سعر الذهب اليوم الخميس 2-10-2025 يصل لأعلى مستوى وعيار 21 الآن بالمصنعية    متى يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025 رسميًا؟ استعد ل تغيير الساعة في مصر    البيت الأبيض: مناقشات حساسة تجري الآن بشأن خطة غزة    "الاحتلال "يهاجم أسطول الصمود وكولومبيا تطرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية ومظاهرات حاشدة بعدة عواصم عالمية..وحماس: نحيي شجاعة النشطاء    85 شهيدًا فلسطينيًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة    خطة ترامب لغزة.. قراءة تحليلية في وهم السلام وواقع الوصاية    «رحلة إسقاط الكبار مستمرة».. المغرب يضم البرازيل إلى قائمة ضحاياه    «قولاً واحدًا».. خالد الغندور يكشف رحيل فيريرا عن تدريب الزمالك في هذه الحالة    مصرع أمين شرطة وإصابة آخر فى حادث تصادم بالنوبارية    الداخلية: القبض على مدرس اُتهم بالاعتداء على طالب ابتدائي في الهرم    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    مدير مستشفى معهد ناصر: نستقبل مليوني مريض سنويًا في مختلف التخصصات الطبية.    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    إصابة 4 عمال في حادث تصادم نقل وميكروباص أمام كارتة ميناء شرق بورسعيد    قرار هام بشأن شخص عثر بحوزته على أقراص منشطات مجهولة المصدر بالجيزة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    شهادة صحفي على مأساة أفغانستان الممتدة.. جون لي أندرسون يروي أربعة عقود في قلب عواصف كابول    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    اللجنه العامة توافق على اعتراض رئيس الجمهورية على مواد الإجراءات الجنائية    نقل الفنان السوري زيناتي قدسية إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين والبنوك والمدارس بعد قرار رئيس الوزراء    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    وصول وفد رسمي من وزارة الدفاع السورية إلى موسكو    مرض اليد والقدم والفم (HFMD): عدوى فيروسية سريعة الانتشار بين الأطفال    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    أكلة مصرية.. طريقة عمل محشي البصل خطوة بخطوة    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    مايولو: سعيد بالتسجيل أمام برشلونة.. نونو مينديش قام بعمل كبير    جوارديولا: لدينا نقطة وسنحصل عليها    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    انقطاع مؤقت للاتصالات قرب المتحف المصري الكبير.. فجر الخميس    سعر الذهب اليوم في السودان.. وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 2 أكتوبر 2025    هيئة مستقلة للمحتوى الرقمي ورقابة بضمانات.. 4 خبراء يضعون روشتة للتعامل مع «البلوجرز» (خاص)    ستاندرد آند بورز: إغلاق الحكومة الأمريكية يفاقم عدم اليقين في التوقعات الاقتصادية    المطبخ المصري في الواجهة.. «السياحة» ترعى فعاليات أسبوع القاهرة للطعام    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    اعتراضات على طريقة إدارتك للأمور.. برج الجدي اليوم 2 أكتوبر    أول تعليق من رنا رئيس بعد أزمتها الصحية: «وجودكم فرق معايا أكتر مما تتخيلوا»    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    الإسكان عن أزمة قرية بحر أبو المير بالفيوم: تحركنا لدراسة الوضع ميدانيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    أولى هجمات أكتوبر.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: أمطار رعدية تضرب منطقتين    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق شبرا - بنها    التجربة المصرية في الاستزراع السمكي محور برنامج تدريبي دولي بالإسماعيلية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    تعرف على مواقيت الصلاه غدا الخميس 2 أكتوبر 2025فى محافظة المنيا    مجلس الدولة يقرر إعادة توزيع اختصاصات دوائر محكمة القضاء الإداري    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو بكر الصديق
نشر في الفجر يوم 14 - 06 - 2012

هو عبد الله بن أبي قحافة، من قبيلة قريش، ولد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه، كان يعمل بالتجارة ومن أغنياء مكة المعروفين، وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريش بها وبما كان فيها من خير وشر وكان ذا خلق معروف يأتونه الرجال ويألفونه.
