* يسأل أحمد رياض من شبرا: عن الضرر الأدبي جائز في الإسلام أم غير جائز؟ أي أن يطالب شخص بتعويض مالي من شخص آخر سبه مثلاً أو أهان كرامته فقط دون أن يترتب علي ذلك ضرر مادي. ويطلب الافادة عن ذلك شرعاً. ** أجاب الشيخ عبداللطيف حمزة مفتي مصر الأسبق: من أهداف الشريعة الأسلامية الغراء وأغراضها السياسية حفظ الضروريات الخمس وهي "العقل والنسل والنفس والدين والمال" وسميت بالضروريات أو الكليات الخمس لأن جميع الأديان والشرائع قررت حفظها وشرعت ما يكفل حمايتها لأنها ضرورية لحياة الإنسان لذلك نري الشارع الحكيم عمل علي صيانة الأعراض وحفظ الحقوق تطهيراً للمجتمع من أدران الجريمة وجعل لكل إنسان حدوداً لا يتعداها ومعالم ينتهي إليها. فلا يليق ولا ينبغي لمسلم أن يهدر كرامة أخيه المسلم ولا يقع في عرضه بل تعدي ذلك إلي غير المسلم ففي رواية "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم علي بيع بعض وكونوا عباد الله إخواناً. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره التقوي ههنا ويشير إلي صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه" رواه مسلم. وعن أبي سعيد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "لا ضرر ولا ضرار" حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما. لا ضرر: أي لا يضر أحدكم أحداً بغير حق ولا جناية سابقة ولا ضرار أي لا تضر من ضرك وإذا سبك أحد فلا تسبه وإن ضربك فلا تضربه. بل اطلب حقك منه عند الحاكم من غير مسابة. وهذا الحديث وغيره يعتبر مبدأ قويماً في السلوك السليم والمعاملة الحسنة التي تحفظ للإنسان حقه وكرامته دون عنف أو عدوان وعلي هذا: فإذا كان الشخص المسئول عنه قد تعرض لإهانة كرامته بسبب ألفاظ نابية معيبة وجهت إليه من شخص آخر وكانت تلك الألفاظ جارحة لشعوره ماسة بكرامته ويتأذي بمثلها أمثاله وأشهد علي ذلك فله أن يرفع أمره إلي القضاء مطالباً الذي أهان كرامته وأساء إليه بتعويض مالي. وللقاضي أن يسمع حجته ويحكم بالتعويض المالي متي ثبت ذلك الحق بالبينة أن أنكر المدعي عليه أو ثبت ذلك باقراره. ولتلك المسألة شاهد من التاريخ الإسلامي. فقد روي أن النبي صلي الله عليه وسلم اقترض من اعرابي قرضاً فلما حل وقت الأداء جاء الأعرابي يطلب الدين وأغلظ علي الرسول صلي الله عليه وسلم في الطلب فاستاء لذلك الصحابة. وهم بعضهم بإيذاء الأعرابي لاساءته الأدب مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً وأمر بإعطائه أكثر من حقه وهذا مناط الاستشهاد. وذلك أنه لما هم بعض الصحابة بايذاء الأعرابي وترويعه أمر الرسول صلي الله عليه وسلم باعطائه أكثر من حقه تعويضاً مالياً له بسبب ما لحقه من الترويع والتخويف علي أن الشخص موضوع السؤال. إذا كان قد تعرض للسب الذي هو بمعني القذف والاتهام بالزنا وما في معناه فذلك له حكم خاص به ورد بشأنه قول الله تعالي. "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فإن الله غفور رحيم". الآيتان 4. 5 من سورة النور. من هذا البيان يتضح الجواب عن السؤال وأنه يجوز لمن وجهت إليه الإهانة التي مست كرامته وأساءت إليه أن يطالب بالتعويض المالي بسبب ما لحقه إذا ثبت ذلك شرعاً.