أكدت دراسة نفسية حديثة للدكتور جمال شفيق أحمد أستاذ العلاج النفسي ورئيس قسم الدراسات النفسية بمعهد الدراسات العليا للطفولة حول "عنف المدرسين وإصابة الأطفال بالاضطرابات النفسية والسلوكية" أن هناك تأثيرات ضارة كثيرة ومختلفة علي الأطفال نتيجة وقوعهم ضحايا لممارسات الإهانة وإساءة المعاملة من المدرسين تتمثل في ارتفاع درجة القلق والإصابة بنوبات حادة من الغضب وظهور ميول وأعراض الاكتئاب والدخول في نوبات من البكاء المستمر والإصابة بالبلادة والشك في الذات والشعور بالذنب والعجز وارتفاع درجة الشعور بالوحدة النفسية وانخفاض مستوي التحصيل أو الفشل الدراسية ووجود ميول ونزعات عدوانية وعدائية ضد الآخرين والإصابة باضطرابات في الشهية والهضم والنوم. ويرصد د.جمال بعض أشكال ومظاهر الإهانات التي تصدر من المدرسين ضد الأطفال وتتمثل في عدم تقدير الطفل ككيان إنساني له احترامه وكرامته والتفرقة في المعاملة بين الأطفال داخل الفصل وإشعار الطفل المستمر بالفشل والضياع والتوبيخ والاستهزاء والسخرية من الطفل وتهديده بالعقاب أو الرسوب باستمرار وكثرة معايرة الطفل بنواحي ضعفه وإجبار الأطفال علي الدروس الخصوصية بتعمد إعطاء الطفل درجات أقل من حقه وممارسة سلوك الضرب والتحكم والسب والشتم للأطفال. ويشير إلي أن مثل هذه السلوكيات التي تصدر عن تلك الفئة من المدرسين الذين "يفترض أنهم تربويين" لا يمكن أن تشكل أو تنتج لنا في المستقبل شخصية عالم أو باحث أو مفكر أو مخترع أو مبدع أو فنان أو شخص منتمي. بل إن ذلك من شأنه أن يفرز أو يولد لنا في المستقبل شخصاً ساخطاً. عنيفاً. ناقماً. عدوانياً. حاقداً. مذبذباً. متوجساً. ضائعاً. ضعيفاً. خائفاً. متوتراً. واهناً. أنانياً. وأن بعض المدرسين والمدرسات بممارسة هذه السلوكيات إنما: ينتهكون حقوق الطفل وإنسانيتهم.. يجرحون نفسياتهم ومشاعرهم يعتدون علي كرامتهم.. يهدرون آدميتهم.. يغتالون طفولتهم البريئة يقتلون فيهم روح الانتماء والولاء والمشاركة ويؤذون صحتهم النفسية والجسمية والعقلية والاجتماعية والتعليمية. وهي من أخطر الأمور التي لها اثار هادمة وانعكاسات نفسية سيئة وخطيرة تؤدي بهؤلاء الأطفال في نهاية الأمر إلي تصور وإدراك البيئة المدرسية علي أنها بيئة غير آمنة. مخيفة. منفرة. طاردة. غير مقبولة وغير محتملة.. من هنا يبدأ مثل هؤلاء الأطفال الضحايا في كراهية المدرسين "فهم سبب وأصل المشكلة" وكراهية المواد الدراسية والامتحانات وبالتالي كراهية كل المنظومة والمؤسسة التعليمية بأكملها. ولذلك يلجأ الأطفال في مثل هذه الحالات إلي اصطناع حيل كثيرة لعدم الذهاب للمدرسة مثل التمارض أو اختلاق الأكاذيب أو الهروب من المدرسة وأحياناً أخري الهروب من الأسرة نهائياً. وعند هذه النقطة بالذات فإنه ليس من المستغرب وجود نسبة كبيرة من التسرب من التعليم. وبصفة خاصة في مرحلة التعليم الأساسي بسبب هذه المشكلة. ووجه د.جمال رسالة للمدرسين يقول فيها أين موقعكم من المقررات التربوية والإعداد التربوي الذي حصلتم عليه قبل التخرج؟ هل تعلمون أن القانون الجنائي يمنع ويجرم استخدام أي صورة من صور الإهانة أو الإساءة أو العنف حتي مع مرتكبي أبشع الجرائم أثناء التحقيق أو الحبس؟ من ناحية أخري فإن المادة "1" من قانون الطفل المصري تكفل فيها الدولة حماية الطفولة والأمومة. وترعي الأطفال وتعمل علي تهيئة الظروف المناسبة لتنشئتهم من كافة النواحي في إطار من الحرية والكرامة والإنسانية.. وفي المادة "3" يكفل القانون حماية الأطفال من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الاهمال أو التقصير أو غير ذلك من أشكال إساءة المعاملة. كما تحظر المادة "2" مكرر "أ" تعرض الطفل عمداً لأي إيذاء بدني ضار أو ممارسات ضارة أو غير مشروعة. كما تهدف المادة "53" إلي تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلي أقصي إمكاناتها مع مراعاة اتفاق برامج التعليم مع كرامة الطفل وتعزيز شعوره بقيمته الشخصية وتهيئته لمشاركة وتحمل المسئولية وتنشئة الطفل علي الانتماء لوطنه والوفاء له وعلي الإخاء والتسامح بين البشر وعلي احترام الآخر. وأخيراً يشير د.جمال إلي قول الله عز وجل : "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" وقول رسولنا الكريم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".