إعلام فلسطيني: طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف شرق مدينة غزة    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    تركت حقيبتها وحذاءها بجوار ترعة، الأمن يفك لغز اختفاء فتاة الشرقية    كان مشهدا فظيعا، جسيكا ألبا تكشف سبب ظهورها عارية في فيلم "الأربعة المذهلون"    عائلة أم كلثوم يشاهدون فيلم الست مع صناعه والنجوم بحضور منى زكى وحلمى    6 أفلام صنعت أسطورة أم كلثوم في السينما.. حكايات نادرة من رحلة الكوكبَة على الشاشة    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    عاجل.. صدام قوي بين الجزائر والبحرين اليوم في كأس العرب 2025 وتفاصيل الموعد والقنوات الناقلة    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    العثور على جثمان شاب غرق فى نهر النيل بمدينة إسنا    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتحذف هيئة تحرير الشام من "الكيانات الإرهابية"    بوتين: نسعى لعالم متعدد الأقطاب للحفاظ على هوية الدول واحترام سيادتها    يطرح قريباً.. ظهور زوجة مصطفى قمر في كليب «مش هاشوفك»    عمرو مصطفى وظاظا يحتلان المرتبة الأولى في تريند يوتيوب أسبوعًا كاملًا    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    أيمن يونس: منتخب مصر أمام فرصة ذهبية في كأس العالم    اليوم.. محاكمة عصام صاصا و15آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    أولى جلسات محاكمة مسؤول الضرائب وآخرين في قضية رشوة| اليوم    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    الأردن يرحب بتمديد ولاية وكالة الأونروا حتى عام 2029    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    النائب ناصر الضوى: الإصلاحات الضريبية الجديدة تدعم تحول الاقتصاد نحو الإنتاج والتشغيل    وكيلة اقتصادية الشيوخ: التسهيلات الضريبية الجديدة تدعم استقرار السياسات المالية    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    احفظها عندك.. مجموعات كأس العالم 2026 كاملة (إنفوجراف)    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    "بعتيني ليه" ل عمرو مصطفى وزياد ظاظا تتصدر تريند يوتيوب منذ طرحها    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تجديد الخطاب الإسلامي من المنبر إلى شبكة الإنترنت" وآليات لتجديد الخطاب الديني من خطبة الجمعة إلى الفيس بوك فى كتاب جديد
نشر في بوابة الشباب يوم 17 - 09 - 2013

الكتاب يقدم نقدا موضوعيا لأطروحاته الراهنة ويطالب بتغيير بنيته وأولوياته: كتاب جديد يدعو إلى "تجديد الخطاب الإسلامي من المنبر إلى شبكة الإنترنت" الخطاب الإسلامي مطالب بالاستجابة لتطور طرق المعرفة من التلقي إلى التفاعل ومن أحادية المنبر إلى تعددية الشبكة آليات لتجديد الخطاب الديني من خطبة الجمعة إلى الفيس بوك.
يدعو الكتاب إلى تغيير نوعي في بنية الخطاب الإسلامي وأولوياته وإعادة صياغة أطروحاته، وتجديد تقنياته ووسائله وتطوير قدرات حاملي هذا الخطاب ومنتجيه، لكي يلبي احتياجات الشعوب المسلمة في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها، بحيث يستجيب للتحديات التي تواجها في سياق حركة المجتمع الذاتية التي تتفاعل مع ما يجري حولها في العالم وفق معطيات عصر الاتصال والثورة العلمية الرقمية.
تطرح الدراسة التي أعدها الدكتور محمد يونس المتخصص في الشؤون الدينية بصحيفتي الأهرام والاتحاد الإماراتية، رؤى جديدة لصياغة خطاب إسلامي يقدر تأثير معطيات العصر وتطور العلاقات وأنماط التعاطي مع المعرفة وتطورها من التلقي إلى التفاعل، ومن أحادية المنبر الى تعددية الشبكة، ومن المطلقات إلى رفاهية اختيار اليقين المعرفي، خطاب لا يقتصر على معيار الصح والخطأ وإنما يضيف إليها معايير تتعلق بالأنسب وما ينفع الناس.
وتضع الدراسة أطرا معرفية لصياغة خطاب يلبي احتياجات شعوبنا التي خرجت الى ميدان المدن العربية والإسلامية ترفض الاستبداد السياسي والتخلف الاقتصادي والجمود الفكري الذي فرض عليها عقود طويلة؛ مرات من الخارج احتلال واستعمارا، ومرات أخرى من الداخل استبدادا واستحمارا.
