إن مسألة اختيار رئيس الجمهورية وموقف الإسلام من اختيار القادة والزعماء مسألة غاية في الأهمية. خاصة في هذه الفترة التي تمر فيها مصر بمفترق طرق وتستقبل عهداً جديداً من الحرية والكرامة. ولا ينبغي أن يكون الاختيار مبنياً علي العاطفة أو الاعجاب الشخصي وإنما ينبغي أن يُبنَي علي المسئولية الضخمة الملقاة علي عاتق أفراد الشعب في اختيار قادته. هذه المسئولية التي صرح بها النبي صلي الله عليه وسلم "من استعمل رجلاً من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضي لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين". والناخب مسئول أمام الله عمن اختاره وإذا كان الرئيس قد اختير بإرادة الشعب فإن للشعب أن يعزله وأن يحاكمه إذا أخطأ. فهو لا يعدو أن يكون أجيراً عند شعبه. وهذا ما فطن إليه أبومسلم الخولاني حينما حيّيَ معاوية بقوله: "السلام عليك أيها الأجير" فغضب أصحاب معاوية. فقال لهم: "إن أبا مسلم أعلم بما أقول". وقد ذكر القرآن الكريم ثلاثة نماذج لاختيار القادة والرؤساء: النموذج الأول: في سورة البقرة في قصة طالوت قال تعالي علي لسان نبيهم: "إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم" والمراد ببسطه "العلم" كما يقول القرطبي هو العلم بفنون الحرب وبأمور السياسة. أما بسطة الجسم المراد بها الشجاعة وليس طول القامة. النموذج الثاني: فقد ذكر الله علي لسان يوسف عليه السلام حينما طلب الولاية من عزيز مصر. وقدم مؤهلاته القيادية "قال اجعلني علي خزائن الأرض إني حفيظ عليم". ومعني حفيظ: أي لتقدير الأقوات حيث كان عنده دراية بعلم الاقتصاد والسياسة وتأمل كيف أن يوسف عليه السلام لم يقدم مؤهلاته الدينية وهو النبي ابن النبي ابن النبي ابن النبي. النموذج الثالث: ففي قصة موسي عليه السلام مع الرجل الصالح صاحب مدين "قالت إحداهما يأبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين" وهذه الصفات هي المؤهلة للقادة والزعماء في الإسلام. وحتي تؤدي هذه الأمانة ونعفي أنفسنا من المسئولية فلا بد أن يكون الاختيار علي أسس وقواعد ومعايير صارمة ومن أبرزها: 1- أن يكون المرشح زاهداً في الرئاسة غير حريص علي توليها وهذا المعيار مهم للغاية فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: "يا أبا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها".. "رواه البخاري" 2- أن يكون المرشح صاحب برنامج انتخابي واضح شاملاً كل نواحي الحياة الدينية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والصحية وغيرها وألا يكون هذا البرنامج ضربا من الخيال بل يكون واقعيا ملموسا قائما علي أسس وله جدول زمني محدد وأن يتناسب هذا البرنامج مع شخصية المرشح وألا يكون مجرد تصريحات جوفاء. 3- يجب أن يكون المرشح صاحب رؤية لمكانة مصر وواقعها الاقليمي والدولي فهي قلب العالم الاسلامي وهي قاطرة العالم العربي. 4- أن يكون المرشح صاحب الكاريزما في الإدارة وهي القوة الفائقة علي حل المشكلات التي تعصف بأمن مصر ومن أبرزها الفتنة الطائفية. والجمع بين التيارات المتصارعة. ولديه القدرة علي حل مشكلات مصر والتي من أهمها مشكلة البطالة. والفقر. والعشوائيات. والمرض. والأمية وسوء التوزيع الجغرافي للسكان ومشكلة نهر النيل ومشكلة العلاقات مع دول الجوار خاصة دول حوض النيل هذه أهم المؤهلات والصفات التي يجب توافرها في الرئيس القادم.