توقفنا في اللقاء السابق عند كشف الأعمال الصنمية. ونواصل اليوم فنقول وبالله التوفيق: من كانت عقيدته التوحيد. والرسول الذي بعثه الله بالتوحيد للناس جاء بالمعجزات التي سجدت العقول لها. وعجز الخيال عن تمثيل كمالاتها. كشف للعقل الحجاب حتي أشهده أنه عبد الله ورسول الله. وأنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا إلا أن يشاء الله. وأنه لا يعلم الغيب. وأنه إنما هو بشر مثلنا أوحي الله إليه أنه لا إله إلا الله. وأنزل عليه الوصايا والتعاليم التي استقبلها العقل بتسليم وإخلاص وتصديق. لا شك أن أعماله تكون مؤسسة علي تنزيه الحق جلت قدرته عن النظير والضد والمثيل. كل أعماله تكون موجهة للواحد الأحد المنزه عن أن يكون محلا للأشياء وعن أن تكون الأشياء محلا له سبحانه. هو المنفرد بنفسه المتوحد بأوصافه. لا يمتزج ولا يزدوج إلي شئ. بائن من جميع خلقه لا يحل الأجسام ولا تحله الأعراض. ليس في ذاته سواه. ولا في سواه من ذاته شئ. ليس في الخلق إلا الخلق. ولا في ذات الله إلا الخالق. فتبارك الله أحسن الخالقين. لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. أفمن كان هذا أصل دينه يعمل عملا صنميا؟ هذه العقيدة التي يجب أن يعقد عليها قلبه الصبي المسلم من فطامه. وتنمو معه في كل يوم جديد عندما يبتدئ في حفظ كلام الله القديم. وعندما يسمع قوله سبحانه وتعالي لنبيه : "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرى مِّثْلُكُمْ" "الكهف: 110" وقوله سبحانه وتعالي: "قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَراًّ "الأعراف: 188" وقوله تعالي: "وَإِلَهُكُمْ إِلَهى وَاحِدى لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" "البقرة: 163" وقوله تعالي: "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةى إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا "الأنبياء: 22" فلا يحفظ آية من القرآن المجيد إلا وتنمو العزة في نفسه. وتعظيم الله وحده في قلبه. أفمن كان هذا أصل أصول دينه يقال إنه يعمل عملا صنميا؟ إنما الذي يعمل عملا صنميا. من اتخذ إنسانا يأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينام ويجوع ويمرض ويفرح ويحزن. ويخاف من الهوام ومن الوحوش. ومن إنسان يعاديه. وبعد تلك النقائص التي يتنزه عنها الرب وينزه جنابه العلي عنها عقل الأطفال إذا ما نظر ما حوله من الآيات وما فوقه. ثم يقول بعد تلك الخسة والنقائص: هو الله الذي خلق السموات والأرض! وللحديث بقية.