يؤمن الشيخ عيسي جارسيا أمين الكونجرس الإسلامي بالأرجنتين أن الأزهر هو المتحدث المناسب باسم الإسلام وأن علماء الأزهر هم الأجدر علي تقديم صورة الإسلام الوسطي في الغرب وأن الأزهر فقط يحتاج الفرصة كاملة ووقتها ستتغير صورة الإسلام تماما داخل كل المجتمعات الغربية .... ويري جارسيا في حواره مع عقيدتي أن الترجمة من العربية للغات الأخري عن الإسلام أصبح شيئا ضروريا لتحسين صورة الإسلام في الغرب مشيرا إلي أن الأزهر في مصر ومجمع الملك فهد في المملكة العربية السعودية يقومان بجهد جبار في هذا الإطار ... تفاصيل الحوار في السطور التالية : *اولا نريد أن نعرف القارئ عليك وكيف اعتنقت الإسلام؟ ** اسمي محمد جارسيا وأشغل منصب مدير الدار العالمية لنشر الكتاب الإسلامي ورئيس اتحاد المسلمين في الأرجنتين. وقد ولدت لعائلة مسيحية وتربيت في جو من التفسخ العائلي. وإن كانت العائلة قد عملت علي الحفاظ علي بعض التقاليد المسيحية. وقبل حوالي سبعة عشرة عاما بدأت مشكلتي وتركزت تلك المشكلة في حالة الحيرة والتردد حيث كنت أؤمن بوحدانية الخالق عز وجل. ومن هذا المنطلق بدأت أقرأ وأدرس كلپپالديانات والعقائد الأخري كاليهودية. وقرأت حتي في البوذية والكونفوشيوسية. ولكنني لم أقرأ في الإسلام. ورغم تعدد المذاهب والاعتقادات والرسائل التي قرأت فيها إلا أنني لم أجد العقيدة السليمة التي يرتاح لها قلبي وعقلي في آن واحد. حتي وصلت إلي مرحلة متقدمة من الإحباط واليأس. وشاء الله أن تعرفت الي رجل مسلم اصطحبني وأخبرني بأنه جاء يحدثني عن الدين الإسلامي فرحبت به. وكانت أول مرة أسمع فيها عن الإسلام من أهله. وهكذا أخذ هذا الرجل الذي كان قد أسلم حديثا يحدثني عن الإسلام. والحقيقة أنني فوجئت بأن كلامه يدخل إلي قلبي مباشرة. وكان كلما قرأ آية من القرآن شعرت بسكينة عجيبة تجتاحني وشعرت في قرارة نفسي بأن هذا هو الدين الذي أؤمن به. وبعد ثلاث ساعات من الحديث استأذن هذا الرجل للذهاب إلي المسجد حيث كان ذلك اليوم يوم الجمعة وحان موعد صلاة الجمعة. ولكنني لم أتركه يذهب بمفرده وذهبت معه إلي المسجد. وهناك سمعت الخطبة من خارج المسجد. وتحديدا الجزء الأول من الخطبة لأنها تلقي باللغة الأسبانية في الأرجنتين. ويلقي الجزء الثاني من الخطبة باللغة العربية. وقد أحسست بأن ما أسمعه من هذا الخطيب هو تكملة لما سمعته من الرجل الذي جئت معه إلي المسجد. وعلي الفور وعقب الصلاة مباشرة طلبت أن ألتقي بإمام المسجد حيث طلبت إعلان إسلامي ونطقت بالشهادتين. مشكلة مع الأسرة * وكيف تلقت أسرتك هذا الخبر؟ ** للأسف فإنني وفور اعتناقي للإسلام تعرضت لمشكلة ضخمة مع أسرتي حيث تبرؤوا مني وطردوني من المنزل. وهنا عرفت حسنة جديدة من حسنات الإسلام وهي التكافل الاجتماعي بين المسلمين. حيث استقبلني أحد الأخوة المسلمين واستضافني في منزله لمدة ستة اشهر. تعلمت فيها شعائر الإسلام. وتصادف أن مر علينا شهر رمضان فتعلمت الصوم وقمت والحمد الله بصيام شهر رمضان بالكامل. وشاءت إرادة الله أن تتاح لي بعد ذلك فرصة الحج إلي بيت الله الحرام. حيث قمت بزيارة جامعة أم القري في مكةالمكرمة وهناك تعلمت اللغة العربية وحفظت القرآن الكريم. ثم بدأت في دراسة أصول الفقه الإسلامي وقضيت أكثر من عشر سنوات حصلت فيها علي ليسانس الدراسات الإسلامية. ثم عدت إلي الأرجنتين للعمل في مجال الدعوة الإسلامية وتعليم المسلمين فقه الدين الإسلامي. والحمد لله فإن الإسلام ينتشر ويزدهر بقوة في الأرجنتين حتي انه خلال الشهور القليلة الماضية أسلم علي يدي ما يزيد علي العشرين أرجنتينيا في حي واحد من أحياء المدينة التي أعيش فيها في جنوب العاصمة الأرجنتينية "بوينس ايرس" والحمد الله أنشأنا اتحادا للمسلمين الجدد من أبناء الأرجنتين الأصليين. وهنا أود أن أشير إلي أن الإسلام ينتشر بقوة في أمريكا اللاتينية. تحديات المسلمين الجدد * وكيف يعيش المسلمون الجدد في الأرجنتين وهل يواجهون أي نوع من المشكلات؟ ** بالطبع يتعرض المسلم الجديد للعديد من المشكلات الشخصية والعائلية. ففي أغلب الظروف يتم طرد المسلم من منزل عائلته. وفي العمل يعجز المسلم عن أداء شعائر الإسلام ومن أبرزها الصلاة. حيث يرفض رؤساؤه السماح له بالصلاة في العمل. هذا بجانب مشكلة المشكلات بالنسبة للمسلم في الغرب بشكل عام. وهي مشكلته مع السلطات حيث يتعرض المسلم الجديد للعديد من المضايقات حتي انه يجد نفسه مراقبا أمنيا لفترة طويلة. ولكن الحمد الله فإن هذا الأمر لا يشكل أي عبء علينا. فنحن دائما نقول للمسلم الجديد إنه لا يوجد شيء لدينا نخفيه وبالتالي فإن السلطات ستتركه في النهاية في حاله وهو ما يحدث دائما. خاصة أن الأجهزة السياسية والأمنية في الأرجنتين تعودت علي اعتناق البعض للإسلام وأصبحت تتعامل مع الأمر بصورة شبه طبيعية في ظل هدوء المسلمين تماما. حتي أنهم يشكلون أكثر الطوائف الدينية هدوءا وسكينة. * تقول إن الإسلام ينتشر بقوة في أمريكا اللاتينية فما نهجكم في الدعوة للإسلام وهل تتلقون أي عون من العالم الإسلامي؟ ** الحقيقة أن طرقنا تختلف باختلاف الشخص في دعوتنا إياه للإسلام. ولكن القارئ قد لا يصدق إذا قلت إنني لا أحتاج في الغالب إلي دعوة الشخص بصفة مباشرة للدخول إلي الإسلام. فكثير من الأشخاص يقتربون من المصلي ويسألوننا عن الإسلام. ويقولون لقد سمعنا في الفضائيات أمورا كثيرة عن الإسلام وكلها أمور سلبية ونريد أن نسمع منكم كمسلمين حقيقة الإسلام. وعندما نحدثهم ونسمعهم آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول الحبيب صلي الله عليه وسلم نفاجأ بهؤلاء وقد انبهروا تماما ونفاجأ بعودتهم مرة ثانية وثالثة لسماع المزيد عن الإسلام ليشرح الله صدورهم بعد ذلك ويطلبوا إعلان إسلامهم. وفي بعض الأحيان الأخري يأتي إلينا في المصلي أشخاص يقولون إنهم سمعوا القرآن وهو يتلي ويريدون أن يسمعوا المزيد ويعرفوا ما هو القرآن وتفسير آياته التي يسمعونها. والغريب أنه من خلال دعوتي إلي الإسلام يحدث كثيرا وكثيرا جدا أن يلجأ إليّ من يعاني من القلق أو الضيق أو بعض الأمراض النفسية الأخري. ويجيء وهو علي ثقة من أن سماعه القرآن سوف يعالجه. وفي كل مرة يهديني الله إلي علاج هؤلاء بمساعدة القرآن ليعتنق الكثير منهم الإسلام. وهناك آخرون يجيؤون إلينا وهم يبحثون عن الهداية الحقيقية ويجدون في الإسلام ما لا يجدونه في عقيدتهم. وكل هذا يؤكد أننا لا نتبع منهجا واحدا في الدعوة إلي الإسلام. معاناة مستمرة * وهل تحصلون علي أي نوع من المساعدات لبناء مساجد أو مكتبات إسلامية؟ ** للأسف لا يصلنا أي نوع من أنواع الدعم سواء المادي أو المعنوي. وذلك لسببين رئيسيين. أولهما عدم وجود أي نوع من أنواع التنسيق بيننا وبين دول العالمين العربي والإسلامي. والثاني أن المراكز والجمعيات الإسلامية الخاصة بالمهاجرين تنتهز الفرصة دائما وتحصل علي كل الدعم الذي يأتي من الدول الإسلامية. ولهذا فإن معاناتنا مستمرة فنحن نفتقد وجود مسجد جامع ونضطر دوما إلي اللجوء لاستئجار جراجات في أنحاء الأرجنتين وتحويلها إلي مصليات حتي يجد المسلم الجديد مكانا لأداء الصلاة فيه. خاصة في ظل عدم قدرة المسلم الجديد علي الصلاة في عمله أو حتي في منزله إذا كان مازال يعيش مع أسرته.