حيثيات «الإدارية العليا» لإلغاء الانتخابات بدائرة الدقي    وزيرتا التنمية المحلية والتضامن ومحافظ الغربية يتفقدون محطة طنطا لإنتاج البيض    تعرف على مشروع تطوير منظومة الصرف الصحي بمدينة دهب بتكلفة 400 مليون جنيه    نائب محافظ الجيزة وسكرتير عام المحافظة يتابعان تنفيذ الخطة الاستثمارية وملف تقنين أراضي الدولة    إما الاستسلام أو الاعتقال.. حماس تكشف سبب رفضها لمقترحات الاحتلال حول التعامل مع عناصر المقاومة في أنفاق رفح    الجامعة العربية تحتفى باليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى    شبكة بي بي سي: هل بدأ ليفربول حياة جديدة بدون محمد صلاح؟    إبراهيم حسن يكشف برنامج إعداد منتخب مصر لأمم أفريقيا 2025    وادى دجلة يواجه الطلائع ومودرن سبورت وديا خلال التوقف الدولى    الأهلي أمام اختبار صعب.. تفاصيل مصير أليو ديانج قبل الانتقالات الشتوية    أحمد موسى: حماية الطفل المصري يحمي مستقبل مصر    حكم قضائي يلزم محافظة الجيزة بالموافقة على استكمال مشروع سكني بالدقي    خطوات تسجيل البيانات في استمارة الصف الثالث الإعدادي والأوراق المطلوبة    الثقافة تُكرم خالد جلال في احتفالية بالمسرح القومي بحضور نجوم الفن.. الأربعاء    مبادرة تستحق الاهتمام    مدير وحدة الدراسات بالمتحدة: إلغاء انتخابات النواب في 30 دائرة سابقة تاريخية    انطلاق فعاليات «المواجهة والتجوال» في الشرقية وكفر الشيخ والغربية غدًا    جامعة دمنهور تطلق مبادرة "جيل بلا تبغ" لتعزيز الوعي الصحي ومكافحة التدخين    أسباب زيادة دهون البطن أسرع من باقى الجسم    مصطفى محمد بديلا في تشكيل نانت لمواجهة ليون في الدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يبحث مع "أنجلوجولد أشانتي" خطط زيادة إنتاج منجم السكري ودعم قطاع الذهب    هل تجوز الصدقة على الأقارب غير المقتدرين؟.. أمين الفتوى يجيب    "وزير الصحة" يرفض بشكل قاطع فرض رسوم كشف على مرضى نفقة الدولة والتأمين بمستشفى جوستاف روسي مصر    محافظ جنوب سيناء يشيد بنجاح بطولة أفريقيا المفتوحة للبليارد الصيني    أمينة الفتوى: الوظيفة التي تشترط خلع الحجاب ليست باب رزق    وزير العدل يعتمد حركة ترقيات كُبرى    «بيت جن» المقاومة عنوان الوطنية    بعد تجارب التشغيل التجريبي.. موعد تشغيل مونوريل العاصمة الإدارية    عبد المعز: الإيمان الحقّ حين يتحوّل من أُمنيات إلى أفعال    استعدادًا لمواجهة أخرى مع إسرائيل.. إيران تتجه لشراء مقاتلات وصواريخ متطورة    دور الجامعات في القضاء على العنف الرقمي.. ندوة بكلية علوم الرياضة بالمنصورة    الإحصاء: 3.1% زيادة في عدد حالات الطلاق عام 2024    الصحة العالمية: تطعيم الأنفلونزا يمنع شدة المرض ودخول المستشفى    الرئيس السيسي يوجه بالعمل على زيادة الاستثمارات الخاصة لدفع النمو والتنمية    وزير التعليم يفاجئ مدارس دمياط ويشيد بانضباطها    من أول يناير 2026.. رفع الحدين الأدنى