حاسبات أسيوط تفتح باب القبول في الدبلومات المهنية لتكنولوجيا المعلومات    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 الثانوية العامة.. رابط موقع التنسيق    بماذا نأخذ سياسة هذه الجريدة؟    «الأطباء البيطريين» تدعو لعقد جمعيتها العمومية العادية في 29 أغسطس الجارى    القابضة للمياه تعقد عموميات الشركات التابعة لاعتماد الموازنة التقديرية 2025 - 2026    أسعار الإيجارات في مصر بعد عودة السودانيين لبلادهم.. مفاجآت في السوق العقاري    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    وزيرا الخارجية والاستثمار يبحثان آليات الترويج الفعّال للاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات    البيت الأبيض: ترامب يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا عبر الدبلوماسية    ختام معسكر الفوج الثالث من حكام النخبة والمميزين بدوري المحترفين    ثروت سويلم: مراقب مباراة الأهلي ومودرن سبورت لم يُدون أي ملاحظات على الجمهور    الزمالك يصرف مقدمات عقود لاعبيه للموسم الجديد ويعد بالانتظام في المستحقات    عاجل.. الأهلي يتجه لطلب حكام أجانب لمباراته أمام بيراميدز بالدوري    النيابة تصرح بدفن جثمان شاب قتله بائع متجول في المنيا    السكة الحديد: خفض مؤقت لسرعات القطارات بسبب ارتفاع الحرارة    محافظ الغربية يتابع استعدادات امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة    وزير الثقافة يلتقي فتيات البرنامج الرئاسي «أهل مصر» لأبناء المحافظات الحدودية    من مقاومة الاحتلال والملكية إلى بناء الإنسان والجمهورية الجديدة.. معارك التنوير مستمرة    تعرف على لجنة تحكيم برنامج the voice kids    25 ألف.. هل سيتم سحب فيلم "المشروع X"؟    هنادي مهنا نجمة «بتوقيت 28».. ثاني قصص سلسلة «ما تراه ليس كما يبدو»    محافظ الدقهلية: تحقيق فوري مع المتغيبين بمستشفى تمى الأمديد وجراءات صارمة لرفع كفاءة المستشفيات    طريقة عمل الكيكة العادية فى البيت بمكونات اقتصادية    إسرائيل تحذر لبنانيين من الاقتراب إلى مناطقهم الحدودية جنوب البلاد    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    علشان يسرق فلوسه.. قليوبي ينهي حياة جاره المسن داخل منزله    تعاون بين الثقافة والسياحة والآثار في فعاليات مبادرة النيل عنده كتير.. لعزة الهوية المصرية    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    السودان يرحب ببيان مجلس الأمن الذي يدين خطط الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية    شقيقة زعيم كوريا الشمالية: لا نرغب فى تحسين العلاقة مع الجنوب.. وتنفي إزالة مكبرات الصوت    سعر الأسمنت اليوم الخميس 14- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    بسبب خلافات أسرية.. الإعدام شنقاً للمتهم بقتل زوجته وإضرام النيران في مسكنهما بالشرقية    «الأعلى للطاقة» يناقش توفير القدرة الكهربائية ل14 مشروعًا صناعيًا جديدًا    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    الائتلاف المصري يستعد لمراقبة انتخابات الإعادة: خطط عمل وأدوات رصد للتنافسية داخل 5 محافظات    خارطة طريق للمؤسسات الصحفية والإعلامية    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    انطلاق منافسات نصف نهائى السيدات ببطولة العالم للخماسى الحديث تحت 15 عاما    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    ما حكم