الخطاب الديني هو في الأصل إبلاغ عن الله عز وجل لايصال دعوته إلي الخلق. فهو مهمة النبيين والمرسلين. ودأب الصالحين ونهج الخيرين. قال تعالي "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" "آل عمران: 110" وقد أصيب الخطاب الديني في الفترة الأخيرة بعدة أمراض وعلل أثرت علي عطائه سلبا. وتركت الأثر السييء: للأسف. في نفوس المخاطبين تجاه أغلب من يتصدر للدعوة. ومن أهم هذه الأمراض والعلل: 1- المذهبية الضيقة والحزبية البغيضة التي أصبحت ثمة عند الكثير ممن تصدروا للدعوة دون تخصص. فلضيق أفقهم حصروا الإسلام في مذهب واحد بعينه وعقديا. وانطلقوا بعد ذلك إلي حصر الإسلام في حزب سياسي واحد أيضا. ومن خالفهم القول فهو في نظرهم ضال مضلل ومبتدع فكل واحد منهم يدعي أنه علي حق وما سواه هو الباطل ويتعامل مع الناس علي هذا الأساس ويبرز هذا الأمر في خطابه الدعوي للآخرين. 2- الجمود والركود وعدم التجديد والإبداع في الأسلوب والطريقة مما يدفع المخاطب إلي الملل والسئامة. وهذا هو الأهم الأغلب في الخطاب الديني الرسمي. اقتصر علي خطب المناسبات. دون تغيير في عرض أفكارها وإعادة صياغة أسلوبها. 03 قلة الهمة وضعف الدوافع عند الدعاة. فتري الواحد منهم ينهزم عند أول المعوقات مادية كانت أو علمية أو اجتماعية. ونسي أن أكثر الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحين ثم الأمثل فالأمثل. 4- الانتقاد والهجوم اللاذع علي الآخر والمخالف بعيدا عن النقد البناء والمقصد المنشود والمستوي المطلوب والغاية السامية والمكانة الرفيعة التي يسعي إليها من حمل رسالة الأنبياء والمرسلين. إننا نطمح إلي خطاب ديني يسمو بصاحبه يستمد كل مبادئه وقيمة من تعاليم الدين الحنيف التي أمر الله بها وأمر بنشرها بين الناس لإنقاذ البشرية من الظلمات إلي النور مستنيراً بنور سيد الخلق أجمعين محمد صلي الله عليه وسلم. يراعي التوازن بين الشرع والعقل. بين المادة والروح. بين الحقوق والواجبات. ويراعي جميع جوانب الحياة دون إفراط أو تفريط دون غلوا أو تشدد وانحلال. مع مراعاة أن يكون نافعا للبشرية كلها دون تفرقة أو تمييز لأحد بسبب الدين أو البلد أو اللون أو الفكر. خطابا إيجابيا لا ينكفيء علي نفسه ويترك السلبية. يراعي حق التعايش مع الآخر الذي أصل لهذا الحق القرآن الكريم في قوله تعالي "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين- إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا علي إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون" "الممتحنة: 7 .8" خطابا يبني فكرة إتمام مكارم الأخلاق من عدل وسماحة وحلم وصدق ووفاء وأمانة. خطابا مبنيا علي الحكمة بلا تهور. يجمع ولا يفرق. د. محمد إبراهيم حامد