أكد المؤرخون أن الوجود الإسلامي في القارة الإفريقية ليس حديثا بل انه يمتد إلي السنوات الأولي للبعثة ثم توسع حتي أصبحت هناك ممالك وإمبراطوريات إسلامية كبري .. وأشاروا إلي أن الاستعمار رغم حربه علي الإسلام إلا انه ساعد بسياسته العنصرية في انتشار الإسلام وخاصة في دول الجنوب الإفريقي .. وأشاروا إلي أن إفريقيا هي القارة الوحيدة في العالم التي يمثل المسلمون أكثر من نصف سكانها وهذا هو سر التحالف "الاستعماري الكنسي" لمحاولة اقتلاع الإسلام وإضعاف المسلمين بكل الوسائل مما يتطلب توطيد العلاقات بين مسلمي أفريقيا فيما بينهم من جانب وكذلك بينهم وبين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. في البداية يشير الدكتور مجاهد الجندي پأستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر : بدأت علاقات القارة السمراء بالعرب قبل الإسلام حيث كان الحضارمة عرب جنوب شبه الجزيرة العربية أول الشعوب العربية التي أتت إلي الساحل الشرقي لإفريقيا بغرض التجارة لا الغزو وعلي الرغم من أنهم وفدوا في أعداد قليلة إلا أنهم داوموا في تجارتهم واختلطوا بأهل الساحل. وتزوجوا منهم وأقاموا محطات تجارية وفي منتصف الألف سنة التي سبقت ميلاد المسيح بدأ الطابع العربي يظهر علي طول الساحل ولم يفقد هذا الساحل شخصيته المميزة إذ كان يدعم بشكل دائم بالوافدين من جزيرة العرب والخليج العربي. وأضاف: تمثل هجرة المسلمين الأوائل للحبشة في السنوات الأولي منذ ظهور الإسلام حيث كانت التجارة بين عرب شبه الجزيرة العربية وشعوب شرق إفريقيا ما زالت مستمرَّة حين جاء الإسلام فلمَّا أشتدَّ أذي مشركي مكة للمسلمين أذن رسول الله صلي الله عليه وسلم لبعض أصحابه بالهجرة إلي الحبشة حيث يوجد بها النجاشي ولقد وصفه الرسول بأنه لا يُظلم عنده أحد ومن ثَمَّ كان اختيار الحبشة كمكان لهجرة المسلمين ابتداءً وكان الاستقبال الحافل والحفاوة البالغة التي تمَّ بها استقبال المسلمين كَفِيلَة باستمرارهم. وتَكَرَّرت هجرتهم مرَّة أخري بِفَوْج أكبر من الفوج الأول حيث بلغ عددهم ثلاثة وثمانين رجلًا وتسعَ عشرةَ امرأة. وقد حاولت قريش الإيقاع بين المسلمين الذين هاجروا إلي الحبشة وبين النجاشي ومَن معه من النصاري ولكن قوَّة الحُجَّة عند المسلمين وحُسْن تصرفهم حالَ دون هذه الوقيعة وازداد تمسُّك النجاشي بهم وحمايته لهم. علاقات ودية وأوضح انه كانت للعَلاقات الودِّيَّة بين الرسول صلي الله عليه وسلم والنجاشي والمعاملة الطيبة التي لقيَها المسلمون المهاجرون إلي الحبشة أكبر الأثر في توثيق العَلاقات بين نصاري الحبشة وبين الإسلام إلاَّ أن هذه الهجرات الإسلامية الأولية في عهد رسول الله صلي الله عليه و سلم لم تترك أثرًا في حياة البلاد وإن كانت قد تركت أثرًا في نفوس الأحباش ووطَّدت الصلات بين الدولة الإسلامية في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم وبين الأحباش وحين بلغ الرسولَ وفاةُ النجاشي صلَّي عليه هو وأصحابه فقد قال أبو هريرة: ¢ نعي لنا رسول الله صلي الله عليه و سلم النجاشي صاحب الحبشة اليومَ الذي مات فيه فقال: ¢اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ¢. وعنه أيضًا صلي الله عليه و سلم قال: إِنَّ النَّبِيَّ صَفَّ بهم بِالْمُصَلَّي فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. وعن