وتطرح الدراسة / الكتاب آليات لتجددي الخطاب الإسلامي على اختلاف مستواياته وأشكاله بدأ من خطبة الجمعة ومرورا بالأشكال الاتصالية المقرؤة والمسموعة والمرئية وانتهاء بالشكل الرقمي عبر شبكة المعلومات الدولية
وتؤكد الدراسة التي صدرت، حاجة الأمة الإسلامية اليوم إلى خطاب بنائي وليس إنشائي يدفع حركة المجتمع عبر الفرز بين قيم التحلي وقيم التخلي، وإدراك سنن التغيير الحضاري بحيث يعيد للإنسان دوره وفاعليته وحضوره في حركة المجتمع، خطاب ينبع اولا من طبيعة الإسلام آلذي ينطوي علي دعوه مستمرة ألي التجديد، تأخذ مشروعيتها من الحديث النبوي الشهير الذي رواه أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه عن أبى هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها".
وفى الوقت نفسه يستجيب للتطلعات المشروعة للشعوب العربية والإسلامية فى الحرية و التقدم ووتحقيق الشهود الحضاري. فلم يكن الخطاب الديني بعيدا عن تفاعلات الداخل والخارج وتحديات التحرر والتنمية على مدى أكثر من قرنين، بدءا من الحملة الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر وحتى الحملة الأمريكية في مطلع هذا القرن الحادي والعشرين ، ومرورا بالحملة الانجليزية وحملات الاحتلال الأخرى على عامنا العربي والإسلامي، ثم ثورات التحرر الوطني.
وتشير الدراسة إلى أنه في كل مرحلة كان الخطاب الديني يتواكب مع أوليات واحتياجات الشعوب، ففي الماضي غلب عليه الجانب الدفاعي وربما لجأ الى المقاومة للحفاظ على الهوية في مواجهة الغزو الخارجي، غافلا، إلى حد ما، التحديات الداخلية.
ولكن مع حراك الربيع العربي 2011 م أدركت الشعوب الإسلامية العلاقة الجدلية بين التحديات الداخلية والخارجية بعد أن تحالفت مصالح بعض النخب الداخلية مع مصالح القوى الخارجية لكبح حركة الشعوب وتطلعاتها إلى التقدم والحرية، فخرجت الملايين تضع نصب أعينها على التحديات الداخلية تطالب بالحرية والخبز والعدالة الاجتماعية، وتعلن فشل الكثير من النخب والأطروحات والأنظمة القائمة وتطالب بالتغيير وبناء الدولة على أسس مختلفة عما كانت عليه، وصياغة عقد اجتماعي جديد.
في غضون ذلك ثار الجدل مرة أخرى حول المرجعية وموقع الدين في هذا العقد والدستور المنشود، وهنا نقف على أعتاب مرحلة جديدة في عمر أمتنا تحتاج ليس فقط إلى تجديد الخطاب الديني وإنما إلى تجديد الأمة .. تجديد البناء والدماء والمؤسسات والأطروحات. لذا فإن الخطاب الديني المنشود لابد أن يستلهم روح الظروف والمتغيرات التي أحدثها الربيع العربي.
تدعو الدراسة إلى خطاب إسلامي جديد يختلف تماما عن دعوات تجديد الخطاب الديني التي ظهرت عقب أحداث الحادي من سبتمبر2001 م ، لعدة أسباب منها:
أولا: أن الخطاب المنشود يقوم على إرهاصات لخطاب إسلامي نشأ من أفواه الجماهير المسلمة متزامنا مع الربيع العربي وثورات 2011 م وبإرادتها وليس مفروضا عليها أو مطلوبا منها كما حدث في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ففي الربيع العربي كانت الجماعات والتيارات والحركات الإسلامية في صدارة المشهد السياسي والمجتمعي والإعلامي، فجاء خطابها من قلب الحدث، ومتخففا من الظروف السابقة التي فرضت عليها الحظر والتقييد والمطاردات الأمنية، حيث اتسع الميدان لكل الفصائل والتوجهات كما فتحت وسائل الإعلام أبوابها أمام الجميع.