والأقصى لأجر الاشتراك التأميني | إنفوجراف    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره الباكستاني    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لتطوير المناطق المحيطة بهضبة الأهرامات    إعلان الكشوف الأولية لمرشحي نقابة المحامين بشمال القليوبية    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا.. 80 يومًا تفصلنا عن أول أيامه    وزير الثقافة يهنئ الكاتبة سلوى بكر لحصولها على جائزة البريكس الأدبية    رئيس جامعة القاهرة يستقبل وفد جودة التعليم لاعتماد المعهد القومي للأورام    الإسماعيلية تستضيف بطولة الرماية للجامعات    وزير الإسكان يتابع تجهيزات واستعدادات فصل الشتاء والتعامل مع الأمطار بالمدن الجديدة    دانيلو: عمتي توفت ليلة نهائي كوبا ليبرتادوريس.. وكنت ألعب بمساعدة من الله    ضبط 846 مخالفة مرورية بأسوان خلال حملات أسبوع    تيسير للمواطنين كبار السن والمرضى.. الجوازات والهجرة تسرع إنهاء الإجراءات    مصطفى غريب: كنت بسرق القصب وابن الأبلة شهرتى فى المدرسة    شرارة الحرب فى الكاريبى.. أمريكا اللاتينية بين مطرقة واشنطن وسندان فنزويلا    صندوق التنمية الحضرية : جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية    وزير الخارجية يلتقي أعضاء الجالية المصرية بإسلام آباد    صراع الصدارة يشتعل.. روما يختبر قوته أمام نابولي بالدوري الإيطالي    إطلاق قافلة زاد العزة ال83 إلى غزة بنحو 10 آلاف و500 طن مساعدات إنسانية    اتحاد الأطباء العرب يكشف تفاصيل دعم الأطفال ذوي الإعاقة    تعليم القاهرة تعلن خطة شاملة لحماية الطلاب من فيروسات الشتاء.. وتشدد على إجراءات وقائية صارمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 30نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا.... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك « ميدوزا - 14»    مركز المناخ يعلن بدء الشتاء.. الليلة الماضية تسجل أدنى حرارة منذ الموسم الماضى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الداعية الفرنسي عبدالله بنو.. من الهيبز إلي ترجمة معاني القرآن بالفرنسية
"أبوالنور".. نقطة التحول الرئيسية في حياتي
نشر في عقيدتي يوم 25 - 06 - 2013

أكد الشيخ "عبدالله بنو" - صاحب أحدث ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الفرنسية - أن الدعوة الإسلامية اليوم تعاني كثيراً من المشكلات وأنها صارت ضحية - للأسف الشديد - من قبل أدعياء الدين والمتشددين. محذراً من أن الأجيال المسلمة في الغرب تعد تربة خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة نتيجة غياب وقلة التوعية الدينية الصحيحة. وفي نفس الوقت فإن الخواء الروحي الذي يعانيه الغرب يفتح المجال واسعاً أمام دخول الإسلام باعتباره البديل الوحيد لسد هذا الفراغ.
التقته "عقيدتي" لتتعرف منه علي قصة إسلامه.. والعديد من القضايا الأخري فماذا قال؟!