اللطم على الوجه.. وهل النبي أوصى بعدم الغضب؟.. أمين الفتوى يوضح    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    بيان رسمي.. توتنهام يدين العنصرية ضد تيل بعد خسارة السوبر الأوروبي    درجة الحرارة اليوم.. احمي نفسك من مضاعفاتها بهذه الطرق    حصول معملي الوراثة الخلوية ووحدة المناعة بالمعهد القومي للأورام على الاعتماد الدولي    فرنسا ترسل تعزيزات لدعم إسبانيا في مكافحة الحرائق    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    ضبط موظف بمستشفى لاختلاسه عقاقير طبية ب1.5 مليون جنيه    الداخلية تكشف تفاصيل إجبار سيدة على ركوب سيارة تحت تهديد السلاح    الداخلية تضبط عدة تشكيلات عصابية تخصصت في السرقات بالقاهرة    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تجديد الخطاب الإسلامي من المنبر إلى شبكة الإنترنت" وآليات لتجديد الخطاب الديني من خطبة الجمعة إلى الفيس بوك فى كتاب جديد
نشر في بوابة الشباب يوم 17 - 09 - 2013

الكتاب يقدم نقدا موضوعيا لأطروحاته الراهنة ويطالب بتغيير بنيته وأولوياته: كتاب جديد يدعو إلى "تجديد الخطاب الإسلامي من المنبر إلى شبكة الإنترنت" الخطاب الإسلامي مطالب بالاستجابة لتطور طرق المعرفة من التلقي إلى التفاعل ومن أحادية المنبر إلى تعددية الشبكة آليات لتجديد الخطاب الديني من خطبة الجمعة إلى الفيس بوك.
يدعو الكتاب إلى تغيير نوعي في بنية الخطاب الإسلامي وأولوياته وإعادة صياغة أطروحاته، وتجديد تقنياته ووسائله وتطوير قدرات حاملي هذا الخطاب ومنتجيه، لكي يلبي احتياجات الشعوب المسلمة في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها، بحيث يستجيب للتحديات التي تواجها في سياق حركة المجتمع الذاتية التي تتفاعل مع ما يجري حولها في العالم وفق معطيات عصر الاتصال والثورة العلمية الرقمية.
تطرح الدراسة التي أعدها الدكتور محمد يونس المتخصص في الشؤون الدينية بصحيفتي الأهرام والاتحاد الإماراتية، رؤى جديدة لصياغة خطاب إسلامي يقدر تأثير معطيات العصر وتطور العلاقات وأنماط التعاطي مع المعرفة وتطورها من التلقي إلى التفاعل، ومن أحادية المنبر الى تعددية الشبكة، ومن المطلقات إلى رفاهية اختيار اليقين المعرفي، خطاب لا يقتصر على معيار الصح والخطأ وإنما يضيف إليها معايير تتعلق بالأنسب وما ينفع الناس.
وتضع الدراسة أطرا معرفية لصياغة خطاب يلبي احتياجات شعوبنا التي خرجت الى ميدان المدن العربية والإسلامية ترفض الاستبداد السياسي والتخلف الاقتصادي والجمود الفكري الذي فرض عليها عقود طويلة؛ مرات من الخارج احتلال واستعمارا، ومرات أخرى من الداخل استبدادا واستحمارا.
وتطرح الدراسة / الكتاب آليات لتجددي الخطاب الإسلامي على اختلاف مستواياته وأشكاله بدأ من خطبة الجمعة ومرورا بالأشكال الاتصالية المقرؤة والمسموعة والمرئية وانتهاء بالشكل الرقمي عبر شبكة المعلومات الدولية
وتؤكد الدراسة التي صدرت، حاجة الأمة الإسلامية اليوم إلى خطاب بنائي وليس إنشائي يدفع حركة المجتمع عبر الفرز بين قيم التحلي وقيم التخلي، وإدراك سنن التغيير الحضاري بحيث يعيد للإنسان دوره وفاعليته وحضوره في حركة المجتمع، خطاب ينبع اولا من طبيعة الإسلام آلذي ينطوي علي دعوه مستمرة ألي التجديد، تأخذ مشروعيتها من الحديث النبوي الشهير الذي رواه أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه عن أبى هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها".