عروة بن الزبير t. عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما مات النجاشي كان يُتَحَدَّث أنه لا يزال يُرَي علي قبره نور. وفي السنة التاسعة من الهجرة. أرسل الرسول صلي الله عليه وسلم الصحابي الجليل علقمة بن مُجَزِّز علي سريَّة في اتجاه الحبشة ولهذا كانت منطقة شرق إفريقيا أسبق بقعة في العالم القديم في استقبال الدعوة الإسلامية ومع هذا لم تكن الحبشة ضمن الممالك التي وجَّه المسلمون إليها حملاتهم في ذلك العهد الأول للفتوحات الإسلامية لعدة عواملَ منها تركيز المسلمين علي كسر شوكة الإمبراطوريتين المجاورتين لبلاد العرب. واللَّتين يُخشي منهما علي الدولة الإسلامية الناشئة وهما إمبراطورية الفرس والإمبراطورية الرومانية الشرقية. وكذلك اعتبار المسلمين أن مصر أكثر أهمية من الحبشة لمركزها المهم حيث تم فتحها في عهد عمر بن الخطاب ومنها انتشر الإسلام إلي شمال أفريقيا ..اشار إلي انه عام 83 هجرية اضطرَّ المسلمون إلي اتخاذ خطوة حاسمة لوضع حديّ لعمليات الاعتداء علي أطراف الدولة الإسلامية. فأعد عبد الملك بن مروان حملة بحرية لاتخاذ مركز حربي علي الشاطئ الغربي. وتمَّ الاستيلاء علي مجموع جزر ¢دهلك¢ المجاورة لمدينة ¢مصوع¢ وكان أَخْذُ المسلمين لهذا المركز الممتاز بَدْءَ استيلائهم علي باقي المراكز البحرية علي الشاطئ الإفريقي وعلي الانتشار التدريجي للإسلام في شرق إفريقية وأنتشر الإسلام بين القبائل الوثنية. التمدد الإسلامي أوضح الدكتور رأفت غنيمي الشيخ . أستاذ التاريخ الإسلامي . والعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة الزقازيق . أن قارة أفريقيا السمراء ثاني أكبر قارة في العالم بعد آسيا من حيث تعداد السكان. ففيها يعيش اليوم 950 مليون نسمة يمثلون 14.2% من سكان العالم. ومساحتها تقدر ب 30.2 مليون كم2 تمثل 6% من مساحة الكرة الأرضية و20.4 % من إجمالي مساحة يابس المعمورة. وهي تعادل ثلاثة أضعاف مساحة أوروبا وتضم 53 دولة. ومازال الإسلام يشكل أكثر الديانات انتشارا في إفريقيا وتذكر الإحصاءات أن المسلمين يشكلون قرابة 45 % من سكان القارة. وتمثل نيجيريا أكبر دولة مسلمة فيها .. وأوضح الدكتور الشيخ. أن استقرار الإسلام في الشمال الأفريقي كان بداية لتغلغل الإسلام إلي جنوب الصحراء أو ما يعرف بإفريقيا السوداء كانت بداية الدخول الحقيقي للإسلام في إفريقيا من مصر حين تم فتحها عام 20 ه وكانت قاعدة الفتح لإفريقيا الشمالية وأما بلاد المغرب العربي فبدأ فتحها في عهد عثمان بن عفان وبالتحديد سنة 27ه علي يد عبد الله بن سعد بن أبي سرح. وتبعه الأمويون حتي وصل عقبة بن نافع لأقصي الغرب وغمس سيقان حصانه في مياه الأطلسي حيث كَمل انتشار الإسلام بشمال إفريقيا جميعها في القرن الأول الهجري وبلغ منها إلي الأندلس. أشار الدكتور الشيخ .