أكد علماء الدين أن الشريعة الإسلامية وضعت أسسا ثابتة لاختيار القادة والزعماء لابد من تطبيقها علي الشخصيات المرشحة لانتخابات الرئاسة القادمة حتي يختار المصريون الشخص المناسب لتولي هذا المنصب المهم ... عقيدتي استطلعت آراء العلماء ورصدت إجاباتهم في التحقيق التالي: يري الدكتور أحمد عمر هاشم أننا لابد أن نتبع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم في اختيار الرئيس القادم فإنه- صلي الله عليه وسلم - كان يولي الأنفع للمسلمين علي من هو أفضل منه . كما ولي خالد بن الوليد من حين أسلم علي حروبه لنكايته في العدو . وقدمه علي بعض السابقين من المهاجرين والأنصار مثل عبد الرحمن بن عوف وسالم مولي أبي حذيفة وعبد الله بن عمر . وهؤلاء ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل . وهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا. وخالد وكان ممن أنفق بعد الفتح وقاتل . فإنه أسلم بعد صلح الحديبية هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة الحجبي . ثم إنه فعل مع بني جذيمة ما تبرأ النبي صلي الله عليه وسلم منه حين رفع يديه إلي السماء وقال : "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" ومع هذا فلم يعزله . وكان أبو ذر من أسبق السابقين وقال له "يا أبا ذر إني أراك ضعيفا . وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن علي اثنين . ولا تولين مال يتيم" وأمر عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل. لأنه كان يقصد أخواله بني عذرة فعلم أنهم يطيعونه ما لا يطيعون غيره للقرابة. وأيضا فلحسن سياسة عمرو وخبرته وذكائه ودهائه فإنه كان من أدهي العرب. ودهاة العرب أربعة هو أحدهم . ثم أردفه بأبي عبيدة وقال : "تطاوعا ولا تختلفا" فلما تنازعا فيمن يصلي سلم أبو عبيدة لعمرو. فكان يصلي بالطائفتين وفيهم أبو بكر. وأمر أسامة بن زيد مكان أبيه لأنه مع كونه خليقا للإمارة - أحرص علي طلب ثأر أبيه من غيره . وقدم أباه زيدا في الولاية علي جعفر بن عمه مع أنه مولي . ولكنه من أسبق الناس إسلاما قبل جعفر . ولم يلتفت إلي طعن الناس في إمارة أسامة وزيد وقال : "إن تطعنوا في إمارة أسامة فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل . وأيم الله إن كان خليقا للإمارة ومن أحب الناس إلي" وأمر خالد بن سعيد بن العاص وإخوته لأنهم من كبراء قريش وساداتهم ومن السابقين الأولين ولم يتول أحد بعده. والمقصود أن هديه صلي الله عليه وسلم تولية الأنفع للمسلمين وإن كان غيره أفضل منه . والحكم بما يظهر الحق ويوضحه إذا لم يكن هناك أقوي منه يعارضه فسيرته تولية الأنفع والحكم بالأظهر. استشعار المسئولية يقول الدكتور اسماعيل عبد الرحمن . أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: إن مسألة اختيار رئيس للجمهورية مسألة في غاية الخطورة والأهمية. ولا ينبغي أن تخضع لأفكار أو تصورات قاصرة. وإنما يجب علي كل ناخب عندما يدلي بصوته أن يستشعر المسئولية الضخمة والأمانة التي يؤديها ولكي يقوم الناخب المسلم بواجبه في اختيار المرشح المناسب. لشغل هذا المنصب الخطير. علي الوجه الذي يرضي الله سبحانه تَعَالي. ويخلي مسئوليته أمام الله جل وعلا. لا بد أن يكون اختياره مبنيًّا علي الأسس والمعايير التي وضعها الإسلام في الكتاب والسنة لمن يستحق أن يصوّت المسلم لصالحه. بحيث يكون أهلا لهذا الاختيار. ومنها. ويضيف د.عبد الرحمن : إن أهم صفات من يتولي أمرًا من أمور الناس: القُوَةُ وَالأَمَانَةُ كما قَالَ اللهُ سبحانه تَعَالي حكاية عن ابنة شعيب عليه السلام: "قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ" "المائدة: 3"... فإذا اجتمعت هاتان الخصلتان الكفاية والأمانة في القائم بأمرك فقد فرغ بالك وتم مرادك. وقد ورد الفعل علي لسان ابنة شعيب عليه السلام بلفظ الماضي للدلالة علي أن أمانته وقوته أمران متحققان. وقد استغنت بهذا الكلام الجاري مجري المثل عن أن تقول استأجره لقوته وأمانته والحفظ والعلم والمعيار الثاني الذي يجب أن يتوصل به لاختيار رئيس الدولة. هو ما يحكيه القرآن الكريم عن يوسف بن يعقوب عليهما السلامُ طلبه وِزَارَةَ مِصْرَ "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَي خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظى عَلِيمى" "يوسف: 55" وفي هذا يقول القرطبي رحمه الله تعالي: أنه لم يقل: إني حسيب كريم. وإن كان كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: ¢الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم¢. ولا قال: إني جميل مليح. إنما قال: "إِنِّي حَفِيظى عَلِيمى" فسألها بالحفظ والعلم. لا بالنسب والجمال... إنما قال ذلك عند من لا يعرفه فأراد تعريف نفسه. وصار ذلك مستثني من قوله سبحانه تَعَالي: "فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَي" "النجم: 32". والأظهر أنه رأي ذلك فرضًا متعينًا عليه. لأنه لم يكن هنالك غيره¢. عن ابن عباس قال : خدمت عمر بن الخطاب وكنت له هائبا ومعظما . فدخلت عليه ذات يوم في بيته وقد خلا بنفسه فتنفس تنفسا ظننت أن نفسه خرجت . ثم رفع رأسه إلي السماء فتنفس الصعداء . قال : فتحاملت وتشددت . وقلت والله لاسألنه . فقلت والله ما أخرج هذا منك إلا هم يا أمير المؤمنين؟ قال : هم والله هم شديد . هذا الامر لم أجد له موضعا يعني الخلافة . ثم قال : لعلك تقول : إن صاحبك لها يعني عليا . قال : قلت يا أمير المؤمنين أو ليس هو أهلها في هجرته . وأهلها في صحبته . أهلها في قرابته؟ قال : هو كما ذكرت لكنه رجل فيه دعابة . قال : فقلت الزبير . قال : وعقة لقس يقاتل علي الصاع بالبقيع . قال : قلت طلحة . قال : إن فيه لبأوا وما أري الله معطيه خيرا وما برح ذلك فيه منذ أصيبت يده . قال : فقلت سعدا . قال : يحضر الناس ويقاتل وليس بصاحب هذا الامر. قال : قلت عبد الرحمن بن عوف . قال : نعم المرء ذكرت لكنه ضعيف وأخرت عثمان لكثرة صلاته وكان أحب الناس إلي قريش . قال : قلت عثمان . قال : أواه كلف بأقاربة . ثم قال : لو استعملته استعمل بني أمية أجمعين أكتعين ويحمل بني أبي معيط علي رقاب الناس . والله لو فعلت لفعل ذلك لسارت إليه العرب حتي تقتله . والله لو فعلت لفعل والله لو فعل لفعلوا . إن هذا الامر لا يحمله إلا اللين في غير ضعف والقوي فيغير عنف . والجواد في غير سرف . والممسك في غير بخل . قال وقال عمر : لا يطيق هذا الامر إلا رجل لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع ولا يطيق أمر الله إلا رجل لا يتكلم بلسانه لا ينتقض عزمه ويحكم بالحق علي حزبه وفي الاصل علي وجوبه. مفترق طرق يقول الداعية السلفي المعروف الدكتور أسامة القوصي أن مسألة اختيار رئيس الجمهورية وموقف الاسلام من اختيار القادة والزعماء مسألة غاية في الأهمية خاصة في هذه الفترة التي تمر فيها مصر بمفترق طرق ولاينبغي أن يكون الاختيار مبنيا علي العاطفة او الاعجاب الشخصي وإنما ينبغي أن يبني علي المسئولية الضخمة الملقاة علي عاتق أفراد الشعب في اختيار قادته والناخب مسئول أمام الله عمن يختاره وإذا كان الرئيس قد اختير بإرادة الشعب فإن للشعب أن يعزله وأن يحاكمه إذا أخطأ فهو لا يعدو أن يكون أجيرا عند شعبه وهذا ما فطن إليه أبو مسلم الخولاني حينما حيا معاوية بقوله ¢السلام عليك أيها الأجير¢ فغضب أصحاب معاوية فقال لهم إن أبا مسلم أعلم بما يقول. وأضاف : ذكر القرآن الكريم ثلاثة نماذج لاختيار القادة والرؤساء ففي سورة البقرة في قصة طالوت قال تعالي علي لسان نبيهم : ¢إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم¢ والمراد ببسطة العلم كما يقول القرطبي هو العلم بفنون الحرب وبأمور السياسة أما بسطة الجسم المراد بها الشجاعة وليس طول القامة والنموذج الثاني: فقد ذكر الله علي لسان يوسف عليه السلام حينما طلب الولاية من عزيز مصر وقدم مؤهلاته القيادية ¢قال اجعلني علي خزائن الارض إني حفيظ عليم والنموذج الثالث: ففي قصة موسي عليه السلام مع الرجل الصالح صاحب مدين ¢قالت إحداهما يأبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين¢ وهذه الصفات هي المؤهلة للقادة والزعماء في الاسلام. وينهي القوصي كلامه قائلا كلامه قائلا لابد أن يتميز الرئيس القادم أيضا بالزهد في السلطة حتي لا يؤدي طمعه فيها إلي مالا تحمد عقباه أن يكون المرشح زاهدا في الرئاسة غير حريص علي توليها وهذا المعيار مهم للغاية فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم ¢يا أبا عبدالرحمن بن سمرة لاتسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها¢.