* كيف كانت بدايتك مع الإسلام؟
** بداية أنا إنسان فرنسي عادي ولدت لأب فرنسي يعمل بالتدريس الجامعي في الولايات المتحدة الأمريكية ووالدتي تعمل بمهنة التمريض. وعندما كان عمري 6 أشهر سافرت الأسرة إلي أمريكا وعدنا وعمري 6 سنوات إلي فرنسا. تدرجت في مراحل التعليم حتي البكالوريا ثم توقفت عن الدراسة. ونظراً لأنني مغرم بالسياحة والتجوال قررت القيام برحلة طويلة في عدد من الدول العربية والآسيوية وكنت وقتها ضمن جيل "الهيبز" المعروف بإطالة شعره. أرافقهم في بعض الرحلات. فذهبت إلي الهند لاكتشاف حضارتها. ومررت بدمشق ومكثت فيها مدة قصيرة لتعلم شيء من العربية حيث كانت لدي معلومات بسيطة عن الإسلام والصوفية ومحيي الدين بن عربي وأردت التعرف عليهم أكثر. وهناك تعرفت علي شيخ مسن بين لي هذه الحقائق بشيء من اللغة العربية والانجليزية. وهو يشير إليّ في كلامه ظننت أنه يطلب مني الصعود معه في "الباص" وبعد مسافة من السير التفت إليّ وفوجئ بي فسألني: أمازلت معي؟ إذن تعال معي إلي المسجد. فدخلت معه مسجد محيي الدين. فسألني ثانية: هل تحسن الوضوء؟ فقلت: ما أدري ما الوضوء؟ فسألني: وهل تعرف الشهادة؟ فقلت: لا. فنطقها أمامي "أشهد أن لا إله إلا الله. وأشهد أن محمداً رسول الله" ورددتها خلفه. فقال لي: أنت الآن أصبحت مسلماً. فقلت في قلبي: هذا شيء غريب. لكنني كنوع من التطفل قررت الاستمرار في المسجد طالما أنني أعلنت إسلامي حتي وإن كان ظاهراً لأري ما تقدمه لي الأقدار. وكان ذلك في عام 76 وكان عمري وقتها 22 عاماً. فالتحقت بالمدرسة الشرعية هناك لكن بعد 10 أيام لم يعجبني الوضع في المدرسة ونظام التدريس بها. فقلت لهم: إما أن تذهبوا بي إلي شيخ صوفي - لما قرأته عن الصوفية - وإما أترككم. فأنا شاب من "الهيبز" وولدت وتريبت في الغرب وما تدرسونه في تلك المدرسة بعيد تماماً عني. وتصادف أن كان هناك شيخ جزائري في المدرسة قال لي: أنا لست صوفياً لكنني أرشدك إلي شيخ صوفي صادق ربما تجد عنده ضالتك. فأخذني إلي الشيخ أبوالنور خورشيد - شيخ الطريقة العلوية الشاذلية - فكان أول انطباع لي معه أن قلت في نفسي: ربما أكذب علي الناس كلهم إلا الشيخ أبداً. فكانت هذه نقطة تحول كبيرة في حياتي فأخذني إلي ما يسمونه "الحضرة" أو مجلس الذكر وسررت بها تماماً.
بعد ذلك سألني الشيخ الصوفي: هل تريد الجلوس في المسجد؟ فأجبته: كيفما تشاء - وكنت وقتها مستأجراً لشقة في أحد شوارع دمشق حيث يكثر غير المسلمين به - فبقيت في المسجد عامين كاملين حتي انتقل الشيخ إلي مسجد عبدالرحمن الصديق - من أحفاد أبي بكر الصديق - لمدة 5 سنوات ثم عدت إلي فرنسا نهائياً بعد أن كنت أزور والدتي كل عامين تقريباً هذا بخلاف الاتصال الدائم بها رغم اعتراضها علي إسلامي.
* وما مدي معرفتك بالإسلام قبل دخوله؟
** كان لدي إلمام بسيط جداً عن الإسلام مع ملاحظة أن الإسلام لا يتلقي من الكتب بل من أصحابه. وللأسف فإن المدعين اليوم والمشايخ كثر لكن الحقيقيين بروحهم الطيبة التي تجذبك إلي الدين فهم قليلون. فالإسلام ليس مجرد علم بدون عمل لأنه بذلك سيصبح لا معني له. وقد وجدت من ذلك الشيخ "أبوالنور" قولاً وعملاً وتطبيقاً حسناً للإسلام حيث كان يهتم بطلابه وكأنهم أبناؤه من صلبه. وهذا قلّما رأيته ولا أقول غير موجود لكنه من النادر. والحديث الشريف يقول: "من عمل بما يعلم. علمه الله ما لم يعلم".
رد الفعل
* وكيف كان رد فعل أهلك علي إسلامك؟
** كان مختلفاً بين والداي. فأبي كان يعتقد أن الإسلام دين سماوي منزل من الله. لكنه يعتقد أنه جاء لفئة دون غيرها ورغم أنني بينت له أن الإسلام دين موجه لجميع البشر ونبيه صلي الله عليه وسلم لكل الناس. لكنه لم يعلن إسلامه ورغم ذلك أتمني أن يكون قد مات علي الإسلام فمنذ سنتين دخل المستشفي بأمريكا وكانت إحدي الممرضات "مسلمة من أصل افريقي" تهتم به اهتماماً غير عادي وربما يكون هذا لأنها عرفت منه أنه أسلم.