وفى الوقت نفسه يستجيب للتطلعات المشروعة للشعوب العربية والإسلامية فى الحرية و التقدم ووتحقيق الشهود الحضاري. فلم يكن الخطاب الديني بعيدا عن تفاعلات الداخل والخارج وتحديات التحرر والتنمية على مدى أكثر من قرنين، بدءا من الحملة الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر وحتى الحملة الأمريكية في مطلع هذا القرن الحادي والعشرين ، ومرورا بالحملة الانجليزية وحملات الاحتلال الأخرى على عامنا العربي والإسلامي، ثم ثورات التحرر الوطني.
وتشير الدراسة إلى أنه في كل مرحلة كان الخطاب الديني يتواكب مع أوليات واحتياجات الشعوب، ففي الماضي غلب عليه الجانب الدفاعي وربما لجأ الى المقاومة للحفاظ على الهوية في مواجهة الغزو الخارجي، غافلا، إلى حد ما، التحديات الداخلية.
ولكن مع حراك الربيع العربي 2011 م أدركت الشعوب الإسلامية العلاقة الجدلية بين التحديات الداخلية والخارجية بعد أن تحالفت مصالح بعض النخب الداخلية مع مصالح القوى الخارجية لكبح حركة الشعوب وتطلعاتها إلى التقدم والحرية، فخرجت الملايين تضع نصب أعينها على التحديات الداخلية تطالب بالحرية والخبز والعدالة الاجتماعية، وتعلن فشل الكثير من النخب والأطروحات والأنظمة القائمة وتطالب بالتغيير وبناء الدولة على أسس مختلفة عما كانت عليه، وصياغة عقد اجتماعي جديد.
في غضون ذلك ثار الجدل مرة أخرى حول المرجعية وموقع الدين في هذا العقد والدستور المنشود، وهنا نقف على أعتاب مرحلة جديدة في عمر أمتنا تحتاج ليس فقط إلى تجديد الخطاب الديني وإنما إلى تجديد الأمة .. تجديد البناء والدماء والمؤسسات والأطروحات. لذا فإن الخطاب الديني المنشود لابد أن يستلهم روح الظروف والمتغيرات التي أحدثها الربيع العربي.
تدعو الدراسة إلى خطاب إسلامي جديد يختلف تماما عن دعوات تجديد الخطاب الديني التي ظهرت عقب أحداث الحادي من سبتمبر2001 م ، لعدة أسباب منها:
أولا: أن الخطاب المنشود يقوم على إرهاصات لخطاب إسلامي نشأ من أفواه الجماهير المسلمة متزامنا مع الربيع العربي وثورات 2011 م وبإرادتها وليس مفروضا عليها أو مطلوبا منها كما حدث في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ففي الربيع العربي كانت الجماعات والتيارات والحركات الإسلامية في صدارة المشهد السياسي والمجتمعي والإعلامي، فجاء خطابها من قلب الحدث، ومتخففا من الظروف السابقة التي فرضت عليها الحظر والتقييد والمطاردات الأمنية، حيث اتسع الميدان لكل الفصائل والتوجهات كما فتحت وسائل الإعلام أبوابها أمام الجميع.
أما الدعوات السابقة لتطوير الخطاب الديني والتي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 م فقد جاءت من الخارج، و تزامنت مع الهجوم على الخطاب الإسلامي عقب تلك الأحداث، فقد نشرت العديد من الصحف خطة وضعتها لجنة تشكلت داخل وزارة الخارجية الأميركية باسم "لجنة تطوير الخطاب الديني في الدول العربية والإسلامية" انتهت إلى، توصيات يتم تبليغ للدول الإسلامية.
ثانيا: إن تجديد الخطاب الديني الذي ندعو إليه يتزامن مع نقطة فاصلة في خطاب الحركات والفصائل والتيارات التي ظلت لسنوات طويلة توصف بالعنيفة وظل الإعلام الغربي يقرنها بالإرهاب، حيث تم الترويج إعلاميا إلى أن العنف هو الوسيلة الوحيدة للتغير في العالم الإسلامي وتم تقديم تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وحركة طالبان الأفغانية علي أنهما نموذج التغيير الإسلامي الوحيد، ولكن مشهد التغيير الذي حمله الربيع العربي في 2011 قلب هذه الصورة رأسا علي عقب، حيث كانت "سلمية سلمية" شعار وفعل الثورات العربية، وكانت الجماعات والحركات الإسلامية جنبا إلى جنب مع الحركات اليبرالية والقومية في صدارة هذا المشهد.
