تعاني كثير من الأسر من مشاحنات ومشاجرات الأبناء التي حولت البيوت إلي حرائق من "الخناقات" التي لا تهدأ. ولا يخلو بيت - خاصة إذا كان يضم بين جنباته أبناء من الجنسين وفي مرحلة الطفولة - من المشاحنات فيما بينهم. بما يتطلب تدخلاً عاقلاً وعادلاً من الآباء. فما هي الطريقة المثلي للتعامل مع مثل هذه الخلافات حتي يعود الهدوء إلي بيوتنا؟! تقول أسماء سيد - ربة منزل - ابنتي الكبري "9 سنوات" ولها أخ عمره 6 سنوات وهي في حالة خلاف مستمر مع أخيها وتسخر منه مهما فعل وكيفما تصرف. حاولت إقناعها بالكف عن إزعاجه والسخرية منه تارة بالنصح والمنطق وتارة بالتهديد والوعيد وكانت النتيجة واحدة في الحالتين أنها لا تحبه وتتمني زواله من حياتها بأي شكل. أمر طبيعي عن الأسلوب الأكثر ايجابية في التعامل مع مشاجرات الأبناء ومتي وكيف يتدخل الاباء وهل للعلاقة بين الاباء تأثير علي علاقة الأبناء بعضهم ببعض؟ تؤكد لنا الدكتورة نادية رضوان - أستاذ علم الاجتماع: ان المشاجرات بين الأبناء أمر طبيعي لا يستوجب انزعاج الأسرة خاصة ان كانت أسباب الخلاف تقليدية ناجمة عن الاختلاف في الميول والرغبات مثل: الخلاف علي مشاهدة التليفزيون أو طريقة اللعب أو ما شابه ذلك ويجب علي الاباء في هذه الحالة ألا يتدخلوا ويتركوا الساحة للأبناء لحل نزعاتهم بأنفسهم فإن تمكنوا من ذلك فهو أمر ايجابي من شأنه تنمية مهاراتهم الاجتماعية كما انه يزيد من ارتباط الابناء وتفهم بعضهم ببعض أما إذا تطور الخلاف إلي حد الإيذاء البدني فلابد ان يتدخل الآباء ولكن بشرط التزام العدل معهم. تضيف د. نادية إذا كانت أسباب الخلاف ناتجة عن الغيرة أو الأنانية فهو أمر يستوجب وقفة من الآباء ومراجعة منهم لأسلوب تربيتهم للأبناء فإذا كانوا يقارنون بين الأبناء ويفضلون أحدهم علي الآخر لأنه الأكثر تفوقاً أو طاعة مثلا فهنا موطن الداء والذي يجعل الشجارات بينهم أكثر حدة وعدوانية نظراً لتسلل الضغينة إلي قلوبهم. مشيرة إلي ان المسئولية هنا تقع علي الآباء من خلال إقلاعهم في البداية عن أسلوب المقارنات التي لا تثمر إلا كل سوء وأيضاً من الضروري إبراز أهم مميزات الطرف الذي يغار وأكثر الأشياء تفوقاً فيها حتي يثق في نفسه ومن ثم لا يصبح هناك مجال للغيرة والتعامل بالعدل بين الأبناء من شأنه أيضاً ان يقلص من أنانيتهم وهو منهج تربوي أرساه لنا الرسول الكريم - صلي الله عليه وسلم - منذ مئات السنين وذلك حين أوصانا بأن نعدل بين أبنائنا حتي في القبلات ومن ثم إذا تمكن الاباء من تحقيق ذلك فليس هناك داع للانزعاج من شجارات الأبناء. مرآة الآباء تتفق مع هذه الرؤية الدكتورة حنان غديري اخصائية الطب النفسي بمستشفي العباسية - وأضافت: ان الأطفال هم مرآة للآباء في تعاملاتهم فإذا كان الآباء في خلافاتهم يعتمدون علي الصوت العالي والعصبية الزائدة فسوف تكون مشاجرات الأبناء بنفس الطريقة فيظهر الصراخ الذي غالبا ما يزعج الآباء ويضطرهم للتدخل لفض النزاع بعصبية تزيد من تضخم المشكلة كما أنها تزيد من الفجوة بين الأبناء مشيرة الي أن أفضل السبل لحل النزاع : إما تجاهلها إذا كانت يسيرة أو التدخل الواعي من الآباء إذا تفاقمت المشكلة والذي يتمثل أولا في التحلي بالصبر معهم ثم خلق حالة من الحوار تمكن كل طرف من التعبير عن انفعالاته وعما يزعجه من الآخر وما يريده منه حيث إن هذا الأسلوب من شأنه الحد من الخلافات وأيضا توطيد العلاقة بين الأبناء. وتؤكد د.حنان أن من بين أسباب المشاحنات بين الأبناء انتماءهم لجنسين مختلفين ما بين صبي وفتاة حيث يكون لكل منهما اهتماماته وميوله التي تختلف عن الآخر وهذا الأمر يتطلب من الآباء توفير احتياجات كل طرف دون تفرقة وأيضا لابد من التدخل العادل في حل النزاعات مع مراعاة الفروق الفردية بينهم.