أما والدتي فهي معارضة تماماً وهذا من باب العناد والتمسك العمي بالتقاليد والعادات القديمة حتي وإن لم تفهم معانيها وهذا تعصب أعمي لبني جنسها ليس إلا.
والحمد لله فأنا الآن متزوج من مسلمة "من أب جزائري وأم فرنسية" ولدي من الأبناء ستة هم: أسامة. عمر. زينب. فاطمة. جعفر. أم كلثوم.
دوافع الترجمة
* لقد قمت بترجمة معاني القرآن الكريم إلي اللغة الفرنسية.. فما الذي دفعك لهذا؟ وهل لك ترجمات أخري؟
** الذي دفعني للاتجاه نحو هذا المجال هو الشيخ أبوالنور خورشيد فقد دفعني لتقديم الإسلام إلي غير المسلمين ونشر الدعوة الإسلامية بين الغربيين لأنني منهم وأعرف تفكيرهم وانطباعاتهم جيداً.
أما التراجم التي قمت بها فكثيرة ولا يطول المجال لذكرها بفضل الله تعالي. ومنها بعد ترجمة معاني القرآن التي كانت في عام 2007: كتاب رياض الصالحين. رسالة المسترشدين لمؤلفه الحارث المحاسبي "صاحب الإمام أحمد بن حنبل الذي كان إذا استشكل عليه أمر ذهب إلي المحاسبي وقال له: ماذا تقول في هذه المسألة يا إمام؟" وكتاب التنوير في إسقاط التدبير لابن عطاء الله السكندري. وحالياً تتم ترجمة صحيح مسلم وقد انتهيت من نصفه بحمد الله. وغير ذلك من الكتب.
تحديات وصعاب
* من وجهة نظرك.. ما هي التحديات والصعاب التي تواجه الدعوة الإسلامية المعاصرة؟
** المشكلة أن الدعوة الإسلامية تواجه تحديات من طرفين فهناك صعاب وتحديات من المسلمين ومن غير المسلمين. أما تحديات غير المسلمين وخاصة الفرنسيين الذين أتعامل معهم أنهم كلما رأوا إنساناً بإمكانه التأثير علي المجتمع وجذبهم إلي الإسلام السمح وضعوا في طريقه كافة العقبات والعوائق غير المباشرة حتي لا يسمع أحد وهذا مشاهد. ولا توجد الإعاقات المباشرة حتي لا تتهم فرنسا بمعاداة الحرية والرأي والتفكير. والتي في الحقيقة هي أبعد ما تكون عنها. فالشعب الفرنسي منزو علي نفسه ولا يرضي أن يكون هناك من لديه مميزات أكثر منه. وهو شعب يخاف من الآخرين. ومن يتصور أن فرنسا تستقبل كل من يأتيها بحب وشغف فهو مخطئ فالفرنسي لا يحب ويصعب عليه أن يري من يخالفه في عاداته وتقاليده وعقيدته. وما دفعهم لاستقبال المهاجرين الأجانب هو دافع اقتصادي محض لحاجتهم إلي اليد العاملة الرخيصة لذلك نجدهم يرسلوم وكلاء الشركات الكبري إلي تلك البلاد لجلب اليد العاملة الرخيصة من القري. وبالتالي بالعامل الاقتصادي هو السبب وليس الإنسانية كما يدعون.
