طالب علماء الأزهر بضرورة التوافق علي خطاب ديني يتعاطي مع المرحلة الخطيرة التي تعيشها الأمة في الوقت الحالي ويتفاعل مع روح الثورتين اللتين مرت بهما مصر . مشددين علي ضرورة أن يقوم الخطاب الديني في هذه المرحلة علي تعريف الناس بأمور الحكم في الإسلام وحقوق المواطنة وما يجب علي الحاكم والمحكوم. ومواجهة من يسعون لتقديم خطاب ديني مزيف يتصادم مع الأوضاع الراهنة.. وأوضحوا أن الأحداث الأخيرة التي مرت بها مصر كشفت علامات كثيرة علي ضعف الخطاب الديني وصعوبة وصوله إلي عموم الناس. ويجب العمل علي ضرورة صياغة خطاب ديني متوازن يتوافق مع المرحلة القادمة بما يخدم الدين والأمة ويخاطب المخالفين في الرأي بالحسني بعيدا عن التشدد .. وشددوا علي أن الخطاب الديني يجب أن يتعاطي مع مشكلات الشعب وأن يبتعد عن الخطاب الغيبي المعتمد علي تغييب الإدراك العقلي فينصب الخطاب كما هو حادث علي الأمور الغيبية وترك المشكلات المعاصرة وهذا أمر مرفوض. ويجب العمل علي أهمية دور الخطاب الديني في تنمية ثقافة الوعي بالقانون من خلال دور العبادة التي تلعب دورا في صياغة الوعي العام للجماهير لارتباط الدين بأخص خصائص الإنسان العقدية والسلوكية والوجدانية وحركة وفي المقابل طالبوا بتعزيز الخطاب الديني المعتمد علي العقل في التعاطي مع مشاكل الشعوب وليست الافتراضات النظرية أو التكاليف الدينية المجردة. في البداية يقول د.نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء : إن الأحداث التي تعيشها مصر حاليا كشفت علامات كثيرة علي ضعف الخطاب الديني وصعوبة وصوله إلي عموم الناس. كما أظهرت حالة من الارتباك الشديد بعد الثورة بين كثير من العلماء والدعاة. ويتساءل كثير من الدعاة وأئمة المساجد بحيرة: ما هو الموضوع المناسب الذي ندعو إليه؟ أو نخطب به الجمعة؟ أو نوجه به الشباب بحيث تصبح جهودهم وطاقاتهم تحت مظلة الشرع ؟. ويضيف إن الاقتراب من قضية الخطاب الديني الآن يحتاج إلي دقة وحساسية بالواقع ويحتاج إلي صلابة وتمسك بثوابت الدين وأصوله ويحتاج قبل ذلك وبعده إلي هداية الله وتوفيقه. وأوضح أن جوهر الخطاب الديني المطلوب في ظل الأوضاع الحالية يقتضي أن تشيع بين المسلمين أن الأصل في حفظ الدين حفظ قانون السياسة. وبث العدل والتناصف الذي به تحقن الدماء . ويُتمكن من إقامة قوانين الشرع. وهذا وظيفة أولي الأمر . وكذلك أصحاب الحديث ينفعون بضبط الأحاديث التي هي أدلة الشرع . والقراء ينفعون بحفظ القراءات وضبط الروايات . والزهاد ينفعون بالمواعظ والحث علي لزوم التقوي والزهد في الدنيا فكل واحد ينفع بغير ما ينفع به الآخر.والمجدد قد يكون واحدا أو جماعة من الناس وقد يكون هذا في مجال العلم الشرعي وقد يكون أيضا في مجال القيادة والسياسة . أو في جوانب دعوية أو تربوية ونحو ذلك. ويضيف د.واصل أنه يجب تبني خطاب ديني مختلف عن المرحلة السابقة يتوافق رياح التغيير ولكن دون الحديث عن ثوابت العقيدة الدينية التي لا مجال فيها للتغيير. مما يدعو إلي ضرورة صياغة خطاب ديني متوازن يتوافق مع المرحلة القادمة بما يخدم الدين والأمة ويخاطب المخالفين في الرأي بالحسني بعيدا.عن التشدد ويجب أن نسعي لخطاب دعوي لا يثير عداء مع الآخرين. ويجب العلم أن هناك عبارات وافدة علي الأمة تحتاج إلي مراجعتها من أصول الدين وأن نبحث عن مخرج لأمتنا بالإيمان والعمل الصالح وقال في صراع السياسة نسي المسلمون أن الله ينصر صاحب الحق حتي مع قلة ناصريه ولكن بشرط الامتثال لجوهر الدين. لذلك فإنه من الضروري الاهتمام بإعداد الدعاة وتأهيلهم جيدا والتمسك بالدين والسنة والتركيز علي فقه الائتلاف وليس الاختلاف وأن يكون الخطاب الدعوي مطمئناً للمسلمين وغير المسلمين الملامح السياسية يوضح الدكتور محمد الدسوقي .أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة . أن الخطاب الديني في ظل ما حدث ويحدث في مصر يجب أن يحدث فيه تغيير جذري يتعاطي مع روح ما يحدث في مصر وغيرها من الدول العربية من ناحية ويؤسس لوحدة الشعوب العربية . ويجب أن يكرس الخطاب الديني في هذه المرحلة إلي تعريف الناس بأمور الحكم في الإسلام وحقوق المواطنة وما يجب علي الحاكم والمحكوم.وأيضاً مواجهة من يسعون لتقديم خطاب ديني مزيف في البلدان العربية التي اشتعلت فيها ثورات الربيع ولم يسقط ديكتاتورياتها وهم علماء . وهؤلاء يتحملون وزر إفتائهم لأن الفتوي إذا لم تكن محققة للمصلحة العامة وللعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات لا تكون فتوي يعتد بها . لأن الشريعة الإسلامية كلها مبنية علي تحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد . فإذا جاءنا حاكم واختاره الشعب بإرادته ولم يفرض عليه وكانت هذه الإرادة صحيحة وليست مزورة كما يحدث في كثير من الانتخابات العربية التي تكون النتيجة فيها 99%. فهذه مهزلة تشهدها كثير من الدول العربية وهذا كله يعبر عن أن هذه الانتخابات لا تعبر عن رغبة طبيعية في اختيار الحاكم . ويضيف د.الدسوقي أن الخطاب الديني المطلوب في هذه المرحلة الخطيرة من عمر الأمة العربية والإسلامية يجب أن يكون مرتبطاً بملامح سياسية تعلم عوام المسلمين أن طاعة ولي الأمر في الإسلام ليست مطلق وإنما تحكمها ضوابط وقواعد عامة منها عدم الخروج علي أحكام الشريعة.. التعامل مع الواقع يؤكد د.محمد الشحات الجندي الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية. أن الخطاب الديني يجب أن يتعاطي مع مشكلات الشعب الواقعية وأن يبتعد عن الخطاب الغيبي والفلكلور الديني المعتمد علي تغييب الإدراك العقلي فينصب الخطاب كما هو حادث علي الأمور الغيبية وترك المشكلات المعاصرة وهذا أمر مرفوض. ويجب تعزيز الخطاب الديني المعتمد علي العقل في التعاطي مع مشاكل الشعوب وليست الافتراضات النظرية أو التكاليف الدينية المجردة. والعمل علي ضرورة تكريس فكرة الالتزام بالواجبات القانونية كنظيرتها من الواجبات الدينية والاهتمام بالدعاة وتدريبهم وتثقيفهم للوصول للفهم الصحيح للأديان وعدم توظيف الدين لمصالح وقتية أو سياسية . يشير الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر للحوار الي أن العالم العربي والإسلامي خلال مرحلته الحالية في حاجة ماسة إلي ثورة لتجديد الخطاب الديني تتعاطي مع مقتضيات المرحلة الحالية. فيجب أن يكون تكوين الخطيب والواعظ والداعية جزء من التعليم والقيم الاجتماعية والاقتصادية لأنهم لا يعيشون في جزيرة منعزلة عن الواقع الاجتماعي. ويجب التخلص من الفوضي الاصطلاحية و ضبط استخدام المصطلحات والكلمات وتبسيطها للشارع العربي. ويضيف د.عزب أن الخطاب الديني المتشدد الذي ظهر لسنوات وابتعد عن الوسطية وابتعد عن مفهوم الإيمان ومفهوم المواطنة وحب الله المرتبط بحب الوطن هو السبب في ظهور مشاكل ظهرت وتركت دون حل جذري وصريح وتحليلي مما خلق تراكما لمشاكل كثيرة .ولذلك يجب تدريب من يعتلون المنابر ويوجهون الجماهير خاصة في ظل غياب الدولة .ويجب أن يبدأ العلماء والدعاة في العالم العربي الدخول سريعاً في حوار موسع فيما بينهم لضبط فوضي الفتاوي المتضاربة والاتفاق علي استراتيجية توحد النقاط العريضة التي يجب أن يسير عليها الخطاب الديني في مرحلته الجديدة.