وهذه دلالة مهمة للتحول الذي حدث في خطاب الجماعات الإسلامية التي ظلت لسنوات تتهم بالعنف وحتي عندما قدمت مراجعات لفكرها تضمنت تخليها عن العنف، تم تجاهل ذلك لصالح الحفاظ على الصورة الذهنية النمطية السلبية للإسلام والمسلمين، التي تم تكريسها لدى الرأي العام العالمي. من هنا يجب الانطلاق من هذه الأحداث التي حظيت بتغطيات إعلامية واسعة نحو التأسيس لخطاب إسلامي جديد يؤكد نبذه للعنف وتبنيه للوسائل السلمية في التغيير.
ثالثا: التحول والتطور في مكونات القوى الفاعلة في الخطاب الإسلامي، بعد سقوط بعض الأنظمة الدكتاتورية بالوطن العربي، وهذا التطور ينبغي أن ينعكس علي أطروحات هذا الخطاب الجديد، ويمكن رصد هذا التطور في التقارب والحوار بين المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية، وبين الجماعات الإسلامية التي كانت محجوب عنها الشرعية، مثل لقاء شيخ الأزهر بوفد من جماعة الإخوان المسلمين، ووفد من الجماعة الإسلامية، وأشاد الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الأزهر بالمراجعات الفقهية التي أطلقتها الجماعة الإسلامية "قبل سنوات، واعتبرها بمثابة تحول فكري شجاع أعاد الجماعة والمنتسبين لها إلى الفكر المعتدل الذي ينبذ العنف ويرفض دعاوى التكفير. وكذلك التقارب الإسلامي المسيحي داخل الجماعة الوطنية الذي تم التعبير عنه بأشكال عديدة داخل ميدان التحرير .
وكل ذلك أدلة موثقة لتحول إيجابي في أحد مفاصل بناء الأمة ونسيج العلاقة بين مكوناتها في مصر قلب العالم الإسلامي وقبلته العلمية، وأيضا تحول في نوعية الخطاب يحتاج إلى استكمال لبناء خطاب إسلامي جديد.
ويطرح كتاب "تجديد الخطابي الإسلامي من المنبر إلى شبكة الإنترنت" رؤية نقدية للخطاب الإسلامي المعاصر من خلال تحليل عدد من مقولات هذا لخطاب واستقراء القصور فيه ومدى نجاحه او فشله في تحقيق أهدافه . ويرصد حالة الفوضى و الخلل البنيوي اللتين اتسم بها هذا الخطاب والتشتت والتباين الواسع بين حاملي الخطاب الديني ومروجيه. وتجاهل كبير لمقام وظروف متلقيه، وتتجلي هذه الحالة ليس فقط علي المنابر التقليدية وإنما أيضا عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية.
ويطرح المؤلف رؤى جديدة لمعالم الخطاب الإسلامي المنشود، مطالبا بأن يتم وضع آليات تجديد الخطاب الديني في موضعه الصحيح ليكون ضمن عملية "تجديد الأمة" لا مجرد "تجديد الخطاب الديني" كما يراد لنا ضمن الحملة الأمريكية الراهنة على الأمة.
ويرى المؤلف الدكتور محمد يونس أن الخطاب الإسلامي المنشود يحتاج إلى إعادة الاعتبار لقدرات الأمة وكفاءاتها عبر آلية جديدة للاجتهاد الجماعي، ورؤية مختلفة لتجديد الخطاب تتجه أكثر إلى الجانب البنائي وتبتعد عن الجانب الدفاعي وتستوعب مقتضيات الزمان وخصوصيات المكان وتكون على وعي بذبذبات النسيج الشبكي للواقع الاجتماعي الراهن عبر مستوياته الوطنية والإقليمية والعالمية.