أما التحديات التي تواجه الدعوة من المسلمين أنفسهم للأسف الشديد فهي: أن معظم من هاجر إلي فرنسا خاصة أو الغرب عامة في القرن الماضي كانوا من البسطاء. فكان هذا الجيل مسلم بالفطرة واعتقادهم قوي بدينهم. متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم لكن أبناءهم كانوا يجهلون اللغة العربية و"محتارين" بين نوعي التربية الفرنسية أو الآباء فلم يستقروا علي ثقافة معينة محددة. أي أنهم مذبذبين فلم يكونوا مع هؤلاء ولا هؤلاء. جيل يميل إلي الجهل أكثر من العلم. والسرقة أكثر من العمل. وللأسف أصبح هؤلاء الشباب في الثمانينيات أرضية خصبة للدعوة المتشددة التي قصدت الشبان الجهلة الذين تبرأوا نوعاً ما من دين آبائهم فأصبح هؤلاء عائقاً في وجهنا ولا يسمحون لنا بالقيام بالدعوة السليمة. فرأي الفرنسيون فيهم شباناً انتقلوا من السرقة وتهريب المخدرات إلي العمل الإسلامي المشوه يميل للإرهاب والعنف والتطرف سب الفرنسيين وإعلان الحرب ضدهم.
* وكيف استطعتم التغلب علي كل ذلك؟
** لو اننا تغلبنا عل ذلك لما أصبحت هناك مشكلة ولكنا بخير اليوم غير اننا نحاول جاهدين فمثلا عندما قدمت ترجمتي لمعاني القرآن بالفرنسية وجهت النسخة للشبان العرب الموجودين بفرنسا وفي البداية وجدت الترجمة نوعا من الاقبال حتي من الجهات المتشددة لكن سرعان ما انقلبت الأمور وجاءتهم التعليمات بعدم شراء أو قراءة تلك الترجمة طالما ان صاحبها لا ينتمي إلينا!! وكذلك الحال إذا وجهت الترجمة إلي الفرنسيين تجد اقبالا شديدا لكن مجرد خوفهم من جذب الشباب إلي يجعلهم يقفون ضدي.
من ناحية أخري فقد وفقني الله تعالي في بداية التسعينيات لشراء قطعة أرض في مقاطعة "ليون" مساحتها حوالي ألف متر مربع وكانت مزرعة للرهبان قديما يرجع تاريخها إلي القرن الرابع عشر وقسمتها قسمين أقمت في الأول سكنا لي وفي الثاني زاوية للصلاة والتدريس وجمع الأحباب حيث نجتمع حوالي 60 شخصا بدون عائلاتنا وأبنائنا يومي الخميس كمجلس صلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم والسبت حلقة ذكر من كل اسبوع.
وأكرمنا الله تعالي بإيجار "كري" مكان آخر مناصفة مع الكنيسة بالعاصمة باريس مساحته 60 مترا للصلاة والذكر في نفس اليومين أيضا دون تضارب بيننا والكنيسة لأنهم يقيمون قداسهم يوم الأحد فقط وإذا لم تتدخل في السياسة فلا تجد معارضة فمثلا نحن نجد تسهيلا من الحكومة لأننا لا علاقة لنا بالسياسة وقد راقبوني منذ 30 سنة مراقبة شديدة حيث كانوا يستدعونني كل شهر. أما اليوم فقد توقف هذا منذ 9 سنوات تقريبا بعد أن تأكدوا عن ابتعادي تماما من السياسة.
واقع مؤلم
* وكيف تري وضع وواقع المسلمين اليوم في فرنسا؟
** المسلمون الموجودون حاليا هم من الجيل الثالث وعلي ما أعتقد فأغلبيتهم بعيدة عن الاسلام وللأسف حتي من يعود منهم إلي الاسلام يكون منتميا للتيار المتشدد. صحيح هناك من يعود علي يد بعض الشيوخ الطيبين والمعتدلين لكن هذه نسبة قليلة مقارنة بالنسبة الكبيرة المنتمية للتيار المتشدد.
وإذا كنا ننظر إلي مسألة بناء المساجد سنجد هناك تقدما ملحوظا وملموسا مقارنة بوضع المسلمين في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي والذين كانوا يؤدون الصلاة في مساجد صغيرة تشبه "القبو" ومتسخة. أما اليوم فالحكومة أقامت وسمحت لهم بإقامة المساجد الكبري التي تضم كل المنافع الدنيوية في كافة المجالات ويتمكن المسلمون فيها من أداء الصلاة. لكن ربما قصد من ذلك سهولة المراقبة علي المسلمين وأيا كان الأمر وبصرف النظر عن حق الحكومة في مراقبة مواطنيها وكل من يتواجد علي أرضها فإن الوضع الحالي أفضل بكثير من ذي قبل وفي تحسن مستمر وملموس..