إلي توغل الإسلام جنوبا فبدأ من النوبة في القرن الثامن الهجري ولعب التجار والمتصوفة دورا بارزا في نشر الإسلام في إفريقيا السوداء علي العموم فقد كانت الطرق التجارية الموصلة بين المراكز الإسلامية في شمال القارة والبلاد الواقعة فيما وراء الصحراء هي المسالك الحقيقية التي دخل منها الإسلام إلي قلب إفريقيا وسواحلها وظهرت ممالك إسلامية عديدة في غرب إفريقيا وأشهرها مملكة غانا التي تحولت للإسلام علي أيدي المرابطين بمراكش في القرن الخامس الهجري وكذلك إمبراطورية مالي التي بدأ تكوينها عام 628ه علي يد قائد قبائل ماندينكا وبالتحديد علي يد سوندياتا كيتا والذي كوّن اتحادا للقبائل في الوادي الخصيب بأعالي نهر النيجر. وبسط سيطرته علي جيرانه مؤسسا إمبراطورية مالي التي امتدت من ساحل المحيط الأطلسي بالغرب إلي ما وراء تخوم منحني نهر النيجر بالشرق ومن حقول الذهب في غينيابالجنوب الغربي إلي محطّ القوافل التجارية عبر الصحراء بالشمال. الإسلام والاستعمار عن وصول الإسلام إلي الجنوب الأفريقي أشارت الدكتورة حورية مجاهد . الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة . لعب الاستعباد الاستعماري الأوروبي للشعوب الإسلامية وخاصة من جانب الهولنديين أثناء سيطرتهم علي جزر اندونيسيا. وشبه جزيرة الملايو حيث قاوم مسلمي تلك المناطق الاحتلال مما دفع المستعمر لنفي قادة الثورة إلي جنوب إفريقيا في عام 1062هجرية وكان من بينهم الشيخ يوسف. شقيق ملك جاوا وزعيم المقاومة ومعه 49 من الثوار المسلمين كسجناء هكذا كان أول قدوم للإسلام إلي جنوب إفريقيا حيث بدأت الدعوة. وأوضحت الدكتورة حورية أن استقدام البريطانيين للعمال المسلمين من شبه القارة الهندية في أواخر القرن ال 19 وأوائل القرن العشرين للعمل بزراعة قصب السكر. . واستقرت الجالية المسلمة بجنوب ونشروا الدعوة بين الجماعات المستضعفة التي تعاني من التفرقة العنصرية مما أدي لانتشار الإسلام بين المواطنين الأفارقة ويشكل المسلمون قرابة 5% من سكان الجنوب الأفريقي في حين يشكل المسلمون غالبية السكان في 29 دولة إفريقية من إجمالي 53 دولة ويتمركز غالبيتهم في شمال وغرب القارة. ولهم عضوية بمنظمة المؤتمر الإسلامي رغم من محاولات المستعمر الأوروبي لتغيير ديانات شعوبها بعمليات التنصير المستمرة التي لم تنجح في تغيير معتنقي الإسلام. وقال الدكتورة حورية :تشهد القارة حاليا وضعاً يتطلب أن تؤكِّد فيه هويتها وذلك في ظل التغيّرات الدولية ويؤكد الواقع أن من كل عشرة يتركون الديانة التقليدية ويدخلون إلي أحد الأديان السماوية فإن تسعة يدخلون الإسلام وواحد يدخل المسيحية فضلاً عن اعتبار إفريقيا في مجال الأديان المقارنة قارة الإسلام رغم جهود التنصير حيث إنها القارة الوحيدة التي تُقدّر فيها نسبة المسلمين بأكثر من نصف السكان بينما تصل نسبة المسحيين ما بين 11% إلي 13% والباقي يدينون بالديانات التقليدية فالإسلام ينتشر في إفريقيا بقوة دفع ذاتية وهو ما يثير مخاوف وتساؤلات الغربيين: لماذا ينتشر الإسلام في إفريقيا علي الرغم من كلّ ما يُبذل علي التبشير المسيحي؟ وما هو السر في هذه الزيادة المطردة التي تزيد عن معدل النمو الطبيعي وخاصة في مناطق الثقل الإسلامي في شمال القارة وغربها وليس في شرقها علي الرغم من أن شرقها أقرب للأرض المقدسة في الجزيرة العربية حيث نشأ الإسلام وأنهت الدكتورة حورية كلامها بالتأكيد علي وجود تحالف "استعماري استشراقي كنسي" لإذكاء مبدأ "فرّق تسد" في محاولة لإضعاف النفوذ الإسلامي وإشعال الحروب الأهلية واستغلال المجاعات وتقوية الصراع الديني بين المسلمين وغيرهم والصمت علي محاولات اقتلاع الوجود الإسلامي من بعض الدول الأفريقية وإضعاف قوة التيار الإسلامي في دول ذات اغلبيه أسلامية مثل نيجيريا التي بها اكبر عدد من المسلمين الأفارقة.