وفي هذا السياق يقول "علينا أن نحدد أجندة تجديد خطابنا الديني، وكيفية هذا التجديد، حتى لا نقع في خطأ تنفيذ أجندات الآخرين، علينا أن نمتلك زمام المبادرة لا أن يأتي حديثنا في إطار رد الفعل لما يطلبه الآخرون، فنحن أدرى بمكة وشعابها وهذا لا ينتقص من دراية الآخرين بشعاب لندن وباريس ووواشنطن، ولكن خرائطهم حتى وإن تمت بتقنية "جي بي اس" لن توصلنا إلى شعابنا " .
ويتضمن الكتاب أطروحات مفصلة لتجديد الخطاب الإسلامي، داعيا إلى ضرورة تتدارك النقص والاختلال الذي شهده الفكر والفقه الإسلامي خلال عهود التراجع الحضاري والذي أسفر عن تضخم في مجال العبادات وفقر في المجال الدستوري والسياسي، نتج عنه خطاب جزئي ركز على الشكليات، وأغفل العديد من القضايا الجوهرية في حياة الناس بخاصة كرامة الإنسان وحقوقه وحريته، حتى أطلق عليه بعض ساخرا "فقه الحيض والنفاس".
وهنا يدعو الكتاب الى ضرورة الانطلاق في الجانب السياسي لهذا الخطاب من وثيقة الأزهر الشريف. ويطالب بأن يركز الخطاب المنشود على إعادة بناء المسلم المعاصر ليكون إنسان حضاري فاعل في مجتمعه ومنتج وليس عالة على الآخرين، يفهم حقيقة الإسلام ومهمته وهي عبادة الله وتعمير الأرض. ولكن هذه المهمة لا تتم بمجرد الكلام الإنشائي الجميل وإنما يجب أن تكون عملية مستمرة تعتمد على آلية واعية تستهدف نفسية المسلم المعاصر، من خلال عملية إعادة البناء النفسي للمسلم، هذا البناء يتطلب "إزالة الركام غير النافع لكي يقوم البناء الأحدث والأنفع مكانه، وهذه العملية يجب أن تتم كل يوم (يطلق عليها التخلية ثم التحليه) وذلك بالتوازي مع عمليات هدم وبناء دائمة تتم في خلايا الجسم لضمان بقائه وصحته ونموه وتطوره، حيث تموت خلايا ويحل محلها خلايا جديدة يوميا والنفس أولى بذلك من الجسم لأنها - فى حال صحتها - أكثر سعيا نحو الإحلال والتجديد والارتقاء نحو وجه الله ".
وهنا يجب أن يكون الخطاب الإسلامي واعيا بمعالم الخريطة النفسية والعقلية التي وصلت إليها قطاعات كبيرة من جماهير المسلمة اليوم، والتي وصفها بعض مفكري الأمة لأنها أصبحت "نفسية العبيد وعقلية القطيع".
ويؤكد الدكتور محمد يونس - عبر هذا لكتاب - أن عملية الهدم والبناء في المفاهيم لازمة لتوعية المسلم المعاصر بدوره في تحقيق نهضة أمتهم وتقدمها، من خلال شحن طاقات المسلم للبناء والإنتاج والتفاني والإخلاص في العمل والتنمية في مختلف الميادين. الى جانب ذلك فإن الخطاب الإسلامي يمكنه أن يحرك معاني المقاومة والممانعة ويؤسس لنفسية العزة وعقلية الاختيار الحر المسؤول في مقابل نفسية العبيد وعقلية القطيع.
و يشير الى أن هذه العملية ضرورية أيضا لإنقاذه المسلم المعاصر من الاستلاب الفكري والثقافي الذي يحول الشعوب إلى زبائن ويحعل الناس أرقاما في جملة المستهلكين المستهدفين.