أما فيما يتعلق بالأفراد المسلمين المقيمين في الغرب وفرنسا تحديدا فلا أتصور انهم اجمالا يعودون إلي اسلامهم بل أتصور ان النسبة الكبيرة منهم تبتعد تدريجيا بحيث تري البعض منهم قد ينكرون مبادئ الدين الحنيف الأساسية كالصلاة والصيام حسب مراجهم وهواهم! وهذا لم يكن موجودا في السابق وتحديدا في الأجيال الأولي أو اللاحقة فما كنا نتصور منذ عشرين أو ثلاثين سنة ان تري من العرب ملحدا أما اليوم فهذا موجود رغم قلة النسبة.
وفيما يتعلق بالمسلمين الجدد خاصة الفرنسيين فعددهم في تزايد دائم حتي ان أحد الأئمة "إمام أكبر ثالث مسجد في مقاطعة ليون" ان في مسجده رأي أكثر من 4 آلاف مسلم جديد خلال 4 سنوات أي بمعدل ألف مسلم كل عام أو يزيد قليلا مما يدل علي الاقبال المتزايد من الغربيين علي الاسلام مع ملاحظة ان هناك الكثيرين من الذين يسلمون أو يتعاطفون مع الاسلام لكنهم يخشون من عائلاتهم أو فقد مناصبهم فيخفون ذلك.
والمشكلة الأكبر ان المسلم الجديد إذا لم يجد يدا حانية تأخذ به وتخاف عليه من الضياع سيرتد بعد مدة وجيزة فليس هناك جمعيات أو منظمات تقوم بهذا الدور المهم بحيث تتلقي المسلم الجديد وتربيه بشكل مبسط حتي لا يضيع اسلامه.
وضع المرأة
* وماذا عن وضع المرأة والمسلمة خاصة؟
** لا أري ان هناك مشكلة بالنسبة للمرأة عامة والمسلمة خاصة وأنا أجتمع مع عدد كبير من الرجال والنساء فلا أجد لهم مشكلة محددة سواء في الزواج أو الطلاق أو خلافه. فالحياة مثلها مثل الحياة في أي بلد اسلامي. اما تعرض المرأة للإهانة أو الاساءة سواء من قبل المسلمين وهم أزواجهن وأولياء أمورهن أو من غير المسلمين فهذا شيء وارد مثل الكلام البذئ أو النظرات المعادية لكن تبقي هذه في النهاية تصرفات محدودة حتي الآن وإذا كان الإيمان قويا لدي المرأة. المسلم عامة فلن يؤثر عليه شيء.
تربية الأبناء
* وكيف يستطيع المسلم تربية أولاده في المجتمعات الغربية مع الحفاظ علي أصوله وقيم دينه؟
** هذه مشكلة كبيرة فعلا لأن الولد أو البنت يقضي ساعتين مثلا أو أقل أو أكثر مع والديه وأهله لكنه يقضي بقية الوقت مع وسائل وعناصر أخري كثيرة تؤثر فيه فهناك التلفاز والنت والأصدقاء فإذا لم يكن الطفل مهيئا لمواجهة كل ذلك بثبات وصمود وقوة فلربما تأثر وغالبا ما يتأثر لكن ليس إلي درجة أن يفقد دينه بل ينحط خلقياً.
