سردت لكم في غير موضع في المقالين السابقين كيف أن النبي صلي الله عليه وسلم يتلو علي مسامع الصحابة بقول الله تعاليپ":وَإِنْ أَحَدى مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّي يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمى لاَّ يَعْلَمُونَ"التوبة6 تدبروا قول الله تعالي : ¢وإن أحد من المشركين ¢لم يقل الحق تبارك وتعالي¢ وإن أحد من المؤمنين - طيب أسمعناه كلام الله وبيّنّا له الحقيقة وأوضحنا له الحقيقة أفنكره علي أن يدخل في ديننا بعد إن أسمعناه ؟؟پلا أبدًا¢پثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمى لاَّ يَعْلَمُونَ¢. أي عظمة والله لو اجتمع أدباء الأرض ليعلقوا علي هذا الحق الرباني والله ما استطاعوا وما شرع الجهاد إلا لهذا إلا لمن يحول بيننا وبين دعوة الله عزوجل من الذي يعيب علينا هذاپ! إن منعتني فمن حقي أن أقاتلك لأنك تحول بيني وبين تبليغي لدين الله لأهل الأرض الذي كلفني الله بذلك أما أن تتركني فلا حرج فأنا أبلغ عن الله ورسوله ولكل أحد مطلق الحرية في أن يدخل هذا الدين أو لا يدخل فلا إكراه علي أحد :"مَّا عَلَي الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ" المائدة99. إلي آخر هذه الآيات وما أكثرها. حوّل النبي صلي الله عليه وسلم المنهج الذي أصّلت إلي واقع وكلنا يعلم ما الذي لاقاه النبي صلي الله عليه وسلم في مكة وماذا صنعوا به فلقد وضعوا التراب علي رأسه والنجاسة علي ظهره وخنقوه حتي كادت انفاسه أن تخرج وطردوه من بلده وبيته وصبوا غضبهم علي أصحابه عليهم جميعًا رضوان الله .ومع كل ذلك لم يتركوه يخرج من مكة إلي المدينة بل خرجوا بجيوش جرارة وراءه في المدينة وأطلقوا السفهاء من اليهود والمنافقين للنيل من رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد ما ترك لهم مكةپ ومع كل ذلك لمّا مكنه الله وعاد النبي صلي الله عليه وسلم فاتحًا وحطم هذه الأصنام الكبيرة حول بيت الله وهو يتلو قول اللهپ"وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً" الإسراء81. ومع ذلك ماذا فعل النبي صلي الله عليه وسلم ورؤية الدم تثير الدم وهذا يوم أعز الله فيه الإسلام وحان الوقت للإنتقام من هؤلاء ممن نالوا من دين الله ونالوا من رسوله صلي الله عليه وسلم ؟؟ لقد أعطاهم آمانًا وأمّنهم علي أنفسهم وأموالهم بل وأعطي مفاتيح الكعبة بعد أن أخذها علي ّ ردها لعثمان مرة أخري ونزل قول الله تعاليپ"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَي أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً" النساء58. والحديث الذي تحفظونه جميعًا حين وقف وقالپ¢ماتظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا خيرًا أخ كريم بن أخ كريم فقال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين اذهبوا فأنتم الطلقاءپ¢ولكنه حديث ضعيف لكنه بأبي وأمي وروحي ما آذي أهل مكة وقد بالغوا إيذاءه لماذا يغضوا الطرف عن هذه الصفحات المشرقة التي لن تزول مادامت هذه الدنيا باقيةپ!!! لماذا يغضون الطرف عن هذا اللين والسماحة والرفق بل والله ما خانهم رسول الله صلي الله عليه وسلم قطپ. وأقول دومًا إن خان أهل الشرك فنحن لا نخون وإن نقضوا العهد فنحن لا ننقض العهد فنحن لنا دين عظيم يضبط مشاعرنا وأقوالنا وأفعالنا وليس من حق أي مسلم أن يتكلم بهواه أو أن يفعل ما يرغبه ويهواه وإنما يجب أن تكون أقوالنا وأفعالنا منضبطين بضوابط هذا الإسلام بالقرآن والسنة فهذا هو الفارق وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن حذيفة بن اليمان قالپ:پ¢ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أنني خرجت أنا وأبي . فأخذنا كفار قريش . فقالواپ:پإنكم تريدون محمدًا ! فقلنا : ما نريد إلا المدينة » فأخذوا العهد عليناپ:لننصرف إلي المدينة ولا نقاتل معه .