أما الدعوات السابقة لتطوير الخطاب الديني والتي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 م فقد جاءت من الخارج، و تزامنت مع الهجوم على الخطاب الإسلامي عقب تلك الأحداث، فقد نشرت العديد من الصحف خطة وضعتها لجنة تشكلت داخل وزارة الخارجية الأميركية باسم "لجنة تطوير الخطاب الديني في الدول العربية والإسلامية" انتهت إلى، توصيات يتم تبليغ للدول الإسلامية.
ثانيا: إن تجديد الخطاب الديني الذي ندعو إليه يتزامن مع نقطة فاصلة في خطاب الحركات والفصائل والتيارات التي ظلت لسنوات طويلة توصف بالعنيفة وظل الإعلام الغربي يقرنها بالإرهاب، حيث تم الترويج إعلاميا إلى أن العنف هو الوسيلة الوحيدة للتغير في العالم الإسلامي وتم تقديم تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وحركة طالبان الأفغانية علي أنهما نموذج التغيير الإسلامي الوحيد، ولكن مشهد التغيير الذي حمله الربيع العربي في 2011 قلب هذه الصورة رأسا علي عقب، حيث كانت "سلمية سلمية" شعار وفعل الثورات العربية، وكانت الجماعات والحركات الإسلامية جنبا إلى جنب مع الحركات اليبرالية والقومية في صدارة هذا المشهد.
وهذه دلالة مهمة للتحول الذي حدث في خطاب الجماعات الإسلامية التي ظلت لسنوات تتهم بالعنف وحتي عندما قدمت مراجعات لفكرها تضمنت تخليها عن العنف، تم تجاهل ذلك لصالح الحفاظ على الصورة الذهنية النمطية السلبية للإسلام والمسلمين، التي تم تكريسها لدى الرأي العام العالمي. من هنا يجب الانطلاق من هذه الأحداث التي حظيت بتغطيات إعلامية واسعة نحو التأسيس لخطاب إسلامي جديد يؤكد نبذه للعنف وتبنيه للوسائل السلمية في التغيير.
ثالثا: التحول والتطور في مكونات القوى الفاعلة في الخطاب الإسلامي، بعد سقوط بعض الأنظمة الدكتاتورية بالوطن العربي، وهذا التطور ينبغي أن ينعكس علي أطروحات هذا الخطاب الجديد، ويمكن رصد هذا التطور في التقارب والحوار بين المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية، وبين الجماعات الإسلامية التي كانت محجوب عنها الشرعية، مثل لقاء شيخ الأزهر بوفد من جماعة الإخوان المسلمين، ووفد من الجماعة الإسلامية، وأشاد الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الأزهر بالمراجعات الفقهية التي أطلقتها الجماعة الإسلامية "قبل سنوات، واعتبرها بمثابة تحول فكري شجاع أعاد الجماعة والمنتسبين لها إلى الفكر المعتدل الذي ينبذ العنف ويرفض دعاوى التكفير. وكذلك التقارب الإسلامي المسيحي داخل الجماعة الوطنية الذي تم التعبير عنه بأشكال عديدة داخل ميدان التحرير .
وكل ذلك أدلة موثقة لتحول إيجابي في أحد مفاصل بناء الأمة ونسيج العلاقة بين مكوناتها في مصر قلب العالم الإسلامي وقبلته العلمية، وأيضا تحول في نوعية الخطاب يحتاج إلى استكمال لبناء خطاب إسلامي جديد.
ويطرح كتاب "تجديد الخطابي الإسلامي من المنبر إلى شبكة الإنترنت" رؤية نقدية للخطاب الإسلامي المعاصر من خلال تحليل عدد من مقولات هذا لخطاب واستقراء القصور فيه ومدى نجاحه او فشله في تحقيق أهدافه . ويرصد حالة الفوضى و الخلل البنيوي اللتين اتسم بها هذا الخطاب والتشتت والتباين الواسع بين حاملي الخطاب الديني ومروجيه. وتجاهل كبير لمقام وظروف متلقيه، وتتجلي هذه الحالة ليس فقط علي المنابر التقليدية وإنما أيضا عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية.
ويطرح المؤلف رؤى جديدة لمعالم الخطاب الإسلامي المنشود، مطالبا بأن يتم وضع آليات تجديد الخطاب الديني في موضعه الصحيح ليكون ضمن عملية "تجديد الأمة" لا مجرد "تجديد الخطاب الديني" كما يراد لنا ضمن الحملة الأمريكية الراهنة على الأمة.