في المقابل لا أتصور أن يخرج هذا الشاب حافظا للقرآن أو أن تكون المدارس كافية لتحصينه وتأهيله لمواجهة مثل هذه المشكلات رغم ان ذلك ضروري في أي مكان سواء في الشرق أو الغرب ومن ثم فمن الضروري أن نكون ونهييء البيئة والمجتمع الذي يجد فيه ذلك الولد كل ما يتطلبه سنة من ملاة وزملاء صالحين حتي لا يميل إلي الخارج فكما ان للغرب مساوئ ومحاسن فعلينا أن نوفر المجتمع الذي يعطي أبناءنا كل ما يتمنونه وأنا شخصيا كنت دائما أبعث أولادي مع أولاد الأخوة في العطلة إلي أماكن يقضون فيها اجازة ممتعة كركوب الخيل والزوارق ولعب التنس وغيرها من اللعاب فإذا ما رجعوا شعروا انهم ليسوا أقل من غيرهم من غير المسلمين وأيضا عندما يأتي عيد الميلاد لا أحذرهم ولا أنهاهم ولكن أقول لهم: هذا ليس عيدنا بل عيدنا هو الفطر والأضحي وآتي لهم في هذه المناسبات بما يكافيء عيد الميلاد وزيادة حتي لا يشعروا بالحرمان بل يشعروا ان أعيادنا أكثر عطاء وخيرا لهم من حيث العدد والمكافآت والجوائز وبهذه التصرفات نجعلهم يعيشون في مجتمعهم الأصلي دون عقدة.
* وهل يتسبب الدعاة الوافدون في إثارة بعض المشكلات المذهبية أو الطائفية خاصة انهم لا يعرفون جيدا طبيعة تلك المجتمعات الغريبة عنهم؟
** الحقيقة هذا وارد ويحدث فعلا خاصة ان كل دولة ترسل علماءها ودعاتها انما تقصد من وراء ذلك التأثير في أولئك الناس الذين توجه لهم الدعوة من جالياتها أو مراقبتهم وهذه كلها أشياء لا تعنينا ولا نشارك فيها ولذلك يتم تهميشنا من قبل هؤلاء وأولئك وان كان البعض منهم يفتخر بنا فهم ليسوا علي نمط واحد ويرون اننا سندهم ونتعاون معهم لتوجيه الدعوة الاسلامية الصحيحة للفرنسيين لأنهم لا يجيدون الفرنسية أو يعرفون طبيعة الفرنسيين لكن هناك أيضا من ينظر إلينا بعين العداوة أو من لا ينتفع بهم بحال وهؤلاء من الصنف المعيق للدعوة.
المستقبل غامض
* وكيف تري مستقبل الإسلام والمسلمين في الغرب في ضوء المعطيات المعاصرة؟
** الحقيقة ان الأمور في غموض لأنها ترتيبات إلهية. ولا أتصور ان أوروبا ستميل إلي الاسلام ميلة واحدة فهذا أستبعده لكن الذي أراه إذا حدثت في أؤروبا كوارث أو حروب كبيرة ربما يرجع البعض إلي الله ويهتدي للإسلام أفواجا فهم بعيدون كل البعد عن الاسلام حاليا وأيضا ضائعين ولا يجدون لحياتهم لذة أو اتجاها معينا ثابتا.
والإسلام هو البديل الوحيد القادر علي سد الفراغ وحالة الفقدان والحرمان الروحي التي يعاني منها الغرب عامة والمشكلة الكبري التي تواجهنا كدعاة ان الغالبية العظمي من الغربيين والفرنسيين وصلوا إلي درجة نسيان كل ما هو معني للدين والروحانيات حتي ان بعضهم عندما تحدثه عن ذلك كأنك تتحدث معه باللغة الصينية ولا يفهم منك شيئا! وإذا رجعنا إلي خمسين سنة تقريبا نجد ان هؤلاء الغربيين كان عندهم دين ومقدسات. بغض النظر عن التزييف أو الأشياء غير المنطقية فيها. أم اليوم فهم بلا دين ولا يعرفون له معني وشعارهم اللهو والانهماك في الملذات فهذه هي حياتهم. فإذا ذكرتهم بتنقية النفس للارتقاء بها من درجة الحيوانية إلي ما فوق مستوي الانسانية كأنك تخاطبهم بلغة عربية جدا عنهم لا يفهمونها بتاتاً. لذلك يصبح من الصعب التفاهم معهم وقد وصف القرآن هذه الحالة بالأنعام بل أضل سبيلا لأنهم قصروا حياتهم علي الحياة البهيمية من قضاء الشهوات والملذات وجمع الأموال وينظرون إليك علي انك مجنون أو رجعي كما قال الأولون عن سيد الخلق صلي الله عليه وسلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.