الأزهر. وانصب التفكير لديهم بتكفير كل حكام العصر وأن ديار المسلمين ليست إسلامية. وضرورة قتال الحاكم.
ونتيجة لهذا الفكر نجح أعضاء هذا التنظيم في اغتيال الرئيس محمد أنور السادات عام 1981. وألقي القبض عليهم.
ضحالة فكرية
وبقيت ذيول الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي داخل مدن الصعيد. وراحت في التنقل لجذب الأتباع واتخذت لنفسها منهجاً جديداً وهو ضرب مؤسسات الدولة وقتال رجال الشرطة. فسعت الدولة لمواجهتهم. وألقت القبض علي معظمهم وتمت تصفية هذا التنظيم تصفية مؤقتة.
وعندما قامت ثورة 25 يناير خرج معظم قادة هذا التنظيم من السجون. واندمجوا في العمل السياسي خاصة مع اعتلاء الإخوان سدة الحكم. إلا أنهم عادوا لفكرهم وأسلوبهم الجهادي مرة أخري بعد عزل د.محمد مرسي. وقادوا شباب الإخوان في المرحلة الراهنة. وهي القتال ضد أعداء الحكم الإسلامي حسب زعمهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.