ويرى المؤلف الدكتور محمد يونس أن الخطاب الإسلامي المنشود يحتاج إلى إعادة الاعتبار لقدرات الأمة وكفاءاتها عبر آلية جديدة للاجتهاد الجماعي، ورؤية مختلفة لتجديد الخطاب تتجه أكثر إلى الجانب البنائي وتبتعد عن الجانب الدفاعي وتستوعب مقتضيات الزمان وخصوصيات المكان وتكون على وعي بذبذبات النسيج الشبكي للواقع الاجتماعي الراهن عبر مستوياته الوطنية والإقليمية والعالمية.
وفي هذا السياق يقول "علينا أن نحدد أجندة تجديد خطابنا الديني، وكيفية هذا التجديد، حتى لا نقع في خطأ تنفيذ أجندات الآخرين، علينا أن نمتلك زمام المبادرة لا أن يأتي حديثنا في إطار رد الفعل لما يطلبه الآخرون، فنحن أدرى بمكة وشعابها وهذا لا ينتقص من دراية الآخرين بشعاب لندن وباريس ووواشنطن، ولكن خرائطهم حتى وإن تمت بتقنية "جي بي اس" لن توصلنا إلى شعابنا " .
ويتضمن الكتاب أطروحات مفصلة لتجديد الخطاب الإسلامي، داعيا إلى ضرورة تتدارك النقص والاختلال الذي شهده الفكر والفقه الإسلامي خلال عهود التراجع الحضاري والذي أسفر عن تضخم في مجال العبادات وفقر في المجال الدستوري والسياسي، نتج عنه خطاب جزئي ركز على الشكليات، وأغفل العديد من القضايا الجوهرية في حياة الناس بخاصة كرامة الإنسان وحقوقه وحريته، حتى أطلق عليه بعض ساخرا "فقه الحيض والنفاس".
وهنا يدعو الكتاب الى ضرورة الانطلاق في الجانب السياسي لهذا الخطاب من وثيقة الأزهر الشريف. ويطالب بأن يركز الخطاب المنشود على إعادة بناء المسلم المعاصر ليكون إنسان حضاري فاعل في مجتمعه ومنتج وليس عالة على الآخرين، يفهم حقيقة الإسلام ومهمته وهي عبادة الله وتعمير الأرض. ولكن هذه المهمة لا تتم بمجرد الكلام الإنشائي الجميل وإنما يجب أن تكون عملية مستمرة تعتمد على آلية واعية تستهدف نفسية المسلم المعاصر، من خلال عملية إعادة البناء النفسي للمسلم، هذا البناء يتطلب "إزالة الركام غير النافع لكي يقوم البناء الأحدث والأنفع مكانه، وهذه العملية يجب أن تتم كل يوم (يطلق عليها التخلية ثم التحليه) وذلك بالتوازي مع عمليات هدم وبناء دائمة تتم في خلايا الجسم لضمان بقائه وصحته ونموه وتطوره، حيث تموت خلايا ويحل محلها خلايا جديدة يوميا والنفس أولى بذلك من الجسم لأنها - فى حال صحتها - أكثر سعيا نحو الإحلال والتجديد والارتقاء نحو وجه الله ".
وهنا يجب أن يكون الخطاب الإسلامي واعيا بمعالم الخريطة النفسية والعقلية التي وصلت إليها قطاعات كبيرة من جماهير المسلمة اليوم، والتي وصفها بعض مفكري الأمة لأنها أصبحت "نفسية العبيد وعقلية القطيع".
ويؤكد الدكتور محمد يونس - عبر هذا لكتاب - أن عملية الهدم والبناء في المفاهيم لازمة لتوعية المسلم المعاصر بدوره في تحقيق نهضة أمتهم وتقدمها، من خلال شحن طاقات المسلم للبناء والإنتاج والتفاني والإخلاص في العمل والتنمية في مختلف الميادين. الى جانب ذلك فإن الخطاب الإسلامي يمكنه أن يحرك معاني المقاومة والممانعة ويؤسس لنفسية العزة وعقلية الاختيار الحر المسؤول في مقابل نفسية العبيد وعقلية القطيع.
