التطرف هو الميل إلي اليمين أو إلي اليسار. والجنوح نحو هذين. والتمسك بهما. وعدم الحياد عنهما. وهذان الاتجاهان ظهرا قبل الإسلام. ومنذ ظهور الإسلام بدأ هذان الاتجاهان في الظهور. فهؤلاء هم العرب يحاربون الإسلام بشدة حينما ظهر في مكة وضواحيها من شبه جزيرة العرب. وحورب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أشد المحاربة مرة باتهامه أنه شاعر أو ساحر أو كاهن هذا هو التطرف الإعلامي. ومرة أخري تآمروا عليه بالقتل وهذا هو التطرف العسكري. أما الاتجاه الثاني فيظهر في الدولتين الكبيرتين في ذاك الوقت وهما الفرس والروم حيث قامتا بتطرف لم يسبق له مثيل في محاربة الدولة الإسلامية الناشئة. وواجهها المسلمين بقيادة رسول الله - صلي الله عليه وسلم. لكن المواجهة لم تكن متكافئة فقوي الشر والتطرف كانت في ذروة القوة والاستعداد وهنا يدور سؤال لماذا انتصر الرسول - صلي الله عليه وسلم - وأصحابه الغر الميامين علي قوي الشر العاتية؟ الإجابة بسيطة وهي قوة الإيمان الذي سيطر علي أصحاب النبي - صلي الله عليه وسلم - والذي فجر فيهم طاقات الخير والعدل والحق فولد فيهم الإرادة التي لا تضعف ولا تستكين أمام قوي الشر والتطرف. لكن كيف واجه الرسول - صلي الله عليه وسلم - وأصحابه رضوان الله عليهم؟ واجهوه بالموعظة والحكمة واللين "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". فاقتنع بعضهم بالدعوة الجديدة ودخل فيها وصار من أنصارها. وصمم أكثرهم علي مواجهة الدعوة الإسلامية ومحاربتها مهما كانت التكاليف. وهل وقف المسلمون أمام هذا التطرف بالحكمة والموعظة الإسلامية الحسنة؟ لا بل استعد المسلمون وحزموا أمرهم علي مواجهة هذا الشر والتطرف القادم. وحاربوه وانتصروا عليه انتصار الخير علي الشر. وحينما نتأمل تاريخ الدولة الإسلامية منذ الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم إلي نهاية الخلافة العباسية تجد أن معاول الهدم والخراب كان أساسها متطرفين. لم يفهموا الإسلام الفهم الذي أنزل به علي قلب رسولنا - صلي الله عليه وسلم - وكان أشد معاول الخراب والدمار متمثلاً في فرقة الخوارج التي تشددت في كل شيء وفهموا الإسلام علي أنه هو دين العداوة والبغضاء. والحروب النكراء. التي هدت كيان الدولة الإسلامية في التاريخ القديم والوسيط. وها نحن الآن نواجه خوارج العصر الحديث الذين تكونوا عقب حقب من الزمن وعلي أيدي جهات أجنبية سواء أكانت متمثلة في الماسونية العالمية. أو متمثلة في الاستعمار القديم والحديث الذي يريد العودة إلي التحكم في مصائر الشعوب واستغلال ثرواتها ونهب خيراتها. فسلط علينا فئات منا شعارها خبيث ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. حيث ضحك علي هذه الفئات بأن تحمل شعار الإسلام وتحاول استنهاض الشعوب. وخصوصاً الشعوب التي سكنها الفقر والجهل والمرض لأن هذه البيئات هي التي من السهل السيطرة والتمكن منها. ظهرت تيارات عديدة تدعي الإسلام. والإسلام منها بريء. ونجحت هذه التيارات في اجتذاب كثير من الناس المعوزين والمحتاجين بحجة إنصافهم وتحقيق العدالة بين فئاتهم. والحقيقة هي أضحوكة ضحك بها هؤلاء المتطرفون علي هؤلاء الناس السذج. ولذلك يجب علي الذين بيدهم الأمر الآتي: أولاً: دعوة هؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة. ومحاولة ردهم إلي الصف الإسلامي المعتدل. ثانياً: تحقيق العدالة الاجتماعية فوراً وبدون تأخير ولو للحظة واحدة بين هذه الفئات المطحونة. ولا تقل حينما يتحقق الأمن سنحقق العدالة. لا لابد أن ينزل المسئولون إلي حومة الوغي. ويفهمون الناس عملياً أنهم جاءوا إليّ من أجل إقامة أسس العدل والخير والإحسان. والأمن والأمان. علي أرض الواقع وبدون كلام سوفسطائي لا قيمة له. ثالثاً: التعليم وغربلة كثير من المعلمين في مدارسنا الحكومية والخاصة من هذه الفئة التي تلقي علي أبنائنا وتعلمهم مبادئ تابعة للجماعات التي ينتمون إليها. فينشأ نشء لا يؤمن إلا بهذه المغالطات التي أدت بنا إلي ما نحن فيه الآن. إن مصر الظافرة أبداً لن تستكين. وسترفع علم الإسلام إلي يوم الدين.