فأخبرنا النبي صلي الله عليه وسلم. فقال صلي الله عليه وسلم : ¢نفي بعدهم . ونستعين الله عليهم¢. أرجو أن تنتبهوا لهذه الكلمات نفي للمشركين بعهدهم ونستعين الله عليهم. أي أمانة تلك فالمثل الذي ذكرت ليست تنظير بل وقف النبي صلي الله عليه وسلم في فتح مكة يخطب في الناس كما في رواية الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه ¢ايها الناس ألا إن الله قد أذهب عنكم عُبّي الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان رجل برتقي كريم علي الله ورجل فاجر شقي هين علي الله ثم قرا قول الله تعالي : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَري وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمى خَبِيرى" الحجرات13وفي رواية أحمد وعند الإمام البيهقي بسند حسن من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم خطب الناس في أواسط أيام التشريق فقال : ¢أيها الناس ألا إن ربكم واحد ألا إن آباكم واحد ألا لا فضل لعربي علي عجمي ولا لعجمي علي عربي ولا لإسود علي أحمر ولا لأحمر علي أسود إلا بالتقوي وقرأ قول الله تعالي ¢ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ¢ الناس في إنسانيتهم سواء وفي آدميتهم سواء فلا فضل إلا بتقوي الله والعمل الصالح وإلا فالإنسان هو الإنسان لا نكره علي الإطلاق أن يدخل في الإسلام أي أحد حتي بعد البيان والدعوة . وها هو عمر بن الخطاب رضوان الله عليه حين جاء من المدينة النبوية إلي بيت المقدس ليتسلم مفاتيح بيت المقدس في موكب مهيب من شدة تواضعه "هو وخادمه" يركب أمير المؤمنين الدابة تارة وينزل ليركب الخادم تارة مشابهة ومساويةپ. ويصل عمر بن الخطاب ويخرج أبو عبيدة في استقباله ويري عمر أمير المؤمنين يسحب الدابة لخادمه فيقول ياأمير المؤمنين لا أحب إن القوم قد استشرفوك - أي لا أحب أن يراك القوم وأنت علي هذه الحالة - فأنت في طرقك لتتسلم مفاتيح بيت المقدس. فقال عمر بن الخطاب :أوهن يا أبا عبيدة لو قالها غيرك إننا قوم كنّا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله ويدخل عمر بيت المقدس ويستقبله أهل بيت المقدس بالحفاوة وخرج بعضهم يلعبون بالسيوف والرماح كعادتهم لإستقبال الملوك والعظماء وكان عمر يكره مثل هذه المشاهد وهذه الأبههپ. فأمر عمر أن ينصرفوا فقال له أبو عبيدة ياأمير المؤمنين دعهم فإنك إن أمرت بصرفهم ظنوا أنك تريد أن تنقض معهم عهدهم فقال عمر ابن الخطاب ¢عمر وآل عمر في طاعة أبي عبيدةپ¢. ويتسلم الفاروق الآواب مفاتيح بيت المقدس ويكتب العمرية الرائعة "بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطي عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أهل إيلياپ- بيت المقدسپ- أعطاهم آمانا لأموالهم وكنائسهم فلا تهدم ولا يكرهون علي الإسلام ومن خرج منهم أو أراد الخروج فليبلغه مأمنه وليخرج حيث شاء ومن أراد أن يبقي في أرضه - أي من أهل الزراعة - فلا يؤخذ منه شيء حتي يحصد حصاده. شهد هذا الكتاب خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان سنة 15 من الهجرة هذا هو الإسلام ولمّا فتح عمرو بن العاص مصر آمنهم علي أموالهم وأنفسهم ولم يكره أحد علي الدخول في الإسلام بدليل أن من أهل مصر من القبط منهم من ظل علي نصرانيته ومنم من شرح الله صدره للإسلام ولمپپيكره عمرو بن العاص ومعه أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم لم يكره أحد من أهل مصر في الدخول في الإسلام بل دعاهم إلي دين الله فلا إكراه في الدين.