اعتنق الإسلام دون تردد فهو أول من أسلم من الرجال الأحرار ثم أخذ يدعو لدين الله فاستجاب له عدد من قريش من بينهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبدالرحمن بن عوف، والأرقم ابن أبي الأرقم
إسلامه
لقي أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: (أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا؟!)... فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إني رسول الله يا أبا بكر، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته، وأدعوك إلى الله بالحق، فوالله إنه للحق أدعوك إلى الله يا أبا بكر، وحده لا شريك له، ولا نعبد غيره، والموالاة على طاعته أهل طاعته)... وقرأ عليه القرآن فلم ينكر، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد، وأقرّ بحقّ الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبْوَة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عَتّم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه).
أول خطيب
عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً، ألح أبو بكر على الرسول صلى الله عليه وسلم في الظهور فقال الرسول: (يا أبا بكر إنّا قليل)... فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد، وكل رجل معه، وقام أبو بكر خطيباً ورسول الله جالس، وكان أول خطيب دعا إلى الله عزّ وجل وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوهم ضربا شديدا، ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين، وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه، وجاء بنو تيم تتعادى، فأجلوا المشركين عن أبي بكر، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته، ورجعوا بيوتهم وقالوا: (والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عُتبة)... ورجعوا إلى أبي بكر وأخذوا يكلمونه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال: (ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)... فنالوه بألسنتهم وقاموا...
أم الخير
ولمّا خلت أم الخير (والدة أبي بكر) به جعل يقول: (ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)... قالت: (والله ما لي علم بصاحبك)... قال: (فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه)... فخرجت حتى جاءت أم جميل، فقالت: (إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله؟)... قالت: (ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت؟)... قالت: (نعم)... فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت: (إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق؟! وإنّي لأرجو أن ينتقم الله لك)...
قال: (فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)... قالت: (هذه أمك تسمع؟)... قال: (فلا عين عليك منها)... قالت: (سالم صالح)... قال: (فأين هو؟)... قالت: (في دار الأرقم)... قال: (فإن لله عليّ ألِيّة ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم)... فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر: (بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي بَرّة بوالديها، وأنت مبارك فادعها الى الله، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار)... فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعاها الى الله عزّ وجل، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم.
جهاده بماله
أنفق أبوبكر معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس.
فنزل فيه قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}.
منزلته من الرسول
كان رضي الله عنه من أقرب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعظمهم منزلة عنده حتى قال فيه: (إن من أمَنِّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر).
كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي)... وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار).
كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيم الإفتخار بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصاهرته له وفي ذلك يقول: (والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي).
الإسراء والمعراج
وحينما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا له: (هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة!)... فقال لهم أبو بكر: (إنكم تكذبون عليه)... فقالوا: (بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس) فقال أبو بكر: (والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يعجّبكم من ذلك! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه! فهذا أبعد مما تعجبون منه).
ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (يا نبي الله، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟)... قال: (نعم)... قال: (يا نبي الله فاصفه لي، فإني قد جئته)... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فرفع لي حتى نظرت إليه)... فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر: (صدقت، أشهد أنك رسول الله)... حتى إذا انتهى قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: (وأنت يا أبا بكر الصديق)... فيومئذ سماه الصديق.
الصحبة
ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة إلى المدينة المنورة... فقال تعالى: {ثاني اثنين اذ هما في الغار، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا}.
كان أبو بكر رجلا ذا مال، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلمفي الهجرة فقال له الرسول: (لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً)... فطمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه حين قال له ذلك، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك، وفي يوم الهجرة، أتى الرسول صلى الله عليه وسلم بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، فلما رآه أبو بكر قال: (ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلمهذه الساعة إلا لأمر حدث).
فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة، فقال الرسول: (أخرج عني من عندك)... فقال أبو بكر: (يا رسول الله، إنما هما ابنتاي، وما ذاك؟ فداك أبي وأمي!)... فقال: (إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة)... فقال أبو بكر: (الصُّحبة يا رسول الله؟)... قال: (الصُّحبة)... تقول السيدة عائشة: (فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ)... ثم قال أبو بكر: (يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا)... فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط، وكان مشركاً يدلهما على الطريق، فدفعا إليه راحلتيهما، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما.