و يشير الى أن هذه العملية ضرورية أيضا لإنقاذه المسلم المعاصر من الاستلاب الفكري والثقافي الذي يحول الشعوب إلى زبائن ويحعل الناس أرقاما في جملة المستهلكين المستهدفين.
ويدعو الكتاب ألي ضرورة التأسيس لخطاب إسلامي يؤصل فكرة السلمية والإيمان بالتداول السلمي للسلطة ونبذ العنف، ليس لأن هذا أمر طارئ أو جديد علي الفكر الإسلامي، وإنما لأن حجم التشويه الذي كان ولا يزال يواجه الخطاب الإسلامي يستدعي الإلحاح على فكرة السلمية ونبذ العنف التي نجح الإعلام الغربي ، مدفوعا من الدوائر الصهيونية، في ترسيخها لدى الرأي العام العالمين لتبرير الهيمنة والاحتلال والحروب ضد الشعوب الإسلامية تحت ستار مقاومة الإرهاب.
ويطالب ب إنهاء حاله الفوضى فى الخطاب الإسلامي الناجمة بالأساس عن كثرة المتحدثين باسم الإسلام وعدم اهلية غالبيتهم لهذه المهمة. مؤكدا أن إعادة الأمر الى نصابه لن يتحقق بدون معالجة الأسباب التي أوجدت هذه الحالة، وفي مقدمتها ما أصاب المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية من ضعف نتيجة إخضاعها للسلطة السياسة وسلبها أوقافها ومصادر تمويلها مثلما حدث مع الأزهر الشريف منذ عهد محمد علي وحتى اليوم، فتراجع دوره وصوته وخطابه، مما مهد الطريق لنشأ جماعات وحركات دينية غير مؤهلة من خارج المؤسسة الدينية الرسمية لتسد الفراغ.
ويطالب بضرورة رد الاعتبار للأزهر الشريف باعتباره منارة الفكر الإسلامي الوسطي فهو المؤهل لقيادة خطاب إسلامي معتدل بحكم تاريخه وعلمائه ومناهجه، ولكن يحتاج الي استقلالية في القرار والتمويل ومراجعة شاملة لأسلوب إدارته وهو ما بدأه بالفعل شيخه الدكتور أحمد الطيب من خلال سلسلة من المبادات، من بينها " وثيقة الأزهر "وتشكيل لجنة لتعديل قانون الأزهر ليكون شيخه بالانتخاب، فضلا عن انفتاحه على القوى الاجتماعية والسياسية والمؤسسات والجماعات الدينية الإسلامية والمسيحية.
ومن هنا تأتي أهمية "اعتبار الأزهر الشريف هو الجهة المختصة التى يرجع إليها فى شئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة، مع عدم مصادرة حق الجميع فى إبداء الرأى متى تحققت فيه الشروط العلمية اللازمة.
يقع الكتاب في أربعة فصول، يتناول الفصل الأول: الخطاب الإسلامي في التراث والعصر الحديث مستعرضا مفاهيم الفكر الإسلامي، والخطاب الإسلامي والتجديد،
واتجاهات التجديد في التراث الإسلامي، وفي العصر الحديث ومنهج التجديد وأولوياته.
ويعرض الفصل الثاني "معالم الخطاب الإسلامي الجديد" من خلال تحليل حالة الخطاب الإسلامي المعاصر، وأنواعه، كما يقدم أطروحات جديد تشكل معالم الخطاب الإسلامي المنشود موضحا خصائص هذا الخطاب وركائزئه الأساسية.
ويخصص الفصل الثالث لتطوير وسائل الخطاب الإسلامي (من الخطبة إلى الفيس بوك) مبينا سبيل تطويرالخطاب الإسلامي المباشر والسمات اللازمة لعملية التطوير، مع التركيز على تطوير خطبة الجمعة، وضبط دور الدعاة وحملة الخطاب الديني.
كما يتناول سبل تطوير الخطاب الإسلامي عبر الوسائل المقرؤة والمسموعة والمرئية و الإلكترونية، فضلا عن تحليل خطاب المواقع الإسلامية العربية، داعيا الى بلورة خطاب جديد عبر الإنترنت.
ويتناول الفصل الرابع الخطاب الإسلامي وقضايا الواقع من خلال التطبيق على نماذج معاصرة متنوعة تشمل قضايا حقوق المرأة، القدس. والعلاقة بالآخر. وحماية البيئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.