نواصل حديثنا فنقول وبالله التوفيق: معجزة خير الرسل أنها نور وحكمة بيان وقد رفع الله تعالي خاتم رسله وأمته عن كل تلك البركات الحسية التي هي قاصرة علي الأجسام وربما أطفأت نور العقول السليمة. لأن العقل إذا شهد آية يجهل سببها يعجز عن التصرف فيها. ويقوم الوهم والخيال يقضيان بلا ميزان. ولكن الله تعالي جعل معجزة خاتم رسله وبرهان خير خلقه المبشر به كل رسله السابقين. نور حكمه وبيان. وأسرار موعظة وفصل خطاب. فثبتت العقول علي الحق وقبلته بتسليم فكمل التوحيد بكمال التنزيه عن التشبيه والتحديد والإدراك. وصار المسلم عندما يتوجه إلي الكعبة يعلم أنه إنما يسعي قياما بأمر ربه وزيارة لبيت رفع قواعده الخليل وابنه. لأن الله تعالي بارك موضعه وأمر خليله أن يرفع قواعده. ثم يقرب من الحجر معتقدا أنه لا ينفع ولا يضر. وضعه خليل الله بيده وبارك الله تعالي فيه. فيقبله اقتداء برسل الله واتباعا لسننهم عليهم الصلاة والسلام. وكيف يظن الجاهل بالعقيدة الإسلامية وأصل العقيدة أن سيدنا محمداي "عبد الله ورسوله. وأن الصحابة رضوان الله عنهم كانوا إذا أمرهم "بأمر يتعلق بالجهاد. سألوه أذلك أمر من عند الله أم من عندك يا رسول الله؟ فإن قال: أمر من عند الله. سمعوا وأطاعوا. وإن قال: إنما هو الرأي. قالوا: الرأي كذا وكذا يا رسول الله. ذلك لأن الله تعالي ملأ قلوبهم عزة بالتوحيد ورفع نفوسهم بالتوحيد. فإذا كان سيدنا ومولانا رسول الله "أمره الله تعالي أن يشاورنا في الأمر - وهو النور المبين والسراج المنير- فكيف يتصور عاقل فقه العقيدة الإسلامية أن مسلما لا يعلم من الدين إلا لا إله إلا الله محمد عبد الله ورسوله يعتقد أن الحجر صنم؟ وهو إنما يقبله لأن يد الخليل وضعته. ولأن الله بارك فيه وبارك في البيت. ذلك الإنكار إنما جاء من دين أسس علي أن رجلا حل فيه الرب. أو أن الرب حل في فرج امرأة وتجسم إنساناي. أو أن الرب مجهول في ثلاث. ثم أسسوا دينهم بعد ذلك علي أن الذي يترك أكل اللحم والسمن ويترك الزواج يحل فيه الرب. والحقيقة أن الذي يترك أكل اللحم والسمن يكون حماراي يأكل النباتات أو فرسا أو جملا. والذي يترك الزواج يكون نباتا يتغذي وينمو. والحقيقة أن النبات له عضو ذكورة وأنوثة. فإذا كان الإنسان ينحط عن رتبة الإنسانية إلي الرتبة البهيمية. ومن الرتبة البهيمية إلي الرتبة النباتية يحل فيه الرب. ويكون منزها مقدسا يخلو بالنساء الجميلات ويغفر السيئات ويعفو عن الخطايا ويبيع الملكوت ويحل ويحرم: من كانت هذه عقيدته لا شك أن أعماله جميعها تكون صنمية.