أبواب الجنة
عن أبا هريرة قال :‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏يقول: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب‏ يعني الجنة يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان)... فقال أبو بكر‏: (‏ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة)... وقال: (هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله)... قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم يا ‏أبا بكر).
مناقبه وكراماته
مناقب أبو بكر رضي الله عنه كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب: (ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ سبقني)... وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول صلى الله عليه وسلم التي تخفى على غيره كحديث: (أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده)، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم وإقراره على ذلك.
وهو أول خليفة في الإسلام، وأول من جمع المصحف الشريف، وأول من أقام للناس حجّهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده... وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر... كما أنه رضي الله عنه لم يفته أي مشهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم... وقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنت عتيق الله من النار)، فسمّي عتيقاً.
وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال: (كيف تفضِّلوني عليه، وإنما أنا حسنة من حسناته!!).
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏إذ أقبل ‏أبو بكر‏ آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي ‏صلى الله عليه وسلم: (‏‏أما صاحبكم فقد ‏غامر‏‏)... فسلم وقال: (إني كان بيني وبين ‏ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى علي فأقبلت إليك)... فقال: (يغفر الله لك يا أبا بكر‏)...‏ثلاثا، ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل: (أثم أبو بكر‏)... فقالوا: (لا)... فأتى إلى النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏فسلم، فجعل وجه النبي‏ صلى الله عليه وسلم ‏يتمعر، حتى أشفق ‏أبو بكر، فجثا ‏على ركبتيه فقال: (يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم مرتين)... فقال النبي ‏صلى الله عليه وسلم: (‏إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر‏ صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي)... مرتين فما أوذي بعدها.
خلافته
وفي أثناء مرض الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يصلي بالمسلمين، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة، وكان زاهدا فيها ولم يسع إليها، إذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فوجده يبكي، فسأله عن ذلك فقال له: (يا عمر لا حاجة لي في إمارتكم!!)... فرد عليه عمر: (أين المفر؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك).
جيش أسامة
وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام، فلمّا نزل بذي خُشُب واد على مسيرة ليلة من المدينة قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدّت العرب حول المدينة، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا: (يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء، تُوجِّه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة؟!)... فقال: (والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله)... فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا: (لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم)... فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام.
حروب الردة
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب ومنعت الزكاة، واختلف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيد، قال عمر بن الخطاب: (كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله]؟!)... فقال أبو بكر: (الزكاة حقُّ المال)... وقال: (والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها)... ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل إلى رأيه، ولم يمت حتى استقام الدين، وانتهى أمر المرتدين.
جيوش العراق والشام
ولمّا فرغ أبو بكر رضي الله عنه من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى الشام وخالد بن الوليد الى العراق، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام.
استخلاف عمر
لمّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال: (إني أدعوك إلى أمر متعب لمن وليه، فاتق الله يا عمر بطاعته، وأطعه بتقواه، فإن المتقي آمن محفوظ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به، فمن أمر بالحق وعمل بالباطل، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ، وأن يحبط عمله، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من دمائهم، وأن تصم بطنك من أموالهم، وأن يخف لسانك عن أعراضهم، فافعل ولا حول ولا قوة إلا بالله).
وفاته
ولد أبو بكر في مكة عام (51 قبل الهجرة) ومات بالمدينة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بسنتين وثلاثة أشهر وبضع ليال سنة (13 ه).
ولمّا كان اليوم الذي قُبض فيه أبو بكر رجّت المدينة بالبكاء، ودهش الناس كيوم قُبض الرسول صلى الله عليه وسلم، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا وهو يقول: (اليوم انقطعت خلافة النبوة)... حتى وقف على البيت الذي فيه أبو بكر مسجّىً فقال: (رحمك الله يا أبا بكر، كنت أول القوم إسلاما، وأكملهم إيمانا، وأخوفهم لله، وأشدهم يقينا، وأعظمهم عناءً، وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحدبهم على الإسلام، وآمنهم على أصحابه، وأحسنهم صُحْبة، وأفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم به هدياً وخُلُقاً وسمتاً وفعلاً).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.