ويدعو الكتاب ألي ضرورة التأسيس لخطاب إسلامي يؤصل فكرة السلمية والإيمان بالتداول السلمي للسلطة ونبذ العنف، ليس لأن هذا أمر طارئ أو جديد علي الفكر الإسلامي، وإنما لأن حجم التشويه الذي كان ولا يزال يواجه الخطاب الإسلامي يستدعي الإلحاح على فكرة السلمية ونبذ العنف التي نجح الإعلام الغربي ، مدفوعا من الدوائر الصهيونية، في ترسيخها لدى الرأي العام العالمين لتبرير الهيمنة والاحتلال والحروب ضد الشعوب الإسلامية تحت ستار مقاومة الإرهاب.
ويطالب ب إنهاء حاله الفوضى فى الخطاب الإسلامي الناجمة بالأساس عن كثرة المتحدثين باسم الإسلام وعدم اهلية غالبيتهم لهذه المهمة. مؤكدا أن إعادة الأمر الى نصابه لن يتحقق بدون معالجة الأسباب التي أوجدت هذه الحالة، وفي مقدمتها ما أصاب المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية من ضعف نتيجة إخضاعها للسلطة السياسة وسلبها أوقافها ومصادر تمويلها مثلما حدث مع الأزهر الشريف منذ عهد محمد علي وحتى اليوم، فتراجع دوره وصوته وخطابه، مما مهد الطريق لنشأ جماعات وحركات دينية غير مؤهلة من خارج المؤسسة الدينية الرسمية لتسد الفراغ.
ويطالب بضرورة رد الاعتبار للأزهر الشريف باعتباره منارة الفكر الإسلامي الوسطي فهو المؤهل لقيادة خطاب إسلامي معتدل بحكم تاريخه وعلمائه ومناهجه، ولكن يحتاج الي استقلالية في القرار والتمويل ومراجعة شاملة لأسلوب إدارته وهو ما بدأه بالفعل شيخه الدكتور أحمد الطيب من خلال سلسلة من المبادات، من بينها " وثيقة الأزهر "وتشكيل لجنة لتعديل قانون الأزهر ليكون شيخه بالانتخاب، فضلا عن انفتاحه على القوى الاجتماعية والسياسية والمؤسسات والجماعات الدينية الإسلامية والمسيحية.
ومن هنا تأتي أهمية "اعتبار الأزهر الشريف هو الجهة المختصة التى يرجع إليها فى شئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة، مع عدم مصادرة حق الجميع فى إبداء الرأى متى تحققت فيه الشروط العلمية اللازمة.
يقع الكتاب في أربعة فصول، يتناول الفصل الأول: الخطاب الإسلامي في التراث والعصر الحديث مستعرضا مفاهيم الفكر الإسلامي، والخطاب الإسلامي والتجديد،
واتجاهات التجديد في التراث الإسلامي، وفي العصر الحديث ومنهج التجديد وأولوياته.
ويعرض الفصل الثاني "معالم الخطاب الإسلامي الجديد" من خلال تحليل حالة الخطاب الإسلامي المعاصر، وأنواعه، كما يقدم أطروحات جديد تشكل معالم الخطاب الإسلامي المنشود موضحا خصائص هذا الخطاب وركائزئه الأساسية.
ويخصص الفصل الثالث لتطوير وسائل الخطاب الإسلامي (من الخطبة إلى الفيس بوك) مبينا سبيل تطويرالخطاب الإسلامي المباشر والسمات اللازمة لعملية التطوير، مع التركيز على تطوير خطبة الجمعة، وضبط دور الدعاة وحملة الخطاب الديني.
كما يتناول سبل تطوير الخطاب الإسلامي عبر الوسائل المقرؤة والمسموعة والمرئية و الإلكترونية، فضلا عن تحليل خطاب المواقع الإسلامية العربية، داعيا الى بلورة خطاب جديد عبر الإنترنت.
ويتناول الفصل الرابع الخطاب الإسلامي وقضايا الواقع من خلال التطبيق على نماذج معاصرة متنوعة تشمل قضايا حقوق المرأة، القدس. والعلاقة بالآخر. وحماية البيئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.